الثلاثاء 13 مايو 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب : «عصر جديد » التحول الرقمى.. ضرورة وليس ترفًا

خالد الطوخى - صورة
خالد الطوخى - صورة أرشفية

"الرقمنة" تقضى على البيروقراطية وتحمى المال العام وتسهل الحصول على الخدمات العامة.

استوقفنى خبر مبهج طالعته مؤخراً تضمن تصريحات صحفية لوزير المالية بشأن تخصيص12,7 مليار جنيه من الموازنة لتحويل مصر للنظام الرقمى.. هذا الخبر لا يجب أن نمر أمامه مرور الكرام بل يتطلب أن نتوقف أمامه طويلاً لما يمثله من خطوة مهمة تتعلق بموضوع فى غاية الأهمية وهو مشروعات التحول التدريجى الذى يستهدف فى المقام الأول الوصول إلى «مصر الرقمية» بما يتسق مع توجهات القيادة السياسية الرامية لتعزيز الحوكمة وحسن إدارة موارد الدولة ودقة البيانات والإجراءات، على النحو الذى يساعد فى ميكنة الخدمات العامة وتيسير الحصول عليها بقيمتها الفعلية، وترسيخ دعائم الشفافية وتكافؤ الفرص بين المواطنين.

أبرز دلالات هذا الخبر فى تقديرى الشخصى يتمثل فى أن الحكومة ماضية بقوة على طريق التحول الرقمى خاصة فى ظل  توفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستكمال مسيرة تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمى، وتهيئة البنية التكنولوجية والمعلوماتية للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، وميكنة الوثائق الحكومية.

وكيف لا يكون الأمر على هذا النحو الذى يدعو للشعور بالتفاؤل ونحن نلمس بشكل لافت للنظر أن القيادة السياسية حريصة على بناء القدرات الرقمية للدولة من خلال المنظومة الآلية الموحدة للتحول الرقمى، الذى يُعد أحد روافد النمو الاقتصادى، ويُسهم بشكل فعَّال فى بناء اقتصاديات تنافسية ومتنوعة، وإقامة مجتمعات حديثة داعمة للمعرفة والابتكار وجاذبة للاستثمارات، وتحقيق التكامل بين قواعد البيانات لتقديم خدمات مميكنة للمواطنين؛ بما يتسق مع إستراتيجية «مصر 2030»، وهو ما يدفعنى للقول إن أزمة فيروس «كورونا» المستجد عكست بكل وضوح حكمة القيادة السياسية فى إرساء دعائم التحول الرقمى خاصة أننا كما رأينا أن أهم وأبرز  الإجراءات الوقائية يتمثل فى ضرورة التباعد الاجتماعى وهو ما يعظم ويعزز دور المعاملات الرقمية عن بعد .

وتكمن أهمية هذا الموضوع فى أن التحول الرقمى يعد من أبرز الملفات التى طرحتها الحكومة المصرية بهدف تقديم خدمات متميزة للمواطنين من خلال التعاملات الرقمية، والتى تُسهم فى القضاء على الفساد، من خلال مشروع التحول لمجتمع رقمى يهدف إلى إتاحة الخدمات الرقمية بطرق بسيطة، وتكلفة ملائمة فى أى وقت وأى مكان لجميع المؤسسات والمواطنين وتعزيز مفاهيم الشمول المالى من خلال تنفيذ عدد من المشروعات بالتعاون مع قطاعات الدولة المختلفة لتوفير حزمة من الخدمات الحكومية الرقمية وهو ما يضع أيدينا على ما يعرف بإستراتيجيات الحكومة المصرية فى تعزيز إستراتيجيات التحول الرقمى.

وهذه الإستراتيجيات ترتكز على أربعة محاور رئيسية تتمثل فى المساهمة فى تنفيذ إستراتيجية الدولة لبناء الإنسان المصرى وتحقيق التحول الرقمى بالتعاون مع كافة أجهزة ومؤسسات الدولة، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية فى ربوع الوطن، بالإضافة إلى إعداد البيئة التشريعية الداعمة لتمكين المجتمع الرقمى ومن ناحية أخرى فإن التحول من التعاملات الرقمية إلى التعاملات الإلكترونية هو فى حقيقة الأمر تطور عام وقد نهجته دول العالم منذ زمن, فالتحول الرقمى سوف يوفر الوقت والجهد، هذا بالإضافة إلى أنه رادع رئيسى للفساد كما أن هذا التحول سوف يقضى على البيروقراطية، مما يحدث معدلات رضا لدى المواطنين لأن الخدمة سوف تتم دون أى عواقب وفى أسرع وقت.

وهنا تبرز ضرورة وجود عدة عناصر مهمة من أجل التحول إلى مجتمع رقمى  وتلك العناصر تتمثل فى  ضرورة وجود آلية لحرية تداول المعلومات، وصدور قوانين بحرية تداول المعلومات إلى جانب ضرورة سرعة الرد على الشائعات لوقف نزيف انتشار الأخبار المغلوطة التى تتسبب فى إحداث حالة من اللغط والبلبلة بين المواطنين وهو ما يتطلب وجود جهات من شأنها الرد السريع على الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعى، واحتضان المجهودات الفردية ووضعها تحت مظلة حكومية للشباب الذين يقومون بالرد على مثل هذه الشائعات وضرورة تضافر جهود الدولة للرد على الأخبار والشائعات الكاذبة بالإضافة إلى ضرورة العمل على رفع ثقافة المواطن التكنولوجية.وهو ما يتم حاليا بالفعل وبشكل احترافى انعكس بشكل كبير على تغيير الكثير من المفاهيم المغلوطة وأسهم بشكل ملحوظ فى كشف النقاب عن تلك النوعية من الأخبار والشائعات التى كانت مرتعاً للعبث بأفكار المواطنين دون أن يتصدى لها أحد وبالتالى كانت تتسبب فى الكثير من الكوارث التى بالطبع كانت تنعكس بالسلب على التقليل من حجم وقيمة مشروعات التنمية التى تقوم بها الدولة فى مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة فهذه الإنجازات لم تكن تصل إلى المواطن بالشكل الصحيح فى ظل انتشار الكثير من الشائعات التى تقوم ببثها لجان إلكترونية تابعة للجماعات المتطرفة التى تناصب الدولة المصرية العداء بشكل معلن.

وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادى، والنتائج المتوقعة فإنه من الثابت والمتعاوف عليه أن المجتمع الرقمى هو المجتمع الحديث المتطور الذى يتشكل نتيجة لاعتماد ودمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى المنزل والعمل والتعليم والترفيه وبالطبع فإنه لا تنفصل فى هذا المجتمع الثقافة والتجارة لذا نجده مجتمعا ينمو ويزدهر اقتصاديًا إذا توفرت لمواطنيه الآليات التى تضمن لهم التعايش مع التحول الرقمى بشكل طبيعى دون أية عقبات أو معوقات بالإضافة إلى حرص الحكومة على التحول لمجتمع نقل يحتاج لآليات متمثلة فى الشمول المالى والحكومة الإلكترونية والاقتصاد غير النقدى، وتوافر بيانات ومعلومات صحيحة ودقيقة عن المواطنين فى شتى مجالات الحياة سواء كان ذلك عن الاستهلاك والدخل والتعداد السكانى والطلب والعرض على السلع والخدمات فى السوق، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والسياسية وهو أمر يتم بالفعل باعتباره بداية الطريق الصحيح نحو الوصول إلى مجتمع رقمى يسير وفق أسس ومعايير سليمة .

واللافت للنظر فى هذا الصدد أن الحكومة لديها بالفعل إستراتيجية رقمية وطنية يتم تنفيذها من خلال خطط دقيقة تستند إلى استخدام أحدث التقنيات فى تطوير البنية التحتية التى تعد صميم هذه الإستراتيجية وذلك من خلال التوسع فى نشر التغطية للشبكة وزيادة سرعة خدمات الإنترنت وزيادة عدد المواقع التى يتم تغطيتها بشبكات الألياف الضوئية وقد تم البدء بتنفيذ هذه الإستراتيجية فى المدارس مع العمل بالتوازى على زيادة نسبة الاتصال بالإنترنت سواء عبر الكابلات أو المحمول والقمر الصناعى بالإضافة إلى وجود مسألة فى غاية الأهمية تتمثل فى ضرورة رفع ثقافة المواطن التكنولوجية واستحداث منبر لنشر ثقافة الأمن المعلوماتى والتعامل السليم مع التكنولوجيا واستغلال الطاقات والكفاءات الشبابية فى المجال التكنولوجى بشكل أكبر وأعم والتركيز على التعليم واعتماده على التكنولوجيا أكثر من اعتماده على الكتب وذلك من خلال إنشاء أقسام فى مجال الأمن المعلوماتى بالجامعات المصرية وأعتقد أن الجامعات الذكية تعد جزءا مهما فى هذا التوجه الذى يصب بكل تأكيد فى الصالح العام فحينما يتم تخريج طالب تربى فى مجتمع الجامعة الذكى الذى يعتمد على التكتولوجيا فى كل شيء فإن ذلك سوف ينعكس بشكل إيجابى على تعامل هذا الطالب بعد التخرج فى مختلف المجالات فى المجتمع المحيط به .

خلاصة القول إننا مقدمون على مرحلة جديدة علينا تماما ، مرحلة تعلى من شأن التحول الرقمى فى شتى مجالات الحياة وتجعل المواطن يتعامل مع متطلباته اليومية بشكل مختلف مما يوفر الكثير من الوقت والجهد والمال وبالتالى فإن ذلك ينعكس على المجتمع بالكامل.

تم نسخ الرابط