«العالم ينحني أمام إبداع المصريين» .. مصر تضع تاج المجد على رأس الحضارة الإنسانية بافتتاح المتحف المصري الكبير

الكاتب والإعلامى
الكاتب والإعلامى محمد فودة - صورة أرشيفية

- مصر تضع تاج المجد على رأس الحضارة الإنسانية بافتتاح المتحف المصري الكبير

- الرئيس السيسي قائد رؤية مصر العظيمة وصانع المجد الحضاري

- ظهور الوزير الفنان فاروق حسني في حفل الافتتاح تتويج لسنوات الحلم والصبر

- طائرات السلام وهولوجرام الملوك.. افتتاح أسطوري يليق بعظمة التاريخ 

- رسالة للعالم: مصر لا تحافظ فقط على ماضيها بل تصنع مستقبل الحضارة

تابعت عن كثب، وبمشاعر لا يمكن وصفها، مشهد افتتاح المتحف المصري الكبير، وللحق كان يوما استثنائيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يوم وضعت فيه مصر تاجا جديدا فوق رأس الحضارة، يوم انحنى فيه العالم أمام عبقرية المصريين، وتاريخهم، وقدرتهم على بعث المجد من أعماق الزمن. 

وعندما رأيت الأضواء تضيء جدران المتحف، والطائرات الشراعية تحلّق في السماء تحمل لافتات تقول: "أهلا بكم في أرض السلام"، باللغة الإنجليزية، شعرت وكأن الحلم الذي طال انتظاره، صار واقعا حيا يلمسه كل من مر من بوابة التاريخ إلى قلب الحاضر، لقد كانت لحظة استثنائية، لا؛ لأننا فقط نحتفل بافتتاح أكبر متحف أثري في العالم، بل؛ لأننا نشهد ميلاد رؤية، وانتصارا للعزيمة الوطنية التي لم تعرف المستحيل.

ولا أبالغ عندما أقول رأيت أمام عيني مصر وهي تستعيد ريادتها الثقافية، وتعلن بصوت واضح أن القوة الناعمة لا تزال هي بوابة النفوذ الحضاري الحقيقي، وهي أعظم ما تمتلكه مصر في سجلها الخالد، لقد رأيت عرضا استثنائيا يليق بعظمة الفراعنة، تزينت سماء المتحف بصور ملوك الفراعنة عبر تقنية الهولوجرام، فيما صدحت الموسيقى الفرعونية بين جدران التاريخ، في مشهد يليق بمصر، ويستحضر مجدها القديم بروح معاصرة، لم يكن العرض الجوي مجرد احتفال، بل كان عرضا لهوية مصر ورسالة سلامها إلى العالم.

وإحقاقا للحق توقفت طويلاً أمام كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال: "إن هذا الصرح العظيم ليس مجرد مكان لحفظ الآثار، ولكنه شهادة حية على عبقرية الإنسان المصري." تلك العبارة وحدها تلخص كل شيء: المتحف لم يبنَ ليكون متحفا فقط، بل ليكون رسالة للعالم بأن المصريين هم بناة الحضارة وحماتها إلى الأبد.

هذا الصرح العملاق لم يكن ليرى النور لولا الإصرار والتخطيط والبصيرة، لقد أعاد الرئيس السيسي إحياء المشروع الذي توقف لسنوات بعد أحداث 2011، ومنحه قُبلة الحياة، ليعود أكثر عظمة، واليوم، يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية نادرة، ويقف شامخا عند سفح الأهرامات، كأنه يحرس ذاكرة الحضارة الممتدة عبر سبعة آلاف عام، وعندما رأيت مشهد الافتتاح المهيب تذكرت بيت الشعر الشهير للشاعر حافظ إبراهيم "وقف الخلق ينظرون جميعًا.. كيف أبني قواعد المجد وحدي"، ما رأيته في مشهد الافتتاح أعاد إلى الذاكرة هذا البيت، وكأن شعراء الزمن القديم كتبوه ليصفوا ما فعلته مصر في المتحف الكبير، ما حدث في المتحف المصري الكبير ليس فقط إنجازًا معماريًا أو حضاريًا، بل هو لحظة وطنية خالدة، انتصرت فيها الإرادة المصرية، ورفعت فيها الدولة راية "الثقافة أولًا". لقد أبهرت مصر العالم، وكتبت سطرًا جديدًا في سجل المجد، وذكّرت الجميع بأن الحضارة لا تموت حين يكون خلفها شعب لا يعرف اليأس، وقائد يرى المستقبل بعين التاريخ.

وللحق، فإنني على المستوى الشخصي شعرت بسعادة غامرة وتأثر عميق حين استمعت إلى كلمة الوزير الفنان فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، خلال حفل افتتاح المتحف المصري الكبير. تلك الكلمة التي لم تكن مجرد كلمات تقال في لحظة احتفال، بل كانت صوت قلب عاشق للفن، ومثقف كبير حمل الحلم على كتفيه منذ البدايات، وآمن به في زمن لم يكن أحد يراه ممكنا، توقفت طويلا أمام تعبيره الصادق حين قال: «أشعر أنني أعيش في حضرة الأحلام».. يا لها من جملة تختصر سنوات من الصبر، من الرؤية، من العمل الهادئ خلف الكواليس.

لقد شعرت وأنا أستمع إليه، بأنني لا أتابع مجرد كلمة رسمية، بل أعيش لحظة إنسانية خالصة، يتحدث فيها صاحب الحلم وقد تحول حلمه إلى واقع عظيم، وصفه الافتتاح بأنه «الملحمة التي جمعت الماضي بالحاضر» كان تعبيرًا دقيقا؛ لأنه بالفعل مشهد مهيب جسد عبقرية التاريخ وروعة الحاضر المصري، رأيت في عينيه تلك اللحظة التي انتظرها طويلاً، كما قال، يوما بعد يوم، عاما بعد عام، حتى جاء هذا اليوم المهيب، ليقف فيها ويشهد مولد الحلم، كأنه يشاهد لوحة فنية ظل يرسمها سنوات، وها هي تكتمل أمامه، بالجلال والبهاء، وبحضور وطن بأكمله.

ويبقى المتحف المصري الكبير أكثر من مجرد مشروع أثري أو إنجاز هندسي، إنه حكاية وطن، وإرادة شعب، وبصيرة قائد آمن بأن مصر تستحق أن تتصدر مشهد الحضارة الإنسانية من جديد، وعلى المستوى الشخصي، لم أتابع هذا الافتتاح بعين المتفرج، بل بقلب الإنسان الذي يعرف قيمة الوطن، ويشعر بالفخر وهو يرى حلما مصريا خالصا يخرج للنور بهذه العظمة، لقد نجحنا في أن نبهر العالم، لا بالصخب، بل بالجوهر، ليس بالشعارات، بل بالفعل والعمل والإبداع.

اليوم نقول للعالم: هنا مصر، التي تصون الماضي وتصنع المستقبل، وهنا المصريون الذين يبنون مجدهم بلا ضجيج، فقط بإيمانهم بأن بلدهم يستحق أن يكون في المقدمة، المتحف المصري الكبير ليس فقط رسالة من مصر إلى العالم، بل شهادة على أن المستحيل ليس في قاموسنا، وأن الحضارة باقية ما دام أبناؤها يعرفون قدرها، هذا المتحف هو مصر الماضي والحاضر والمستقبل في لوحة واحدة.

الصفحة الثانية عشر  من العدد رقم 437 الصادر بتاريخ  6 نوفمبر 2025

 

تم نسخ الرابط