بوسي شلبي وحقها المنسي في ظل ذكرى محمود عبد العزيز

لو أن الفنان الراحل محمود عبد العزيز كان لا يزال على قيد الحياة، لربما تكفّل بنفسه بالرد على من يشككون في علاقته بزوجته الإعلامية بوسي شلبي، تلك التي ظلّت إلى جواره في سنواته الأخيرة، تتنفسه حبًا وتحمله ألمًا، دون ضجيج ولا مزايدة. لكن لأن الرجل غيّبه الموت، بات من السهل على البعض أن يشكك، ويتساءل، ويطرح علامات استفهام من النوع الذي لا يُراد به وجه الله ولا وجه الحقيقة.
مؤخرًا تصاعد الجدل حول ما إذا كانت بوسي شلبي زوجة شرعية للنجم الراحل، وهل تستحق الميراث أم لا، وكأننا نعيش في قرية نائية تحكمها الشائعات لا القانون، والنيات لا العقود. واللافت أن النقاش لم يأتِ من العوام، بل من دوائر قريبة من الفنان نفسه، حتى تحوّل الأمر من تساؤل قانوني إلى حملة لتشويه صورة امرأة لم ترتكب سوى جريمة واحدة: أنها أحبّت رجلًا حتى النهاية.
دعونا نبدأ من الأساس: إذا كانت بوسي شلبي زوجة رسمية وموثقة للراحل، فإن الميراث حق أصيل لها، لا تفضلًا ولا مجاملة. هذا ما يقوله القانون وما تعرفه كل شرائع الدنيا. لا يهم إن كانت العلاقة قد بدأت في صمت أو لم تُعلن في حفل أسطوري، المهم أن هناك شراكة إنسانية حقيقية، لم يكن فيها محمود عبد العزيز مُكرَهًا ولا مغلوبًا على أمره.
ما قالته الفنانة الكبيرة سهير رمزي في شهادتها ليس مجرد "حكي ستات"، بل شهادة من الزمن الجميل، حين كان الفن له حرمة والناس تفهم معنى الرجولة. سهير، التي عرفت محمود قبل أن يصعد إلى نجوميته، تحدثت عن علاقة حب واضحة بينها وبين بوسي شلبي، وعن زواج معلن لكل من كان يقترب منهما. فما الذي تغيّر؟ لماذا قرر البعض فجأة أن يشككوا في كل شيء؟ أهو طمع؟ أهو غيرة؟ أم محاولة لإعادة تقسيم الإرث على مقاس جديد لا يشمل من أحبته؟
ثم ماذا عن صورة محمود عبد العزيز نفسه؟ أي إرث فني أو إنساني هذا الذي نتركه خلفنا حين يُختزل تاريخنا في صراع على الشقة والميراث؟ أليس من الأجدر أن يُترك الرجل في راحته، بعد أن ملأ الشاشات دفئًا وترك خلفه ذكريات تُداوى بها جراح الجمهور؟
إن تحويل بوسي شلبي إلى مادة للهمز واللمز ليس فقط ظلمًا لها، بل إساءة مباشرة لذاكرة رجل أحبّه الناس واحتفى به الوطن.
فهل نرد الجميل بالافتراء على من أحبّهم؟ وهل نختصر حياة إنسان في حسابات الورثة وننسى أن هناك شيئًا اسمه الوفاء؟
في النهاية، ما نحتاجه ليس فقط تسوية قانونية، بل تسوية إنسانية.
أن يتذكر الأبناء أن المرأة التي وقفت بجوار والدهم حتى النهاية لم تكن دخيلة، بل كانت قطعة من أيامه الأخيرة. أن يفهموا أن احترام حقها ليس فقط عدلًا، بل احترامًا لاسم أبيهم، الذي لا يليق به أن يُستدعى من قبره ليُستخدم في معارك الورث والسمعة.
فليُعطَ كل ذي حق حقه، وليتوقف هذا العبث باسم رجل ما زال يعيش في قلوبنا، لا في دفاتر التركات.!