الخميس 19 يونيو 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

« حين يحكم الجنون.. لا منتصر إلا الدمار».. من يفوز في حرب البقاء بين إيران وإسرائيل؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

- كيف استطاع الموساد اختراق طهران بهذا الشكل؟.. وكيف يمكن لنا أن نواجه مثل هذه الاختراقات؟

- هل يدخل ترامب إلى الحرب؟.. وهل ينتهي الأمر بسقوط نظام آيات الله؟

- ماذا تفعل مصر لمواجهة إسكات البنادق؟.. وهل هناك مخاوف من حرب إقليمية شاملة؟

في زاوية قاتمة من الجغرافيا السياسية، حيث تتقاطع المصالح مع المؤامرات، وتذوب الحدود بين ما هو مشروع وما هو مريب، يشتعل صراع خفي بين اثنين من أخطر اللاعبين في الشرق الأوسط: بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وعلي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران.

إنه صراع لا يشبه الحروب التقليدية، بل هو أقرب إلى رقصة أفاعٍ سامة، كل طرف ينتظر لحظة ضعف الآخر لينقض عليه بالسم الزعاف.

لكن ما الذي يدور فعلًا تحت الطاولات؟ كيف وصلت إسرائيل إلى هذا العمق من اختراق النظام الإيراني؟ ولماذا تصاعدت لهجة التهديدات في الأيام الأخيرة؟ والأهم: أين تقف مصر من هذا الجنون المتدحرج نحو حافة الهاوية؟

أفعى الموساد تنفث سمّها في قلب طهران

على مدار السنوات الماضية، نجحت إسرائيل في تنفيذ عدد من العمليات النوعية داخل العمق الإيراني، أبرزها اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، وسلسلة من التفجيرات الغامضة في منشآت نووية، وتسريبات من داخل الحرس الثوري نفسه.

كل ذلك يكشف عن اختراق استخباراتي إسرائيلي غير مسبوق لمنظومة الأمن الإيراني.

مصادر غربية أشارت مؤخرًا إلى أن "الموساد" لا يجنّد عملاء فحسب، بل يدير شبكات كاملة من الإيرانيين المعارضين، ويستخدم تقنيات تنصت واختراق إلكتروني متقدمة بالتعاون مع شركات غربية.

الأخطر أن بعض هذه العمليات تم عبر أراضٍ تابعة لحلفاء سابقين لطهران.

تلك الاختراقات تمثل نقطة ضعف قاتلة للنظام الإيراني، وتثير تساؤلات حول هشاشة منظومته الأمنية، رغم ما يعلنه من امتلاك "ذراع استخباراتية طويلة".

ترامب على الأبواب

في خلفية هذا الصراع، يلوح شبح دونالد ترامب الذي لا يخفي عداءه لإيران، ولا رغبته في إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يضمن أمن إسرائيل ومصالح واشنطن.

السؤال الآن: هل يتورط ترامب في مغامرة عسكرية جديدة ضد طهران؟ وهل يسعى لتحطيم “نظام آيات الله”؟

حتى الآن، هناك إشارات إلى أن فريقه السياسي يعيد إحياء "العقيدة التوسعية"، ويُنسّق بهدوء مع دول خليجية، وربما أوروبية، لبناء تحالفات تسهّل تنفيذ ضربات سريعة ومحدودة تعيد طهران إلى دائرة الضغط القصوى.

غرفة النار

معلومات متواترة تحدثت عن غرفة عمليات سرية في عمق تل أبيب، يديرها مباشرة بنيامين نتنياهو وتضم قيادات من الموساد، والشاباك، والاستخبارات العسكرية (أمان).

هذه الغرفة مسؤولة عن تنسيق كل العمليات الاستخباراتية والهجمات السيبرانية ضد إيران، سواء داخل حدودها أو في الدول المتحالفة معها، مثل سوريا ولبنان والعراق.

الهدف هو تعطيل البرنامج النووي الإيراني، وزعزعة استقرار النظام من الداخل.

وتفيد تقارير بأن إسرائيل وضعت "قائمة أهداف بشرية" تضم قادة كبارًا في الحرس الثوري ومسؤولي البرنامج النووي.

مصر.. رقابة هادئة وتحركات حكيمة

في ظل هذا التصعيد الخطير، تقف مصر على خط التماس بين الترقب والتحرك.

القاهرة تدرك أن أي اشتعال جديد في المنطقة سيعني تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، خاصة مع انفجار الجبهات في غزة ولبنان وسوريا.

القيادة المصرية تتبنى سياسة "الخط الأحمر"، وترفض توسع الحرب إلى الإقليم.

تجري اتصالات مع طهران وتل أبيب، وتدفع نحو مبادرات عربية لاحتواء التصعيد، مع تكثيف التنسيق الاستخباراتي في البحر الأحمر والخليج.

خليج مشتعل.. هل تدفع دول الخليج الثمن؟

رغم أن دول الخليج ليست طرفًا مباشرًا في صراع نتنياهو وخامنئي، فإنها قد تكون أول من يدفع الثمن.

منشآت النفط والبنية التحتية في السعودية والإمارات والكويت تظل أهدافًا محتملة لهجمات انتقامية من إيران أو وكلائها.

الخليج يجد نفسه عالقًا بين شهوة التصعيد الإسرائيلي وإرث الخصومة مع إيران.

بعض الدول، مثل السعودية، تميل إلى التهدئة عبر المسار الدبلوماسي، بينما أخرى تحتفظ بعلاقات أمنية قوية مع واشنطن وتل أبيب.

هذا التباين في المواقف يجعل الخليج عرضة للتفتت حال اتسعت رقعة الصراع.

روسيا والصين.. حسابات معقّدة في رقعة النار

الصين، الشريك الاقتصادي الأبرز لإيران، وروسيا، الحليف العسكري في سوريا، لا ترحّبان بتصعيد قد يُربك حساباتهما.

لكنّهما أيضًا لا تستطيعان التخلي عن طهران، لأنها تمثل ورقة ضغط مهمة ضد الغرب.

الصين تخشى على مشروع "الحزام والطريق"، وروسيا لا تريد خسارة حليف يُشغل الولايات المتحدة عن أوكرانيا وأوروبا.

لذلك، تزداد وتيرة الاتصالات الدبلوماسية بين موسكو وبكين وطهران في محاولة لتفادي سيناريو الحرب الشاملة.

دماء من الظل

منذ الثورة الإسلامية عام 1979، تحوّل الصراع بين إيران وإسرائيل إلى حرب سرية، تعتمد على الاستخبارات والعمليات الخاصة.

اغتيالات، تفجيرات، اختراقات إلكترونية، وكلها جرت في الظل، بعيدًا عن الأعين.

أبرز المحطات شملت "عملية أوبرا" عام 1981، والهجمات السيبرانية على منشأة "نطنز"، واغتيال قاسم سليماني، وإنشاء تحالفات عسكرية متبادلة.

لم يكن بين الطرفين يومًا قتال مباشر، لكن الدماء لم تتوقف عن السيلان.

النفط والنار: كيف تهدد الحرب سوق الطاقة؟

أي حرب واسعة بين إسرائيل وإيران ستُشعل أسعار النفط فورًا.

مضيق هرمز، الذي تمر منه 20% من إمدادات الطاقة العالمية، سيكون في مرمى الاستهداف.

الهجمات على السفن، أو إغلاق المضيق، ستسبب كارثة اقتصادية عالمية.

دول أوروبا، التي تحاول تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، ستكون الأكثر تأثرًا.

أما الولايات المتحدة، فستخسر كثيرًا من استقرار سوق الطاقة، مما يهدد اقتصادها في عام انتخابي حساس.

بعد سقوط النظام: سيناريوهات اليوم التالي لإيران

إذا تحقق السيناريو الأخطر وسقط النظام الإيراني، فإن المشهد لن يكون أفضل حالًا.

الانقسام العرقي والطائفي في إيران، بين فرس وأكراد وعرب وبلوش، سيخلق فوضى داخلية تشبه ما جرى في العراق بعد 2003.

الميليشيات التي رعَتها طهران في المنطقة، كحزب الله والحشد الشعبي، ستفقد الدعم المالي والعسكري، مما يدفعها إلى مواجهة مصيرها وحدها.

إسرائيل ستفرح لحظيًّا، لكن الخطر سيتحوّل إلى فوضى لا يمكن التحكم بها.

الصراع بين نتنياهو وخامنئي ليس مجرد مواجهة بين دولتين، بل هو تجسيد لحالة الجنون الإقليمي الذي تتغذى عليه القوى الكبرى.

كل طرف يظن أنه يستطيع أن يضرب دون أن يُضرب، أن يُسقط الآخر دون أن يسقط معه.

لكن الحقيقة أن النيران التي تشتعل في زاوية ما من الشرق الأوسط، سرعان ما تلتهم كل الأطراف، حتى أولئك الذين أشعلوها.

في هذا الصراع السام، المطلوب ليس أن ننتظر من سيفوز، بل أن نسأل كيف نمنع الخسارة الجماعية.

ومصر، بتاريخها وثقلها، تبقى الأمل الأخير في إخماد الحريق قبل أن يتحول إلى رماد.

الصفحة الثانية  من العدد رقم 416 الصادر بتاريخ 19 يونيو 2025
تم نسخ الرابط