بلاغ لمن يهمه الأمر
بلوجر تخصص ملاهى ليلية ينتحل صفة إعلامى وصحفي لتحقيق مأربه وتهديد رجال الأعمال وتطويعهم

تتصاعد في الآونة الأخيرة حالة من الجدل الواسع على الساحة الإعلامية والقانونية حول شخصية مثيرة للجدل تدعى بدر عياد، والذي يقدم نفسه عبر منصات التواصل الاجتماعي بصفة “إعلامي وصحفي”، بينما تشير مصادر متعددة إلى أنه لا يمتلك أي صلة قانونية أو مهنية بهذه المهنة العريقة، بل يستغل هذه الصفة لبلوغ مآرب شخصية لا تمت بصلة لا للعمل الإعلامي ولا للالتزام المهني والأخلاقي.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى سلسلة من البلاغات والمحاضر المقدمة ضده من رجال أعمال ومحامين وعدد من المواطنين الذين اتهموه بممارسات متكررة تمثلت في التشهير، الابتزاز، التحريض على الفسق، ونشر محتوى خادش للحياء العام. وتبدو القصة وكأنها حلقة جديدة من حلقات مواجهة المجتمع مع بعض مدّعي الإعلام وصانعي المحتوى المثير للجدل، الذين يحاولون الاحتماء خلف الشعارات الإعلامية من أجل ممارسة أنشطة غير مشروعة.
فبحسب مصادر مطلعة، لم يسبق أن تم قيد أو تأمين المدعو بدر عياد في سجلات نقابة الصحفيين أو الإعلاميين، كما لم يحصل على أي تراخيص أو تصاريح تخوله العمل في هذه المهنة.
ورغم ذلك، لا يتوقف عن تقديم نفسه عبر صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي على أنه صحفي بارز وإعلامي معروف، وهو ما اعتبره البعض انتحالاً صريحاً لصفة غير قانونية بهدف اكتساب نفوذ أو شرعية وهمية أمام الرأي العام.
وتزداد علامات الاستفهام حول خلفيات المدعو بدر عياد، خاصة أن سيرته الشخصية تكشف عن نمط حياة بعيد كل البعد عن الممارسة المهنية للإعلام. فالمصادر تشير إلى أنه يقضي أغلب أوقاته داخل الكباريهات والملاهي الليلية، حيث يلتقط صوراً مع الراقصات والفتايات بملابس مثيرة، ثم يقوم بنشرها على صفحاته الخاصة بطريقة خادشة للحياء ومنافية للأعراف والتقاليد.
وهذه الممارسات التي وثقتها صور وفيديوهات متداولة – تثير تساؤلات جادة حول الهدف الحقيقي وراء نشاطه.
ولعل أبرز القضايا التي طالت المدعو بدر عياد كانت اتهامه في وقت سابق بحيازة شهادة دكتوراه مزورة. فقد ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه بعد الكشف عن أن الشهادة التي كان يفاخر بها ويعرضها أمام المتابعين لا أساس لها من الصحة، وإنما جرى تزويرها لتحقيق مكاسب شخصية وتجميل صورته الزائفة أمام المجتمع.
أما ما يثير قلقاً أكبر فهو ما نشرته بعض المواقع الإخبارية من صور للمدعو بدر عياد وهو يحمل أسلحة نارية، الأمر الذي دفع السلطات إلى فحص هذه الصور بدقة للتأكد مما إذا كانت تلك الأسلحة ملكاً له بالفعل وما إذا كانت مرخصة أم لا. وفي حال ثبت العكس، فإن القضية قد تتخذ منحى أكثر خطورة يتعلق بحيازة أسلحة دون ترخيص، ما يعرضه للمساءلة الجنائية.
في موازاة ذلك، لم يسلم رجال الأعمال من ممارساته المثيرة للجدل. فقد بادر عدد منهم إلى تحرير محاضر رسمية ضده، متهمين إياه بالتشهير بهم عبر مقاطع فيديو ومنشورات مليئة بالسب والقذف، مؤكدين أن هدفه الأساسي لم يكن سوى ابتزازهم وإجبارهم على دفع أموال مقابل وقف حملاته ضدهم.
وهذا النوع من القضايا يعكس خطورة توظيف وسائل التواصل الاجتماعي كسلاح للضغط والابتزاز في ظل غياب رقابة صارمة على المحتوى الذي يبثه بعض مدّعي الإعلام.
وتشير مصادر قانونية إلى أن عدداً من المحامين أيضاً قد تقدموا ببلاغات رسمية ضد بدر عياد يتهمونه فيها بالتحريض على الفسق والفجور من خلال محتواه المرئي، والذي يتضمن لقطات وإيحاءات جنسية صريحة وألفاظاً خادشة للحياء العام، إلى حد أن القلم يعف عن تدوينها واللسان يستحي من ترديدها.
وتخضع هذه البلاغات حالياً للفحص أمام الجهات المختصة التي تواصل جمع الأدلة من مقاطع الفيديو وصفحاته المختلفة.
ولا تقتصر خطورة الأمر عند هذا الحد، بل إن مقاطع الفيديو التي يظهر فيها المدعو بدر عياد تكشف عن استخدامه المتكرر لعبارات سب وقذف تجاه شخصيات عامة وخاصة على حد سواء، في انتهاك واضح للقانون والأعراف المهنية والإنسانية. وهو سلوك يضعه في مواجهة مباشرة مع نصوص قانون العقوبات التي تجرّم السب والقذف العلني، خاصة إذا كان عبر منصات إلكترونية تصل إلى ملايين المستخدمين.
وفي خضم هذا السيل من البلاغات والاتهامات، يطرح الشارع سؤالاً مشروعاً: هل يلحق بدر عياد بزملائه من صناع المحتوى الإباحي أو المبتذل الذين ألقت السلطات القبض عليهم في فترات سابقة؟ فقد شهدت مصر في العامين الماضيين عدة وقائع مشابهة تتعلق بمدوني “التيك توك” وصانعي المحتوى المرئي الذين تم ضبطهم بتهم التحريض على الفسق ونشر محتوى خادش للحياء، وأُحيلوا إلى المحاكمة التي انتهت في بعض القضايا إلى أحكام رادعة.
إن قضية بدر عياد تفتح الباب واسعاً أمام نقاش مجتمعي جاد حول ضرورة وضع حدود فاصلة بين حرية التعبير والإعلام من جهة، واستغلال هذه الحرية في تحقيق مآرب شخصية أو التربح من خلال الإساءة إلى القيم والأعراف من جهة أخرى. فحرية الإعلام ركن أساسي في أي مجتمع ديمقراطي، لكن لا يمكن أن تتحول إلى ذريعة للتشهير بالآخرين أو نشر الفجور أو ابتزاز رجال الأعمال والمواطنين.
كما تكشف هذه القضية عن ضرورة تفعيل دور النقابات المهنية والأجهزة الرقابية في مواجهة انتحال صفة الإعلامي أو الصحفي. فالمهنة لها أصول وضوابط ومعايير أخلاقية ومهنية صارمة، ومن يتجاوزها لا ينبغي أن يجد غطاءً وهمياً يحميه، بل يجب أن يخضع للمساءلة والمحاسبة.
ويبقى الرأي العام مترقباً لما ستسفر عنه التحقيقات الجارية حالياً، سواء فيما يتعلق بصور الأسلحة النارية، أو مقاطع الفيديو الخادشة، أو البلاغات المتعددة بالابتزاز والتشهير. وفي حال ثبوت صحة هذه الاتهامات، فإن المدعو بدر عياد سيكون أمام مواجهة قانونية قد تضعه خلف القضبان جنباً إلى جنب مع آخرين سبق أن حاولوا الاحتماء خلف عباءة الإعلام الزائفة بينما كانوا يمارسون أنشطة بعيدة كل البعد عن رسالته النبيلة.
وفي النهاية، فإن هذه القضية تذكير صارخ بخطورة ظاهرة مدّعي الإعلام وصانعي المحتوى غير المنضبط، الذين يحاولون استغلال شهرة زائفة لتحقيق مصالح شخصية على حساب القيم المجتمعية والالتزام الأخلاقي. ويبقى السؤال مطروحاً: هل تتحرك الجهات المعنية لحسم هذا الملف بصرامة، أم سيبقى المجتمع عرضة لمثل هذه النماذج التي تسيء للمهنة وللمجتمع معاً؟