الأربعاء 09 أكتوبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

إنهم يستهدفون مصر

الكاتب والإعلامى
الكاتب والإعلامى محمد فودة - صورة أرشفية

- مصر تتحرك بشرف لحل صراعات المنطقة ولا تسعى إلى مكسب خاص أو تدخل فى شئون الآخرين 

- حدودنا جميعها لا تهدأ .. وهو أمر مريب ويؤكد أن هناك مخططا موجها لإضعاف مصر 

- التحركات السياسية والدبلوماسية الدائمة لمصر تؤكد أننا نعمل ليلا ونهارا حتى لا تضيع مصر من بين أيدينا 

عندما ننظر على الخريطة التى تحيط بمصر سنجد العجب العجاب، فلأول مرة فى التاريخ تمر مصر بهذه الحالة، وهى أن تكون كل حدودها ملتهبة فى نفس الوقت، ففى الشرق تدور حرب غزة التى تقترب من عام الآن، وفى الجنوب حرب سودانية معقدة جدا، وفى الغرب فرقة وصراع بين الأطراف الليبية لا يعرف أحد كيف يمكن أن تنتهى ولا إلى نقطة ستصل. 

وقد يعتقد المواطن المصرى أن هذه الأحداث قد لا تؤثر على الأوضاع الداخلية هنا فى مصر، إن هذه الحدود تمثل عمق أمن مصر القومى، ولذلك فإن الدولة المصرية تتحرك بكل ثقلها السياسى والدبلوماسى حتى يتم حل هذه الصراعات المحتدمة حلا داخليا حتى يكون مستداما، وهو ما تؤكده التحركات المصرية الدائمة التى لا تتوقف للوصول إلى نتائج ملموسة وحقيقية على الأرض. 

لكنّ هناك بعدا مهما جدا فى هذه الصراعات لا يمكننا أن نغفله، وهو بعد تأثير هذه الأحداث فى الدول المجاورة على الداخل المصرى، على الظروف الحياتية للمواطن، على تفاصيل الحياة اليومية، على حركة الاقتصاد والأسعار والتضخم، على الحالة النفسية العامة للمواطنين، وهو بعد لا يهتم به الكثيرون.

 

لقد دفعت مصر - ولا زالت - تدفع ثمنا كبيرا جدا لهذه الصراعات التى تشعل النار فى حدودها، والذين يتابعون موقف مصر وسياستها وطريقة تعاملها مع الأمور سيتأكدون أننا دفعنا هذا الثمن وبهذا القدر؛ لأننا ننطلق فى كل تعاملاتنا من أرضية القيم والمبادئ، فمصر لا تطمع فى أحد، ولا تريد أن تحقق مكاسب على حساب أحد، ولا ترغب فى التدخل فى شئون الآخرين، هذه هى قناعتنا المطلقة، ولا زلت أذكر كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن مصر تتعامل بشرف فى زمن عز فيه الشرف.

انظروا ماذا فعلت مصر منذ اللحظة الأولى لاندلاع أحداث طوفان الأقصى، كانت مصر تعرف من اللحظة الأولى أن دائرة الصراع لو اتسعت فسوف يخسر الجميع، وسوف يتأثر الجميع، ولذلك حذرت من اللحظة الأولى من توسيع دائرة الصراع، فلحظتها لن يكون هناك رابح واحد مما يحدث على الأرض، بل سيدفع الجميع الثمن. 

بعد مرور الشهور على هذه الحرب العبثية تماما، تحقق ما حذرت منه مصر، للدرجة التى أصبحت معها هذه الحرب عصية على الحل، لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يمكن أن تنتهى إليه أو ما تسفر عنه، وتحقق ما قالته مصر من البداية. 

بذلت مصر جهدا خارقا لاحتواء هذه الأزمة، وكان الجهد مضاعفا، فهى من ناحية تريد الحفاظ على أمنها القومى الذى لن تتسامح فيه أبدا، ومن ناحية ثانية تريد أن تحافظ على القضية الفلسطينية فلا تضيع فى زحام الأحداث. 

إن الرئاسة المصرية تبذل جهدا كبيرا، وهو ما يتضح من نشاط الرئيس، فخلال الأيام القليلة الماضية فقط، استقبل وزير الخارجية الأمريكى "أنتونى بلينكن"، والوفد المرافق له، وذلك بحضور الدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، بالإضافة إلى السفيرة "هيرو مصطفى جارِج" سفيرة الولايات المتحدة  الأمريكية فى القاهرة.

وصرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن اللقاء شهد التشديد على قوة الشراكة الإستراتيجية التى تربط بين البلدين، وحرصهما على دفع الجهود المشتركة لاستعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة. 

وفى هذا الإطار تم استعراض جهود الوساطة المشتركة المصرية -الأمريكية- القطرية لوقف إطلاق النار فى غزة وتبادل المحتجزين، حيث تم تبادل الآراء بشأن نتائج الاجتماع التفاوضى الأخير الذى عقد الأسبوع الماضى بالدوحة، وسبل تحريك الموقف وإحراز تقدم فى المفاوضات الجارية بالقاهرة، وقد أطلع الوزير "بلينكن" السيد الرئيس، فى هذا السياق، على نتائج زيارته لإسرائيل، مؤكداً التزام الولايات المتحدة بجهود التهدئة والتوصل لاتفاق، ومعرباً عن التقدير الكبير لدور مصر وجهودها البناءة فى هذا الصدد.

وقد حرص السيد الرئيس على تأكيد أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب الجارية، والاحتكام لصوت العقل والحكمة وإعلاء لغة السلام والدبلوماسية، مشدداً على خطورة توسع نطاق الصراع إقليمياً على نحو يصعب تصور تبعاته، ومشيراً إلى أن حقن دماء الشعوب يجب أن يكون المحرك الرئيسى لكافة الأطراف، وأن وقف إطلاق النار فى غزة يجب أن يكون بدايةً لاعتراف دولى أوسع بالدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، باعتبار ذلك الضامن الأساسى لاستقرار المنطقة.

كما تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكى "جو بايدن".

وأوضح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أن الاتصال أتى فى إطار جهود الوساطة المكثفة التى تبذلها الدولتان لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل المحتجزين، حيث تم فى هذا الصدد استعراض آخر تطورات جولة التفاوض التى تستضيفها القاهرة حالياً، وأكد الرئيسان أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات وإبداء المرونة لإتمام الاتفاق.

وقد حرص السيد الرئيس فى هذا الصدد على تأكيد أن التوصل لاتفاق فورى لوقف إطلاق النار، يكتسب أهمية فائقة فى هذا التوقيت الدقيق، سواء لضرورة وضع حد للمعاناة الإنسانية الكارثية بالقطاع، أو لإنهاء حالة التصعيد وتجنيب المنطقة ويلات توسّع نطاق الصراع، بما لذلك من تداعيات خطيرة على شعوب الإقليم كافة.

وفى هذا السياق أيضا استقبل السيد الرئيس الفريق أول " تشارلز براون" رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية والوفد المرافق له، وذلك بحضور الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، بالإضافة إلى السفيرة "هيرو مصطفى جارِج" سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة.

وأشار المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية إلى أن اللقاء ركز على التطورات الجارية فى الشرق الأوسط، حيث أكد السيد الرئيس أن الوضع الإقليمى الراهن يتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولى وجميع الأطراف الفاعلة، لبذل كافة المساعى وتكثيف الضغوط، لنزع فتيل التوتر، ووقف حالة التصعيد التى تهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل، محذراً فى هذا الصدد من مخاطر فتح جبهة جديدة فى لبنان، ومؤكداً ضرورة صون استقرار لبنان وسيادته.

كما شدد السيد الرئيس على ضرورة التجاوب مع الجهود المشتركة، المصرية- الأمريكية- القطرية، الرامية للتوصل لاتفاق لوقف الحرب بقطاع غزة بشكل فورى، وتبادل الأسرى والمحتجزين، بما يسمح بتعزيز مسار التهدئة والاستقرار بالمنطقة.

ونوه السيد الرئيس فى هذا السياق إلى صعوبة الأوضاع الإنسانية المأساوية التى يعانى منها أبناء الشعب الفلسطينى الشقيق بالقطاع، وما تفرضه من ضرورة وقف الحرب فوراً، لإيصال ما تحتاجه غزة من كميات هائلة من المساعدات الإغاثية والصحية، كما أكد سيادته ضرورة تضافر الجهود الدولية نحو إطلاق مسار سياسى شامل، يفضى لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فى إطار حل الدولتين، كأساس للاستقرار الإقليمى المستدام.

وأضاف المتحدث الرسمى أن اللقاء شهد تأكيد عمق الشراكة الإستراتيجية التى تجمع مصر والولايات المتحدة، وما تشهده العلاقات بين الدولتين من تعاون وتنسيق مستمر فى مختلف المجالات، وعلى رأسها المجالات الأمنية والعسكرية، حيث أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية فى هذا السياق تقدير بلاده لدور مصر المحورى الداعم للاستقرار والأمن والسلام، معرباً عن التطلع لمواصلة دفع العمل المشترك فى مجالات التعاون العسكرى إلى آفاق أوسع، بما يحقق المصالح المشتركة ويدعم الاستقرار والسلم بالشرق الأوسط. 

مثل هذه اللقاءات وغيرها التى لا تتوقف تؤكد أن مصر تتحرك على مختلف المسارات والمحاور الإستراتيجية، فهى تبذل جهدا كبيرا فى المحور الشرقى، وتتحرك فى المحور الغربى وتحاول أن تصل الأزمة فى ليبيا إلى حل، كما تبذل جهدا خارقا فى السودان حتى تنتهى الحرب هناك، وهى الحرب التى تأتى على الأخضر واليابس. 

لابد أن نعود مرة أخرى إلى حدودنا التى لا تهدأ، ولابد أن نسأل أنفسنا سؤالا: هل ما يحدث أمر عفوى، أم أنه مخطط له بعناية شديدة؟ لا أستبعد بالطبع أن يكون ما يحدث امتداد للمؤامرة الكبيرة على مصر واستهدافها الذى لا ينتهى، وهو ما يجعلنا جميعا مطالبين بأقصى درجات اليقظة حتى لا يضيع بلدنا من بين أيدينا.

الصفحة الثانية عشرمن العدد رقم 376 الصادر بتاريخ 29 أغسطس2024
 
تم نسخ الرابط