تضيق الدوائر علينا تلتف حول أعناقنا وكأنها ستقبض مصائرنا نراها ولا نراها نشعر بالاختناق بين فكيها ويغمرنا

فقدان,رمضان,جلد الذات,الصحة,العالم

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
حسام فوزى جبر يكتب: نعمة الابتلاء.. ومبروك لرمضان على

حسام فوزى جبر يكتب: نعمة الابتلاء.. ومبروك لرمضان على

تضيق الدوائر علينا، تلتف حول أعناقنا، وكأنها ستقبض مصائرنا، نراها ولا نراها، نشعر بالاختناق بين فكيها ويغمرنا ضيق اليد وهكذا بين مد وجذر تضيق وتنفرج العيشة، ويظل ‏لسان‏ ‏حالنا‏ ‏يتذمر‏ ‏ويشكو‏ ‏ويتذمر‏ ‏على ‏العيش‏ ‏والعيشة‏‏، ولكن يبقى الابتلاء بكل أنواعه هو أحد أبرز نعم الله علينا ويقول النبى الخاتم "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط"‏. فيبتلى الله عبده بلاءً ليختبر بذلك صبره وشكره، والدنيا ما هى إلا دار ابتلاءٍ واختبارٍ وفتن، يُبتلى الإنسان فيها بالسراء والضراء وبالرخاء والشدّة وبالمرض والصحة والفقر والغنى والشبُهات والشهوات، فينظر الله إلى من يشكر ومن يكفر ومن يصبر ومن يقنط، فيُجازيهم على مواقفهم تلك حين البلاء، ومع الابتلاء منا - والعياذ بالله - من يسخط ويُسيء الظنّ بالله ومنا من يصبر ويُحسن الظنّ بالله ومنا من يرضى ويشكر والرضا أمرٌ زائدٌ عن الصبر والله أسأل أن يجعلنا ممن رضينا فرضى عنا فى الدنيا والآخرة.

والجميع يعلم ويرى ويلمس أن حياة أى إنسان منا لا تخلو من الابتلاء من وقت لآخر، وكما ذكرنا نختلف فى استقبال البلاء والابتلاء من واحد لآخر، فهناك من يستقبل أى ابتلاء بالصراخ والعويل والشكوى لكل من يراه وكأن حياته انهارت ولم يعد يمتلك أى فرصة لإيقاف الخسائر الناتجة عن هذا الابتلاء، وبالطبع لا ابتلاء بلا خسائر ما بين فقدان من نحب أو خسائر صحية أو مادية أو ربما إنهاك نفسى يحتاج لوقت طويل للخلاص منه وخسائر العلاقات كفقد حبيب أو طلاق أو عقوق أبناء أو خيانة أصدقاء أو فقدان عمل. وهنا علاج الخسائر أو تقليلها مكسب فى الدنيا ودرجات مجانية فى الآخرة، فلا يفوز بهذا المكسب من يبالغ بالتألم من الابتلاء أو يشتكى منه لغير الله، أو من يتعامل معه وكأنه حائط مسدود لا يمكن اختراقه ودومًا يمكننا إحداث ثقوب بحوائط الابتلاءات ومن بعدها نفتح نوافذ بل وأبواب الأمل طمعًا فى رحمة الخالق عز وجل وزرعًا لحسن الظن به سبحانه بالقلوب قبل العقول، والثقة بالله أن الأمر مهما عَظُم سينتهى على خير، طالما كانت الاستعانة بالله مع بذل أقصى ما يمكن من جهد بوعى ومثابرة وبلا جزع وبرضا وحمد للرحمن عز وجل على كل النعم التى لدينا ومن بينها هذا الابتلاء ناهيك عن حياتك السابقة التى خلت من هذا الابتلاء، وبيقين وأمل أن الله سيجزينا ثواب الصابرين.

دعونا نتفق أن الابتلاء سنة كونية ماضية فينا شئنا أو أبينا وأن الصراع بين الحق والباطل قائم منذ أن خلق الله تعالى الخلق وسيستمر هذا الصراع بين الخير والشر إلى قيام الساعة والحياة لا تخلو من المشكلات والابتلاءات، فقط علينا البحث الحثيث عن أسباب وقوع الابتلاء ومحاسبة النفس والتفتيش فى الأخطاء لتصحيح المسار وإصلاح العيوب، فقد اقتضت حكمة الله تعالى فى خلقه أن يعرضهم للاختبار حبًا فيهم ورحمة بهم، فيسوق إليهم الرحمة فى أثناء المصيبة ليهتدى الضال، وينتبه الغافل وتقوم الحجة على الكافرين فقد قال تعالى: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"، ومن أعداء الصبر والثبات عند الابتلاء تذكر الابتلاءات السابقة والتفكير فيما مضى وهذا يمنع من النهوض ومواجهة الوجع لأنه يُضعف مناعتنا النفسية ووقت السقوط علينا تذكير أنفسنا بانتصاراتنا بالحياة التى وفقنا الله إليها والابتهاج بها حتى وإن ندُرت ونثق بقدرتنا على الصمود بوجه أى ابتلاء. أبشع ما يفعله إنسان بنفسه عند الابتلاء هما شيئان، الأول الاعتراض على مشيئة الله - والعياذ بالله- كأن يقول لماذا يحدث لى ذلك؟ والآخر هو جلد الذات، ففى كثير من الابتلاءات نساهم فى حدوثها ولو بسوء اختيار من نتعامل معهم أو بإهمال الصحة أو بالاندفاع فى تكوين العلاقات أو بالتفريط بحقوقنا، ولكن يبقى علينا أن نرضى بحكم وقضاء الله وألا نحمل أنفسنا فوق طاقتها بجلد الذات والتعامل مع البلاء أنه نعمة من الله عز وجل ليمحصنا بها ويميز الخبيث من الطيب، شاكرين له سبحانه على النعمة راضين بما ابتلانا به متحملين دورنا أننا كنا أحد أسباب وقوعه متخذين أى ابتلاء أنه فرص لنكون أقوى بالدنيا ولترتفع درجاتنا بالآخرة بملء قلوبنا وعقولنا، بحمد الرحمن أنها لم تكن أشد وبصبرنا واتخاذ كافة خطوات النجاة بالاستعانة بالرحمن وبالانغماس فى الرضا والعبودية له وحده سبحانه.

لنمر من أزمات ابتلاءاتنا فائزين بدرجات الصبر والرضا كاملة مستحضرين ذنوبنا، عازمين على التوبة والعودة لله ثقة أنه سينجينا بفضله، رافضين جلد الذات وقت الابتلاء رغم اعترافنا بذنبنا وتقصيرنا مستعينين بالدعاء والأمل فى الله أن يكون الابتلاء رفعًا للدرجات فى الدنيا والآخرة، مع كثرة الاستغفار والتصدق، وكراهية الذنوب والعزم الأكيد على عدم تكرارها، ورد الحقوق لأصحابها إن ارتبطت الذنوب بآخرين، لذلك فالبلاء نعم وجرس إنذار لنا جميعًا لنقف وقفة مع الله ثم مع النفس ومع الآخرين شاكرين الله على جل نعمه علينا ومن بينها نعمة الابتلاء التى تعيدنا إليه سبحانه فارين من الابتلاء إلى رحمة الله ورعايته، فحمدًا لله على نعمة الابتلاء، أسأل الله ألا يبتلينا بما لا نستطيع عليه صبرًا.

مبروك للزميل رمضان على.

لم أستطع أن أتمالك نفسى عندما وجدت جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعى، قد ذهبت لصديقى وأخى الأصغر، بمجلة أكتوبر، رمضان على، ونجح صديقى العزيز فى انتزاع المركز الأول بمسابقة التصوير الدولية "النخلة فى عيون العالم" بدورتها الثالثة عشر، انهمرت دموعى وارتفع صوتى، ووجدتنى فى مشاعر مختلطة فهذا جبر الله لأخى الغالى الذى فقد والدته وشقيقته فى أقل من شهرين غيبهما المرض ليصبر ويحتسب فيأتى جبر الله سريعًا ويفوز رمضان بهذه الجائزة الكبرى، سعادتى لا تُوصف وفرحتى بزميلى فى لجنة القيد وفى بلاط صاحبة الجلالة لا تُقدر، وهذا هو كرم الله علينا، نعم لحظات السعادة لا تأتينا دائمًا ولكنها عندما تأتى تستطيع أن تعوض بعض تألمنا فيتغير مزاجنا من حزن إلى فرح وسعادة ملأت الكون بتتويج صديقى الغالى بهذه الجائزة مبروك يا أبو صيام وبالتوفيق فى القادم يا أخى الأصغر.