صابر سالم يكتب : مصر.. وجهة عالمية بين التاريخ والحاضر

تظل مصر واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العالم، فهي تمتلك مزيجًا نادرًا من الحضارة العريقة والطبيعة المتنوعة والأنشطة الحديثة التي تجعلها قادرة على جذب ملايين السياح سنويًا.
وما يميز التجربة السياحية في مصر أنها ليست مقصورة على نمط واحد، بل يمكن للزائر أن يعيش أكثر من رحلة في رحلة واحدة؛ بين آثار الفراعنة وسحر النيل وشواطئ البحر الأحمر ودفء الصحراء.
منذ عقود طويلة ارتبط اسم مصر بالسياحة الثقافية، فالأهرامات وأبو الهول ومعابد الأقصر والكرنك ووادي الملوك والملكات، كلها تمثل علامات خالدة في ذاكرة الإنسانية.
هذه المواقع الأثرية لا تُعد مجرد حجارة صامتة، بل هي كتب مفتوحة تروي قصص ملوك وملكات وحضارات قامت قبل آلاف السنين وما زالت تلهم العالم.
السياحة الثقافية في مصر لا تقتصر على التاريخ الفرعوني فحسب، بل تمتد إلى الآثار القبطية والإسلامية التي تمنح القاهرة والإسكندرية والمدن الأخرى طابعًا مميزًا يعكس التنوع الحضاري.
لكن مصر لم تتوقف عند حدود الماضي، بل طوّرت في العقود الأخيرة صناعة سياحية متكاملة تتناسب مع تطلعات الزائر العصري. فمدن البحر الأحمر مثل الغردقة ومرسى علم وشرم الشيخ باتت مقاصد عالمية لعشاق الغوص والأنشطة البحرية، حيث تمتاز بشعابها المرجانية النادرة ومياهها الصافية التي تُعد من الأجمل على مستوى العالم .
هذه المدن أصبحت مجهزة بمنتجعات وفنادق عالمية وخدمات ترفيهية تجعل السياحة الشاطئية في مصر منافسًا قويًا لوجهات البحر المتوسط والكاريبي.
ولا يمكن إغفال السياحة البيئية التي بدأت تفرض نفسها بقوة خلال السنوات الأخيرة. فالمحميات الطبيعية مثل رأس محمد في جنوب سيناء، ووادي الجمال في مرسى علم، أصبحت وجهات لعشاق الطبيعة البكر والرحلات الاستكشافية.
هذا النوع من السياحة يجذب فئة متزايدة من السياح الذين يبحثون عن تجربة مختلفة تجمع بين المغامرة والاسترخاء.
كما أن السياحة النيلية لا تزال تحتفظ بسحرها الخاص، فالرحلة على متن مركب أو فندق عائم بين الأقصر وأسوان تمنح الزائر فرصة لا تُضاهى للاستمتاع بمشهد بانورامي للنيل والقرى المصرية التقليدية والمعابد المنتشرة على ضفافه.
إنها تجربة تجمع بين الراحة والهدوء والغوص في عمق الثقافة المصرية.
اللافت أن مصر بدأت مؤخرًا في التركيز على الترويج لمفهوم "السياحة المستدامة"، من خلال تحسين البنية التحتية للمطارات والطرق، وتبني مبادرات للحفاظ على البيئة، وتشجيع السياحة الخضراء التي تقلل من الأثر الكربوني.
هذه الخطوات لا تهدف فقط إلى حماية الموارد الطبيعية، بل أيضًا إلى تعزيز صورة مصر كوجهة مسؤولة أمام السائح الواعي بيئيًا.
ولأن السياحة لم تعد مجرد زيارة مكان، بل تجربة متكاملة، فإن الاهتمام بالثقافة الشعبية والمطبخ المصري أصبح جزءًا من الترويج السياحي.
فالكشري والفول والطعمية والوجبات المصرية الأصيلة تضيف بُعدًا جديدًا لتجربة السائح، بينما الفنون الشعبية والموسيقى والحرف اليدوية تمنحه لمسة من الحياة اليومية المصرية.
مصر إذن ليست مجرد محطة سياحية عابرة، بل هي عالم متكامل يجمع بين الحضارة القديمة والمعاصرة، بين البحر والصحراء، بين المغامرة والراحة.
وكلما تنوعت الأنماط السياحية وتطورت الخدمات، ازدادت قدرة مصر على المنافسة في سوق عالمية مفتوحة لا تعرف سوى الوجهات القادرة على تقديم تجربة مختلفة وغنية.
