صابر سالم يكتب: مصر واستقبال الموسم السياحي الشتوي

مع بداية فصل الشتاء، تبدأ مصر استعداداتها لاستقبال أحد أهم مواسمها السياحية، حيث تتألق البلاد بمزيج فريد يجمع بين المناخ الدافئ، والتنوع الثقافي، والتجارب السياحية التي لا مثيل لها.
ويُعد الموسم السياحي الشتوي فرصة ذهبية لقطاع السياحة المصري لتعزيز مكانته عالميًا، واستقطاب أعداد أكبر من السائحين الباحثين عن الدفء والآثار العريقة والطبيعة الخلابة.
مناخ استثنائي يجذب الأنظار
في الوقت الذي تغطي فيه الثلوج مدن أوروبا وآسيا وأمريكا، تنفرد مصر بدرجات حرارة معتدلة وشمس مشرقة تجعلها وجهة مثالية للهروب من البرد القارس.
مدن البحر الأحمر مثل الغردقة ومرسى علم وشرم الشيخ تستقبل السائحين من مختلف الجنسيات للاستمتاع بشواطئها الدافئة وأنشطتها البحرية المتنوعة من غوص ورياضات مائية ورحلات بحرية.
أما الأقصر وأسوان، فتتحولان إلى متحف مفتوح، حيث يلتقي الزوار بتاريخ ضارب في القدم بين المعابد والمقابر الملكية، مع رحلات نيلية ساحرة تضفي على تجربة السائح لمسة لا تُنسى. هذا التنوع يجعل مصر قادرة على الجمع بين السياحة الترفيهية والثقافية في موسم واحد.
حركة سياحية واعدة
تشير التوقعات الأولية إلى أن الموسم الشتوي الحالي سيشهد إقبالًا متزايدًا بفضل تحسن البنية التحتية السياحية وارتفاع مستوى الخدمات الفندقية.
شركات الطيران العالمية والمحلية عززت رحلاتها المباشرة إلى المقاصد السياحية المصرية، كما توسعت شركات السياحة في طرح برامج متنوعة تشمل المزج بين الشواطئ والآثار، وهو ما يمنح السائح فرصة لتجربة شاملة.
وقد ساعدت الحملات الترويجية المكثفة، التي أطلقتها وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة، على إبراز مصر كوجهة آمنة ومتكاملة.
ويأتي ذلك مدعومًا بزيادة معدلات الإشغال في الفنادق، حيث سجلت بعض المناطق السياحية نسب إشغال تجاوزت 80% منذ بداية الموسم.
تنوع المقاصد السياحية
لا يقتصر الموسم السياحي الشتوي على الشواطئ والآثار فحسب، بل يمتد ليشمل تجارب بديلة، مثل السياحة البيئية في واحات سيوة والفيوم، حيث يجمع الزوار بين الهدوء الطبيعي والسياحة العلاجية باستخدام الرمال والمياه الكبريتية.
كما يشهد الساحل الشمالي نوعًا من الحركة السياحية، وإن كان يزدهر أكثر في الصيف، لكنه بدأ يستقطب زوارًا يبحثون عن الاستجمام في أجواء هادئة بعيدًا عن الازدحام.
السياحة الدينية أيضًا تشهد نشاطًا ملحوظًا، خاصة مع احتفالات الكريسماس ورأس السنة، حيث تستقطب القاهرة القديمة وسانت كاترين أعدادًا كبيرة من السائحين المهتمين بالتاريخ الديني المتنوع لمصر.
تحديات وفرص
رغم هذا الزخم، تواجه السياحة المصرية بعض التحديات، أبرزها المنافسة الإقليمية مع وجهات مثل تركيا واليونان وقبرص، إضافة إلى تقلبات الاقتصاد العالمي التي تؤثر على حركة السفر.
ومع ذلك، فإن تفرد مصر بآثارها القديمة وطقسها المعتدل يظل عنصرًا حاسمًا يمنحها الأفضلية.
كما أن التوسع في التحول الرقمي بالسياحة، من حجز تذاكر المواقع الأثرية إلكترونيًا وحتى استخدام التطبيقات الذكية للترويج، يمثل فرصة لتعزيز تجربة السائح وزيادة جاذبية المقاصد المصرية.
نحو موسم سياحي ناجح
تراهن مصر في موسمها الشتوي الحالي على تكامل الجهود بين الدولة والقطاع الخاص، من خلال رفع مستوى الخدمات، وتحسين البنية التحتية، وتطوير المطارات والطرق المؤدية إلى المقاصد السياحية.
كما أن استمرار حملات الترويج الدولية، وتسهيل إجراءات التأشيرات، يعزز من فرص استقطاب شرائح أوسع من السائحين.
إن الموسم السياحي الشتوي في مصر ليس مجرد فترة زمنية نشطة، بل هو نافذة إستراتيجية لتعزيز مكانة مصر كوجهة عالمية للسياحة الثقافية والترفيهية والعلاجية.
وبين شمس الأقصر الدافئة، ونسيم شرم الشيخ العليل، وسكون سيوة الساحر، تفتح مصر أبوابها للعالم لتقول: هنا التاريخ والدفء والجمال معًا.
