نشعر حال خروجنا للشارع والسير فيه سواء على الأقدام أو بأى وسيلة مواصلات خلال السنوات القليلة الماضية أن المجتم

الإعلام,مصر,حوادث,الميكروباص,فتاة,المركبات

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
حسام فوزى جبر يكتب: نقطة نظام

حسام فوزى جبر يكتب: نقطة نظام

نشعر حال خروجنا للشارع والسير فيه سواء على الأقدام أو بأى وسيلة مواصلات خلال السنوات القليلة الماضية أن المجتمع المصرى بمرحلة يمكننا أن نطلق عليها مرحلة الاضطراب الوجدانى والانفصام فى الشخصية، ودليلى على ذلك ما نراه يوميًا من سلوكيات، خاصة المرورية منها، التى تُشعرك بأن سلوك المصريين أصبح أسوأ سلوك بشرى على مستوى سكان المجموعة الشمسية، فالمراقب للشارع يجد أن جميع قائدى المركبات بجميع أنواعها وكل ما يمشى على عجلات يرتكب نفس الأخطاء، خاصة عندما يتعلق الأمر بمافيا "الميكروباص" وطاعون العصر "التوك توك"، إلى جانب الدراجات البخارية الصينية غير المُرخصة، التى تجتاح الشوارع وتساهم فى كل أنواع الجرائم، مشاحنات وتشنجات ومضايقات تؤكد أن المرض النفسى الذى أصابنا جميعًا جاء جراء السير فى الضوضاء السمعية والصوتية والأخلاقية المتواجدة فى شوارعنا، ناهيك عن تدنى مستوى نظافة الشوارع وما يسببه المصريون من تلوث لا يمكن احتماله، ترى وكأن الشارع المصرى قد أصبح بدون صاحب أو أب شرعى يحميه، أمور تُصيب بالحزن بل بالاكتئاب، وعلينا السعى لحلها وإلا ستتحول حياتنا إلى جحيم يختلط فيه المر بالعلقم، هذا جرس إنذار لمن يدرك ويعى ويحب مصر التى تحتاج وفورًا إلى نقطة نظام. من يُنكر أن شوارعنا بها سيارات خاصة بلا لوحات، وأخرى وقد سيطر عليها السواد من كل اتجاه دون أى وجه حق، وسيارات معاقين يقودها أصحاب نفوذ ولا يستطيع أحد توقيفهم أو سؤالهم، سباقات فى شوارع تتحمل سيارة بالكاد، أصوات أجهزة الصوت تخترق أى وكل هدوء وفى أى وكل مكان، دون مراعاة لأبسط أنواع احترام الآخرين، جنبًا إلى جنب مع تلك المركبات عوامل تجمعت على تدمير آداب وسلوكيات وخصائل المجتمع المصرى، وسحقت كل ما كنا نتباهى انه لدينا من آداب وسلوكيات مصرية نصدرها للجميع، فقد اجتمع هؤلاء من مفسدى السلوك المصرى على عدم التزامهم بأى قواعد للمرور، ويمشون عكس الاتجاه، بل ويتحرشون بأى مشاة ينتقدون سلوكياتهم، ويستخدمون أعمال البلطجة والعنف والتحرش والسرقة، فـ"التكاتك" و"الموتوسيكلات الصينى" أصبحت بؤرا إجرامية متنقلة تُستخدم فى عدد كبير من جرائم الخطف والسرقة، بالإضافة إلى تعاطى المخدرات، كم كبير ومزعج ومقلق.. إسفاف فى كل شيء سرعة مبالغ فيها.. أصوات عالية صاخبة مزعجة بل ويستخدمون سرينة الإسعاف والنجدة والمطافئ دون وعى ولا يحترمونها إن أتت من أصحابها ممن لهم الحق فى توقيف الشارع للمرور بل ويعارضون الإسعاف والمطافئ ويسيرون أمامهما غير عابئين بحياة المريض داخل سيارة إسعاف أو تعطيل سيارة إطفاء عن عملها الذى ربما ينتج عن تعطيلها كارثة، مكبرات صوت وأجهزة تُحدث ضجيجا وصخبا.. وأغانٍ مبتذلة هابطة بها سباب وشتائم وإيحاءات صريحة، وكأن الشارع تحول لمكان لحفلة لعبدة الشيطان. بل ويدهشك كم "السفالة" التى يمكن أن يتحدث بها إن عارضتهم أو نصحتهم لله، ولا أصدق أن هذه الألفاظ القبيحة والنابية، يمكن أن يتلفظ بها سائقو هذه المركبات حتى فى حضور فتاة أو سيدة محترمة، أشعرونا أن سلوك المواطن المصرى أصبح زحاما وفوضى، وعدم التزام بالقانون أو تطبيقه، ناهيك عن الكماليات المبالغ فيها الخارجة من مركباتهم التى تتسبب فى حوادث يومية، وحمولات زائدة لشباب يعرضون نفسهم للموت، يرون أنهم الأصح وأنهم أحرار وأنها حريتهم المُطلقة متناسين أن حريتهم تنتهى عند بداية حرية الآخرين، يشعرونك بأنهم فعلًا أمنوا العقاب فأساءوا الأدب، وعلينا علاجهم من هذا قبل فوات الأوان، علينا إفهامهم قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا"، وحديث النبى الكريم "من آذى المسلمين فى طرقهم وجبت عليه لعنتهم"، واللعن هو الطرد من رحمة الله والعياذ بالله. ولعل قلة الوازع الدينى وضعف مستوى التكوين والتربية وتعقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية، فى ظل الانفجار المعرفى والتكنولوجى الذى شهده وتأثيره فى القيم الاجتماعية والثقافية والاتجاهات الفكرية والسياسية، جعلت من شبابنا يعيشون صراعات متعددة الأبعاد، بين القديم والجديد، والتقليدى والحديث، وبين الوافد والمحلى، إلى جانب صراع الأجيال، والصراعات الداخلية، كل هذا جعلنى أنظر إليهم كضحية وليسوا جناة، أراهم يتبنون حلولًا ويستعملون إستراتيجيات يعتقدون أنها مناسبة لمواجهة مشكلاتهم كالتمرد وعدم الرضا والنقد إلى جانب الانحراف عن قيم وعادات المجتمع، يُظهرون كأنهم لا يهابون أحدا وأن قانونهم هو الحرية المُطلقة ولا لأحد سلطان عليهم. وعلينا جميعًا وفورًا أن نتحمل مسؤولياتنا ونفتح آليات اتصال وقنوات للحوار مع أصحاب هذه السلوكيات، وأن ندفعهم للمشاركة فى الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية لتنمية الانتماء للمجتمع والوطن ويبقى دور الأسرة فى متابعة أبنائها وتوجيههم، والتكفل بحاجاتهم الأساسية البيولوجية والنفسية والاجتماعية وتنميتهم وتعميق الحوار معهم وبناء شخصيتهم المستقلة، إضافة إلى دور المؤسسات التعليمية والمدنية وما تنميه من قيم ومبادئ وقدرات واتجاهات للفرد نحو نفسه ونحو كل شيء يحيط به،ويبقى الدور الأخطر لوسائل الإعلام المختلفة وما تتناوله من موضوعات وقضايا تهم الشباب. وبلا شك فإن الردع الاجتماعى والأمنى مطلوب فى التقليل من هذه الظواهر السلبية، التى تحتاج أحيانًا إلى سن تشريعات وتغريم الشباب وأولياء أمورهم، كأسلوب الردع الاجتماعى من خلال الاعتذار للمجتمع، والعقوبات المجتمعية التى تؤدى إلى تحقيق الهدف الأساسى منها، وهو إصلاح الشباب، وإشعارهم بذنب ما اقترفوه من ممارسات خاطئة أضرت بهم وبأسرهم وبمجتمعهم وعرضتهم لعقوبات رادعة. والدين أيد أن الحرية هى حق الإنسان فى الاختيار فهى منحة إلهية وفطرة من الله عز وجل، وتعنى الحرية الشخصية أو الفردية ولكن بضابط يعنى أنك حر ولكن بما يعنيك أنت، ولا يمكنك التعدى على حرية الآخرين لا بأفكارهم ولا بآرائهم ومن الضرورى احترام الفكر والرأى والرأى الآخر، ولو التزم كل شخص فلن تجد أحدا يعتدى باسم الحرية فممارسة الحرية حق مشروع بحيث لا تتعارض مع القانون ولا يتعدى على حقوق الآخرين أو تؤذيهم، فحريتى مرتبطة بحرية الآخرين وتنتهى عندما تشك بأنها تلحق الضرر بهم، فيجب فورًا أن تكبح هذه الحرية بغطاء الحياء، وليس فى كل الأوقات ولا فى كل الظروف تصح الحرية وخاصة للذين لا يفهمون معناها ومن لا يفهمها يضر الآخرين أما من يفهمها فيعرف أن لها حدودا حتى لا تؤثر على مصلحة المجتمع، فعلى الذين يمارسون الحرية بمفهوم خاطئ أن يتصالحوا مع ذاته ويبتعدوا عن ازدواجية المعايير النابعة من عدم الرضا عن الذات ويحترم المجتمع الذى يعيش فيه ويحافظ على أمن وطنه ومقدراته ويحس بالمسؤولية الغيورة على المصلحة العامة، فالحرية الشخصية مملوكة لك ولكن بمفهومها السليم والحقيقى ولذلك علينا جميعًا أن نتصدى بكل قوة لمن لم يفهموا المعنى الحقيقى للحرية، وعلينا دائمًا أن نخبرهم وننبههم وأهليهم وذويهم أنهم يسيئون لأنفسهم وأهليهم ولمجتمعهم لفهمهم غير الصحيح أنهم أحرار فى صنع أى وكل شيء، فقط نحتاج إلى "نقطة نظام" ننظم بها مجتمعاتنا وشبابنا حتى يعود الشارع المصرى الذى يمثل مصرنا الغالية لما نتمناه.. مطلوب النصح والإرشاد والمساعدة والأخذ بالأيدى والعقاب حتى نصل لـ"نقطة نظام".