لا أحد يشكك فى نوايا وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق فى الصالح العام بحكم النظرة إلى مستقبل شركات قطاع

المالية,الرئيس السيسى,اللجان,الأبحاث العلمية,مصر,الحكومة,الموازنة العامة,قضية,شاب,البرلمان,قطاع الأعمال,الخارجية,القوى العاملة,الأولى,السيسى,قانون

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
السيد خير الله يكتب: القطاع العام وهشام توفيق

السيد خير الله يكتب: القطاع العام وهشام توفيق

توجيهات الرئيس أنقذت الشركات من الموت البطيء.. وإقالة "عواجيز القابضة" أولى طرق الإصلاح

 

لا أحد يشكك فى نوايا وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، فى الصالح العام بحكم النظرة إلى مستقبل شركات قطاع الأعمال، وفوق الوزير جهات مسؤولة (حسيب ورقيب عتيد) تقف على كل قرار فى سياق المصلحة العامة، وفوق كل هؤلاء الفرقاء مؤسسة الرئاسة التى هى مرجع وحكم وفيصل فى كل القرارات، الرئيس السيسى يقدم المصلحة العامة فوق كل الحسابات التى يتحدث بها الفرقاء. فى هذا السياق المحكم، لا يصح «تلويح» الوزير هشام توفيق بالتنحى: «أنا مستعد فى أى لحظة أن أتنحى عن منصبى.. لو اتقالى إن نظام العمل الخاص بى غير صحيح». مثل هذا التلويح بالاستقالة لا يستقيم سياسيا فى مواجهة الرافضين لقرار تصفية شركة الحديد والصلب، هذا من قبيل جدع الأنوف، وجدع الأنف لغة يعنى ضرب أرنبة الأنف ليصبح المرء بلا أنف يميز ملامح الوجه، فلا تبين ملامح القضية، التصفية ليست حكما مشمولا بالنفاذ، هذه حسبة اقتصادية، مستندة إلى أرقام وحسابات، وهناك أرقام أخرى وحسابات مهملة، والحوار مطلوب حول قضايانا الوطنية. أفضل ما نجم عن قضية تصفية «الحديد والصلب» التداعى الوطنى للحوار، وفتح المجال للخبراء ومختلف الآراء، سيادة الوزير لا تجهض الحوار بالتلويح بالتنحى. قد يكون بعض الحوار خشنا بعض الشىء، ولكن أنتَ الذى بدأ الملالةَ والصُّدودَ، التصفية أسهل الحلول، لا تحتاج إلى خبرة وزارية معملية فذة، الوزير الشاطر يعيد الشركات للحياة لا يشيعها إلى الآخرة. فمنذ عدة أسابيع كتبت عن ( كيف أنقذ الرئيس السيسى صناعة الغزل والنسيج من الضياع؟ ) وأشرت إلى إرادة الدولة الحقيقية فى إنقاذ القطاع العام برمته، وأن هناك قيادات يتولون إدارة بعض الشركات داخل القطاع العام وليس لديهم معرفة بأدنى معايير الإدارة والابتكار. كما أن هناك العديد من هذه الشركات تعانى من وجود قيادات يتولون مسؤولية دون سابق معرفة بملفات هذه الشركات أو تولى بعض الموظفين مناصب قيادية وتقوم بأعمال روتينية وأن كل مهمتهم التفرغ لـ" جنى " أموال بدلات اللجان التى تعقد من وقت لآخر أو بدلات مجالس الإدارة حتى أصبحت بعض الشركات تحقق خسائر مالية سنوياً بسبب سوء إدارة من يتولون قياداتها. جاءت توجيهات الرئيس السيسى بتطوير شركات القطاع العام ورفع قدرتها من أجل المنافسة سواء فى الأسواق الخارجية أو المحلية لتؤكد مدى حرص القيادة السياسية على الارتقاء بهذه الشركات وزيادة معدلات الإنتاج مما سينعكس أيضاً على العاملين بها خاصة الشركات التى تتعلق بالسلع الإستراتيجية ونستورد غالبية منتجاتها من الخارج بالعملة الصعبة، كما أن تطوير خطوط الإنتاج لهذه الشركات سيعزز المخزون الإستراتيجى من السلع الغذائية من الإنتاج المحلى بدلا من اللجوء للاستيراد حيث نستورد أكثر من 90%؜ من احتياجاتنا من زيت الطعام وأكثر من 25% من احتياجاتنا من السكر وغيرها من السلع الأساسية الأخرى. تطوير شركات القطاع العام سيعمل على حدوث طفرة حقيقية فى زيادة معدلات الإنتاج الخاصة بالسلع الإستراتيجية وذلك يتطلب من المسؤولين اختيار القيادات المؤهلة لتولى مسؤولية الإدارة بعيداً عن المجاملات والمحسوبية فى اختيار كوادر تعمل بشكل روتينى ومهمتها تنحصر فى تيسير الأعمال فقط، وأن يكون اختيار القيادات من أصحاب الكفاءات ممن لديهم القدرة على استغلال موارد الشركات الاستغلال الأمثل وأن يكون أيضاً صرف الحوافز السنوية لأعضاء مجالس إدارة الشركات مرتبطا بمدى ما تحققه الشركة من أرباح تتناسب مع ما يتم صرفه لهم. ولكن ما يثير الدهشة هو وجود بعض شركات القطاع العام التى تتعرض لخسائر سنويا إما بسبب سوء الإدارة وعدم استطاعة القائمين عليها وضع خطة لزيادة معدلات الإنتاج لينعكس سلباً على عدم تحقيق أرباح أو لصرف مكافآت لأعضاء مجلس الإدارة بمبالغ مالية لا تتناسب مع العائد مما يؤثر أيضاً بشكل سلبى على موازنة هذه الشركات واضطرار البعض منها للجوء إلى الإقراض من البنوك لتغطية العجز فى مواردها. لابد وأن نعلم أن إيقاف خسائر شركات القطاع العام يتطلب الاستعانة بكوادر علمية لديها رؤية تستطيع استخدام الأبحاث العلمية فى الابتكار واستغلال الموارد المتاحة من أجل النهوض بهذه الشركات خاصة المتعلقة بإنتاج السلع الإستراتيجية التى نستورد غالبيتها من الخارج بالعملة الصعبة وألا يتولى قيادة هذه الشركات أشخاص يعملون بشكل روتينى كتيسير أعمال وهو ما نشاهده فى العديد من شركات القطاع العام. اهتمام القيادة السياسية حاليا بتطوير شركات القطاع العام يؤدى إلى حدوث طفرة خاصة للشركات المنتجة للسلع الإستراتيجية كما سيعود بالنفع على العاملين بها من خلال زيادة معدلات الإنتاج وتحويل الشركات الخاسرة إلى رابحة. وهو ما يجعلنا نذكر ما رصدته الحكومة فى تقرير سابق لها منذ عامين عن معاناة محفظة استثمارات الدولة فى شركات قطاع الأعمال العام من تدنى العائد الاقتصادى على هذه الاستثمارات وخلل تكوين محافظ استثمارات الشركات القابضة مما أدى إلى تركز الشركات التابعة الخاسرة فى بعض الشركات القابضة وبالتالى عدم قدرة الشركة القابضة على حل مشاكل شركاتها التابعة وعدم استغلال هذه الشركات لفوائدها المالية أو قدرتها الفنية فى تطوير وإعادة هيكلة الشركات الأخرى الخاسرة. كما تتضمن التقرير وقتها ارتفاع عدد الشركات الخاسرة التى تعانى من أزمات تمويلية وفنية خاصة وارتفاع نسبة مساهمة مجموعة محدودة من الشركات فى أرباح القطاع حيث تمثل أرباح أعلى 8 شركات نسبة 70% من إجمالى أرباح الشركات الرابحة ما يشير إلى ارتفاع درجة تركز مخاطر الربحية ووجود العديد من الأصول غير المستغلة والطاقات العاطلة وانخفاض إنتاجية العامل وتحمل الموازنة العامة للدولة سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتكلفة تمويل العديد من شركات القطاع. وشملت مشاكل القطاع العام كذلك تراكم المخزون وعدم القدرة على تصريف المخزون الراكد ووجود خلط بين مفهوم تقديم الخدمة العامة بالجهاز الإدارى للدولة ومفهوم النشاط الإنتاجى والاستثمارى فى شركات قطاع الأعمال العام والخلط بين دور الشركات القابضة المنصوص عليه فى القانون رقم 203 لسنة 1991 لقطاع الأعمال العام وبين دور المؤسسات الفنية والهيئات العامة سواء من ناحية تشكيل وتكوين محفظة الاستثمارات التابعة لكل شركات قابضة أو من ناحية خبرات القيادات بالشركات القابضة. ويعتبر قانون 203 لسنة 91 من القوانين التى أضرت الشركات كثيرا وساهمت فى زيادة خسائر شركات قطاع الأعمال العام والتى بلغت حاليا 40 مليار جنيه نتيجة التحايل بمنع تصفية الشركات، وهو ما جعل البرلمان السابق ينتفض ضد هذا القانون وعقدت جلسة مناقشات بين كل من النقابات العمالية ووزير القوى العاملة مع وزير قطاع الأعمال العام لمناقشة تعديلات هذا القانون والتى شملت تعديلاته فى مادته الأولى استبدال عدد من مواد القانون بمواد جديدة أبرزها ما تضمنته تعيين رئيس مجلس إدارة غير تنفيذى للشركة وألا يقل عدد مجلس الإدارة عن 5 وألا يزيد عن 9 أعضاء . أما المادة الأهم التى تضمنتها التعديلات المادة 38 ونصها "وفى جميع الأحوال إذا بلغت قيمة خسائر نشاط الشركة كامل حقوق المساهمين بالشركة وجب على الجمعية العامة غير العادية حل وتصفية الشركة أو دمجها فى شركة أخرى بمراعاة الحفاظ على حقوق العاملين بها بما لا يقل عما تضمنه قانون العمل". سنوات طويلة وشركات قطاع الأعمال تعانى الإهمال والعبث والإفساد المتعمد، حتى أصبحت مجرد هياكل لا قيمة لها، شركات كانت فى الماضى تقود الثورة الصناعية التى شهدتها مصر إلا أنها تحولت بفعل فاعل إلى خرابات فى حاجة إلى إعادة بناء شركات لها تاريخ نقشت عبارة صنع فى مصر على جدار الزمن، ظلت مصنوعاتها رمزاً للقوة والإتقان بدءاً من الغزل والنسيج وحتى الحديد والصلب والألومنيوم، مروراً بالصناعات الإلكترونية والصناعات الوسيطة وغيرها، إلا أن يد الإهمال والفساد امتدت إليها لتغتالها وتغتال معها حياة آلاف العمال الذين يعملون بها. ولما كانت تركة شركات قطاع الأعمال مثقلة بالهموم، فكرت الحكومات السابقة فى التخلص منها، فباعت جزءًا منها إلا أن البيع لم يحل المشكلة، بل نتجت عنه مشكلة المعاش المبكر، والفساد الذى شاب عددًا من الصفقات، وما بقى منها من شركات ما زال يعانى من تراكم الديون، لذلك وجه الرئيس السيسى بضرورة تنفيذ إصلاحات شاملة بهذه الشركات.

يذكر أن وزارة قطاع الأعمال العام تتبعها 119 شركة تابعة لـ 8 شركات قابضة، تخضع للقانون 203 لسنة 1991، إلى جانب حقوق ملكية فى عدد 299 شركة مشتركة خاضعة للقانون 159 لسنة 1981 . ولابد أن نشير إلى أمر هام وهو أن المشاكل التى تواجه القطاع العام عدم دقة البيانات وعرضها فى توقيتات متأخرة ما يحول دون توفير المعلومات اللازمة لدعم اتخاذ القرار، علاوة على وجود مطالب عمالية بالحصول على حصص فى الأرباح حتى فى الشركات الخاسرة أسوة بما يتم توزيعه فى الشركات الرابحة دفترياً، ما يمثل مشكلة بتحول قطاع الأعمال العام من قاطرة اقتصادية واستثمارية للدولة إلى عبء دائم على الموازنة العامة. إذاً فنحن أمام تحد جديد وكبير تواجهه الدولة فى كيفية إعادة هيكلة القطاع العام برمته وهو ملف يحتاج بالفعل لإرادة سياسية حقيقية تبدأ بغربلة عواجيز شركات قطاع الأعمال وهى أولى طرق الإصلاح.  وللحديث بقية.