إن أسطورة سيزيف تبدأ بكونه أحد أكثر البشر حكمةً ومعرفةً ودهاء، فقبل وفاته طلب من زوجته أن ترمى جثته العارية

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

الأربعاء 24 أبريل 2024 - 04:19
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

ندى لبيب تكتب: العمل بلا جدوى أو أسطورة سيزيف

ندى لبيب  الشورى
ندى لبيب


إن أسطورة سيزيف تبدأ بكونه أحد أكثر البشر حكمةً ومعرفةً ودهاء، فقبل وفاته طلب من زوجته أن ترمى جثته العارية وسط الساحة العامة ولا تدفنه كاختبار منه لمحبة زوجته كما زعم، فلما نفذت ما طلب اعتبره قلة احترام من زوجته! ولهذا أراد العودة للعالم العلوى من جديد لمعاقبتها؛ وعندما عاد ورأى الشمس والدفء والأنهار رفض العودة للجحيم ثانيةً؛ مما تسبب فى سخط آلهة اليونان القديمة، وعقابًا له نُقل إلى مملكة العالم السفلى ليصبح مُجبرًا على تحمل إحدى أكثر العقوبات إيلامًا.

كان يُجبر سيزيف يوميًا على حمل صخرة كبيرة جدًا إلى قمة جبل، معانيًا كل أشكال التعب والجهد؛ ولحظة وصوله إلى القمة، تتدحرج الصخرة عائدة إلى سفح الجبل فى غضون لحظات؛ ليتحتم عليه إعادة الكرة مرة أخرى، ويقال إنه كان مجبرًا على تأدية هذه المهمة عديمة الجدوى والفائدة حتى نهاية الوجود.

تُظهر الأسطورة أن محاولة الوصول إلى منتهى الحكمة أو المعرفة يؤدى فى كثير من الأحيان إلى حالة من الشتات أو إلى البحث عن هدف غير موجود، حيث أوصلت سيزيف إلى مرحلة اللاجدوى، واشتغاله بعمل لا طائل من ورائه، وهناك من الأعمال ما نفعله دون جدوى ولا استفادة.

فكم من أعمال نشتغل بها وننشغل بها وهى بلا فائدة، وكم من هموم نحملها ونتحمل ثقلها وهى زائلة أو وقتية، فطالما أن الحياة إلى انتهاء والعمر إلى انقضاء فمن الحكمة أن نحاول قضاءه بطريقة سعيدة ولا ننشغل بما لا طائل من ورائه، ولا هدف من إجهاد النفس وتحميلها ما لا طاقة لها به من هموم.. فلكل مخلوق على الأرض دور محدد؛ وعليه يجب أن نحمل فى داخلنا توقا دائما إلى الحياة بسعادة ونجاح ولا نحمل أنفسنا ما لا نقدر على احتماله.

وإذا نظرنا للمسألة من منظور آخر نجد أن تكرار الفعل بنفس الطريقة كل مرة لا يمكن أن ينتج عنه تغيير فى النتائج.. وربما لو أن سيزيف فكر بطريقة مختلفة لرَفع الصخرة لنجح فى محاولاته؛ ولكنه استمر فى تكرار فعل لا منطقى حتى النهاية بدون كلل ولا ملل؛ فنحن عندما نفكر بعقلانية ونغير بعض قناعاتنا السائدة المتوارثة تتغير تباعًا نتائج أفعالنا؛ وتغيير منظورنا للفعل يغير من استجابتنا له، فابحث عزيزى عن معنى الحياة داخل نفسك أولاً، وثابر لتحقيق مبتغاك بطرق مختلفة ومعقولة.. فالحياة وإن طالت فهى زائلة ولكنها تستحق أن تُعاش، ولا حكمة من تعذيب النفس وإرهاق الروح كما جاء على لسان الكاتب البرازيلى باولو كويلو ''حين تكرر خطأ ما، لم يعد خطأ بعد الآن.. إنه قرار'' لهذا اجعل قرارك السعادة ولتعش سعيدًا إلى الأبد.