صابر سالم يكتب: الأقصر.. عاصمة السياحة الشتوية وكنز مصر المفتوح تحت شمس دافئة
مع بداية كل شتاء، تتجه الأنظار إلى مدينة الأقصر التي تستعيد مكانتها كأحد أهم المقاصد السياحية في العالم، حيث تمتزج الحضارة المصرية القديمة بجمال الطبيعة ودفء الطقس الذي يميز جنوب مصر في هذه الفترة من العام.
ومع دخول الموسم السياحي الشتوي لهذا العام، تبدو المدينة مستعدة لاستقبال أعداد متزايدة من الزوار الذين يبحثون عن تجربة فريدة تجمع بين التاريخ العريق والاستمتاع بالمناخ المثالي.
يُعد شهر ديسمبر وحتى مارس من أكثر الفترات رواجًا في الأقصر، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات مريحة تتراوح بين 20 و25 درجة مئوية نهارًا، ما يجعل الزيارة إلى المعابد والمواقع الأثرية أكثر سهولة ومتعة مقارنة بفصل الصيف.
هذا المناخ المشمس الدافئ يمنح السائحين فرصة للتجول في البرين الشرقي والغربي دون عناء، ويحوّل زيارة المواقع الفرعونية إلى رحلة ممتعة تتناغم فيها الأجواء مع روعة المكان.
يشهد الموسم السياحي الشتوي طفرة حقيقية في الإقبال على الأقصر، خاصة من الأسواق الأوروبية التي تفضّل الهروب من برد القارة العجوز إلى وجهة توفر شمسًا دافئة وتاريخًا لا ينضب.
كما تشكل السياحة الثقافية عنصر الجذب الأكبر للمدينة، إذ يأتي الزائرون بحثًا عن عظمة المصريين القدماء، سواء في معابد الكرنك والأقصر أو في وادي الملوك الذي يضم أعظم المدافن الملكية.
وفي هذا الموسم، يتجدد الاهتمام بالفعاليات الثقافية التي تُقام في المدينة، ومنها عروض الصوت والضوء، والجولات الليلية داخل معبد الأقصر التي تمنح الزائرين تجربة مختلفة تمامًا عن الزيارات النهارية.
كما تشهد المدينة انتعاشًا كبيرًا في رحلات البالون الطائر التي تحوّلت إلى أحد أشهر الأنشطة خلال الشتاء، حيث توفر إطلالة بانورامية على البر الغربي مع شروق الشمس، في مشهد يُعد من أجمل التجارب السياحية في مصر.
ولا يمكن الحديث عن الموسم السياحي الشتوي في الأقصر دون الإشارة إلى رحلات النايل كروز التي تربط بين الأقصر وأسوان، والتي تعد من أهم عناصر الجذب السياحي في هذه الفترة.
فالأجواء الدافئة والمياه الهادئة تجعلان من الرحلة على ضفاف النيل فرصة مثالية للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة وزيارة العديد من المواقع الأثرية على طول الطريق، ما يضيف بعدًا سياحيًا وثقافيًا يغني تجربة الزوار.
كما تلعب البنية التحتية المتطورة دورًا رئيسيًا في دعم الموسم السياحي، حيث شهدت الأقصر خلال الأعوام الماضية عمليات تطوير واسعة شملت شبكة الطرق، وتحديث مرسى العبارات، ورفع كفاءة الخدمات الفندقية.
وقد أسهمت هذه الجهود في تحسين جودة التجربة السياحية وتعزيز قدرة المدينة على استقبال أعداد أكبر من السائحين.
وفي هذا السياق، تعمل وزارة السياحة والآثار على الترويج المكثف للأقصر خلال الشتاء باعتبارها وجهة ثقافية عالمية، من خلال الحملات الدولية وحضور الفعاليات السياحية الكبرى، إضافة إلى دعم شركات الطيران وبرامج منظمي الرحلات.
كما تحرص السلطات على تعزيز مفهوم السياحة المستدامة وتشجيع المجتمعات المحلية على المشاركة في العملية السياحية، ما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات المقدمة وعلى الاقتصاد المحلي.
أما على المستوى الاجتماعي، فإن الموسم السياحي الشتوي يمثل فرصة مهمة لأبناء الأقصر العاملين في قطاع السياحة، من مرشدين وبائعي الحرف اليدوية وسائقي الحناطير والعاملين بالفنادق والمطاعم.
فالمدينة تعتمد بشكل كبير على السياحة كمصدر رئيسي للدخل، ويُدخل الموسم الشتوي الحيوية إلى الأسواق المحلية ويرفع مستوى النشاط الاقتصادي بشكل ملحوظ.
ومع ازدياد الاهتمام العالمي بالسياحة الثقافية والتراثية، تظل الأقصر متقدمة بخطوات على غيرها من الوجهات، لما تمتلكه من كنوز أثرية لا مثيل لها في العالم.
ويأتي الموسم الشتوي ليؤكد أن هذه المدينة ليست مجرد موقع أثري، بل تجربة متكاملة تُجسّد التاريخ والحضارة والجمال الطبيعي، وتمنح زوارها رحلة لا تُنسى في قلب مصر القديمة.
وهكذا، يبقى الشتاء في الأقصر موسمًا استثنائيًا يعيد للمدينة بريقها، ويجعلها مقصدًا عالميًا لعشّاق التاريخ والدفء والجمال، وسط استعدادات متكاملة تضمن لكل زائر تجربة فريدة تتجاوز حدود التوقعات.




