تراجع الاهتمام بأصحاب المواهب الفنية ينذر بكارثة حقيقية الشللية وراء تصدر نجوم الدرجة الثالثة الساحة الف

مصر,عامل,قضية,يوم,عاجل,مسابقة,تويتر,العالم,النيل,المهن التمثيلية,الجمهور,اليوم

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب محذرًا: الإبداع فى خطر

الشورى

◄تراجع الاهتمام بأصحاب المواهب الفنية ينذر بكارثة حقيقية

◄   "الشللية" وراء تصدر نجوم الدرجة الثالثة الساحة الفنية

◄  انتشار "طفيليات الفن" فى الدراما والسينما وصمة عار تلطخ سمعة الفن المصرى

◄    أطالب "شيوخ المهنة" بتدخل عاجل حتى تستعيد مصر ريادتها الفنية 

 

وسط هذا الكم الهائل من الأحداث السريعة والمتلاحقة وما يجرى على منصات السوشيال ميديا من حقائق أحيانًا وانحرافات فى أحيان أخرى من أجل صناعة "الترند"، ينتابنى سؤال مهم جدًا وهو "الفن رايح على فين"؟!

هذا السؤال يأسرنى دائمًا ويجعلنى أعيد ترتيب عشرات الافتراضات والاحتمالات بل إننى لم أكن أتخيل فى يوم من الأيام أن نصل بصناعة الفن السابع إلى هذا الحد الذى تجاوز كل شىء، وهو حد انهيار المواهب بل اندثارها حتى وصلنا لإعطاء الفرص لكل من هب ودب من كومبارسات يحلمن بالنجومية، وهذا ما دفعنى لأن أدق "ناقوس الخطر" وأخوض تجربة الكتابة عن تلك القضية الشائكة وهى قضية اندثار المواهب فى الفن المصرى ومنح فرص لمن لا يستحق، وأنا على قناعة تامة بأن ما يحدث هو عملية تخريب وتجريف لريادة مصر فى مجال السينما والدراما التليفزيونية.

ويؤسفنى أن أقولها وبكل صراحة إن الفن المصرى فى خطر ويتعرض لحملة تشويه بل لأكبر عملية اختطاف للشهرة والنجومية التى حققها من قبل رموز الفن المصرى عبر تاريخنا الطويل فى هذا المجال، وهذه العملية من مجموعة كومبارسات لا يمتلكون أدنى حد للموهبة ويتم فرضهم على الشاشة لغرض التقليل من ريادتنا الفنية.

هم يتباهون فقط بالفن على السوشيال ميديا ويدخلون المجال للمنظرة ليس إلا، دون الوضع فى الاعتبار القيمة الفنية، فحال الدراما والسينما معًا أصبح لا يسر بالفعل عدوا ولا حبيبا، والصنعة بأكملها تتعرض لتجاوز من بعض الصغار، الذين يحاولون النيل منها وتقزيمها. فأصبحنا نسمع عن وجود منتج فنى فى بعض الأعمال هو من يرشح النجوم للأدوار وكل يعمل على حسب هواه و"مزاجه" ولا ينظر لمصلحة الفن مطلقًا، ومن هنا يأتى بترشيح كومبارسات من الصف الثانى والثالث لدور البطولة. فنرى "فنانين شباب" لا يهمهم سوى الحصول على أجور بالملايين رغم أن الكثيرين منهم فى حقيقة الأمر أنصاف بل أرباع موهوبين لا يستحقون كل هذا المبلغ، لكن بسبب سيطرة "الشلة" فإنهم يحصلون على ملايين كثيرة تفوق قدراتهم الحقيقية فى التمثيل، وهذا يرجع لحكم الشللية الغالب على حكم الموهبة، والحقيقة أن أغلب هذه الأعمال تظهر وسرعان ما تختفى، وتعرض مئات المرات على الفضائيات وبدلاً من أن تزداد بهاء وأصالة، فإنها تتحول إلى سخف وعبء ووصمة عار فى تاريخنا الفنى الذى كم لوثته أعمال كثيرة لا معنى لها ولا قيمة.

أكتب الآن وأترحم على أيام الفن والمواهب الحقيقية التى تسلمت الراية جيلًا من بعد جيل، فقد كان نجيب الريحانى نجمًا كبيرًا سينمائيًا ومسرحيًا، لا يضاهيه نجم وظل لآخر نفس نجمًا ومن بعده جاء يوسف وهبى نجم مصر الأول وكانت أفلامه ملء السمع والبصر وحقق نجومية طاغية فى السينما والمسرح، وحسين صدقى وفى نفس الوقت تسلم الراية أنور وجدى وعماد حمدى وكمال الشناوى، ثم فريد شوقى وعمر الشريف ورشدى أباظة وأحمد مظهر وأحمد رمزى، ويبدو أننا إلى الآن نعيش على أطلال هذه الفترة التى تعد من أغنى فترات السينما المصرية وأزهى عصورها، وكأن الزمن وقف عندهم، ولازال نجوم هذه الفترة الأكثر تأثيرًا فى حياتنا بأفلامهم أو أغانيهم، ولم يستطع أحد إلى الآن ملء فراغ هؤلاء النجوم الذين أثروا الحياة الفنية وحققوا لها المجد حتى بعد ما ذهبوا عن دنيانا.

والحق يقال فإن الجيل المتواجد الآن يفتقر إلى الموهبة والذكاء وأخذ من الفن أكثر مما أعطى، جيل لم يترك تأثيرًا كبيرًا فى المشاهد ولازال الجمهور يعيش على أطلال الماضى، حتى "الكوميكس" أو ما ينشر من مداعبات على وسائل التواصل الاجتماعى أغلبها من نجوم زمن الأبيض والأسود، فبكل صدق نجوم الخمسينيات والستينيات مازالوا أحياء وبقوة عن نجوم هذا الزمن الذين على قيد الحياة، وتواروا عن المشهد فى خزى واضح، ويقينًا إذا سألت أحدا من الجمهور الآن أو أجريت مسابقة على "الفيس بوك" أو "تويتر"، عن نجوم هذا الزمن أو نجوم الزمن الجميل لن يختار أحد نجما واحدا من الأحياء وسيذهب جميعهم لاختيار الأموات، نحن نعيش فى زمن بعض نجومه انطفأوا ولا تأثير لهم ولا جاذبية، وهنا أطالب بعض النجوم بأن يعيدوا ترتيب أوراقهم ولا يستسلموا لحالة التردى التى أصبحوا عليها، التجديد مطلوب والتطور عامل أساسى لنجاح النجم، لكن أستطيع أن أجزم بأن بعض نجوم الصف الأول أصبحوا فى "تلاشى" مستمر ولكن من يمتلك الموهبة والذكاء فى إدارة نفسه هو الذى يستطيع الاستمرار.

لقد كانت مصر بالفعل منارة الفن والثقافة حتى إن اللهجة المصرية انتشرت فى جميع البلاد العربية بسبب أفلام ومسلسلات وأغانى الفنانين والفنانات المصريين بل كانت أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم حافظ سفراء لمصر فى العالم كله بفضل فنهم الراقى وقدرتهم الفائقة على الإبداع والتألق فى هذا المجال، ولكن الحرب الشرسة التى يتعرض لها الفن المصرى الذى يمثل بالنسبة لنا "القوة الناعمة" لا تقل فى خطورتها عن الحروب الاقتصادية، فقوة مصر الناعمة كانت ولا تزال تمثل الركيزة الأساسية فى خلق تلك المكانة المرموقة التى تتبوأها مصر على المستوى الدولى، فقد كانت مصر إلى وقت قريب تسمى بـ"هوليوود الشرق"، حينما كانت بمثابة القبلة التى يحج إليها عشاق الفنون الذين يفدون إليها من مختلف أنحاء العالم العربى. مما جعلها بمثابة تأشيرة الدخول المعتمدة لعالم الشهرة والتألق الذى ينشده عشاق الفنون والثقافة والآداب، وأعرف جيدًا أن الزمن الجميل لن يعود، ومعادلة الفن تغيرت لكن لا يصح إلا الصحيح، والصحيح أننا نعيش فى زمن بلا نجوم حقيقيين خصوصًا فى السينما التى لم تعد قادرة على الجذب، وصارت وسيلة لطرد الجمهور من قاعات العرض لضعف المحتوى وسذاجته وعدم اهتمام النجوم بالعامل الفنى والنظر للعامل المادى، وما يجرى فى السينما ينطبق على الدراما فنجومها ليسوا على قدر المستوى.

أثق أن الدكتور أشرف زكى نقيب المهن التمثيلية لديه القدرة على إعادة صياغة المشهد الفنى بأكمله، وعمل مؤتمر يشرح فيه كيفية الخروج من الأزمة والاهتمام بالمواهب وبالنجوم الحقيقيين، خاصة أن لدينا فنانين كبارا، وأنا على يقين بأننا قادرون على التحدى والمواجهة ضد ما يحدث من إسفاف نراه على الشاشة، وعلينا أن نتكاتف جميعًا لإعادة بناء صرح فنى كان فى يوم من الأيام أحد مصادر الثقافة والمعرفة، لكن اليوم أصبح هامشيًا يمثله مجموعة من "كومبارسات" لا يعرفهم أحد ولا يصح مطلقًا أن يظهروا على الشاشة. فمن قبل كان الفن ناطقا بلسان شخصية مصر، فماذا جرى لنا؟ وماذا جرى للفن المصرى؟ ولماذا تراجعنا كل هذه السنوات بل ونصر على التراجع؟

أقولها وبأعلى صوت وأكررها مئات المرات "الفن المصرى فى خطر حقيقى"، طالما بقيت هذه الوجوه من عديمى الموهبة والكاريزما هى من تمثله، فمصر هى البوتقة التى تنصهر فيها كل عناصر الإبداع، ليخرج لنا فى النهاية فن راقٍ يغذى الروح والوجدان لدى المواطن العربى من المحيط إلى الخليج، فانتبهوا أيها السادة.