◄ "الأكاذيب" تستهدف التشكيك فى الإنجازات ونشر الفوضى . على الرغم من أننى كنت قد تناولت من قبل حرب

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب:عودة «حرب الشائعات» مع اقتراب الموجة الثانية لـ«كورونا»

خالد الطوخى - صورة أرشفية  الشورى
خالد الطوخى - صورة أرشفية


"الأكاذيب" تستهدف التشكيك فى الإنجازات ونشر الفوضى .

على الرغم من أننى كنت قد تناولت من قبل حرب الشائعات التى تتعرض لها الدولة المصرية وكيف أنها تستهدف فى المقام الأول ضرب استقرار الدولة والتشكيك فى كل شيء جميل يجرى تنفيذه على أرض مصر .. إلا أننى أعود الآن للكتابة عن هذا الموضوع مجدداً وذلك رداً على هذا الكم الهائل من الشائعات والأكاذيب التى يتم بثها ضد الدولة على مدار اليوم عبر منصات التواصل الاجتماعى وعلى وجه الخصوص مع اقتراب ظهور الموجة الثانية من فيروس كورونا فقد عادت خلال الأيام القليلة الماضية بعض الأخبار المغلوطة والمفبركة للظهور مجددا بشكل مكثف ومنها على سبيل المثال الأخبار الكاذبة المتعلقة بتعطيل الدراسة فى ظل انتشار فيروس كورونا.

وبالطبع لا يمكن أن ننكر أن عدداً كبيراً من المواطنين يقع فريسة لهذه النوعية من الأخبار التى تأتى بها  الشائعات التى يتم إطلاقها بشكل ممنهج وبأساليب متنوعة فحينما تسمع الأمهات خبراً عن قرار بتعليق الدراسة فى المدارس والجامعات نجد هذه الأخبار تبدو وكأنها حقيقة وبالتالى يتم تصديقها على الفور خاصة فى ظل هذا الارتفاع الملحوظ والذى تعلن عنه وزارة الصحة يومياً بشأن الإصابات بفيروس كورونا المستجد بشكل يبعث فى النفوس الشعور بالخوف والقلق  .

وعلينا أن نتخيل حجم حالة الارتباك التى يمكن أن تسببها معلومة خاطئة أو خبر مفبرك عن تعليق الدراسة حيث إنه لا يخلو بيت من وجود أحد أفراد الأسرة فى سنة من سنوات الدراسة سواء فى المدارس أو الجامعات وبالتالى فإن هناك الكثير من التفاصيل الحياتية اليومية سوف تتعرض للمزيد من الارتباك نتيجة اتخاذ مثل هذا القرار المتعلق بمصير الأبناء .

وهنا تكمن خطورة تلك النوعية من الشائعات حيث إنها تبدو حقيقية فى الظاهر فنحن نعيش بالفعل ارتفاعاً ملحوظاً فى أعداد الإصابات وهو ما تعتمد عليه صناعة الشائعات والأكاذيب حيث يتم استخدام معلومة حقيقية ويضاف إليها معلومات عديدة مفبركة فتختلط الأمور على المتلقى الذى يتعامل مع الأمر باعتبار أنه حقيقة مؤكدة.

وهنا تكمن خطورة هذا النوع من الحروب التى يتعرض لها المجتمع وبالتالى فإن هذه الخطورة تفرض علينا ضرورة أن نكون على حذر  ونحن نتعامل مع هذه النوعية من الأخبار والمعلومات التى يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعى وأن نكون على دراية تامة بالتفريق بين الحقائق والأكاذيب وبالطبع فإنه فوق كل هذا وذاك علينا أن نأخذ المعلومة من مكانها الصحيح والرجوع إلى الجهات الرسمية المرتبطة بها . فحينما نقرأ معلومة عن الصحة فإن الجهة الرسمية التى تكون أمامنا هى وزارة الصحة ومؤسساتها المختلفة وأيضاً حينما يتعلق الأمر بالتعليم فهناك أمامنا جهات رسمية ومعتمدة مثل وزارة التعليم العالى والبحث العلمى ووزارة التربية والتعليم .. وبالطبع فإن ذلك ينطبق على جميع الوزارات الأخرى  وخاصة تلك المعنية بالنواحى الخدمية التى تتعلق بالتعامل بشكل مباشر مع المواطنين وبالتحديد فئة محدودى الدخل والذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة وقاسية وهو ما يمثل خطرا حقيقياً لأن تلك الجهات التى تشن هذه الحرب القذرة على الدولة عبر السوشيال ميديا تعرف جيداً كيف تخترق الحواجز وتصل إلى البسطاء وتخاطبهم بما يؤثر فيهم ويدفعهم لتصديق ما يقال لهم من أجل تحقيق هدفها الإستراتيجى وهو ضرب الثقة بينهم وبين الدولة وبالتالى خلق حالة من الفوضى داخل المجتمع .

والحديث عن حرب الشائعات يدفعنى للحديث عن هذا النوع من الحروب التى تتعرض لها الدولة فى جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة والتى تعرف بحروب الجيلين الرابع والخامس ، تلك الحروب التى تتمثل فى الاغتيال المعنوى للمواطنين وبالتالى تحويل هؤلاء المواطنين إلى ما يشبه القنابل الموقوتة القابلة للانفجار فى أى وقت فى وجه المجتمع وهو الهدف الرئيسى الذى تسعى إليه اللجان الإلكترونية المعادية للدولة ، فحروب الجيلين الرابع والخامس تعتمد فى المقام الأول على " الكلمة" و"الصورة" بدلا من الدبابة والطائرة والقتل بالرصاص ففى هذا النوع من الحروب يتم القتل والتدمير بدون طلقة رصاص واحدة أو خسارة طائرة واحدة ففى منطقهم أن كلمة واحدة يتم صياغتها بشكل احترافى وممنهج كفيلة بضرب مجتمع بالكامل على الرغم من أن تكلفتها ضئيلة جداً بالمقارنة بتكلفة التسليح  التقليدى.

واللافت للنظر أن الشائعات المغرضة والأكاذيب والأخبار المفبركة تكثر بشكل مبالغ فيه فى وقت الأزمات مثل أزمة كورونا على سبيل المثال حيث تشبه فى كثير من الأحيان نظرية "دس السم فى العسل"، لذا فإن الحذر واجب فى هذا السياق. لأن الشائعات على هذا النحو تكون أكثر فتكاً ودماراً للفرد والمجتمع معاً لأنها ببساطة شديدة تخترق العقل وليس الجسد، مما يتطلب توخى الحذر تصديقا  لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).وهو ما يشير إلى أن الشائعة تعد وسيلة للفتنة والوقيعة بين بنى البشر ولذلك فهى بمثابة معول هدم لا بناء، وتصدير للطاقة السلبية والانهزامية وعدم الثقة بدلاً من انتشار الطاقة الإيجابية فى المجتمع مما يترتب عليه خلق حالة القلق والعبث بالصحة النفسية للأفراد والمواطنين،وتحطيم المعنويات واستبدالها بصفات سيئة مثل التواكل والتخاذل وبالتالى تؤثّر على أمنهم المجتمعى، واستبدال روح العطاء بالروح السلبية والقيم الكاذبة، وإضعاف الثقة بالنفس، وانهيار منظومة القيم والأخلاق

كما تساهم الشائعة أيضاً فى غرس بذور الفتنة الطائفية ونشر الأحقاد والكراهية وخلخلة الاستقرار، وقتل روح الإبداع والإنتاجية لدى الشباب الذين سوف يصبح من بينهم بكل تأكيد قيادات المستقبل، وبالتالى سيتم خلق أجيال مهزوزة وغير سويّة وفاقدة للثقة بنفسها ومن حولها أيضاً.

وكما هو معروف أن الشائعة كلما كانت قوية ومؤثرة فإنها تهز كيان المجتمع بالكامل وتؤثر على أداء مؤسسات الدولة والثقة بينها وبين المواطنين، وبالطبع فإن السبب فى ذلك يرجع إلى غياب الوعى الثقافى  الذى يتطلب ضرورة الأخذ بالأسباب والرد على المسببات والتحقق والتثبت والتبين من صحة الأخبار وعدم تصديق الشائعة والرجوع لأصحاب الرأى فى هذا الشأن .

وفى تقديرى الشخصى فإن التصدى لحروب الشائعات والتصدى للأخبار المفبركة يكون بتحكيم لغة العقل وبتعظيم لغة التحليل والمقاربة وتماسك الجبهة الداخلية والثقة بالدولة والمصادر الرسمية وخصوصاً المنابر الإعلامية والثقافية والدينية والاجتماعية منها، والحرص الشديد الذى يتمثل فى عدم ترديد الشائعة والخوض فيها، لأن ترديدها يعنى الخوض فيها وترويجها وانتشارها وتضخيمها وبالتالى نكون نخدم أعداء الدولة فى الترويج لتلك الأخبار غير الصحيحة ، ولعل تفعيل القوانين ومساءلة المتورطين فى الترويج للشائعات من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية والإلكترونية وهناك مسألة مهمة فى محاربة الشائعات والتصدى لها تتمثل أيضاً فى تفعيل دور الأسرة والوالدين والأساتذة وقادة الرأى لكى يقوموا بدورهم التوعوى والتنويرى واضطلاع المثقفين وقادة الرأى بواجباتهم الوطنية والدينية والأخلاقية فى نشر الوعى المجتمعى لتصويب مفاهيم مجتمعية خاطئة.

إلى جانب اضطلاع قطاعات التربية والتعليم والإعلام والشباب والثقافة والأوقاف وغيرها بمسؤولياتهم وأدوارهم المؤسسية والتوعوية، من خلال المنابر الرئيسة لديهم وخاصة المنابر الدينية والتعليمية والشبابية والإعلامية والثقافية وغيرها من أجل بث رسائل توعوية لجيل الشباب ليتمتعوا بالقدرة على مواجهة الشائعات وعدم الوقوع فى مستنقع "السوشيال ميديا" البغيض.