«يوميات مغمسة بالدم ».. لماذا سقطت غزة من حسابات الجميع الآن؟

- إذا كانت إيران تدافع عن فلسطين.. فلماذا لم تطلب وقف إطلاق النار فيها؟
- هل تقرر “حماس” الدخول في مفاوضات لوقف إطلاق النار على طريقة طهران و”حزب الله”؟
- ماذا سيفعل الإرهابي نتنياهو في القطاع؟.. وهل انتهى مشروع التهجير؟
في عالمٍ انقلبت فيه المعايير، لم تعد الدماء تثير الغضب، ولا الجثث توقظ الضمائر، ولا المجازر تستفز حتى بيانات الشجب الباردة.
هناك، في غزة، يموت الأطفال جوعًا قبل أن تقتلهم الطائرات، وتُسحق العائلات تحت ركام البيوت التي لم يعد لها سقف ولا أمان.
ومع ذلك، صمتٌ يقطر خيانة، وتواطؤ دوليٌّ يغطّي جرائم نتنياهو بغطاء “الحق في الدفاع عن النفس”.
أما الشعوب، فقد تعبَت، أو هكذا أُريد لها أن تتعب، فسقطت غزة من الحسابات، وسقط معها آخر ما تبقى من شرف هذه الأمة.
كلهم باعوك يا غزة!
كل العبارات التي كانت تكتب على الجدران في انتفاضات التسعينيات: “نموت وتحيا فلسطين”، تبين اليوم أنها كانت مجرد شعارات للاستهلاك العاطفي.
لا صوت رسمي واحد قال “كفى”، ولا موقف صادق اخترق جدار الخيانة العربية.
باعوك يا غزة، باعوك بالسلاح، باعوك بالصمت، باعوك على موائد التفاوض السرية.
حتى الذين اعتادوا المتاجرة بقضيتك، انكشفوا.
لم يعد أحد يزايد حتى، لأنك لم تعودي على رأس الأولويات.
حتى عندما تتصدر صور الدمار نشرات الأخبار، تُذيل بعناوين من نوع: “قلق دولي”، “دعوات للتهدئة”، “حوار مرتقب”..أي سخف هذا؟! هل بات المطلوب من أهل غزة أن يقنعوا المحتل بعدم قتلهم؟!
لماذا سقطت غزة من الحسابات؟
الجواب الأقسى: لأنها وحدها تقاتل.
ولأن ثمن الوقوف معها صار باهظًا في عُرف أنظمةٍ خانعة، تفتقر إلى السيادة والقرار.
سقطت لأن الإعلام حوّل المأساة إلى روتين، ولأن الدم العربي رخيص في الميزان الدولي، ما لم يُهرق في أوكرانيا أو باريس.
إذا كانت إيران تدافع عن فلسطين… فأين موقفها من وقف إطلاق النار؟
لا أحد ينكر أن إيران ترفع راية المقاومة، ولكن هل تكفي الخطابات النارية لوقف شلال الدم؟ ولماذا لم تبادر طهران وهي التي تُمسك بخيوط اللعبة في المنطقة بطلب واضح لوقف إطلاق النار؟
هل بات الدم الفلسطيني وقودًا لمفاوضات إقليمية، ورسالة تُرسل للغرب: “نحن هنا..لا تنسونا في خرائطكم”؟ هل صار القصف على غزة ورقة تفاوض غير مباشرة بين واشنطن وطهران، يرفعها الحرس الثوري كلما أراد الضغط على طاولة الملف النووي؟!
هل تتجه حماس إلى مفاوضات على طريقة طهران وحزب الله؟
منذ اللحظة الأولى للعدوان، كان واضحًا أن الكيان الصهيوني يريد حسمًا ميدانيًا عبر التدمير الشامل.
لكن، ومع طول أمد الحرب، وضغط المجازر، وارتفاع أعداد الشهداء، بدأت تلوح في الأفق لغة تفاوض جديدة.
الأسئلة تتكاثر: هل باتت حماس تفكر جديًا في إنهاء الحرب بأي ثمن؟ وهل تتجه، تحت ضغط الميدان والوسطاء، إلى نموذج حزب الله في لبنان؟ أي مقاومة محكومة بقواعد اشتباك، تردُّ فقط إذا ضُربت، وتلتزم الصمت بقية الوقت.
ماذا سيفعل الإرهابي نتنياهو في القطاع؟ وهل انتهى مشروع التهجير؟
لا يمكن الوثوق بما يدور في عقل نتنياهو.
رجلٌ مهووس بالبقاء في السلطة، يحكم بالدم والنار، ويغذّي نيران التطرف داخل حكومته.
منذ بداية الحرب، أعلن صراحة أن هدفه هو “سحق حماس”، لكن الواقع أظهر أنه يسعى لسحق غزة، بمن فيها.
هل انتهى مشروع التهجير؟ لا.
هو فقط مؤجَّل.
كل الشواهد تقول إن الاحتلال ما زال يحاصر رفح، ويمنع المساعدات، ويضرب الممرات الآمنة، في محاولة لإرغام الناس على الخروج، حتى من دون إعلان رسمي. هو تهجير غير مباشر، بالتواطؤ الدولي.
أما القطاع، فسيبقى ساحة مفتوحة لكل السيناريوهات السوداء.
من اجتياح شامل، إلى تقسيم داخلي، إلى فرض إدارة بديلة، أو حتى تحويله إلى سجن أكبر مما هو عليه الآن.
والهدف: ألا تقوم لغزة قائمة، وأن تُستأصل فكرة المقاومة من جذورها.
بين الوساطة والمراوغة: من يُنقذ غزة؟
طوال الأشهر الماضية، لم تتوقف الزيارات المكوكية ولا التصريحات الدبلوماسية.
القاهرة، الدوحة، وواشنطن كانت جميعًا في قلب المشهد، تتوسط، تتشاور، تطرح مبادرات، لكن على الأرض، كان الدمار يتقدّم، والقتل لا يتوقف.
مصر رغم كل ما تبذله من جهد إنساني وعسكري وأمني لتثبيت التهدئة - تواجه تحديًا مركبًا.
فهي من ناحية تريد وقف العدوان، ومن ناحية أخرى لا تريد أن تُفرض عليها حلول مثل “ممر آمن للتهجير”، أو “إدارة غزة بعد الحرب”، وهي أمور تشكّل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
في حين مارست الولايات المتحدة دورًا انتقائيًا، فهي من جهة ترسل مبعوثين وتدعو إلى التهدئة، ومن جهة أخرى تمنح نتنياهو الضوء الأخضر لمواصلة القصف، وتُمدّه بالسلاح بلا توقف.
إن ما يحدث ليس وساطة بالمعنى الحرفي، بل لعبة توازنات، تحاول فيها كل دولة أن تحقّق مكاسبها دون أن تُغضب إسرائيل، أو تتحمّل مسؤولية إنهاء الحرب فعليًا.
هل ماتت الشعوب أيضًا؟
في الماضي، كانت صور الشهداء في غزة تملأ الميادين، وتُشعل المظاهرات، وتحرك الشارع من طنجة إلى جاكرتا.
اليوم، ورغم هول المجازر، باتت ردود الأفعال خافتة.
البعض يعلل ذلك بالإحباط، والبعض الآخر بالخوف، لكن النتيجة واحدة: غزة تقاوم وحدها.
مع ذلك، لا يمكن القول إن الشعوب ماتت.
هناك من يكتب، من يتبرع، من يفضح، من يعلّم أبناءه معنى فلسطين.
هناك أطباء يسافرون للمساعدة، وطلاب ينظمون اعتصامات في جامعاتهم، ونشطاء يخوضون حربًا يومية على السوشيال ميديا ضد آلة التزييف الصهيونية.
صوت الشارع أضعف من قبل، نعم، لكنه لم يختفِ.
وربما كل ما يحتاجه هو شرارة واحدة تعيد إحياء جذوة التضامن؛ لأن الدماء لا تُنسى، والحق لا يموت، والمحتل مهما تلاعب بالإعلام لا يستطيع أن يغطي الشمس بكفه.
كلمة أخيرة:
غزة ليست مجرد مدينة.
إنها اختبار أخلاقي للعالم كله.
اختبار لم يعد هناك وقت لإعادة تقديمه.
من وقف معها فاز بشرف لا يُقدّر بثمن، ومن خذلها، سيطويه النسيان كما طوى كل الخائنين.
فلا تقل “الأمر معقد”، ولا تختبئ وراء شعارات “الحياد”.
غزة تنزف، والمطلوب ليس أكثر من أن نقول بوضوح: الاحتلال جريمة، القتل جريمة، الصمت جريمة.. والدماء، وإن كانت منسية في نشرات الأخبار، فإنها محفوظة في ميزان السماء.

- ايران
- جاكرتا
- قصف
- باريس
- سلاح
- اليوم
- خروج
- واشنطن
- قطر
- فلسطين
- دماء لا ثمن لها
- شلال دم لا ينتهي
- أوقفوا شلال الدم
- يوميات مغمسة بالدم
- الدماء المنسية
- الأطفال
- حكم
- نـــتــنيـــاهـو
- حماس
- قرار
- مشروع
- حزب
- قائمة
- الدول
- امن
- بيان
- فلم
- سونا
- غزة
- اول
- النار
- وكرا
- داخل
- منطقة
- حزب الله
- نقل
- أخبار محمود الشويخ
- الإرهاب
- الاحتلال
- منع
- كرة
- مقالات محمود الشويخ
- مصر
- يوم
- طلاب
- محمود الشويخ
- لبنان
- محمود الشويخ يكتب
- مشروع التهجير
- الإرهابي نتنياهو