- لماذا خططت الجماعة الإرهابية لتدمير الجيش والشرطة.. وما هى شفرة القتال- ماذا فعل الرئيس للثأر لأرواح ا

اليوم,القاهرة,سيناء,مجلس الوزراء,العالم,الفيوم,2021,الأمم المتحدة,التنمية المستدامة,فرص عمل,يوم,الوزراء,إفريقيا,النقل,الخارجية,التموين,مصر,الجيزة,قضية

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب : « عطر الشهداء » .. كيف انتصرت مصر على المؤامرة بدماء الأبطال؟

محمود الشويح - صورة أرشفية  الشورى
محمود الشويح - صورة أرشفية

- لماذا خططت الجماعة الإرهابية لتدمير الجيش والشرطة؟.. وما هى «شفرة» القتال؟ 

- ماذا  فعل الرئيس للثأر لأرواح الرجال؟.. وكواليس «عهد المواجهة» حتى النهاية

- ما سر تراجع العمليات الإرهابية؟.. وهل انتهى زمن «غربان التكفير» فى سيناء؟ 

هل يموت الشهيد؟.. أبدا مستحيل، الشهيد كالشمس تطالع الناس كل صباح، وكالقمر يواسى الناس كل مساء مهما كانت أحزانهم.

بدماء الشهداء تسير مصر على الطريق الصحيح.. الوجع غالب.. نعم.. الفراق يدمى القلوب.. ما فى ذلك من شك.. لكن الوطن، الذى قدموا أرواحهم لوجهه، أبقى.

إن شهداء الوطن هم الحقيقة المطلقة، هم الدروس والعبر، هم القدوة التى نفتقدها، هم خط المواجهة الأول لحماية المجتمع وضمان أمن وسلامة كل مواطنيه، ولقد قدمت قواتنا المسلحة والشرطة خلال السنوات الماضية أغلى أبنائها، وأقول، بكل الصدق، لا يؤلمنا فراقهم رغم بكائنا، فهم معنا وبيننا بأرواحهم الطاهرة، إننا نفرح لهم وبهم، فقد تركوا دار الزوال إلى دار البقاء، فالشهادة شرف لا ينالها أى إنسان، فهى تختار صاحبها، صاحب النية الصادقة والنفس المؤمنة، نحن فقط نتألم لأن الحياة خسرت روحا جميلة، وقلبا صافيا. 

لقد كنت أقول دائما ومازلت أقول وأؤكد، أن مصر لا يمكنها أن تعيش بدون شهداء، لقد بقيت هذه الدولة الأبية طوال قرون من الزمن ثابتة وراسخة، بفضل شهدائها، الذين ضحوا بحياتهم وبنفسهم ومالهم، فهم رئة هذا الوطن وقلبه ورأس ماله، هم الدرع الحصين الذى يقف كالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن ينهب أو يسلب أو يستبيح المحارم والأعراض. 

هل نتخيل معا إذن سيناء بدون شهدائها؟ 

إن سيناء تستمد عظمتها وقيمتها من دماء شهدائها، وهل لتراب لا يمتزج بدم الشهيد أن يكون ترابا عطرا وثمينا؟.. لا ولله، إن مصر ستظل تقدم أعز وأغلى رجالها لتثبت للعالم أن المستحيل أقرب لعدوها من أن ينال من شبر واحد من أرضها أو حتى أن يروع نساءها وأطفالها وشبابها.

لا يحتاج الحديث عن الشهداء إلى مناسبة.. بل يجب أن نتذكرهم كل يوم.. لنعرف الحق من الباطل.. فأرواحهم تنير لنا الطريق.. وهو بالتأكيد طريق النصر.. غير أننى قد توقفت أمام دراسة مهمة أصدرتها وحدة تحليل السياسات بمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، تحت عنوان «تراجع باهظ الثمن: حصيلة ثمانى سنوات من الإرهاب فى مصر»، بالتزامن مع اليوم الدولى لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب، الذى يتم الاحتفال به فى 21 أغسطس من كل عام - تحدثت عن 10 آلاف و663 شهيدًا ومصابًا هم حصيلة 1216 حادثا إرهابيا منذ سقوط جماعة الإخوان الإرهابية قبل 8 سنوات.

واللافت أن ٥٩٪ من إجمالى العمليات الإرهابية استهدف بشكل أساسى قوات الجيش والشرطة والمؤسسات الأمنية والعسكرية، فى حين بلغ معدل استهداف المدنيين والمنشآت العامة والخاصة نحو 33% من إجمالى العمليات الإرهابية، فيما بلغت نسبة استهداف الأقباط ومنشآتهم الدينية والخاصة نحو 7% من إجمالى وقائع الإرهاب، وشكلت عمليات الاغتيال نسبة 1%.

ووفق الدراسة لم تَنْجُ محافظة واحدة من مرمى نيران الجماعات الإرهابية، حيث شهدت جميع المحافظات أحداث عُنف وإرهاب، فيما تمركزت غالبية العمليات الإرهابية فى نحو 5 محافظات وهى: «شمال سيناء، والقاهرة، والجيزة، والفيوم، والمنيا» بعدد 947 عملية إرهابية من أصل 1216 عملية شهدتها محافظات الجمهورية، أى بنسبة 78% من إجمالى أحداث العُنف والإرهاب. 

وجاءت محافظات: «أسوان، والوادى الجديد، ومطروح» فى ذيل قائمة المحافظات من حيث عدد وقائع الإرهاب، حيث سجلت المحافظات مجتمعة 8 عمليات إرهابية فقط.

واحتلت شمال سيناء صدارة المحافظات الأكثر عرضة للهجمات الإرهابية بـ683 عملية إرهابية بنسبة 56% من إجمالى العمليات، تليها محافظة القاهرة بعدد 94 حادثا إرهابيا بنسبة 8%، ثم الجيزة بعدد 91 عملية، وحلَّت الفيوم فى المرتبة الرابعة بتسجيل 40 حادثًا إرهابيًا بنسبة 3%، ثم محافظة المنيا بتسجيل 39 حادثًا إرهابيًا بمعدل 3% .

الدراسة نبهت إلى أن بعض الشركاء فى الإنسانية يحرمون من مقوّمات الحياة الطبيعية من أمن واستقرار وطمأنينة بسبب الاعتداءات الإرهابية التى تستهدفهم، الأمر الذى يستوجب دعمهم حيث لا يزالون يكافحون لإيصال أصواتهم أملاً فى تلبية احتياجاتهم، وغالبًا ما يشعر أولئك الضحايا بالإهمال بمجرّد تلاشى التعاطف الفورى معهم.

وشددت الدراسة على معنى مهم هو أن المنظومة الأممية والسياقات الحقوقية بقيت عاجزة عن مجاراة هذه الظاهرة المدمرة، وبقيت أدواتها قاصرة عن ملاحقة تلك التنظيمات أو محاسبة من يقفون وراءها ويستفيدون من وجودها، مؤكدة أن العمليات والممارسات الإرهابية بجميع أشكالها وصورها هى أنشطة تهدف إلى تقويض حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وفى القلب منها الحق فى الحياة، الذى هو الأساس الذى تقوم عليه جميع الحقوق. 

كما شددت على أن الإرهاب لم يعد جريمة محلية يمكن التحكم فيها وحصر نطاقها داخل أطر جغرافية بعينها، بل أصبح عابرًا للحدود والحواجز الجغرافية، ولذلك ينبغى للمجتمع الدولى اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز التعاون من أجل منع الإرهاب ومكافحته. 

والحق فإن الدولة المصرية لم تتوان أبدا على مدار السنوات الماضية عن تكريم ودعم ضحايا الإرهاب وأسرهم وإعلاء حقوقهم.

لقد واجهت الدولة المصرية بشجاعة وحسم موجات متتالية من الجرائم الإرهابية المتلاحقة التى تسعى لتدمير المقدرات السياسية والاقتصادية وزعزعة الاستقرار والأمن وضرب وحدة وسلامة المجتمع المصرى، وقد راح ضحية هذه الجرائم الإرهابية العديد من الضحايا، ودأب رئيس الجمهورية فى العديد من المناسبات والمحافل الوطنية والرسمية على التذكير بهم وبتضحياتهم، وإظهار مشاعر التكريم والتضامن الأدبى والمادى لهم ولعائلاتهم. 

وقد عبر الدستور المصرى عن اهتمامه بتكريم شهداء ومصابى العمليات الإرهابية وأفراد أسرهم (فى المادتين: 16، 238 من الدستور).

وفى هذا السياق تم إنشاء (المجلس القومى لرعاية أسر الشهداء والمصابين) بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1485) لسنة 2011، ويتبع مجلس الوزراء، ودوره توفير كافة أنواع الدعم والمساندة والرعاية لأسر الشهداء والمصابين، ويشمل ذلك الخدمات الصحية والعلاجية المجانية وخدمات الإسكان والتعليم المجانى والإعفاء من تكلفة النقل وإتاحة بطاقات التموين الشهرية وتوفير الرحلات السياحية وإقامة الندوات لشباب ضحايا الإرهاب لحمايتهم من الفكر المتطرف، بالإضافة إلى تقديم خدمات التأهيل النفسى لأسر الشهداء وأطفالهم والمصابين بعجز كلى جراء الهجمات الإرهابية ومن تعرضوا لأزمات ما بعد الصدمات، فضلا عن مساعدة شباب أسر الشهداء على الحصول على فرص عمل مناسبة وفقا لمؤهلاتهم وإقامة مشروعات صغيرة لأسر الشهداء والمصابين بالتعاون مع الجهات المختصة. 

هذا إلى جانب تأسيس صندوق تكريم شهداء وضحايا الإرهاب، وأسرهم، طبقا للقانون رقم 16 لسنة 2018 ويتبع الصندوق رئيس مجلس الوزراء، وتتكفل أنشطة الصندوق بتوفير كافة أشكال الدعم والمساندة للشهداء ومن فى حكمهم وضحايا ومفقودى ومصابى العمليات الإرهابية، وعلى الأخص فى مجالات الدراسة والتعليم ما قبل الجامعى والجامعى، وتوفير فرص العمل ومنحهم الأولوية فى التوظيف، وتقديم الخدمات الصحية، وإتاحة استخدام وسائل المواصلات العامة، وتوفير الاشتراك فى مراكز الشباب والأنشطة الرياضية، وتيسيير الحصول على الوحدات السكنية التى توفرها الدولة، وإطلاق أسماء الشهداء على الشوارع والميادين والمدارس تخليدا لذكراهم وتضحياتهم، ويمنح الصندوق دفعات مالية دورية لفترة زمنية محددة للمخاطبين بأحكامه، وتعويضات للمصابين والشهداء والضحايا ولأفراد أسرهم، ويصدر الصندوق بطاقة تكريم للمصابين ولأسر الشهداء والضحايا تيسر لهم الحصول على حقوقهم، وتسهم فى إنشاء قاعدة بيانات للمستفيدين من خدمات الصندوق.

والأهم أن مصر لم تفكر أبدا فى التراجع عن مواجهة الإرهاب أو مهادنته، فها هو المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد حافظ، يؤكد، بمناسبة اليوم الدولى لتخليد ذكرى ضحايا الإرهاب، إدانة مصر القوية للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، مشيرا إلى معاناة الأبرياء ضحايا الاعتداءات الإرهابية فى مصر ومختلف أنحاء العالم.

وهنا أود أن أشيد بخطوة مهمة اتخذتها وزارة الخارجية وهى إطلاق التقرير الوطنى لجمهورية مصر العربية حول مكافحة الإرهاب لعام 2021 الذى يستعرض جهود الدولة المصرية ومقاربتها الشاملة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.

وهذا التقرير تم إعداده بالتنسيق مع الوزارات وأجهزة الدولة المختلفة المعنية بما يبرز جهود تلك الجهات فى مجابهة التهديدات الإرهابية، ويعرض للسياسات والممارسات الوطنية المتبعة ذات الصلة.

ويعرض التقرير للإنجازات التى تحققت على المستوى الوطنى اتصالاً بتنفيذ المقاربة المصرية الشاملة للتعامل مع الأبعاد المختلفة لظاهرة الإرهاب، حيث يتطرق إلى المنظومة التشريعية لمكافحة الإرهاب بما فى ذلك التشريعات الوطنية وتعديلاتها التى تتسق مع التزامات مصر الدولية ذات الصلة، كما يعرض للتجربة المصرية الرائدة فى مجال التوعية والوقاية من الفكر المتطرف والتحريضى، والتى تستند إلى المبادرة التى أطلقها رئيس الجمهورية فى عام 2014 لتصويب الخطاب الدينى، انطلاقا من الاقتناع بضرورة إيلاء المواجهة الفكرية الاهتمام اللازم لتحصين فئات المجتمع، خاصة الشباب، من مخاطر الاستقطاب الفكرى.

كما يتناول الجهود الأمنية المبذولة لملاحقة التنظيمات الإرهابية وتقويض قدرتها على تنفيذ العمليات التى تمس أمن واستقرار الوطن، وكذا جهود مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه، حيث حصلت مصر على إشادة واسعة فى هذا الصدد من جانب مجموعة العمل المالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالنظر لفعالية النظم المصرية المُطبقة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويوضح كذلك الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المواطنين، أخذاً بعين الاعتبار أهمية البعد التنموى فى الوقاية من الإرهاب والتطرف، وهى الجهود التى شملت كافة محافظات الجمهورية، وساهمت فى تطوير قطاعات مختلفة، فى مقدمتها تطوير المناطق العشوائية، والخدمات العامة، والصحة، والتعليم، والنقل، وذلك بالإضافة إلى توفير سبل المساندة والرعاية لأسر شهداء ومصابى العمليات الإرهابية.

ولا ينكر أحد أن مصر أولت قضية مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف أهمية متقدمة على أجندة سياستها الخارجية، حيث تشارك بشكل فعال فى صياغة التوجهات الدولية ذات الصلة على مستوى المحافل متعددة الأطراف، وفى مقدمتها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية، كما تحرص على تناول الجوانب المختلفة لتلك القضية فى اتصالاتها مع مختلف دول العالم من خلال الأطر الثنائية، وتؤكد دوماً على أهمية تبنى مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب والوقاية منه، وضرورة مواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء باعتبارها تمثل تهديدا مشتركا للسلم والأمن الدوليين، وتدفع بأهمية عدم التمييز بين العمل الإرهابى المادى من ناحية والفكر أو الخطاب المتطرف التحريضى المؤدى إلى الإرهاب من ناحية أخرى، كما تدعو لتعزيز التنسيق بين دول العالم لمواجهة تلك الآفة بأبعادها المختلفة بالنظر إلى تنامى التهديدات الإرهابية التى لم تعد أية دولة فى مأمن منها.

إننا نترحم على أرواح الشهداء الأبطال فى كل لحظة.. فلولاهم ما كنا هنا.

عاشت مصر.. والمجد، دائما وأبدا، للشهداء.