نهاية الزواج الحرام .. لماذا قررت واشنطن تصنيف الإخوان منظمة إرهابية؟
- جزاء الخونة.. الإخوان خدموا الغرب في تدمير المنطقة العربية ثم ألقوا بهم لأقرب سلة مهملات
في لحظة سياسية تُشبه انقلابًا في قواعد اللعبة، وجّهت واشنطن - بقيادة الرئيس دونالد ترامب - رسالة غير قابلة للتأويل: المرحلة التي كانت فيها جماعة الإخوان أداة تُستخدم لتحقيق مصالح كبرى في الشرق الأوسط قد انتهت، والدرس بات مكتملًا.
هذه ليست مجرد خطوة عابرة في سياق الصراع مع التنظيمات المتطرفة، بل تحوّل إستراتيجي في نظرة الولايات المتحدة إلى واحدة من أكثر الجماعات تأثيرًا في المشهد السياسي العربي منذ ما يقرب من قرن.
ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تعد ترى في الجماعة ورقة يمكن الاستثمار فيها، بل عبئًا أمنيًا وسياسيًا يستدعي الحسم.
ومع إعلان واشنطن المضيّ رسميًا في تصنيف بعض كيانات الإخوان كمنظمات إرهابية، دخلت الجماعة مرحلة جديدة من العزلة.
التحركات التي يقودها ترامب ليست مجرد عقوبات أو قيود قانونية، بل تحوّل جذري في الرؤية الأمريكية للجماعة وأدوارها، ورسالة مباشرة مفادها أن زمن "التوظيف السياسي" قد انتهى، وأن واشنطن لم تعد مستعدة لترك مساحة لجماعة عابرة للحدود تستغل الدين لتحقيق مكاسب سياسية تهدد استقرار مناطق حيوية من العالم.
من المهم هنا قراءة المشهد من زاوية تاريخية.
فمنذ تأسيسها، لعبت جماعة الإخوان أدوارًا متشابكة بين الدعوي والسياسي والتنظيمي، وحرصت على بناء شبكات وجود عابرة للدول.
هذا الأمر جعلها ــ عبر عقود ــ محط اهتمام قوى دولية كبيرة، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي رأت فيها أحيانًا أداة يمكن استخدامها للتوازن ضد تيارات أخرى في المنطقة.
لكن هذا "الزواج التكتيكي" لم يكن يومًا مبنيًا على ثقة حقيقية، بل على منفعة مؤقتة.
ومع تغير خريطة النفوذ في الشرق الأوسط بعد 2011، وانكشاف التنظيمات المرتبطة بالجماعة في أكثر من ساحة، بدأت واشنطن تعيد حساباتها.
إدارة ترامب، التي اشتهرت بمواقفها الحادة تجاه التنظيمات الإسلامية السياسية، تبدو اليوم أكثر وضوحًا في موقفها من الجماعة، فالإدارة تعتبر أن الإخوان لعبوا دورًا مسؤولًا عن تأجيج التطرف الفكري في محيط واسع يمتد من الشرق الأوسط إلى أوروبا.
ومع اتساع الشبكات التمويلية التابعة للجماعة في الخارج، وارتباط بعضها بأنشطة مشبوهة، باتت واشنطن ترى أن التنظيم يشكل تهديدًا حقيقيًا لمصالحها الأمنية.
لكن لماذا الآن تحديدًا؟ الإجابة ترتبط بتطورات إقليمية كبرى.
فالمشهد العربي تغير جذريًا خلال السنوات الأخيرة.
دول عديدة باتت ترى أن الجماعة لم تعد مجرد منافس سياسي، بل خطر على بناء الدولة الوطنية وعلى استقرار المجتمعات.
وواشنطن تراقب هذه التحولات، كما تراقب خطابات التحريض التي تتبناها منصّات تابعة للجماعة في الخارج، والارتباط الوثيق بين بعض الكيانات الإخوانية وشبكات الضغط والتأثير داخل الولايات المتحدة نفسها.
ومع اتساع الجدل حول دور هذه الكيانات، لم يعد ممكناً للإدارة الأمريكية تجاهل هذا الملف.
إضافة إلى ذلك، فإن التحركات المتصاعدة للجماعة في أوروبا ــ خاصة في بريطانيا وألمانيا والسويد ــ والتي باتت مكشوفة تحت ضوء تقارير حكومية وإعلامية، ساهمت في دفع واشنطن نحو خطوة الحسم.
فالدول الأوروبية نفسها بدأت تعيد تقييم علاقتها بالجماعة، بعد اكتشافها شبكات تمويل، واستغلالًا للمؤسسات الاجتماعية، وخطابات متشددة تتعارض مع قيم المجتمعات الغربية.
ومن هنا ظهر اتجاه دولي واضح لتضييق الخناق على التنظيم الدولي للإخوان، وهو ما لجأت إليه واشنطن أخيرًا.
إن الخطوة الأمريكية تحمل رسائل سياسية لا تقل أهمية عن أبعادها القانونية.
فهي تعني أن الإخوان لم يعودوا جزءًا من أي "صفقة سياسية" في المنطقة، وأن الغرب الذي استفاد من وجودهم في لحظات معينة تخلّى عنهم تمامًا.
وهنا تتجسد المفارقة: الجماعة التي ظنّت أنها تستطيع لعب أوراقها بين الأنظمة العربية والغرب، تجد نفسها اليوم بلا سند حقيقي، بعد أن أسهمت ــ وفق الأسلوب الأمريكي في التوصيف ــ في نشر الفوضى داخل المنطقة العربية خلال سنوات الربيع العربي وما بعدها.
هذا المشهد يحمل أيضًا درسًا مهمًا: الجماعات التي تبني نفوذها على التحالفات المؤقتة، وتستخدم الدين لتحقيق مكاسب سياسية، وتخوض صراعًا مع الدولة الوطنية، تجد نفسها في النهاية بلا عمق ولا حماية.
الغرب الذي استخدم الجماعة في لحظات معينة وجدها اليوم عبئًا على مصالحه، فقرر التخلص من إرث العلاقة. وكما يقول المنطق السياسي: "لا توجد صداقات دائمة، بل مصالح دائمة".
لكن ما الذي يمكن أن يحدث بعد هذا التصنيف؟ من المتوقع أن تتأثر مكاتب التنظيم الدولي في الخارج، ويُفرض عليها رقابة صارمة، كما ستُلاحق شبكات التمويل التي تعمل تحت غطاء جمعيات خيرية.
وسيُعاد التدقيق في علاقات الجماعة داخل الولايات المتحدة، وفي أنشطتها الإعلامية والبحثية والسياسية.
كما قد تفرض واشنطن قيودًا على قيادات التنظيم المقيمين في الخارج، سواء في السفر أو التحويلات المالية أو النشاط السياسي.
على صعيد أوسع، قد تمتد هذه الخطوة لتصبح بمثابة نموذج لإعادة تقييم الدور الأمريكي تجاه الجماعات الأخرى في المنطقة، وتحفيز الدول العربية على تعزيز قوانين مكافحة الإرهاب وتمويله، وتشجيع التعاون الدولي لمكافحة أي شبكات متطرفة تحت غطاء سياسي أو ديني.
إذ يمكن القول إن قرار التصنيف ليس مجرد إجراء ضد جماعة بعينها، بل هو جزء من إستراتيجية شاملة لإعادة رسم الأمن الإقليمي وإغلاق ثغرات سمحت لعقود بوجود تنظيمات متطرفة تعيد إنتاج نفسها باستمرار.
وعلى صعيد المجتمع الدولي، تحمل الخطوة الأمريكية رسالة واضحة للمنظمات والأفراد الذين كانوا يرون في الإخوان قوة احتياطية: لم يعد هناك مكان للعبارات الدبلوماسية والغموض السياسي.
التغيير صار حاسمًا، والرسالة صريحة: كل من ساهم في تمويل أو دعم التنظيم سيخضع للمساءلة القانونية، وأن الدعم الغربي الذي اعتادت الجماعة عليه انتهى إلى الأبد.
في النهاية، يمكن القول إن الرسالة الأمريكية واضحة: حقبة الإخوان انتهت.
التنظيم الذي تمدد عقودًا داخل المنطقة العربية مستفيدًا من هشاشة المشهد السياسي، والذي اعتقد أنه قادر على المناورة بين الشرق والغرب، تلقّى اليوم أكبر ضربة في تاريخه.
الدرس اكتمل، والمرحلة القادمة لن تشبه أي مرحلة سبقتها.
الجماعة التي خدمت أكثر من جهة طوال عقود، تجد نفسها اليوم في مواجهة مصير لم تكن تتوقعه: عزلة دولية، انهيار سياسي، وتراجع وجودي يضعها أمام سؤال وجودي لا مفر منه.

- نهاية الزواج الحرام
- المرحلة
- ادا
- نقل
- رئيس
- قرار
- اجتماع
- تحقيق
- نشاط
- داخل
- الخونة
- الدول
- نهاية كلاب جهنم
- الاستثمار
- اكتشاف
- صفقة
- استقرار
- الشرق الأوسط
- الرائد محمود الخشن
- الاخوان
- ترامب
- جماعة الإخوان
- محمود الشويخ يكتب
- شاب
- ارض
- البحث
- منطقة
- محمودالشويخ
- قانون
- وفاة
- العالم
- واشنطن
- زواج
- كيف يكتب ترامب شهادة وفاة الإخوان



