صابر سالم يكتب: السياحة المصرية.. عودة قوية ومكانة عالمية متجددة

صابر سالم - صورة
صابر سالم - صورة أرشيفية

تشهد السياحة المصرية في السنوات الأخيرة طفرة نوعية غير مسبوقة، أعادت إلى الأذهان العصر الذهبي لهذا القطاع الحيوي الذي يُعد أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.

فمنذ سنوات قليلة فقط، كان التحدي الأكبر يتمثل في استعادة ثقة الأسواق السياحية العالمية، أما اليوم فقد تحولت مصر إلى واحدة من الوجهات الأكثر جذبًا، بفضل مزيج متكامل من الجهود الحكومية، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، وتنوع المنتج السياحي الذي يناسب مختلف الشرائح من الزائرين.

أرقام قياسية ومؤشرات إيجابية

تكشف الإحصاءات الأخيرة عن زيادة غير مسبوقة في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، حيث تجاوز العدد 15 مليون سائح خلال العام الماضي، وهو أعلى معدل تشهده البلاد منذ أكثر من عقد.

هذا النمو الكبير انعكس مباشرة على الإيرادات التي سجلت أرقامًا قياسية، ما ساهم في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي ودعم الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات العالمية.

تنويع المقاصد السياحية

اللافت أن الطفرة السياحية لم تعتمد فقط على المقاصد التقليدية مثل القاهرة والأقصر وأسوان وشرم الشيخ، بل امتدت إلى مدن جديدة مثل العلمين الجديدة والجلالة والعين السخنة، التي باتت مقاصد سياحية عالمية بفضل ما تشهده من مشروعات تنموية وبنية تحتية حديثة.

كما ساهم افتتاح المتاحف الكبرى مثل المتحف القومي للحضارة المصرية والمتحف المصري الكبير (المقرر افتتاحه قريبًا) في جذب فئات جديدة من السائحين المهتمين بالثقافة والتراث.

السياحة الثقافية والشاطئية معًا

نجحت مصر في تحقيق معادلة صعبة عبر الجمع بين أنماط السياحة المختلفة.

فالسائح الذي يأتي لمشاهدة الأهرامات أو معابد الكرنك يمكنه في ذات الوقت الاستمتاع بالشواطئ الخلابة في البحر الأحمر، أو ممارسة رياضات المغامرة في سيوة وسانت كاترين.

هذا التنوع منح السياحة المصرية ميزة تنافسية فريدة، جعلتها وجهة مفضلة للعائلات والشباب على حد سواء.

دعم حكومي واستثمارات ضخمة

الحكومة المصرية لم تدخر جهدًا في دعم القطاع، حيث تم إطلاق برامج تحفيزية للطيران منخفض التكاليف، وتطوير مطارات جديدة، وتوسيع شبكة الطرق القومية لربط المقاصد السياحية ببعضها البعض.

كذلك تم تشجيع الاستثمارات الفندقية وزيادة الطاقة الاستيعابية من الغرف، بما يواكب الزيادة المطردة في أعداد السائحين.

شهادة المؤسسات الدولية

الإشادة لم تأت من الداخل فقط، بل أكدت مؤسسات السياحة العالمية أن مصر استعادت مكانتها كإحدى الوجهات الأكثر أمانًا وجاذبية.

فقد أدرجت كبرى الصحف والمجلات العالمية مثل نيويورك تايمز وناشيونال جيوغرافيك مصر ضمن قوائم أفضل الوجهات السياحية لعامي 2024 و2025، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في التجربة المصرية.

نحو سياحة مستدامة

إلى جانب النمو الكمي، تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بجعل السياحة المصرية أكثر استدامة، عبر تشجيع الفنادق على استخدام الطاقة المتجددة، وتطبيق معايير بيئية في إدارة الشواطئ والمحميات الطبيعية.

هذه الجهود تهدف إلى الحفاظ على ثروات مصر الطبيعية للأجيال القادمة، وضمان استمرار القطاع في النمو دون الإضرار بالبيئة.

المستقبل واعد

كل هذه المؤشرات تؤكد أن السياحة المصرية تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الازدهار.

فمع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير الذي سيضم المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، ومع استمرار التوسع في البنية التحتية السياحية، فإن التوقعات تشير إلى إمكانية تجاوز 18 مليون سائح خلال العامين المقبلين.

وفي النهاية، يمكن القول إن ما تحقق في ملف السياحة ليس مجرد طفرة عابرة، بل هو نتيجة رؤية واضحة وإرادة سياسية جادة واستثمارات متواصلة.

إنها قصة نجاح جديدة تضاف إلى رصيد مصر، ورسالة إلى العالم بأن أرض الحضارة لا تزال قادرة على إبهار الجميع، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً.

الصفحة الثامنة من العدد رقم 429 الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2025
تم نسخ الرابط