تنطلق بين الحين والآخر داخل مجتمعنا المصري وسائر المجتمعات العربية والإسلامية الشقيقة دعوات إما لنشر أو لم

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

حسام فوزي جبر يكتب: مثني وثلاث ورباع

حسام فوزى  الشورى
حسام فوزى


تنطلق بين الحين والآخر داخل مجتمعنا المصري وسائر المجتمعات العربية والإسلامية الشقيقة دعوات إما لنشر أو لمنع تعدد الزوجات وكل طرف من الأطراف يدلو بدلوه ويدافع عن وجهة نظره في الأمر وتري ما بين مؤيدين ومعارضين من الجانبين تنتشر نغمات السخرية والتنمر من المؤيدين خاصة لو كانوا من بنات حواء ورغم أن الأمر محسوم منذ أكثر من ١٤٠٠ سنة من فوق سبع سنوات، إلا أن كلًا يسرح بخياله ليعود لنا برأي يريد أن يفرضه علي الجميع ،رغم أن الموضوع غير قابل للنقاش لأنه شيء حلال أحله الله سبحانه وتعالي بحكمته والبحث عن مبررات لإيقاف العمل بشرع الله غير مقبول علي الإطلاق.

وللتعدد ضوابط شرعية جاءت من فوق سبع سماوات حين قال الله تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"، ورُوي عن النبي في الحديث الصحيح أنه قال: "من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل".

وفي هذا المقال نناقش مع حضراتكم قضية وإن صح التعبير نسميها سنة تعدد الزوجات ما بين الرفض والقبول، وإن كنت أرفض لفظ الرفض لأن التعدد شرعه الإسلام للرجل ولا رفض لشرع الله وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن المرأة تستفيد منه أكثر من الرجل، كما أنه يعد أهم وسائل القضاء على العنوسة، ففي آخر الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان بالولايات المتحدة الأمريكية تبين أن عدد الإناث يزيد على عدد الرجال بأكثر من ثمانية ملايين امرأة وفى بريطانيا تبلغ الزيادة علي الرجال بخمسة ملايين امرأة، وفى ألمانيا نسبة النساء إلى الرجال هي ١:٣، ووجدت هذه الدول أن التعدد هو الحل الأمثل للقضاء علي أزمات العنوسة والانحرافات الجنسية ولكن أغلبهم لا يدينون بالإسلام ليتأكدوا هم من غير شك أن واضع هذا الحل هو العليم العالم بكل بواطن الأمور سبحانه.

أما هنا في مصرنا الغالية فأخرجت إحصائية حديثة أرقامًا مرعبة تثبت أنه من بين كل عشر فتيات مصريات في سن الزواج- والذي تأخر من 22 إلى 32 سنة- تتزوج واحدة فقط ويكون الزوج دائمًا قد تخطى سن الخامسة والثلاثين وأشرف على الأربعين، حيث ينتظر الخريج ما بين عشر حتي اثنتي عشرة سنة ليحصل على وظيفة ثم يدخر المهر ثم يبحث عن نصفه الآخر وأكدت تلك الدراسة أن العلاقات المحرمة تزيد وكذلك ظاهرة الزواج العرفي في ظل وجود ملايين من النساء بلا زواج وأكدت الدراسة أيضًا تراجع حالات الزواج بين الشباب بنسبة 90% بسبب الغلاء والبطالة وأزمة المساكن وغيرها.

وأري أن تعدد الزوجات من النظم والحلول الربانية التي تعرضت لهجمات المستشرقين الشرسة في إطار حملات مسعورة لم تتوقف أبدًا علي مدي سنوات عديدة للطعن في الإسلام ورسوله الأمين والحملة على التعدد ليست حديثة العهد، فقد بدأها اليهود مبكرًا في عهد نبي الله الخاتم، حين تحدثوا في الصادق الأمين قائلين "انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام ولا والله ماله همة إلا النساء" وحسدوه وعابوا فيه لكثرة نسائه، وقالوا- عليهم لعنة الله - "لو كان نبيًا ما رغب في النساء" فكذبهم الله تعالى وأخبرهم بفضله وسعته على نبيه، ونزل قوله سبحانه: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكًا عظيمًا"، وعلى مر العصور ظل أعداء هذا الدين في الداخل والخارج يحاولون الانتقاص من مبدأ وسنة التعدد، واتخذوه ذريعة للتشكيك في القرآن الكريم والرسول العظيم والشريعة الغراء.

 

وظلت وسائل الإعلام المختلفة في السير خلفهم بلا علم ولا وعي وتفننوا في مهاجمة التعدد الشرعي والسخرية منه والتندر على معددي الزوجات في الأفلام والمسلسلات الساقطة التي تقوم في ذات الوقت بتزيين الفواحش وعرض اتخاذ العشيقات على أنه أمر كوميدي للتسلية والفكاهة والتبسيط، وخرج العديد من الباحثين من العرب والمستشرقين يهاجمون التعدد في الإسلام، بل راح البعض وأصدرأحكاما بإدعائهم أن تعدد الزوجات حرام، هكذا بكل بساطة يحاولون إلغاء نصوص القرآن والسنة بجرة قلم، بل ووصل تضليل الرأي العام في البلاد الإسلامية إلي أن نساء الريف في مصر يروجن لمقولة عن الزوج يقولون فيها "جنازته ولا جوازته" أي موته أفضل من زواجه بأخرى، لذلك فإن هذا المقال ما هو إلا محاولة متواضعة لتصحيح المفاهيم ورد الأمور إلى نصابها والصرخة المدوية أن التعدد من الإسلام وأن من يحرمه أبعد ما يكون عن الدين والواقع.

والله سبحانه حين شرع شرائعه لم يظلم أحدًا حاشاه "وما ربك بظلامٍ للعبيد" وهو سبحانه لا يحابي أحدًا من خلقه، فشريعته سبحانه قائمة على العلم والرحمة والعدل وعدم المحاباة وقاعدتها وأساسها الذي تبنى عليه جلب المصالح وإكثارها ودرء المفاسد وتقليلها، وكذلك مسألة تعدد الزوجات لا تخرج عن هذه القاعدة فإنها وإن كان فيها ضرر ظاهر في حق امرأة معينة لما قد ينشأ عن التعدد من متاعب نفسية لها، إلا أن فيها مصالح ومنافع أكبر في حق الجماعة والمجتمع ككل.

وأدعو النساء المسلمات أن يقسن الموضوع بعقلانية وترو، وأن ينزعن من أنفسهن الفكرة الأنانية بالاحتفاظ بالزوج فهذه نظرة بائدة ظالمة، بل الأدهى والأمر أن بعض النساء يسمحن لزوجها بالعلاقات خارج نطاق الزوجية على أن يكون مقترنًا بأخرى شرعًا فأي حكم جائر هذا وأي معصية تبيحها لزوجها ولنفسها لتظل الوحيدة في حياته، من وجهة نظرها، وأمام الأهل والأصدقاء بينما في الحقيقة هي واحدة من عشرات النساء بنات الأهواء فمادام الرجل باستطاعته فتح بيت أخر وباستطاعته العدل والتوفيق بين الزوجات بما أحله شرع الله لما لا مادام هذا الشيء لا خلاف عليه وليس في الزواج فقط نظرة واحدة متعارف عليها، بل السكن الروحي والنفسي وحل جذري لقضية العنوسة، كما أنه يزيد من تكاتف المجتمع وترابطه من خلال أواصر القربى والنسب والأهم هو الحد من الفساد والعلاقات المحرمة خارج نطاق الزواج.

دعوتي لكل امرأة ألا تكون أنانية وليكن لديها مبدأ الإيثار وأن تنظر للأمور بترو، فمشاكلنا تبدأ من منزل الزوجية ومن فكر امرأة ناضجة تعي أن ثبات المجتمع من ثبات أسرته ورب هذه الأسرة ولتعي بأن هناك أخوات لها هن بحاجة إلى السكن الروحي والنفسي ولتضع نفسها مكانها فلا تكن أنانية وتفكر بشكل عقلاني قوامه الاستقرار والسكينة والرحمة لمجتمع متكامل يعمه الأمن والرخاء والاستقرار، ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة إذ تزوج لحل المشكلات التي كانت في مجتمع المسلمين واستطاع أن يجمع النساء وهن أمهات المؤمنين في كنفه ويفي بحقهن على أكمل ما يكون به الوفاء ولم يكن في هذا ما يعيب مادام يرضي الله ورسوله، وبالطبع حسب رغبة الزوج نفسه، فرغم كل ما ذكرته فرغبة الزوج هي الفيصل في إختيار الإقدام علي تلك الخطوة لله مطلق الحرية "مثني وثلاث ورباع".