« لا تعبروها إلا بسلطان».. كيف ردت مصر على مهرِّج البيت الأبيض؟

- لماذا يتبجح ترامب ويطلب العبور المجاني من قناة السويس؟.. أسرار جديدة عن المعركة الكبرى
- هل هي محاولة جديدة لابتزاز الرئيس من أجل قبول تهجير الشعب الفلسطيني؟
- يقول ترامب "لولانا لما وجدت قناة السويس".. ونحن نقول له: اقرأ التاريخ أولًا قبل أن تتكلم
- نحن أكبر من تضرر من هجمات البحر الأحمر.. ولن ندفع تكلفة حرب أنتم من أشعلها
لم تكن كلمات أحد المواطنين المصريين البسطاء حين شاهد تصريحات ترامب مجرد نكتة دارجة على مواقع التواصل، بل كانت تلخيصًا صادقًا وواعياً لفارق حضاري وزمني يعكس عمق التاريخ المصري في مواجهة الغطرسة الأمريكية.
بينما كانت الولايات المتحدة لا تزال تخوض حروبها الأهلية في منتصف القرن التاسع عشر، كان المصريون يضعون حجر الأساس لأعظم مشروع مائي عرفه العالم: قناة السويس.
ترامب أدلى مؤخرًا بتصريحات مستفزة قال فيها:
"لولانا، لما وُجدت قناة السويس… ويجب أن تحصل السفن الأمريكية على عبور مجاني من القناة، لأننا نحمي العالم".
وما بين التبجح والجهل بالتاريخ، جاء الرد المصري - الرسمي والشعبي - حادًا، صريحًا، وكاشفًا نوايا لا تخلو من خطورة.
هل يجهل ترامب التاريخ فعلًا أم أنه يفتعل المعارك؟
الرد المنطقي الأول على تصريحات ترامب هو ببساطة: "اقرأ التاريخ أولًا قبل أن تتكلم".
فمشروع قناة السويس وُلد قبل وجود الولايات المتحدة نفسها ككيان مستقل.
الفراعنة شقوا قنوات بين البحرين، ثم جاء مشروع القناة في صورته الحديثة ليُنفذ بقرار مصري، وبتمويل وجهد مصريين عملوا في ظروف قاسية، مات منهم عشرات الآلاف.
ولم يكن للولايات المتحدة أي دور يُذكر في حفر القناة أو تمويلها أو حتى في حمايتها يوم سعت قوى الاستعمار للهيمنة عليها.
لكن ترامب لا يهمه التاريخ، بل يهتم فقط بالصوت العالي.
هو يُدرك أن تصريحاته ستحدث ضجة، وأنها ستُقرأ في الشرق الأوسط كرسالة تهديد، وهذا هو الهدف الحقيقي: إثارة الفوضى، وخلق معركة سياسية جديدة، وتذكير العالم بأن أمريكا - حسب رؤيته -"تحمي" طرق التجارة، ويجب أن تُكافأ.
لماذا يتبجح الرئيس الأمريكي؟
خلف هذه التصريحات تقبع نوايا متعددة، بعضها سياسي وبعضها اقتصادي، ولكن أخطرها هو البُعد الاستعماري. ترامب يحاول إعادة رسم خريطة المصالح الدولية بمنطق البلطجة، لا بمنطق الشراكة.
ففي نظره، طالما أن أمريكا تهيمن على البحرية العالمية، وطالما أن الأساطيل الأمريكية منتشرة في البحرين الأحمر والمتوسط، فهي "تحمي" القناة، ويجب أن تحصل على مقابل: عبور مجاني، أو تسهيلات، أو ربما تدخل في السيادة لاحقًا.
لكنّ هذا الطرح مرفوض جملة وتفصيلًا.
قناة السويس تخضع للقانون المصري، وإدارتها مسؤولية مصرية خالصة، وفقًا لاتفاقية القسطنطينية لعام 1888، التي تضمن حرية المرور ولكن تحت السيادة المصرية الكاملة، وبمقابل مادي تُحدّده هيئة قناة السويس، لا البيت الأبيض.
أسرار وخطوات حاسمة
الرد المصري لم يكن مجرد بيان شجب، بل جاء في أكثر من مستوى:
• أولًا: خرجت وزارة الخارجية المصرية ببيان واضح يؤكد أن قناة السويس ممر دولي يخضع للسيادة المصرية الكاملة، ولن يُسمح لأي دولة بفرض وصاية أو امتياز خاص.
• ثانيًا: تسرّبت أنباء عن مراجعة مصر تعاملاتها التفضيلية لبعض السفن الأجنبية، خاصة في ظل ما يحدث في البحر الأحمر. وقد يكون هذا تمهيدًا لتغييرات في السياسة التسعيرية للمرور.
• ثالثًا: الإعلام المصري الرسمي والخاص شنّ حملة حازمة ضد التصريحات الأمريكية، مؤكدًا أن مصر لن تتنازل عن شبر من سيادتها، ولا تقبل التهديد أو الابتزاز.
محاولة لابتزاز مصر
لا يمكن فصل تصريحات ترامب عن ملف القضية الفلسطينية.
منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، والحديث يدور في الكواليس الدولية حول "خطة" أمريكية–إسرائيلية قديمة جديدة تهدف إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه، ودفعهم نحو سيناء تحت ستار "الأوضاع الإنسانية".
لكن مصر، منذ اليوم الأول، أعلنت موقفها الثابت: لا للوطن البديل. سيناء مصرية، ولن تكون ملجأً مؤقتًا أو دائمًا لأي مشروع تهجيري، مهما كانت الضغوط.من هنا، يمكن فهم تصريحات ترامب على أنها جزء من حملة ضغط سياسي وإعلامي، لخلق أزمات مفتعلة، ثم "التفاوض" حول حلها مقابل تنازلات مصرية في الملف الفلسطيني.
وهذا أسلوب معروف في الدبلوماسية الأمريكية خلال أزمات الشرق الأوسط، لكنه أسلوب لم ينجح مع مصر من قبل، ولن ينجح الآن.
لن ندفع الثمن
منذ تصاعد التوترات في البحر الأحمر، وخروج الحوثيين في اليمن للهجوم على سفن تجارية في إطار دعمهم المقاومة الفلسطينية، تحوّلت المنطقة إلى ساحة نار.
أمريكا شنت ضربات جوية، وبريطانيا انضمت، وبدأت التحركات العسكرية تتصاعد.
من المتضرر الأكبر؟
ليست إسرائيل، بل مصر.
• حركة السفن عبر قناة السويس انخفضت بنسبة ملحوظة.
• دخل القناة تراجع بنحو 40٪ في بعض الفترات.
• سلاسل التوريد تأثرت، والاستثمارات توقفت.
ومع ذلك، لم تعرض أمريكا تعويضًا، ولم تقدم دعمًا اقتصاديًا، بل تأتي اليوم لتطالب بعبور مجاني؟! هذا منطق أعوج، لا يصمد أمام الحقائق، ولا أمام مبادئ القانون الدولي.
رسالتنا واضحة
قناة السويس لم تُحفر بقرار أمريكي، ولا بإرادة أجنبية. القناة هي شريان مصري خالص، تدار بكفاءة وطنية، وتخضع لمعايير عالمية، لكن تحت لواء السيادة المصرية.
من يحاول المساس بهذه السيادة، أياً كان، سيجد شعبًا ومؤسسات على قدر المواجهة.
ولا أحد ينسى عام 1956، حين قررت مصر تأميم القناة، فاجتمعت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل للعدوان، فصمدت مصر وانتصرت.
واليوم، رغم تغير الأسماء واللاعبين، تبقى مصر ثابتة في مبادئها.
سيد ترامب، نحن لا نُعادي أحدًا، ولكننا لا نقبل أن يُملى علينا ما نفعله في أرضنا.
إذا أردتم عبورًا آمنًا في قناة السويس، فادفعوا كما يدفع الجميع، واحترموا سيادة الشعوب كما تُطالبون باحترامكم.
مصر ليست دولة من دول "المساعدات"، بل دولة ذات قرار، ولديها من التاريخ ما يكفي لإسكات أي مزايدة.
وإذا أردتم أن تعرفوا من حفر قناة السويس، فاسألوا أمهات عشرات الآلاف من المصريين الذين دفعوا أرواحهم في سبيل هذا المشروع، لا موظفي الخارجية الأمريكية.

- يوم
- خروج
- طالب
- العبور
- التجارة
- العالم
- أخبار محمود الشويخ
- قنا
- طرة
- ترامب
- الأهلي
- عامل
- قانون
- فرنسا
- اقتصاد
- الشورى
- مقالات محمود الشويخ
- قناة السويس
- غزة
- عون
- البحرين
- البيت الأبيض
- لا تعبروها إلا بسلطان
- الاستثمار
- الدول
- المواطنين
- المرور
- محمود الشويخ
- مشروع
- المصري
- قناة
- قرار
- اول
- تعرف
- محمود الشويخ يكتب
- فلسطين
- السويس
- حركة
- مصر
- رئيس
- البحر الاحمر
- مواقع التواصل
- الفراعنة