السبت 07 ديسمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

مهرجانات "وهمية" و تكريمات "زائفة"

الكاتب والإعلامى
الكاتب والإعلامى محمد فودة - صورة أرشيفية

- مهرجانات "بير السلم" تمنح الجوائز لمن يدفع أكثر

- مشاركة الفنانين الكبار في "مهرجانات السبوبة" تقلل من قيمتهم وتسيء لنجوميتهم 

- أنصاف الموهوبين يحرصون على الوجود في هذه المهرجانات من أجل البحث عن الشهرة

- المهرجانات الوهمية تشوه صورة المهرجانات الحقيقية وتخلق حالة من الفوضى

- أطالب الجهات المسئولة بوضع معايير صارمة للحد من الإتجار بالفن والإبداع المصري 

عادت ظاهرة المهرجانات الوهمية تطفو على السطح من جديد بشكل لافت للنظر، هذه الظاهرة التي تمثل تهديداً حقيقياً للساحة الفنية والثقافية، بل وللمشهد الفني بالكامل، وتساهم في تدهور الذوق العام، وتحط من مستقبل الصناعة التي تعد من أهم الصناعات، عن طريق التشويه والاستغلال، فتلك المهرجانات تزعم أنها فنية، لكنها تبعد كل البعد عن المفهوم الحقيقي للمهرجان الفني، فهي في ظاهرها تبدو ككيانات قوية ومؤثرة، تستقطب الأنظار وتثير الضجة، ولكنها في الحقيقة مجرد فقاعات صابون تتلاشى بسرعة، ولا شيء وراءها سوى الرغبة في تحقيق مكاسب سريعة أو البحث عن الشهرة الزائفة.

وعلى الرغم من تعدد الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة، والتى أعتقد أن يكون منها الرغبة في استغلال الأحداث الفنية لتحقيق أرباح مالية سريعة، ومنها أيضاً الرغبة في تحقيق الشهرة بأقل جهد، كما أن غياب الرقابة الفنية وتدني المعايير الفنية ساهما في انتشار هذه المهرجانات الوهمية، لذا يجب التصدي لهذه الظاهرة من خلال تفعيل الرقابة، ودعم المهرجانات الفنية الحقيقية، وتوعية الجمهور.

فالحفاظ على الفن والثقافة مسؤولية الجميع، إذ أن هذه المهرجانات الوهمية تترك آثاراً سلبية على الساحة الفنية والثقافية، فهي تساهم في تشويه صورة المهرجان الفني الحقيقي، وتجعل الجمهور يشكك في قيمة أي مهرجان جديد، كما أنها تضيع الوقت والجهد والمال، وتشجع على الإنتاج الفني الرديء، لذك أؤكد على تشديد الرقابة على المهرجانات، حيث يجب وضع معايير صارمة لاختيار المهرجانات التي تستحق الدعم والتغطية الإعلامية، ودعم المهرجانات الفنية الحقيقية، إذ يجب توجيه الدعم المادي والمعنوي للمهرجانات التي تقدم أعمالاً فنية ذات جودة عالية، كما يجب محاسبة المسؤولين عن إصدار التراخيص لهذه المهرجانات الوهمية.

والمثير للسخرية أن نجد فنانين من الوسط الإبداعي يتفاجأون بظهور مهرجانات فنية وهمية لا تمتلك أي قيمة فنية أو ثقافية، وللأسف يذهبون لالتقاط الصور وأخذ التكريمات، فكيف لأصحاب الإبداع أن يقعوا في فخ هذه الفعاليات التي يتم الترويج لها عبر قنوات مشكوك في مصداقيتها؟! إن هذا الأمر يعكس حالة من الارتباك والبحث عن أي نوع من التكريم، حتى لو كان على حساب الكرامة الفنية، لقد استغلت منصات التواصل الاجتماعي هذه الظاهرة، حيث أصبحت وسيلة للترويج لهذه المهرجانات الوهمية، وتسويق فكرة التكريم الرخيص والفوري.

فبدلاً من أن تكون هذه المنصات منصة لعرض الأعمال الفنية الحقيقية، تحولت إلى سوق لتجارة الجوائز والتكريمات، وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد بل إننا نفاجأ أيضاً من حين لآخر بأخبار عن نتائج استفتاءات وهمية حول الأفضل والأول والأقوى في الوسط الفني والإبداعي وكأن من يقومون بهذه الاستفتاءات يضربون الودع أو يقرأون الطالع فيقوم كل منهم ومن خلال هذا الاستفتاء أو ذاك بفرض اسم فنان معين ويطلقون عليه الأفضل والأهم بينما ربما يكون في حقيقة الأمر مجرد "كومبارس" ليس له مكان أصلاً بين النجوم الكبار.

ولكن للأسف الشديد لأن بعض أصحاب تلك المهرجانات أو الاستفتاءات أو استطلاعات الرأي يمتلكون القدرة على قلب الحقائق وتزييف الواقع فإنهم يفعلون كل ما في وسعهم لفرض تلك الصورة وجعلها تبدو وكأنها حقيقية وذلك من خلال الحملات التسويقية الممولة على مواقع السوشيال ميديا وبالتالي فإن تلك المواقع تفرض أخبار هؤلاء الفنانين المغمورين وتصورهم على أنهم "نجوم" بينما هم مجرد نجوم من ورق ولا علاقة لهم أصلاً بالفن ولا بالنجومية، وهذا يحدث مع أكثر من فاعلية تقام، حيث يتم منح الجائزة لأي ممثل حتى ولو كان كومبارس بمجرد أنه حضر للفاعلية ونشر تكريمه بشكل مسبق على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي سواء فيسبوك أو انستجرام، وتعتبر هذه من الشروط الأساسية في التكريم حتى يتم الترويج لمهرجان السبوبة الذي يقوم بالتكريم.

وقد يتساءل الكثيرون عن الدوافع التي تدفع بعض الفنانين للمشاركة في هذه المهرجانات، قد يكون بعضهم يبحث عن الشهرة السريعة، أو عن فرصة للترويج لأعماله،أو ببساطة بسبب الجهل بطبيعة هذه الفعاليات، ولكن مهما كانت الأسباب، فإن المشاركة في مثل هذه المهرجانات تقلل من قيمة الفنان وإنجازاته، ويتحمل الفنانون والفنانات مسؤولية كبيرة في الحفاظ على كرامتهم الفنية، فهم مطالبون بالتحري عن أي فعالية فنية قبل المشاركة فيها، والتأكد من مصداقيتها وقيمتها الفنية.

كما عليهم أن يرفضوا المشاركة في أي فعالية تهدف إلى استغلالهم أو تشويه صورتهم الفنية، فهناك فنانون معروفون يذهبون لمثل تلك الفاعليات التي تنتقص من قدرهم، ظنا منهم أن مثل هذه الفاعليات تعيدهم للأضواء وتذكر بهم الجمهور، لكن لماذا يتم ترك مثل هذه الأفعال المشينة التي تشوه من قيمة مهرجاناتنا السينمائية؟ إذ أنها تسيء لاسم مصر وتشوه صورة نجوم مصر أمام العالم حينما يتصدر المشهد تلك النوعية من المهرجانات التي لا تمت للمهرجانات بأي صلة ولا تحمل سوى الاسم فقط بينما نجد من يقومون بتلك المهرجانات يحولونها إلى حفلة لالتقاط الصور التذكارية أو مباراة لإظهار أنواع الفساتين التي ترتديها مجموعة من مدعيات النجومية من أجل لفت الأنظار والظهور الإعلامي الذي يكون في كثير من الأحيان مدفوع الأجر ولكنه يبدو للقارئ أو المشاهد وكأنه نشاط حقيقي، ومع التكثيف المبالغ فيه في عملية الانتشار الإعلامي تكون النتيجة ظهورنا بشكل غير لائق في الخارج ويصبح هناك انطباع بأن هذا هو مستوى مصر في المهرجانات في حين أننا أول دولة تقيم مهرجانا فنيا في المنطقة العربية ليس هذا فحسب وإنما مهرجان القاهرة السينمائي الدولي له تاريخ مشرف حيث إنه مصنف عالميا من بين المهرجانات الدولية الكبرى والمهمة أيضاً، واللافت للنظر في كل ما يحدث في هذه المهرجانات أن من يقدمون الدروع للفنانين لا يملكون أصلاً الحق في أن يقوموا بتكريم أحد تحت مسمى مهرجان وبالتالي فإن من يحصلون على هذه التكريمات تحت مسمى أنهم نجوم فإنهم لا يستحقون التكريم من الأساس؛ لأنهم في حقيقة الأمر ليس لديهم أعمال كبيرة تستحق التكريم، ولا ساهموا في الارتقاء بالفن المصري بل إنهم ربما يكونون سبباً رئيسياً في تشويه صورة الفن المصري في أعين الآخرين الذين يتربصون بريادة مصر ويعز عليهم أن تظل في صدارة المشهد الإبداعي، وبعضهن تذهب للتفاخر والمنظرة وعرض الأزياء لجلب الترند، بعيدا عن أي فن، وهذا حدث في أكثر من مهرجان سبوبة في الآونة الأخيرة، تذهب بعض المغمورات من أجل التكريم وهن لم يقدمن شيئا في الفن من أجل التقاط الصور المثيرة والمخجلة وكأنهن يتعمدن تشويه الفن المصرى.

وللحق فإن ظاهرة تكريم الفنانين في مهرجانات وهمية هي ظاهرة خطيرة تهدد مصداقية الوسط الفني بالكامل، بل تهدد مصداقية الصناعة نفسها، ويجب على الفنانين أن يكونوا حذرين ويختاروا بعناية الفعاليات التي يشاركون فيها، كما يجب على المؤسسات الثقافية والجماهير أن يتحملا مسؤوليتهما في دعم الفن الحقيقي ومكافحة الظواهر المزيفة.

الصفحة السابعة من العدد رقم 380 الصادر بتاريخ 26 سبتمبر2024
 

 

تم نسخ الرابط