تاهت الرومانسية وضلت الطريق ففقدنا بوصلة الحب الحقيقىطغيان المادة ولغة المصالح أزاحا المشاعر عن حياتنا و

مواقع التواصل,حب,العالم

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
محمد فودة يكتب: عن "الحب" وأشياء أخرى

محمد فودة يكتب: عن "الحب" وأشياء أخرى

◄تاهت الرومانسية وضلت الطريق ففقدنا "بوصلة" الحب الحقيقى

◄طغيان المادة ولغة المصالح أزاحا "المشاعر" عن حياتنا وحولاها إلى مجرد لحظات عابرة

◄مواقع التواصل الاجتماعى اغتالت "الأحاسيس" الصادقة وجعلتها مجرد كلام أجوف

◄سيظل "الحب" بالنسبة لى هو الدافع الرئيسى الذى يمنحنى دائمًا القدرة على تجاوز العراقيل والعقبات

◄لا شيء يستحق أن نترك قلوبنا وحياتنا فريسة لأى حاقد أو حاسد أو ناكر جميل

 

وسط هذا الكم الهائل من الأحداث السريعة والمتلاحقة، أجدها فرصة لأن أختلى بنفسى وأطلق العنان لذهنى بأن أتساءل: أين ذهبت المشاعر التى كانت من قبل؟ ولماذا تاهت الرومانسية وتحولت لفعل ماضٍ؟ أين ولى الحب؟ ومتى يعود؟ ومن يوقظ شموع الحب من جديد؟

هذه الأسئلة التى تنتابنى بين حين وآخر تجعلنى أشعر بالحزن والأسى على الحب الذى ذهب وولى ولم يعد له وجود الآن.. فلا ننكر أننا فقدنا الحب وفقدنا القلوب الدافئة التى تضخ بدمائها القوية فى شرايين الأرض، لتثمر كائنات بريئة لا تعرف الخداع والخيانة وتصيد الآخرين والتربص بهم، الآن لم يعد شيء.

أين قصائد الحب الجميلة التى تربينا عليها؟ أين الحب الذى يبقى ويدوم طويلًا؟ للأسف الشديد قد تحول إلى مجرد لحظات عابرة فى ظل طغيان المادة ولغة المصالح بل تحول إلى مجرد كلام أجوف يتناقله البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ورغم هذا لا أنكر أن الحب كالقدر لا يمكن لأحد أن يتحكم فيه، لكن هذا أسمى أنواع الحب، ليتنا نعود إلى "الحب الحقيقى" الذى كان له مذاق خاص، الحب الذى كان يحيى القلوب حين يسكنها، الحب القادر على صنع المعجزات.

الآن وبكل أسى وأسف أرى الحب وقد أصبح فى مهب الريح، ولم يعد له وطن يسكنه بعد أن احترقت القلوب التى كان يسكنها من قبل، وتحولت إلى ساحة للمعارك الوهمية من أجل مكتسبات زائفة أو تحقيق مجد وهمى لا وجود له على أرض الواقع، ورغم ذلك فإننى وعلى المستوى الشخصى أظل متمسكًا بمشاعرى الحقيقية تجاه من أحب، وسط هذا الكم الهائل من الحقد والغل والكراهية، فقد اعتدت على أن أسير وراء مشاعرى وأن أهاجر بأحاسيسى إلى أى مكان يمنحنى تأشيرة دخول بشرط أن تكون هذه التأشيرة بلا عودة لعالمنا المرتبك، هذا العالم الذى يعيش مكتظًا بالمنغصات، نعم الحب هو إكسير الحياة ذاتها وهو البوتقة التى تنصهر بداخلها المشاعر والأحاسيس لتمنحنا المزيد من الصلابة التى تجعلنا قادرين على مواصلة الحياة والاستمتاع بها بشكل طبيعى، والحب بالنسبة لى هو الدافع الرئيسى الذى يمنحنى دائمًا القدرة على تجاوز أية عراقيل، فى جميع مراحل حياتى حيث يظل الحب بمثابة حائط صد أمام أنواء الحياة وقسوتها فحتى وإن كانت تلك العلاقات مجرد مراحل فى الحياة إلا أنها فى نهاية الأمر تشكل جانبًا مهمًا يجسد أروع مثل فى الحب الحقيقى. وسيظل الحب فى نظرى أسمى معانى الحياة، وكيف لا يكون كذلك وقد خلقنا الله عز وجل وأنعم علينا بنعمة المشاعر وميزنا بها عن سائر خلقه، فالحب فى حقيقة الأمر هو احتياج إنسانى لا غنى عنه، بل هو فى تقديرى الشخصى بمثابة الدرع الواقى من متاعب الإنسان النفسية المتمثلة فى دائرة القلق والضياع والاكتئاب.

 

لعلها فرصة الآن أن نجدد من أنفسنا ومشاعرنا ونبحث عن الحب بداخلنا وأن نستحضره ونستدعيه بكل ما أوتينا من قوة، فنحن فى مقدورنا أن نجذب ما نفكر به ونستشعره بإيجابية كأنه يحدث ونتخيله ونضعه فى الفعل، ولعلنا إذا أردنا أن نجذب الحب وتوأم الروح وجب علينا التركيز على مشاعرنا وحالتنا كأننا بالفعل نستقبل هذا الحب، من خلال الأفعال والنيات والمشاعر، وأن نطلق العنان للرغبات والآمال وأن نهيئ لأنفسنا جوًا مليئًا بالحب وأن نغلف حياتنا بكل المشاعر والأحاسيس التى نحتاجها، وأن نتحرر من كل العقبات التى تحول بيننا وبين الوصول إلى ما نحتاجه من "حالة حب".

فالحب ليس مجرد نوع من الترف أو حالة من حالات الرفاهية فى حياة الإنسان فهو وكما أثبتت الدراسات والأبحاث الإنسانية يمثل المصدر الأساسى للأمن النفسى وبالطبع حينما يكون حبًا حقيقيًا ونابعًا من القلب فإنه يصبح المصدر الأساسى للسعادة، والسبيل الرئيسى إلى غاية الإنسان ورغبته الحقيقية فى تحقيق التوازن النفسى.

وللحق فإنه لا شيء يستحق أن نترك حياتنا هكذا فريسة الاغتيال على يد حاقد أو حاسد أو ناكر جميل، الحياة تستحق منا أن نتمسك بها، وأن نعيشها بكل حب، فالحب حياة واستمرار ودماء تتدفق فى قلوب لا تعرف الشيخوخة، وليس أغنية أو كلمة عابرة نعيشها وننتعش ثم نتوه وراء المادة والمال والجمود.

 

وبالطبع ما أدعو إليه من حب وإخلاص لا ينطبق على أصحاب القلوب السوداء والضمائر الميتة الذين لم ولن يؤثر فيهم الحب لكن وللأسف الشديد فإن المجتمع مضطر إلى التعايش مع تلك النوعية من البشر الذين يسيئون للبشرية بتصرفاتهم التى تفوح بالأنانية وحب النفس، فهم لا يعرفون قيمة المعانى النبيلة ولا المشاعر الصادقة حتى تتطهر قلوبهم وتنقى ضمائرهم الميتة، هم فقط يعرفون ويجيدون لغة المصالح التى تحدث من فئة تكره النجاح وتكره أن يقترب الناس بعضهم من بعض وتحزن حينما ترى الناس سعداء.

وربما هذا ما دفعنى إلى القول بأننا فى أشد الحاجة الآن إلى الحب والإخلاص والتسامح وأن نضع نصب أعيننا ضرورة التخلص من الحقد والغل والكراهية وأن نعيش عالمًا يسوده الحب والتسامح والمشاركة المجتمعية وأن يمد كل منا يده للآخر متعاونًا ومتسامحًا فى مناخ يتسم بالوئام والمودة والرحمة والحب.

 

وعلى الرغم من ذلك فإننى على قناعة أيضًا بأن الاختلاف فى التعامل مع مفهوم الحب لا يعنى أن نترك مشاعرنا بلا ضوابط، فقط علينا أن نضع كل شيء فى حجمه وألا ندع المفهوم الفضفاض للحب يلعب بعواطفنا وبمشاعرنا وأن نضع كل شخص فى حجمه الحقيقى دون أن نترك كلمة "حب" تتحول إلى نقطة ضعفنا، فهناك أشخاص مهما أحببناهم ومهما منحناهم مشاعرنا بكل صدق وبكل إخلاص فإنهم يقابلون هذا الحب بالجحود والنكران ويطعنون مشاعرنا فى الظهر ضاربين عرض الحائط بكافة الصفات والتصرفات النبيلة متناسين أن الحب الحقيقى يفرض عليهم إحساسًا صادقًا على قدر ما نمنحه لهم من مشاعر فياضة بالصدق والإخلاص ولكن ماذا نقول فى النفس البشرية التى حيرت الأنبياء وأتعبت الفلاسفة والمفكرين والشعراء؟ فالنفس البشرية ستظل دائماً على هذا النحو المثير للدهشة.

وختامًا أقول: أيها الحب عد بيننا كما كنت فأنت الضمير الحى، الذى لا يمكن أن ينهزم، كفانا تبلدًا وتبجحًا، عد لنا أيها الحب فلا يزال السلم الذهبى بيننا موجودًا وحبات اللؤلؤ لا تزال تبحث عن الحقيقة الغائبة والحب اليتيم.