صابر سالم يكتب: السياحة في مصر.. كنوز حضارية ومقصد عالمي

صابر سالم - صورة
صابر سالم - صورة أرشيفية

تُعدّ السياحة في مصر من أبرز القطاعات الحيوية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني، وهي أحد أهم الموارد التي تميز البلاد على المستوى العالمي.

فمنذ عقود طويلة، ظلت مصر مقصداً سياحياً رئيسياً بفضل ما تمتلكه من مقومات تاريخية وطبيعية وثقافية فريدة، جعلت منها وجهةً مفضلة لملايين السياح من مختلف أنحاء العالم.

تمتاز مصر بتاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين، وتحتضن بين جنباتها آثارًا لا مثيل لها، تُعد شاهدة على واحدة من أقدم الحضارات التي عرفها الإنسان، وهي الحضارة الفرعونية.

لا يمكن الحديث عن السياحة في مصر دون التطرق إلى أهرامات الجيزة، ذلك الصرح المعماري المهيب الذي لا يزال يبهر العالم بدقته وجماله وغموضه.

إلى جانب تمثال أبو الهول، والمعابد المنتشرة في الأقصر وأسوان مثل معبد الكرنك ومعبد حتشبسوت ووادي الملوك، حيث المدافن الملكية التي تحكي قصصًا من المجد والخلود.

ولا تقتصر المعالم السياحية في مصر على الآثار الفرعونية فقط، بل تضم أيضًا معالم إسلامية وقبطية تعكس التنوع الديني والثقافي الذي يميز البلاد.

ففي القاهرة الفاطمية، يقف الجامع الأزهر كرمز للعلم والدين منذ أكثر من ألف عام، إلى جانب مساجد تاريخية أخرى مثل مسجد السلطان حسن ومسجد محمد علي بقلعة صلاح الدين الأيوبي.

أما في حي مصر القديمة، فيمكن للزائر أن يكتشف الكنائس القبطية القديمة مثل الكنيسة المعلقة وكنيسة مار جرجس، فضلاً عن المعابد اليهودية التي تعكس التسامح الديني الذي عرفته مصر عبر تاريخها.

كما تزخر مصر بمقومات سياحية طبيعية لا تقل سحرًا عن معالمها الأثرية.

فشواطئ البحر الأحمر في الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم، تُعد من أجمل وجهات الغوص في العالم لما تحتويه من شعاب مرجانية نادرة وحياة بحرية غنية.

أما البحر الأبيض المتوسط، فيقدم لزواره سواحل جميلة مثل الإسكندرية ومطروح التي تجمع بين الجمال الطبيعي والعبق التاريخي.

كذلك تُعدّ صحراء مصر الغربية من الوجهات المثيرة لعشّاق المغامرة، حيث الواحات الخضراء مثل سيوة والواحات البحرية، والتي تقدم تجارب فريدة تجمع بين الهدوء، والاستشفاء الطبيعي، والثقافة المحلية الأصيلة.

ولم تتوقف جهود الدولة المصرية عند الترويج للسياحة التقليدية، بل سعت إلى تنويع الأنماط السياحية لتشمل السياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات والسياحة البيئية.

وتُعد مدينة شرم الشيخ مثالًا ناجحًا على هذا التوجه، إذ أصبحت مركزًا عالميًا لاستضافة المؤتمرات الدولية، ومقصدًا للسلام والحوار بين الثقافات.

كما أن مصر تشتهر بالعيون الكبريتية والمياه المعدنية التي تُستخدم لعلاج أمراض الجلد والروماتيزم، مما يعزز من فرص نجاح السياحة العلاجية.

على صعيد البنية التحتية، شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة طفرة في مجال تطوير الفنادق، والمطارات، وشبكات الطرق والمواصلات، بما في ذلك مشروع المتحف المصري الكبير، الذي يُتوقع أن يكون أحد أكبر المتاحف الأثرية في العالم، ويعكس رؤية الدولة للنهوض بالقطاع السياحي عبر المزج بين الحداثة والأصالة.

رغم التحديات التي مرت بها السياحة في مصر خلال فترات مختلفة، فإنها لا تزال قادرة على التعافي والانطلاق بفضل تنوعها وغناها.

كما أن الاستقرار السياسي والتحسن في الخدمات السياحية يساهمان في جذب مزيد من الزوار، إلى جانب الحملات الترويجية التي تنفذها وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة على مستوى دولي.

في النهاية، تظل مصر بلدًا لا يُشبهه بلد، يجمع بين سحر الحضارة وعراقة التاريخ، وبين دفء الشعب وروعة الطبيعة، ما يجعل زيارتها تجربة لا تُنسى لكل من تطأ قدمه أرضها. 

الصفحة الثامنة من العدد رقم 423 الصادر بتاريخ 7 أغسطس 2025
تم نسخ الرابط