« مصر صامدة وقادرة وباقية ».. كيف يتحرك المتآمرون ضد الدولة؟.. ولماذا يستهدفون السيسي؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

- ما سر الحملة الكبرى ضد الدولة المصرية؟.. وهل عدنا إلى مربع الخطر الكبير؟

- الضغوط تزيد والحدود تشتعل.. كونوا مع القيادة لعبور أخطر مراحل النضال الوطني 

- لماذا قال السيسي: مُخطئ من يتوهم أن مصر ستغض الطرف عن تهديد وجودي لأمنها المائي"؟!

مصر، التي عرفها التاريخ منذ فجر الحضارة كدولة ضاربة بجذورها في أعماق الزمن، لم تكن يومًا ساحة سهلة للغزاة أو المتآمرين.

صمودها ومرونتها على مدار القرون جعلاها "الصادمة" في وجه كل من ظن أنها ستسقط، و"القادرة" على تحويل المحن إلى فرص، و"الباقية" رغم تعاقب العواصف والمؤامرات.

واليوم، تتعرض الدولة المصرية لحملة واسعة النطاق من التشويه والضغوط السياسية والإعلامية، في محاولة للنيل من استقرارها وقائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي.

منذ تولى الرئيس السيسي الحكم، كانت هناك قوى إقليمية ودولية غير راضية عن عودة مصر إلى موقعها الطبيعي كلاعب إقليمي محوري.

هذه القوى كانت تراهن على سقوط الدولة بعد أحداث 2011، وتفكك مؤسساتها، لكن ما حدث كان العكس تمامًا.

جاءت ثورة 30 يونيو لتعيد للدولة تماسكها، وتعيد للشعب ثقته في نفسه، وهو ما أفسد على هؤلاء خططهم التي كانت تقوم على تقسيم مصر أو تحويلها إلى دولة فاشلة.

مربع الخطر الكبير

الحملة الحالية ليست الأولى، لكنها الأكثر شراسة.

تبدأ من التشكيك في المشروعات القومية الكبرى، مرورًا بإثارة القضايا الخلافية على وسائل التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى استهداف الجيش والشرطة في حرب نفسية ممنهجة.

الهدف واضح: ضرب ثقة المواطن في دولته، وخلق فجوة بين القيادة والشعب.

لكن مصر ليست اليوم كما كانت قبل عقد من الزمان. التجربة القاسية جعلت وعي المصريين أكثر حدة، وجعلت مؤسسات الدولة أكثر تماسكًا.

ما يجري الآن هو نسخة مطورة من سيناريو الفوضى الخلاقة، لكن بوسائل إعلامية ومالية أكثر تعقيدًا.

الصفقة المشبوهة

من أخطر ما تكشف في السنوات الماضية، ما تم تداوله عن محاولة عرض صفقة على القيادة المصرية، تقضي بالتنازل عن جزء من سيناء مقابل ضمانات للمياه من نهر النيل.

مثل هذا العرض يمثل إهانة مباشرة للسيادة المصرية، وهو ما قوبل برفض حاسم من الرئيس السيسي، الذي أعلن بوضوح أن مصر لن تفرط في شبر من أرضها أو قطرة من مياهها.

هذا الرفض الصارم أزعج كثيرين ممن اعتادوا على أن بعض الأنظمة العربية قد تساوم على الأرض أو الموارد مقابل البقاء في الحكم. لكن مصر، بقيادتها الحالية، وضعت خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها.

الضغوط تتزايد

لا يخفى على أحد أن البيئة الإقليمية من حولنا شديدة الاضطراب: نزاعات في الجنوب، توترات في الغرب، وملفات ساخنة في الشرق.

كل ذلك يضع الجيش المصري ومؤسسات الدولة أمام تحديات مستمرة.

في ظل هذه الظروف، تزداد الضغوط السياسية والاقتصادية، ليس فقط لإرهاق الداخل، بل لدفع القيادة إلى تقديم تنازلات تمس الأمن القومي.

وهنا يأتي دور الشعب كصمام أمان، فمصر تاريخيًا لم تنتصر إلا عندما كان شعبها موحدًا خلف قيادته.

المرحلة الحالية تتطلب التمسك بهذا المبدأ أكثر من أي وقت مضى.

رسالة صريحة

تصريحات الرئيس السيسي بشأن الأمن المائي ليست مجرد رسائل سياسية، بل تعبير عن عقيدة راسخة في إدارة الدولة المصرية.

نهر النيل ليس مجرد مصدر للمياه، بل هو شريان حياة يربط الماضي بالحاضر والمستقبل.

أي تهديد له هو تهديد لوجود الأمة نفسها.

السيسي يدرك أن معركة المياه ليست آنية، بل ممتدة لعقود قادمة، ولهذا فإن رسائله موجهة لكل الأطراف: مصر قادرة على الدفاع عن حقها التاريخي والقانوني في مياه النيل، وبالطرق السياسية والدبلوماسية، وإذا لزم الأمر بوسائل أخرى يفرضها الدفاع عن الوجود.

وعي المصريين

القوة الحقيقية لمصر لم تكن يومًا في عدد سكانها أو في حجم جيشها فقط، بل في وعي شعبها وصلابته.

هذا الوعي، الذي تشكل عبر التجارب القاسية، جعل المصريين أكثر قدرة على فرز الحقائق من الأكاذيب، وأكثر إدراكًا لأبعاد المخططات التي تحاك ضدهم.

لقد جرب الشعب المصري ثمن الفوضى، ورأى بعينيه كيف يمكن أن تتحول الشعارات البراقة إلى بوابة للفوضى والانهيار.

ولهذا، فإن محاولات إعادة إنتاج سيناريو 2011 تصطدم بجدار من الوعي الشعبي.

مصر تراهن على الإنجاز

الحملة المضادة لمصر تقوم على قاعدة بسيطة: التشكيك في كل إنجاز.

فإذا تم افتتاح مشروع ضخم، حاولوا تسليط الضوء على تكلفته فقط، دون النظر إلى عوائده.

وإذا تم تحقيق تقدم في ملف ما، ركزوا على الثغرات بدل النجاحات.

هذه السياسة تهدف إلى قتل الأمل في نفوس المواطنين، لأن الأمل هو الوقود الذي يحرك الشعوب للأمام.

لكن مصر في السنوات الأخيرة اعتمدت على معادلة مختلفة: الرد على التشكيك بالمزيد من العمل، وعدم الانجرار إلى دوامة الردود الكلامية التي تضيع الوقت والجهد.

دروس من التاريخ

على مدى سبعة آلاف سنة، مرت مصر باحتلالات وحروب ومجاعات وأوبئة، لكنها ظلت الدولة التي تنهض من جديد.

السبب في ذلك أن مصر ليست مجرد نظام حكم، بل حضارة متجذرة في الأرض والوجدان.

هذه الحقيقة هي ما يجعل أي محاولة لإسقاطها تصطدم بعامل الزمن، فالمؤامرات قد تنجح في إحداث اضطراب مؤقت، لكنها لا تستطيع اقتلاع الجذور.

التاريخ يعلمنا أيضًا أن أشد لحظات الخطر كانت دائمًا مقدمة لنهضة جديدة، وهذا ما يجعل المرحلة الحالية – رغم صعوبتها – مليئة بالفرص.

معركة وعي وإرادة

إن ما تواجهه مصر اليوم ليس مجرد تحديات اقتصادية أو سياسية، بل هو صراع على الهوية والوجود.

المتآمرون يسعون لتفكيك الدولة من الداخل، بينما تعمل القيادة على تحصين الداخل وبناء المستقبل في الوقت نفسه.

وعليه، فإن المعركة الحقيقية ليست فقط في ميادين السياسة أو الاقتصاد، بل في وعي كل مواطن.

فكما قال الرئيس السيسي: وعي المصريين وصلابتهم الركيزة الأساسية التي أعول عليها في مجابهة أي تحدٍ أو أي تهديد محتمل.

مصر "صامدة"؛ لأنها لا تسقط، "قادرة" لأنها تعرف كيف تتكيف وتقاوم، و"باقية"؛ لأن شعبها قرر أن البقاء لا يكون إلا بالعزة والكرامة.

الصفحة الثالثة من العدد رقم 424 الصادر بتاريخ 14 أغسطس 2025
تم نسخ الرابط