◄ دعوة وزير الأوقاف لتنظيم زيارات للأطفال إلى المساجد والكنائس نموذج حقيقى للتعايش

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 11:30
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب: "نتعايش باحترام" مبادرة نبيلة تستحق الدعم والمساندة

  الشورى


دعوة وزير الأوقاف لتنظيم زيارات للأطفال إلى المساجد والكنائس نموذج حقيقى للتعايش 

 

أتوقف اليوم أمام الدعوة التى وجهها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف لرجال الدين لضرورة تنظيم رحلات وأنشطة مشتركة تجمع بين الأطفال المسلمين والمسيحيين بحيث يقوم خلالها الأطفال المسلمون بزيارة الكنائس والأطفال المسيحيون بزيارة المساجد، بما يسهم وبشكل كبير فى كسر حاجز الرهبة لدور العبادة عند أطفال المسلمين والمسيحيين، مما يساعد على خلق بيئة سليمة ومجتمع متفهم لطبيعة الآخر وقائم على احترام الديانات والثقافات والشعائر.

هذا الأمر يبدو طبيعياً لأنه يعكس ثقافة وزير الأوقاف وسعة أفقه وقدرته على خلق وابتكار أفكار غير مسبوقة للتعامل مع الظروف التى يمر بها المجتمع خاصة فيما يتعلق بمفردات الوحدة الوطنية، لكن اللافت للنظر أن هذه الفكرة التى تستند إليها هذه المبادرة النبيلة تنطوى على رؤى مبتكرة خارج الصندوق وفى تقديرى فإن المبادرة تستحق بالفعل أن تتكاتف جميع الجهات من أجل وضعها حيز التنفيذ فنحن بالفعل فى أشد الحاجة إلى عدم الاقتصار على "الوعظ" فقط داخل دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس، ولكن لابد أن ندرك أن هناك تغيرات كثيرة طرأت حولنا وينبغى علينا أن  نتعامل معها ونجاريها فأطفالنا اليوم وأبناؤنا مستهدفون من عدة جهات سواء فى الداخل أو فى الخارج وللأسف الشديد فإن تلك الجهات الإرهابية ودعاة التطرف يستطيعون بسهولة الوصول إليهم عن طريق منصات السوشيال ميديا التى توحشت مؤخراً وازدادت تأثيراتها السلبية بشكل ينذر بالخطر الحقيقى منا يتطلب ضرورة أن يكون هناك تحرك مجتمعى حتى تتعلم الأجيال الجديدة من الأطفال والشباب مسلمين ومسيحيين كيف يمكنهم أن  يتعايشوا سويا ويدركوا حجم المخاطر التى تحيط بهم، ولابد أن يندمجوا سوياً وهو ما يدفعنى إلى التساؤل وهو: لماذا لا يتم إقامة العديد من الأنشطة المشتركة سواء كانت ثقافية أو رياضية أو فنية بحيث يندمج فيها الطفل المسلم والمسيحى وبالتالى تذوب من خلالها أية أفكار متطرفة وأية دعوات هدامة وتتلاشى فيها الحواجز المصطنعة بين الأديان ويسرد المجتمع جسرا من التسامح والتواد والتراحم؟.

والحق يقال فإننى استوقفنى كثيراً الهدف النبيل الذى أوضحه وزير الأوقاف فى حديثه حول مبادرة  "نتعايش باحترام" فهذه المبادرة  فى حد ذاتها تعد رسالة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فهى فى حقيقة الأمر رسالة موجهة إلى الداخل، والخارج حول احترام جميع الأديان بما يترجم على أرض الواقع دعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى مراراً وتكراراً  إلى إجراء حوار بين كافة الأديان من أجل ترسيخ أسس العيش السليم ونظراً لأهمية هذا التوجه وللتأكيد على حرص الدولة وسعيها الحثيث نحو التعايش بشكل طبيعى بين الأديان فإنه من المقرر أن يقام مؤتمر موسع خلال شهر مارس المقبل وذلك حسبما صرح به الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وسوف يتم فيه دعوة كل الثقافات والأديان.

نحن بالفعل فى أشد الحاجة لأن يسود المجتمع جو التعايش الذى بكل تأكيد سوف يلقى بظلاله على كافة نواحى الحياة حيث لا بد أن نتبنى فقه العيش المشترك.

والحق يقال فإن الدعوة إلى التعايش بين المسلمين والمسيحيين وإن كانت مطروحة الآن من خلال مبادرة تستهدف الشباب والأطفال الصغار إلا أن هذا التعايش قديم جداً ولم يكن وليد اللحظة ، فهناك عدد من الحقائق التاريخية التى تشهد على حالة التعايش والود التى كانت ولا تزال بين مسلمى مصر وأقباطها منذ اللحظة الأولى من وصول جنود المسلمين إلى مصر بقيادة عمرو بن العاص ففى كتابه «هل المسيحيون كفار؟» ذكر الكاتب أحمد عثمان أن الأقباط المصريين عاشوا فى بلادهم أربعة عشر قرناً منذ أن وصل إليها العرب المسلمون فى سنة 640 ميلادية فى وئام وسلام يعبدون الله الواحد ورغم أن الرومان البيزنطيين كانوا مسيحيين مثلهم، فإن أقباط مصر ساعدوا جنود المسلمين فى دخول مصر بسبب الظلم والمعاناة التى لاقوها على أيدى البيزنطيين. وكان أول ما فعله عمرو بن العاص أن جاء بالبابا بنيامين بطريرك الأقباط الثامن والثلاثين من مخبئه فى الصحراء ليسلمه الكنيسة المرقسية فى الإسكندرية وسمح له ببناء الكنائس المسيحية وفتح الأديرة وممارسة العقيدة والعبادة فى سلام وطمأنينة.

 

وهكذا كما نرى أنه منذ البداية عامل الولاة المسلمون أقباط مصر على أنهم مؤمنون بالله تماماً مثلهم، فهم من أهل الكتاب الذين تحدث عنهم القرآن بل وصل الأمر لأن تزوج المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام منهم وهى السيدة ماريا القبطية التى صارت أماً لابنه إبراهيم، مما كان له عظيم الأثر فى أنه صلى الله عليه وسلم قد أوصى قبل وفاته بحسن معاملة أقباط مصر قائلاً: " إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة ورحما " ومن ناحية أخرى فإنه لا يجوز لأحد أن يحاسب الآخر على عقيدته فحسابه عند الله سبحانه وتعالى وإنما الحساب فى الدنيا على المعاملات بينما المعاملة كما أمر الله يجب أن تكون "بالمودة والمحبة". 

لذا فإننا أحوج ما نكون الآن إلى نبذ أى دعوات تحريضية يكون من شأنها أن تمس هذه العلاقة وتكدر صفوها حتى لا تُطمس المفاهيم الصحيحة وتضيع المودة والرحمة والمحبة ويحل محلها الحقد والكراهية .

فكما قلت من قبل هناك الكثير من  الشواهد التاريخية الدالة التى تشير وتؤكد طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر وهى العلاقة التى استندت فى بنيانها على التعايش السلمى واحترام قواعد العيش المشترك وعلى هذا الأساس يكون التعايش هو أفضل حل لمواجهة الدعوات التحريضية التى تستهدف فى المقام الأول ضرب وحدتنا الوطنية وإذكاء روح الاحتقان وتأجيج مشاعر الطائفية البغيضة.

وبالتالى فإن مبادرة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف التى تحمل اسم "نتعايش باحترام" تعد مبادرة نبيلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتستحق الدعم والمساندة من الجميع سواء الأسرة أو المدرسة أو دور العبادة أو الإعلام بكافة أشكاله وأنواعه "مسموع ومقروء ومرئى". حتى تدخل المبادرة حيز التنفيذ وتحقق الأهداف المرجوة منها.