كانت المرأة فى أوروبا حتى أوائل القرن العشرين متخلفة فى كل شيء، ويمكن أن يقال إن مجتمعات الغرب ظلت قرونًا طو

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

يمنى أباظة تكتب: حقوق المرأة

يمنى أباظة  الشورى
يمنى أباظة


كانت المرأة فى أوروبا حتى أوائل القرن العشرين متخلفة فى كل شيء، ويمكن أن يقال إن مجتمعات الغرب ظلت قرونًا طويلة مجتمعات يسودها الرجال وليس للمرأة فيها مكان على الإطلاق والذى يزور المتحف البريطانى يتأمل صور النساء العاملات بمناجم الفحم وقد فرض عليهن السير مثل الحيوانات فى داخل المناجم، وفى فرنسا كان لأصحاب الأراضى حقوق امتلاك النساء قبل زواجهن.

وكانت أوضاع المرأة فى أمريكا حتى أواخر القرن التاسع عشر لا تقل امتهانًا عنها فى أوروبا فكانت النساء فى الحضر والريف أشبه بالمتاع ويعاملن كما لو كن سلعًا تباع وتشترى حتى إن المراجع الطبية الأمريكية سجلت أن نصف النساء العاملات فى العالم الجديد كن مصابات بالسل الرئوى نتيجة للإرهاق الزائد والبيئة السيئة التى كن يعيشن فيها.

وقد بدأ تمرد المرأة الغربية على هذه الأوضاع السيئة من النصف الأول من القرن التاسع غير أنه كان تمردًا مقهورًا تسيطر عليه دائمًا يد حديدة تتمثل فى السلطة المتحكمة التى تتشكل من الرجال أصحاب السلطة الحقيقية فى تلك المجتمعات التى بدأت الثورة الصناعية تجردها من كل عاطفة إنسانية أو وازع اجتماعى وبينما كانت المرأة الغربية تلاقى كل هذا الهوان فى تلك العصور فى المجتمعات الغربية كانت المرأة فى الشرق تتمتع بكل الحقوق فقد نالت المرأة فى ظل الإسلام حقوقًا مشروعة لم يسبق إليها دستور ولا قوانين بشرية فأعاد كرامتها واحترم آدميتها وساوى بينها وبين الرجل على أساس انفصالها من رحم واحد.

يقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً "، وفى إطار المساواة حمل الإسلام كلا من المرأة والرجل جزاء عمله فجعل بذلك للمرأة مسئولية مستقلة عن أعماله وساوى بينها وبين الرجل فى الثواب والعقاب على هذه الأعمال.

قال تعالى: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ".

وفى العصر الحديث طالب قاسم أمين بتحرير المرأة وسار على منهج رفاعة الطهطاوى وعلى مبارك ومحمد عبده وقد أصدر كتابه تحرير "المرأة" عام 1898 ثم كتابه "المرأة الجديدة عام 1900".

وعند اندلاع ثورة 1919 اندفعت المرأة لتشارك فى المظاهرات وسقطت حميدة خليل شهيدة ضمن أول قائمة شهداء الثورة وفى مارس عام 1919 قامت ثورتان للنساء وقادتهما السيدة هدى شعراوى وغيرها من السيدات وفى القنال سنة 1951 استشهدت أم صابر أول فلاحة تسقط برصاص الاستعمار، على أن القهر والتسلط الذى عاشت فيه المرأة الغربية ردحًا طويلاً من الزمن لم يستمر حتى اتخذت الأمم المتحدة يومًا للمرأة العالمى تكرمها فيه.

والحقيقة لا أطلب من الرجل أن يعطى المرأة حقها، لأن الذى يمنح هو الذى يستطيع أن يمنع كما أنه هو الذى يضع شروط المنح واستمرار سريان بعضها أو تعليق تنفيذ بعضها الآخر، أو سحبها كلية ولو راجعنا تاريخ الجهود التى بذلت سعيًا لتحرير المرأة فى مصر فسوف نجد أن خطواتها الفكرية الأولى جاءت على يد الرجل وتستطيع أن تجد أمامك كما ضخمًا من الكتابات سواء فى كتب أو مقالات صحفية منذ مطلع القرن التاسع عشر خاصة فى قصة علم الدين.

والحقيقة الأكثر قسوة هى أن المرأة أخذت حقها فى التعليم كى تدرس وتتعلم وتعمل لكننا فى نفس الوقت نطلب منها كل المهام والمسئوليات التى كنا ننتظرها منها وقت أن كانت متفرغة فى المنزل فأصبحت تنوء بالعديد من الأعباء والمسئوليات المركبة المتراكمة إلى درجة لابد أن تنتهى بها إلى أن تبدو مقصرة فى كل واحدة منها فيشتد النقد واللوم وتصدر أصوات من هنا وهناك مرددة: آدى نتيجة تحرير المرأة!

نحن لا نريد ذلك بل نريد أن ندرك أن للمرأة تاريخا لا يقل عن الرجل فى المساهمة فى كل مجالات الحياة كما استعرضتها لكم اليوم، وهذا جزء صغير من كفاح طويل، لذا لا نطالب الرجل بأن يمنح المرأة حقها، بل أقول له اتركها فى حالها ولا تكبلها بأفكار سوداء قديمة وبالية، ولا تحملها ما هو فوق طاقتها لأن الحياة شراكة بيننا نتقاسمها، وأؤكد أن عمل المرأة لا يتعارض أبدًا مع بيتها، ومهما كانت الدعوات التى تشير إلى ذلك، فإن عقارب الساعة الزمنية لا تعود بحركة عكسية، ولن تتحول إلى شماعة يعلق عليها الجميع أخطاءهم وتقصيرهم.