◄ كيف استطاعت مصر اكتساب ثقة مؤسسات التمويل الدولية؟

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 13:33
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب: الإصلاح الاقتصادى.. «كلمة السر فى مواجهة تداعيات كورونا

  الشورى


كيف استطاعت مصر اكتساب ثقة مؤسسات التمويل الدولية؟

 

من يتابع التقارير الدولية التى تصدر عن كبرى المؤسسات المالية العالمية بشأن نمو الاقتصاد المصرى وقدرته على مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا يشعر بالسعادة ويتملكه الإحساس بالفخر بتلك الإنجازات التى استطاعت الدولة أن تحققها فى مجال الاقتصاد مما كان له صدى واسع على المستوى الدولى وهو ما يدفع البعض إلى التساؤل: كيف نجحت مصر فى جذب ثقة مؤسسات التمويل الدولية خاصة بعد انتشار فيروس كورونا الذى ترتب عليه الكثير والكثير من الأزمات التى عصفت باقتصاديات العديد من الدول العظمى والنامية على حد سواء فمنذ ظهور هذه الجائحة شهد العالم حالة من الارتباك الشديد فى كافة نواحى الحياة وعلى وجه الخصوص فى المجال الاقتصادى.

 

والحق يقال فإن الإجابة عن هذا التساؤل تكمن  فى أمر محدد وهو أن الإصلاحات الهيكلية التى تمت فى مجال الاقتصاد المصرى كانت بمثابة كلمة السر فى هذا الإنجاز فقد منحت هذه الإصلاحات الهيكلية الاقتصاد المصرى الصلابة التامة فى مواجهة أزمة كورونا إلى جانب تلك المقابلات المتعددة التى تمت بين وفد صندوق النقد الدولى وبين المجموعة الاقتصادية والقطاع الخاص فتلك المقابلات المهمة التى تمت مؤخرًا كان لها عظيم الأثر فى التأكيد على قدرة الاقتصاد القومى على الصمود فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد.

واللافت للنظر فى هذا الشأن أن مجلس إدارة صندوق النقد الدولى، قد أعلن نهاية الأسبوع الماضى، عن موافقته على صرف مبلغ 1.6 مليار دولار من برنامج التسهيل الائتمانى السريع الموجه لمصر والذى تبلغ قيمته الإجمالية 5.3 مليار دولار وذلك للمحافظة على استكمال الإجراءات التصحيحية التى قامت بها الحكومة المصرية بعد اندلاع أزمة كورونا العالمية وتأتى أهمية تلك الخطوات كونها تعكس ثقة مؤسسات التمويل الدولية فى الاقتصاد القومى.

وهذا بالطبع لم يأت من فراغ وإنما يأتى انعكاساً طبيعيًا لالتزام الحكومة ببرنامج الإصلاحات الاقتصادية التاريخية التى تم تنفيذها منذ عدة سنوات وذلك إلى جانب استقرار وتنسيق السياسات المالية والنقدية والإصلاحات الهيكلية التى تقوم بها الحكومة والسياسات المالية المتوازنة المدعومة بقوة من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فتلك السياسات وهى على هذا النحو من الدقة منحت الاقتصاد المصرى قدرًا مهمًا من الصلابة فى مواجهة أزمة كورونا، واللافت للنظر أن تلك الصلابة قد جاءت على هذا النحو الذى أسهم بشكل كبير فى الحد من تداعيات «الجائحة» وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بتلك القطاعات والفئات الأكثر تضررًا من خلال الحزمة الداعمة للنشاط الاقتصادى التى تبلغ ٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن الاقتصاد القومى نجح فى تحقيق نمو إيجابى وفائض أولى، ليس هذا فحسب بل إنه قد نجح أيضًا فى خفض العجز الكلى رغم أزمة كورونا وتكمن أهمية وقيمة هذا الإجراء الحقيقية فى أن المواطن فى هذه الأثناء لم يشعر بأى نقص فى السلع الأساسية على الرغم من ارتفاع وتيرة الأزمة وتفاقمها، بينما لمسنا وبشكل واضح أن الأزمة تضاعفت بالفعل فى الدول الناشئة الأخرى وغيرها معدلات الدين والعجز وجاء نموها بالسالب، رغم تداعيات فيروس كورونا على الأسواق العالمية والناشئة.

ومن هذا المنطلق فإن الذى يدعو للشعور بالارتياح الشديد فى هذا الصدد هو أن أداء الاقتصاد المصرى فى ظل جائحة «كورونا»، ما زال يحظى بإشادة المؤسسات الدولية وعلى رأسها بالطبع صندوق النقد الدولى حيث جاءت المؤشرات الاقتصادية أفضل مما توقعته هذه المؤسسات الدولية، وفى تقديرى فإن أسباب إصدار التقرير الخاص بإشادة صندوق النقد الدولى بالاقتصاد المصرى يرجع إلى انتهاء اجتماعات المراجعة الأولى لأداء البرنامج الاقتصادى المصرى خلال الأسبوعين الماضيين فى إطار الاتفاق للاستعداد الائتمانى الممتد لمدة ١٢ شهرًا بقيمة ٥,٢ مليار دولار بما سينعكس إيجابيًا على مناخ الاستثمار بمصر، خاصة فى أوساط ودوائر المال والأعمال الدولية والمحلية وبالتالى فإن ذلك قد أسهم وبشكل كبير جدًا فى جذب المزيد من الاستثمارات، وتوفير فرص عمل جديدة مع استدامة رفع معدلات النمو للناتج المحلى وخفض نسب الدين والعجز وتعظيم القدرات الإنتاجية وتوسيع القاعدة التصديرية على النحو الذى يمكن الدولة من زيادة أوجه الإنفاق وخاصة على تحسين مستوى معيشة المواطنين والخدمات المقدمة إليهم والتركيز على حماية الفئات الأكثر تعرضًا للمخاطر ودعم القطاعات التى تأثرت بشكل مباشر وملحوظ بالجائحة بما يشعر معه كل فئات الشعب بثمار التنمية الشاملة والإجراءات الصعبة التى كانت تستهدف فى المقام الأول تهيئة المناخ الصحى الذى يساعد على نجاح إجراءات الإصلاح الاقتصادى.

وهناك جانب مهم أيضًا فى هذا الشأن يتعلق بتلك اللقاءات المهمة التى شاركت فيها المجموعة الاقتصادية والقطاع الخاص مع خبراء الصندوق وراء تقييمهم الإيجابى للأوضاع الاقتصادية بمصر خاصة أن ذلك قد تم بعد الاطلاع على كافة المؤشرات الاقتصادية والمالية والتعرف بدقة على جميع الإصلاحات والسياسات الاقتصادية المتبعة فى مصر فخبراء الصندوق عقدوا لقاءات من خلال تقنية الفيديو كونفراس مع كل من البنك المركزى ووزارة المالية ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ووزارة الصحة والسكان ووزارة قطاع الأعمال ووزارة التعاون الدولى ووزارة البيئة إضافة إلى مقابلة ممثلى المؤسسات الدولية بمصر وممثلى البنوك والقطاع المالى وممثلى القطاع الخاص وهو ما انعكس بشكل إيجابى على نتائج المشاورات التى أجرتها مصر مع خبراء صندوق النقد الدولى التى انعكست بشكل جيد على مناخ الاستثمار بمصر.

فقد أبرز تقرير خبراء الصندوق تركيز السياسة المالية للحكومة بشكل ملائم فى السنة المالية ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، على دعم الأولويات المتعلقة بالنواحى الصحية العاجلة وحماية الفئات الأكثر تعرضًا للمخاطر ودعم القطاعات المتأثرة بالجائحة وقد ذكر هذا التقرير المهم أيضًا أن الحكومة المصرية كانت فى منتهى الالتزام بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتوازنة على النحو الذى ساعد بشكل ملحوظ فى استمرار الأداء القوى للاقتصاد المصرى وتحقيق كل أهداف ومؤشرات برنامج الإصلاح حتى نهاية سبتمبر التى يتضمنها الاتفاق مع صندوق النقد الدولى بل وتم تحقيق مستهدفات أفضل لبعض المؤشرات مثل تجاوز تراكم وارتفاع صافى الاحتياطيات الدولية وتحقيق فائض أولى بالموازنة العامة أعلى من المستهدف، بجانب انخفاض معدل التضخم فى شهر سبتمبر إلى ٣,٧٪، وهو ما يرجع فى الأساس إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية.

والشيء الذى يدعو للتفاؤل بأن القادم سيكون أفضل ما يكون أن مجلس إدارة صندوق النقد الدولى قد ركز وبشكل أساسى على منجزات الإصلاح الاقتصادى الذى أجرته الحكومة المصرية قبل اندلاع جائحة فيروس كورونا، والتى تأثرت بها أعتى الكيانات الاقتصادية العالمية لذا فإن الصندوق لم يكتف بالإشادة ولكنه تطرق إلى ضرورة أن تحذو الدول الكبرى حذو الحكومة المصرية لتقليل الموجات التضخمية التى قد تنشأ خلال الفترات القادمة بسبب تداعيات الموجة الثانية من ذلك الوباء العالمى.

وعلينا أن نتوقف طويلاً أمام مسألة مهمة أيضًا فى تقرير صندوق النقد الدولى فقد أوضح صندوق النقد أن الاقتصاد المصرى حقق نتائج أفضل من المتوقع رغم جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن الإجراءات الاحتوائية للحكومة المصرية وإدارتها الرشيدة للأزمة والتنفيذ المتأنى للبرنامج الإصلاحى هو ما قلل من آثار الأزمة رغم وجود توقعات بتحقيق معدلات نمو بنسبة 2.8% بنهاية العام المالى الجارى.