اتفق المصريون فى الآونة الأخيرة على إطلاق لقب المستريح على اللص أو النصاب

رجال,محافظات مصر,القطاع المصرفى,مصر,العالم,البيئة,حماية

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
حسام فوزى جبر يكتب: المستريح والطماع

حسام فوزى جبر يكتب: المستريح والطماع

اتفق المصريون فى الآونة الأخيرة على إطلاق لقب "المستريح" على اللص أو النصاب أو الأفاق الذى يوهم الناس بقدرته على استغلال منصب أو جاه أو قدرات شخصية ويقنع البسطاء بأنه يستطيع توظيف أموالهم فى مجالات محترمة، ضامنًا لهم عدم ضياعها ومحققًا لهم أرباحا خيالية تتعدى الـ100% ففى ظل عودة العالم المتقدم اقتصاديًا لفائدة الـ0% تجد هؤلاء يتحدثون عن استثمار بفوائد خيالية والطبيعى أنك عندما تسمع هذه المبالغة أن تهرب بأموالك فورًا ولكن كالعادة والمثل المصرى الشهير "النصاب يحتاج طماع" ففى كل مرة من مرات ظهور "مستريح" تجد نفس الفئات من الطامعين هم الضحايا وكأنهم لا عقول لهم ولكن بالطبع لهم عقول ولكن الطمع سيطر عليها.

فالبدايات دائما تكون سعيدة وحالمة إذ يروض النصاب "المستريح" ضحيته فى البداية ويكون حريصًا على أن يدفع نسب الأرباح المتفق عليها لعدة شهور متتالية لينال ثقة الضحية ويستقطب أقاربه ودائرة معارفه ويدفع مبلغًا أكبر طمعا فى نسب أرباح أعلى فهل يُعقل أن تدفع ١٠٠ ألف جنيه فتحصل مكسبا كل شهر 15 ألف جنيه أى تجارة هذه وأى مكسب؟ فالمفترض أن تحصل على ١٨٠ ألفا فى سنة من أصل مبلغ ١٠٠ ألف متوهمًا أنه سيستمر يدفع لمدة عام مثلًا وأن مبلغك سيظل كما هو وبالطبع ستقوم بالدعاية المجانية له وستجمع له ضحايا من دائرة علاقاتك القريبة وربما البعيدة وستقوم بالتوسل والتوسط لدى النصاب "المستريح" كى يقبل تشغل أموالهم مثلك فيكرر ما فعله معك ويستمر الوضع حتى يختار هذا النصاب الوقت المناسب للهروب ووقتها يراجع الطماع نفسه فيجد أنه خسر أصل أمواله لأنه جرى وراء طمعه ونسى دينه وعقله بعد ما وجد نفسه أمام نصاب يتهرب ويتوقف عن السداد وبعدها إما أن يترك البلاد فجأة أو يقع فى أيادى رجال الأمن.

وفى آخر عشر سنوات أو أكثر شاهدنا انتشار ظاهرة المستريحين فى مختلف محافظات مصر وعلى كافة المستويات الاجتماعية والعلمية ففى كل مجتمع هناك نصاب يستهدف طماعا يقوده الجشع والبحث عن الربح أيا كان مصدره وما يهمه هو تحقيق الثراء السريع وهنا يُعامل الطماعون بنقيض مقصودهم فالمقولة الشهيرة "مال الطماع للصوص" هذا "المستريح" يدرك جيدًا هذه الحقيقة وهى رغبة الثراء عند البعض بغض النظر عن المصدر ولهذا لولا هؤلاء الجشعون ما كان هناك مكان للمستريحين الذين يبحثون عن محبى المال قليلى الدين ففى كل مرة من هذه الحوادث يتخيل البعض أن لكل مستريح منهم ظروفًا وملابسات مختلفة وأن كل مستريح جديد لا علاقة له بالنصاب الذى سبقه خاصة أن أغلب من يدعون للفكرة يظهرون بشىء من الثراء لإغراء الناس وكسب ثقتهم وبكل أسف لا يوجد بلد فى العالم يحلم مواطنوه بالثراء بلا بذل مجهود إلا نحن فمثل هذه الحوادث وعلى الرغم من كثرتها فى مصر فإنه لا يوجد مثل هذه الحوادث بأى بلد فى العالم بهذا الشكل المتكرر والسيناريو المتهالك ولكن النصاب دائمًا ما تكون فريسته أصحاب الأطماع والمتكاسلين والمغفلين وما أكثرهم. 

كما أن هناك عجزا فى القنوات الرسمية والشرعية فى استيعاب مدخرات المصريين من خلال مجموعة متنوعة من البدائل الاستثمارية المُربحة والمأمونة وجهل البعض بالقطاع المصرفى وآلية التعامل معه بل والأكثر من ذلك أن آخر الدراسات أثبتت أن 65% من المدخرين المصريين لا يتعاملون مع القطاع المصرفى فى مصر بعضهم بدافع الحلال والحرام ولو افترضنا أنهم النصف فهناك أكثر من 30% آخرون وهناك البعض ولا يريد وضع أمواله فى القنوات الرسمية حتى لا يتعرض لأى رقابة أو سؤال -موضوع الشمول المالى- وهم كفيلون بأن يلهبوا شهية أى مستريح خاصة إن كان بينهم أؤلئك الطماعون ورغم أنى أحمل الطماعين المسؤولية الأكبر فإن البيئة الاستثمارية وحتى الثقافية وقبلهما البيئة الدينية تحتاج لإعادة تأهيل وتعديل.

ولابد من الرقابة والمحاسبة والعقاب الرادع لمثل هؤلاء النصابين وتتبعهم حال هروبهم وبالطبع كان الله فى عون الأجهزة الرقابية والشرطية التى تواجه تجار المخدرات والسلاح والآثار والمتطرفين وغشاشى السلع ومستغلى الظروف والقائمة طويلة ولكن مواجهة هؤلاء واجب وطنى فهم لصوص يستحلون أموال الشعب  فلابد من تفعيل دور الأجهزة المعنية والمنوط بها هذا الجانب أيضا لأن تصل لمثل هذه الشركات قبل اكتمال عملية النصب فهذه الشركات الوهمية التى يتستر خلفها هؤلاء النصابون تتسبب فى هدم بيوت وتشريد أسر وإزهاق أرواح.

 

ودعونى أهمس فى أذن أؤلئك الباحثين عن مسترحين ليكونوا لقمة سائغة لهم دون أى عناء منهم بل ويكونون مصدر الدعاية لهم وربما يصبحون أطرافًا فى القضية التى يقيمها أقرانهم من المنصوب عليهم لأنهم من أرشدوهم لطريق هذا النصاب وهم بالأصل ضحايا مثلهم لكنهم ضحايا كانوا الأكثر تضررًا كما كانوا الأكثر طمعًا.. الحل باختصار فى تحرى الحلال ومن مصادره المشروعة وإلا فلا تلومن إلا نفسك وتذكر دائمًا أنك حين تسمح لنفسك بأن تدفع لمستريح فأنت تخسر مدخراتك لا محال ولكن أنت توافق على أن تحصل على أموال ليست من حقك فهو ربا بَيِن فنقودك الحلال التى جاهدت لتحصدها تعطيها هدية لنصاب مغلفة برداء الحرام والربا وفى الوقت ذاته مطلوب جهود حقيقية وفاعلة وجاذبة من الجهاز المصرفى لاستيعاب تلك المدخرات وكذلك استيعاب المدخرات التى تقاطع البنوك هروبًا من شبهة الربا مع التوعية المستمرة بوسائلنا الإعلامية بخطورة هؤلاء النصابين وتسليط الضوء على مثل هذه القضايا وفضح طرقهم للجميع مع مزيد من التحرى والمتابعة من أجهزة الرقابة حماية للوطن وللمواطنين من أنفسهم وتنقية للوطن من هؤلاء الشياطين الذى لُقبوا بالمستريحين لعلنا نصل لنهاية قصة المستريح والمغفل.