◄ مطلوب صحوة مجتمعية للتصدى لهذه الآفة الخطيرة بشكل عاجل بين الكثير من الظواهر الغريبة والعادات ال

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب: عودة الوجه القبيح لـ«التنمر»

خالد الطوخى  الشورى
خالد الطوخى


مطلوب صحوة مجتمعية للتصدى لهذه الآفة الخطيرة بشكل عاجل

بين الكثير من الظواهر الغريبة والعادات السيئة التى نفاجأ بها من حين لآخر تأتى ظاهرة " التنمر" لتطفو على سطح الأحداث فتثير حالة من الغضب العام.. فعلى الرغم من إطلاق مبادرة «لا للتعصب.. مصر أولا» قبل مباراة قمة الأمم الإفريقية وعلى الرغم من كل هذا الحشد لتهيئة الجماهير لتقبل الأمر بصدر رحب فإن ما حدث عقب انتهاء المباراة يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن هذا «التنمر» قد أطل علينا مجدداً بوجهه القبيح ، فما شهده الشارع المصرى وتناولته مواقع التواصل الاجتماعى ما هو إلا شكل سيئ من أشكال آفة التنمر المرفوض شكلاً وموضوعاً من كافة فئات المجتمع خاصة أن «التنمر» يعد بمثابة أسوأ أنواع الإيذاء والإساءة الموجه من جانب شخص نحو شخص آخر أو مجموعة نحو أخرى، الأمر الذى دفع معه منظمات دولية وحقوقية وعلى رأسها منظمة اليونيسيف إلى إعلان الحرب على التنمر وحشد كافة الوسائل من أجل القضاء على تلك الظاهرة. 

وهذا الأمر أيضاً دفع الحكومة للقيام بتعديل تشريع قانونى تضمن إضافة مادة قانونية جديدة لمعاقبة المتنمرين خاصة أن مجلس الوزراء قد وافق بالفعل على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، وذلك بإضافة مادة جديدة لقانون العقوبات وهى المادة التى أوردت تعريفاً للتنمر، واللافت للنظر أن ذلك يأتى فى ضوء الحرص على مواجهة ظاهرة التنمر بعد انتشارها بصورة تشكل خطراً على المجتمع المصرى الأمر الذى استدعى إجراء هذا التعديل فى القانون من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.

 وحتى نضع أيدينا على حجم وخطورة آفة التنكر فإنه يتعين علينا معرفة أن التنمر  فى مفهومه الشامل يعنى أنه عبارة عن كل استعراض قوة أو سيطرة للشخص المتنمر، أو استغلال ضعف للمجنى عليه، أو لحالة يعتقد الجانى  أنها تسىء للمجنى  عليه ، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعى   وذلك بقصد تحقيق هدف محدد وهو تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو التقليل من شأنه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعى  مما يترتب عن ذلك إلحاق أذى معنوى فى نفس الشخص الذى يكون ضحية هذا التنمر، لذا فقد وصل الأمر فى التشريع الجديد إلى تحديد عقاب الشخص المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 30 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

والحق يقال فإنه مع تزايد حالات التنمر التى شهدها المجتمع المصرى خلال الفترة الأخيرة قد حدثت صحوة مجتمعية تكاتفت فيها عدة جهات من أجل التصدى لآفة التنمر ومن بين تلك الجهات دار الإفتاء التى نشرت فى   تغريدة لها توضيح مفهوم التنمر وعلاقته بالدين قائلة : "إن التنمر والسخرية سلوك مشين ومحرم فى الإسلام"، وأرفقت دار الإفتاء تغريدتها بمقطع فيديو يؤكد أن التنمر والسخرية من الآخرين أمر يرفضه الدين ويحرمه بشكل قاطع.

وبشيء من الدقة فإن التنمر فى تعريفه التقليدى ينقسم إلى نوعين أساسيين النوع الأول هو: «التنمر المباشر» وهذا النوع هو الذى يتضمن العديد من التصرفات مثل الضرب والدفع وشد الشعر والطعن والصفع والخدش وغيرها من الأفعال التى  تدل على الاعتداء الجسدى المباشر أما النوع الثانى فهو التنمر «غير المباشر»  وهو الذى يتضمن تهديد الضحية بالعزل الاجتماعى   الذى   يتحقق بعدة طرق مثل: التهديد بنشر الشائعات والأكاذيب ضده ورفض الاختلاط مع الضحية وممارسة التنمر على الأشخاص الذين يختلطون مع الضحية ونقد الضحية من ناحية الملبس والعرق واللون والدين والعجز وغيرها.

مما يتطلب ضرورة مواجهة  آفك «التنمر» بشكل حازم وحاسم بعد أن تفشى  فى   الفترة الأخيرة وأصبح ظاهرة من الواجب التصدى   لها بما يواكب كل تطور يحدث فى  المجتمع، وسلوكيات أفراده، خاصة إذا كان هذا السلوك يمثل إحدى صور الاعتداء والأذى لأى   شخص فلا أحد ينكر أن مجرد الأذى النفسى   يعد فى حد ذاته جريمة من جرائم التنمر تستوجب العقاب فى ظل هذا الانتشار الواسع لظاهرة التنمر التى تنامت وأصبحت بالفعل تشكل خطرا على المجتمع ليس هذا فحسب بل إنها  أصبحت أيضاً عائقا يحول دون تطبيق موجبات الحياة الكريمة للمواطنين، وهو ما يبرز أهمية وقيمة تلك الحملة التى أطلقتها منظمة «اليونيسيف» منذ عامين وهى حملة مهمة للقضاء على ظاهرة التنمر فى   المدارس المصرية وذلك بالتعاون مع المجلس القومى  للطفولة والأمومة ووزارة التربية والتعليم بمصر بدعم مباشر من الاتحاد الأوروبى   تحت شعار «أنا ضد التنمر» وتتمثل أهمية هذه الحملة فى أنها كانت تستهدف القضاء على «التنمر» كونه يعد أحد أشكال العنف الذى يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر عن عمد وبطريقة متكررة سواء تم ذلك وجها لوجه أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى وينتهى بالأذى الجسدى   أو الإساءة اللفظية والنفسية.

وبعيداً عن الأنواع التقليدية للتنمر فإن هناك نوعا آخر نشأ مع التطور الهائل فى وسائل الاتصال وهو «التنمر الإلكترونى» الذى يتجاوز فى خطورته «التنمر التقليدى» لكون التنمر الإلكترونى غير معروف الفاعل للضحية بالإضافة إلى كون مادة التنمر موجودة فى  بعض الأحيان على الشبكة المعلوماتية، والأكثر خطراً أن هذه المادة تنتشر انتشاراً واسعاً ليس له حدود مكانية أو زمانية، وهذا يعنى أن التنمر الإلكترونى ليس له زمن للنهاية وهذا مكمن خطورته.

وكما سبق الإشارة إلى أن خطورة التنمر الإلكترونى تكمن فى كون المتنمر مجهول الهوية فى أغلب الأحيان، بالإضافة إلى أن مادة التنمر متوفرة على شبكة الإنترنت بصورة دائمة إذا لم يتم التدخل من الجهات المختصة لإزالتها، وهذا يعنى أن التنمر قد يطول زمنه على الضحية مما يتسبب فى أضرار مختلفة ونظراً لخوف الضحية من انتشار معلومات خاصة عنه فإنه يسير خلف المتنمر ويلبى   طلباته ومطامعه حتى يتمكن من إنهاء حالة التنمر، بينما فى حقيقة الأمر أنه يكتشف بعد فترة من المماطلة أن الأمر يزداد فى السوء دون أى نتائج إيجابية ملموسة خاصة أن هذا النوع من التنمر يعتمد على استخدام الإنترنت والتقنيات المتعلقة به بهدف إلحاق الضرر بالآخرين بطرق متعمدة ومتكررة وعدائية، وذلك باستخدام الأجهزة الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت فمع اتساع استخدام شبكة الإنترنت فى مختلف المعاملات ودخول جميع فئات المجتمع إلى قائمة المستخدمين، بدأ فى   الظهور التنمر الإلكترونى وتطور مع الوقت وتعددت صوره، وأشكاله التى تتمثل فى: رسائل التهديد التى تصل من مصدر مجهول إلى البريد أو الحساب الشخصى  فى  تطبيق وتكرار الفعل.. والتعليقات غير اللائقة اجتماعياً وأخلاقياً على صورة خاصة، أو مقال أو فيديو منشور على الإنترنت وتداوله بين أوساط المجتمع.. والتصوير من غير علم الطرف الآخر ونشر صوره على وسائل التواصل المختلفة بهدف إلحاق الإيذاء به .. ونشر صور حقيقية أو معدلة يبدو فيها الطرف الآخر فى  وضع لا يرغب الآخرين فى   مشاهدته.. ونشر شائعة أو معلومات عن الطرف الآخر بهدف الإساءة أو تشويه السمعة إلى جانب حقوق الملكية الفكرية وتخريب المعلومات وسوء استخدامها وأيضاً التجسس من خلال تطبيقات صممت بهدف اختراق الخصوصية.

 وعلى الرغم من خطورة هذا النوع من التنمر المعروف بـ«التنمر الإلكترونى» فإنه يعد وسيلة سريعة لمحاصرة تلك الظاهرة حيث إنه بمجرد نشر أى  شكل من أشكال التنمر عبر السوشيال ميديا فإنه يحدث على الفور تحرك بشكل سريع وعاجل من أجل التصدى  لهذه المشكلة بكل حزم. وبالتالى محاصرة آفة التنمر وبالتالى جعلها تحت السيطرة.