مظلة أمان أوسع للعاملين.. خطوة نحو العدالة الاجتماعية

- الدولة المصرية ماضية في طريقها نحو توسيع شبكة الأمان للعاملين
- رفع مخصصات التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة إلى قرابة 49.4 مليار جنيه
- رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه شهريًا بدءًا من يوليو المقبل
- زيادة حقيقية في مخصصات الأجور وتعويضات العاملين بمقدار تجاوز 104 مليارات جنيه لتصل القيمة الإجمالية إلى 679.1 مليار جنيه
- 160 مليار جنيه لدعم السلع التموينية ورغيف الخبز في خطوة تهدف إلى تخفيف عبء التضخم عن المواطن
- الدولة رصدت مخصصات غير مسبوقة للأدوية والمستلزمات الطبية بلغت 53.2 مليار جنيه
- الموازنة خصصت نحو 78.1 مليار جنيه لدعم الأنشطة الصناعية والتجارية والسياحية
- إرادة واضحة لتحفيز الاقتصاد الحقيقي وتشجيع التصنيع المحلي وزيادة القدرة التنافسية للمنتج المصري
- 15.1 مليار جنيه للعلاج على نفقة الدولة
- 5.9 مليار جنيه للتأمين الصحي الذي يغطي الطلاب والمرأة المعيلة والأطفال دون السن المدرسية
من يتابع تفاصيل مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2025/2026، لا بد أن يتوقف طويلًا أمام عدد من المؤشرات اللافتة، التي تؤكد أن الدولة المصرية ماضية في طريقها نحو تعزيز الحماية الاجتماعية وتوسيع شبكة الأمان للعاملين، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحسين جودة حياة المواطن، وضمان قدر من العدالة الاقتصادية التي ظلت لسنوات، مطلبًا ملحًا في ضمير الوطن.
لقد كانت لافتة تلك الزيادات الملحوظة في المخصصات التأمينية، والتي لم تأت من فراغ، بل تعكس إدراكًا حقيقيًا من الدولة لمتطلبات المرحلة، وحجم الضغوط المعيشية التي يرزح تحتها قطاع واسع من المواطنين، لا سيّما الطبقة العاملة.
فمن خلال رفع مخصصات التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة إلى قرابة 49.4 مليار جنيه، والتأمين ضد إصابات العمل إلى نحو 4.8 مليار جنيه، تبدو الرسالة واضحة: هناك حرص جاد على صيانة كرامة العامل، ليس فقط خلال سنوات عطائه، بل وحتى بعد أن يغادر موقع الإنتاج.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد.
بل إن الدولة اتخذت خطوة نوعية طال انتظارها، تمثلت في رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه شهريًا، بدءًا من يوليو المقبل، مع زيادة قدرها 1100 جنيه لأدنى درجة وظيفية.
وهذا التحرك، وإن كان يحمل بعدًا ماديًا مباشرًا، إلا أن رمزيته تتجاوز الأرقام، لتصل إلى عمق الشعور بالعدالة والاعتراف بالدور المحوري الذي يقوم به العامل المصري في مسيرة التنمية والبناء.
الموازنة الجديدة كشفت عن زيادة حقيقية في مخصصات الأجور وتعويضات العاملين، بمقدار تجاوز 104 مليارات جنيه، لتصل القيمة الإجمالية إلى 679.1 مليار جنيه، بعدما كانت 575 مليارًا في الموازنة السابقة.
هذه الزيادة موزعة على ثلاثة بنود رئيسية: الأجور والبدلات النقدية والعينية، والمزايا التأمينية، فضلًا عن مخصصات الأجور الإجمالية والاحتياطات العامة.
وهذا التوزيع يعكس رغبة الدولة في تحقيق توازن بين التزاماتها تجاه العاملين وبين قدرتها على الوفاء بمتطلبات الإنفاق العام دون الإخلال بالاستقرار المالي.
ما يلفت الانتباه أيضًا هو التوجه القوي نحو دعم الفئات الأولى بالرعاية، وهو ما يظهر جليًا في تخصيص 54 مليار جنيه لمعاشات "تكافل وكرامة"، بنسبة زيادة تبلغ 35% عن العام المالي السابق.
هذا الرقم، على ضخامته، يحمل في طياته بعدًا إنسانيًا عميقًا، يعكس توجهًا صادقًا نحو تمكين الفقراء والمهمشين من العيش بكرامة، والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الوطني، ولو بحده الأدنى.
في السياق نفسه، خصصت الموازنة 160 مليار جنيه لدعم السلع التموينية ورغيف الخبز، في خطوة تهدف إلى تخفيف عبء التضخم عن المواطن، والحفاظ على تماسك المجتمع في مواجهة أي أزمات اقتصادية عالمية.
وهذا الدعم ليس مجرد أداة لتسكين الألم، بل هو جزء من شبكة حماية أوسع، تستهدف الاستقرار الاجتماعي كإحدى ركائز التنمية المستدامة.
وفي ملف الصحة، رصدت الدولة مخصصات غير مسبوقة للأدوية والمستلزمات الطبية بلغت 53.2 مليار جنيه، فضلًا عن 15.1 مليار جنيه للعلاج على نفقة الدولة، و5.9 مليار جنيه للتأمين الصحي الذي يغطي الطلاب، والمرأة المعيلة، والأطفال دون السن المدرسية.
هذه الأرقام ليست أرقامًا صمّاء، بل هي مؤشرات على تحول تدريجي نحو مفهوم الدولة الراعية، لا سيما في أكثر الملفات التصاقًا بحياة المواطن وكرامته.
أما التعليم، الذي يشكل العمود الفقري لأي نهضة مستقبلية، فالموازنة تمنحه اهتمامًا خاصًا، سواء على مستوى المخصصات المالية أو من خلال سياسات تستهدف بناء الإنسان علميًا وثقافيًا.
فالدولة لا تكتفي بزيادة الإنفاق، بل تسعى لتطوير المناهج، وتحديث البنية التكنولوجية للتعليم، بما يواكب متغيرات العصر ومتطلبات سوق العمل الحديثة.
القطاعات الإنتاجية كان لها نصيبها كذلك من هذا التوجه المالي الطموح، حيث خصصت الموازنة نحو 78.1 مليار جنيه لدعم الأنشطة الصناعية والتجارية والسياحية، مع مبادرات موجهة لدعم القطاع السياحي بـ8.3 مليار جنيه، و5 مليارات جنيه لأنشطة صناعية ذات أولوية.
وهنا نلمح إرادة واضحة لتحفيز الاقتصاد الحقيقي، وتشجيع التصنيع المحلي، وزيادة القدرة التنافسية للمنتج المصري.
إن ما يميز هذه الموازنة عن سابقاتها، أنها لا تنظر إلى المواطن باعتباره عبئًا على الخزانة العامة، بل باعتباره محور التنمية، وغايتها الأساسية.
فالحماية الاجتماعية لم تعد مجرّد شعار، بل أصبحت خطة عمل متكاملة، تسير بالتوازي مع الإصلاحات الاقتصادية، وهي رسالة إيجابية ينبغي البناء عليها وتعظيم نتائجها.
في تقديري، ما تقوم به الدولة الآن يمثل نقلة نوعية في الفكر المالي والاقتصادي، إذ أن النظرة للأمن الاجتماعي كإحدى ركائز الاستقرار السياسي والاجتماعي، باتت متجذرة في فلسفة إعداد الموازنة، وهو ما نرجوه أن يستمر ويتطور، ليشمل شرائح أوسع من المجتمع، ويعالج فجوات أفرزتها التحولات الاقتصادية المتسارعة.
ختامًا، يمكنني القول إن مظلة الأمان التي تسعى الدولة لنشرها اليوم، لا تهدف فقط إلى التخفيف من وطأة الظروف، بل تسعى إلى خلق مناخ من الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة.
فالعمل لا يثمر إلا في بيئة يشعر فيها الفرد بأن جهده مقدر، ومستقبله مضمون، وأسرته في أمان.
وإن كانت التحديات كبيرة، فإن الإرادة الواضحة، والسياسات الشجاعة، والدعم الشعبي، قادرة جميعًا على تحويل الرؤية إلى واقع.
وهكذا، فإن مشروع الموازنة الجديد ليس فقط تعبيرًا رقميًا عن الإيرادات والمصروفات، بل هو تعبير صادق عن تعهد الدولة بحماية المواطن، وصيانة كرامته، وتمكينه من الحياة الآمنة والمنتجة.
وهي، بلا شك، خطوة في الاتجاه الصحيح نحو بناء دولة العدالة الاجتماعية.

- التموين
- الخبز
- سياح
- مدرس
- مؤشرات
- وفاة
- حماية
- درة
- الاقتصاد
- اقتصاد
- صلاح
- عامل
- سرت
- طلاب
- خالد الطوخى
- مصر
- الطلاب
- السلع
- الفقراء
- الطب
- الشجاع
- مقالات خالد الطوخى
- خالد الطوخى يكتب
- طلبات
- المرحلة
- تعزيز
- الحماية الاجتماعية
- تشجيع
- راب
- اخبار خالد الطوخى
- استقرار
- ملفات
- المصري
- الدولة المصرية
- قرار
- اجتماع
- شبكة
- الموازنة العامة
- تعويضات
- مشروع
- الدول
- نقل
- تكافل وكرامه
- وكرا
- علاج
- التزام
- ادا
- الصحة