صابر سالم يكتب: المتحف المصري الكبير.. صرح عالمي يعيد لمصر بريقها السياحي

صابر سالم - صورة
صابر سالم - صورة أرشيفية

يُعد المتحف المصري الكبير من أبرز المشروعات الثقافية والحضارية في تاريخ مصر الحديث، وأضخم متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة هي الحضارة المصرية القديمة.

ومنذ الإعلان عن اقتراب افتتاحه، أصبح محط أنظار العالم، لما يمثله من نقلة نوعية في مجال المتاحف والسياحة الثقافية، ولما يعكسه من رؤية مصرية طموحة تسعى إلى الجمع بين عراقة الماضي وروح العصر في موقع فريد عند أقدم الأهرامات.

يقع المتحف المصري الكبير على مقربة من هضبة الجيزة، بحيث تطل قاعاته على الأهرامات الثلاثة في مشهد بانورامي مهيب.

وقد استغرق تنفيذه أكثر من عقدين بمشاركة خبرات مصرية وعالمية، ليضم نحو مئة ألف قطعة أثرية تمثل مختلف مراحل التاريخ المصري، من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصر اليوناني الروماني، في عرض متحفي حديث يعتمد على التكنولوجيا والوسائط التفاعلية التي تجعل من الزيارة تجربة معرفية وبصرية فريدة.

ويتصدر تمثال الملك رمسيس الثاني مدخل المتحف كرمز للحضارة المصرية القديمة، بينما تحتل مقتنيات الملك توت عنخ آمون مكانة خاصة داخل قاعاته، حيث تُعرض أكثر من خمسة آلاف قطعة من كنوزه للمرة الأولى مجتمعة في مكان واحد.

ويجمع التصميم المعماري للمتحف بين الطابع الفرعوني الكلاسيكي والابتكار العصري في مزيج يعبر عن امتداد التاريخ المصري في الحاضر.

ولا يقتصر دور المتحف على عرض الآثار فقط، بل يتجاوز ذلك ليصبح مشروعًا تنمويًا وسياحيًا متكاملًا يسهم في إعادة صياغة الخريطة السياحية لمنطقة الجيزة.

فافتتاحه سيحوّل المنطقة إلى مركز عالمي للسياحة الثقافية، مع ربطه بالأهرامات ومتحف الحضارة والمواقع الأثرية الأخرى عبر شبكة نقل حديثة ومرافق خدمية متطورة.

ويرى خبراء السياحة أن المتحف المصري الكبير سيكون حدثًا عالميًا ينعش حركة السياحة إلى مصر، ويعيدها إلى صدارة المقاصد الثقافية في العالم.

فالمتحف لا يمثل مجرد مقصد أثري، بل تجربة متكاملة تمزج بين المعرفة والمتعة، وتمنح الزائر فرصة فريدة للتفاعل مع التاريخ بطريقة حديثة تواكب روح العصر.

كما يسهم المتحف في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تنشيط قطاعات السياحة والنقل والفنادق والخدمات، ومن المتوقع أن يوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للشباب، فضلًا عن دوره العلمي والثقافي في تدريب كوادر جديدة من الأثريين والمرممين، عبر مركز الترميم العالمي الملحق به، والذي يُعد من أكبر مراكز الترميم في الشرق الأوسط.

وتعمل الدولة المصرية على استثمار هذا المشروع الضخم في تعزيز قوتها الناعمة والترويج لصورتها كوجهة ثقافية عالمية.

كما تستعد وزارة السياحة والآثار لإطلاق حملات دعائية دولية بالتعاون مع كبرى شركات السياحة لربط المتحف بالبرامج السياحية لمصر، بما يسهم في زيادة أعداد الزائرين ورفع معدلات الإشغال الفندقي.

إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى يضم آثارًا، بل هو رمز لحضارة لا تنطفئ، وشاهد على قدرة المصريين على صون تراثهم وتقديمه للعالم بأبهى صورة.

فحين تفتح أبوابه رسميًا أمام الزوار من مختلف دول العالم، سيصبح بمثابة رسالة سلام وثقافة من أرض الكنانة، تؤكد أن الحضارة المصرية ما زالت حية قادرة على الإبهار والتجدد.

بهذا المعنى، يمثل المتحف المصري الكبير خطوة تاريخية نحو استعادة بريق السياحة المصرية، وبداية فصل جديد في قصة حضارة لا تعرف الزوال، تعود لتتألق من جديد عند أقدم الأهرامات.

الصفحة الثمنة من العدد رقم 436 الصادر بتاريخ  30 أكتوبر 2025
تم نسخ الرابط