الاكتشافات الأثرية الأخيرة تتحدى «كورونا» بشكل عملى وسط حالة الفزع والأزمات المتلاحقة التى تسبب فيه

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 09:19
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب : « كنز الأجداد » باطن الأرض يبوح بأسرار الحضارة العريقة

خالد الطوخى - صورة أرشفية  الشورى
خالد الطوخى - صورة أرشفية


الاكتشافات الأثرية الأخيرة تتحدى «كورونا» بشكل عملى.

وسط حالة الفزع والأزمات المتلاحقة التى تسبب فيها انتشار فيروس كورونا وعلى الرغم من حالة الارتباك التى سادت الغالبية العظمى من مؤسسات الدولة التى لم تكن تضع فى الحسبان ظهور هذه الجائحة البغيضة التى كادت تصيب اقتصاديات الدول المتقدمة فى مقتل ، فإن الأمر الذى يدعو للشعور بالتفاؤل أن هناك قطاعاً مهما ظل يعمل فى هدوء ودون ضجيج إعلامى وهو قطاع الآثار الذى لم تتوقف فيه الحفائر  التى تقوم بالتنقيب عن الآثار حيث وضع القائمون على هذا العمل شعاراً أساسياً هو أن الاكتشافات الأثرية لا تعرف معنى الجائحة أو الوباء،

فرغم الظروف الاستثنائية التى أثرت على العالم أجمع بسبب فيروس كورونا، فإن الاكتشافات الأثرية ظلت مستمرة طوال الشهور الماضية والتى أسفرت عن عدد من الاكتشافات فى ربوع مصر المختلفة، لتكمل لنا بعض الحلقات المفقودة من حضارة مصر القديمة التى لم تنته أسرارها بعد.

وهو ما نلمسه بوضوح فى تلك الحصيلة من الاكتشافات الأثرية خلال الشهرين الماضيين حيث عثرت البعثات الأثرية التى تعمل تحت إجراءات احترازية مشددة فى مختلف مناطق المحروسة على 6 اكتشافات أثرية جاءت متنوعة فى عصورها وتكشف مدى ثراء الحضارة المصرية القديمة، لتضيف إلى مصر مزيدا من القطع النادرة التى تحكى تاريخ الأجداد.

أحدث الاكتشافات ما عثرت عليه بعثة المسح الأثرى بمنطقة الهضبة الصحراوية غرب أبیدوس، وهو مجموعة من الفتحات الموجودة على مستوى مرتفع من واجهة الجبل، ترجع إلى العصر البطلمى، ويرجح أن لها أھمیة دینیة عظيمة. وتتمثل أهمية هذا الكشف فى  أنه يكمن فى منطقة الوادى المقدس جنوب الجبانة الملكية بأم القعاب، وتحتوى على مداخل تقود إلى غرف مقطوعة فى الصخر، لا يزيد ارتفاعها عن 1.20 مترا، وتتنوع بين غرفة واحدة وغرفتين أو ثلاث ومجموعة أخرى تتكون من خمس غرف متصلة ببعضها البعض من خلال فتحات ضيقة.. وتقع الفتحات فوق آبار رأسية عميقة مرتبطة بأنفاق مياه طبیعیة، ويحتوى معظمها على كسر فخار ونیشات ومصاطب، كما عثرت البعثة أيضاً على غرفة بها نقوش»جرافيتى» لاسم يقرأ «خو-سو-ن- حور»، وأمه «آمون إیردس»، وجدته «نس-حور».

أما الفخار المنتشر على سطح الوادى بین وجودا ظاھرا وقویا لاستخدام المكان فى فترة العصر البطلمى خاصة القرنین الثانى والأول قبل الميلاد، ووجود الغرف داخل الوادى المقدس جنوب الجبانة الملكية بأم القعاب يدل على أن لها أهمية دينية كبيرة.

أما الكشف الثانى فقد تم فى نجع أبو عصبة وتوصلت له البعثة الأثرية المصرية أثناء أعمال مشروع  ترميم طريق الكباش، عدد من أفران للحرق دائرية الشكل من الطوب اللبن،  كما عثرت على سور ضخم من الطوب اللبن من العصر الرومانى والمتاخر، والسور يوجد غرب طريق المواكب الخاص بمعبد خونسو، وطوله حوالى 30 مترا وارتفاعه متران ونصف وعرضه 3 أمتار، ويتكون من 17 مدماك من الطوب اللبن.. وعثرت البعثة أيضا على جدار تم بناؤه من 3 مداميك من كتل من الحجر الرملى، كان يحمى الضفة الشرقية للنيل من تغير مناسيب نهر النيل خلال مواسم الفيضان، ويمتد هذا الجدار من أمام معبد الكرنك شمالاً وحتى معبد الأقصر جنوباً بمحاذاة طريق المواكب الكبرى بطول حوالى 3كيلومترات فى حين أن الكشف الثالث والذى تم فى نجع حمادى فهو يتمثل فى العثور على جدار أثرى يعود للعصر البطلمى، وتم الكشف عنه أثناء قيام شرطة السياحة والآثار بإلقاء القبض على أربعة أشخاص  كانوا يقومون بأعمال الحفر خلسة بمنطقة «هو» بنجع حمادى.

وتم التأكد من أثرية الجدار فهو مصنوع من الحجر الرملى ومزين بنقوش وخراطيش تنتمى للعصر البطلمى تحمل اسم الملك بطليموس الرابع، والمنطقة التى عثر بها على الجدار  تمثل الإقليم السابع من الأقاليم المصرية القديمة.

ومن أحدث الاكتشافات الأثرية أيضا، ما يعود إلى العصر الصاوى فى منطقة البهنسا، حيث توصلت البعثة الأثرية المصرية الإسبانية التابعة إلى جامعة برشلونة، إلى مقبرة فريدة فى نوعها ولم يتم الكشف عن هذا الطراز من قبل فى البهنسا وهذه المقبرة تتكون من حجرة واحدة مبنية من الحجر الجيرى المصقول، مدخلها من جهة الشمال، وجدرانها بها انحناء من أعلى عند بداية السقف مما يجعله مستوياً وليس مقبيا كما هو متعارف عليه فى باقى المقابر المكتشفة سابقا فى المنطقة، مشيراً إلى أنه لم يتم العثور  بها على أى أثاث جنائزى.

وقد  أظهرت الحفائر ثمانى مقابر ترجع إلى العصر الرومانى ذات سقف مقبى وغير منقوشة، تم العثور بداخلها على العديد من شواهد القبور التى ترجع للعصر الرومانى، والعملات البرونزية والصلبان الصغيرة، والأختام الطينية . وقبلها بأيام كانت حكاية جديدة ترويها حجرة دفن فى منطقة سقارة، تعود للأسرة السادسة والعشرين، وتخبرنا عن الليبيين الذين كانوا يهاجرون لمصر فى الماضى وكيف كانت مصر بوابة عبور للجميع.

ومن ناحية أخرى فإن بعثة جامعة توبنجن الألمانية عثرت أثناء استئناف أعمال الحفائر الخاصة بها  على حجرة الدفن الملحقة بها من الأسرة السادسة والعشرين»664- 525 ق.م».

وحجرة الدفن المكتشفة حديثا وجدت بأحد هذه الآبار الذى يقع على عمق 30م وكانت مجاورة لخمس حجرات دفن أخرى تم الكشف عنها فى عام 2018.

فأثناء أعمال تنظيف وتسجيل الحجرات الخمس عثرت البعثة على جدار حجرى أخفى خلفه حجرة دفن سادسة عُثر بها على أربعة توابيت خشبية فى حالة سيئة من الحفظ، أهمها تابوت لامرأة تُدعى «ديدى باستت»، دُفنت ومعها ستة أوانٍ كانوبية من الألبستر، على عكس عادة المصريين القدماء الذين كانوا يقومون بتحنيط الرئتين والمعدة (أو الطحال) والأمعاء والكبد ويحفظونها فى أربعة أوانٍ كانوبية يحميها أربعة آلهة تعرف باسم أبناء حورس الأربعة.وهذه الأوانى الكانوبية الست الخاصة بأيدى باستت تعد كشفاً فريداً من نوعه كما أشارت القراءات الأولية لصور الأشعة المقطعية (CT Scan) التى أجرتها البعثة على الإناءين الإضافيين، إلى أنهما يحتويان على أنسجة بشرية، والتى توضح أنه من المرجح أن يكون جثمان ديدى باستت أُجريت له عملية تحنيط خاصة تم خلالها الاحتفاظ بأحشائها فى ست أوانٍ على غير عادة المصريين القدماء.

واللافت للنظر أن دراسة نصوص التوابيت الحجرية والخشبية بحجرات الدفن الستة أسفرت عن نتائج هامة، منها أن غالبية التوابيت لكهنة وكاهنات إلهة على هيئة الثعبان، تُدعى نيوت شاس والتى كانت من الإلهات الثانوية خلال عصر الدولة الحديثة إلا أن هذه النصوص تشير إلى ارتقاء مكانتها وانتشار عبادتها فى الأسرة السادسة والعشرين وربما كان لها معبد فى منطقة منف عاصمة مصر الإدارية وجبانتها سقارة.

ومن بين كهنة نيوت شاس كاهنة تُدعى إيبوت وكاهن يُدعى تشانيميت، دُفنا فى نفس الحجرة ويبدو أنهما من المهاجرين المتمصرين، حيث إن اسمهما يعتبران من الأسماء الخاصة بمجتمع الليبيين المهاجرين الذين نزحوا إلى مصر وكونوا الأسرة الثانية والعشرين «943- 716 ق. م.»

والمؤكد أن أسرار الملك رمسيس الثانى لم تنته بعد بل لازال هناك منها كثير مخبأ مع الآثار التى لم يتم اكتشافها، وكان آخر تلك الأسرار ما توصلت البعثة الأثرية العاملة بمعبد رمسيس الثانى فى أبيدوس، والتابعة إلى جامعة نيويورك، برئاسة الدكتور سامح إسكندر إلى الكشف عن ودائع أساس ومخازن معبد رمسيس الثانى.

فالبعثة كشفت أيضاً فى الركن الجنوبى الغربى من المعبد، عن نماذج لألواح منقوش عليها اسم العرش للملك رمسيس الثانى مطلية باللون الأزرق أو الأخضر ونماذج لأدوات البناء وأوان فخارية وقطع أحجار من الكوارتزيت بيضاوية الشكل، مشيرا إلى أنه تم دفنها عام 1279 قبل الميلاد فى وقت احتفالات وشعائر تأسيس المعبد.

كما أن البعثة عثرت أيضا على عشرة مخازن كبيرة متصلة بقصر المعبد ومشيدة بالطوب اللبن، كانت فى الأصل تحمل سقوفا مقبية مشيدة بالطوب اللبن، وتستخدم كصوامع ومستودعات لحفظ احتياجات المعبد من قرابين وأدوات وغيرها، ووجد بداخلها مجموعة من رؤوس وعظام الثيران داخل محاريب مقطوعة فى جدرانها ترجع إلى العصر البطلمى، بالإضافة إلى العثور على هيكل عظمى كامل لثور مدفون بعناية تحت أرضية قصر المعبد.

ولأن سقارة لازالت غنية بممتلكاتها فكانت محطة جديدة للاكتشافات الأثرية خلال الشهرين الماضيين، حيث أعلنت وزارة السياحة والآثار عن كشف جديد فى موقع جبانة الحيوانات والطيور المقدسة فى منطقة سقارة الأثرية، والتى تم الإعلان فيها خلال العامين الماضيين عن اكتشافات أثرية عديدة تمت بأيادى أبناء المجلس الأعلى للآثار حيث تم الكشف عن بئر مقاساته حوالى 120×90سم بعمق حوالى 11 مترا، تم العثور به على حجرة دفن فى أرضيتها خمسة توابيت حجرية  مغلقة، و4 نيشات فى جدران الغرفة بها توابيت خشبية ودفنات آدمية تعود  للعصر المتأخر.

وفى أحد النيشات تم العثور على تابوت خشبى ضخم بهيئة آدمية وعليه كتابات بالمداد الأصفر وحول التابوت عثر على العديد من القطع الأثرية منها:365 تمثال اوشابتى من الفيانس بعضها عليه كتابات هيروغليفية - مسلة صغيرة من الخشب ارتفاعها حوالى 40 سم مزينة بمناظر وألوان  من جميع الجهات للإلهة إيزيس ونفتيس وحورس، وتماثيل خشبية للإله بتاح سوكر أوزير، وثلاثة أوانى كانوبية من الفخار لحفظ الأحشاء، بالإضافة إلى العديد من القطع الأثرية الأخرى.