لا يمكن أن ننكر بأى حال من الأحوال أن هذه الموجة الثانية من فيروس كورونا تتسم بالسرعة فى الانتشار.

خالد الطوخى,مقالات خالد الطوخى,د خالد الطوخى

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
خالد الطوخى يكتب: الموجة الثانية من "كورونا".. قليل من الأعراض.. كثير من المخاطر
الإجراءات الإحترازية مسئولية الجميع.. والاستهتار يؤدى إلي كوارث

خالد الطوخى يكتب: الموجة الثانية من "كورونا".. قليل من الأعراض.. كثير من المخاطر

يوماً بعد الآخر تشهد أعداد الإصابات بفيروس كورونا تزايداً ملحوظاً وهو ما نلمسه بوضوح فى البيانات الرسمية التى تصدر يومياً عن وزارة الصحة والسكان متضمنة أعداد الإصابات وأعداد المتوفين وأعداد المتعافين، وحينما أقول تزايدا ملحوظا فإننى أعني به ما يتم الإعلان عنه على وجه الخصوص بعد أن تخطينا الـ ٤٠٠ حالة إصابة في اليوم فما إن تم تسجيل هذا الرقم حتي بدأت علي الفور الزيادة تتفاقم وبشكل ملحوظ وتنبئ بخطر شديد مقدمين عليه فتحليل هذه الأرقام يشير أيضاً إلى أننا نسير في الطريق نحو الوصول إلى أعلى قمة بالموجة الثانية لفيروس كورنا من حيث الانتشار.

ولا يمكن أن ننكر بأى حال من الأحوال أن هذه الموجة الثانية من فيروس كورونا تتسم بالسرعة فى الانتشار، على العكس تماماً لما حدث فى الموجة الأولى وذلك لأن هذا الفيروس وكما تشير الأبحاث العلمية أنه شهد تطوراً كبيراً فى العديد من صفاته ومن بينها مستوى درجة سرعة الانتشار، مما ترتب عنه أن أصبح التعامل مع الفيروس بشكل مختلف وهو أن ظهور أى حالة إصابة بـ«دور برد»  قد أصبح يتم التعامل معه باعتباره إصابة بـ«كورونا» حتى يثبت العكس، فطبقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية الصادرة في 27 مايو 2020 فإن زوال الأعراض المرضية في مدة 10 أيام من الإصابة يعد مؤشرًا لتعافي المريض من فيروس كورونا وبالتالي تمر المسألة بسلام.

وهذا بالطبع لم يأت من فراغ وإنما جاء مع الوضع فى الاعتبار أن فيروس كورونا قد تراجع تأثيره وقلت درجة خطورته كثيراً فى الفترة الأخيرة عما كان عليه من قبل ولكنه فى نفس الوقت وللأسف الشديد قد شهد انتشاراً أوسع وبشكل لافت للنظر، مما يضع أيدينا على حقيقة مؤكدة وهي أن هناك اختلافا كبيرا فى أعراض الإصابة بكورونا، وبالتالى فإنه ممن الممكن أن يكون الشخص مصاباً بالفيروس وفي نفس الوقت يخرج من بيته ويسير بين الناس في كل مكان، وبالتالى فإنه يتحول على الفور إلى بؤرة ناقلة للعدوى دون أن يشعر المحيطون له بذلك، وهو ما يمكن أن نطلق عليه «قنبلة موقوتة» قابلة للانفجار فى أي وقت وبأي شكل، مما يجعل تلك النوعية من المصابين الذين يعيشون حياتهم بشكل طبيعى أشد خطراً من الفيروس نفسه، فالفيروس يمكن اكتشافه بسهولة في التوقيت المناسب، وبالتالى يمكن علاجه على الفور، أما المصاب بالفيروس ويتحرك بحرية تامة بين الناس فلا يمكن معرفته او تحديد هويته بنفس السهولة وبالتالى نجده سبباً رئيسياً في ارتفاع اعداد حالات الإصابة دون أن ندرك من أتي هذا الخطر ومن هو بالتحديد الشخص الذى أصاب هذا المواطن أو ذاك.

لذا فإنه وبحكم الإلتزامات الأخلاقية يجب على الشخص المصاب أن يقوم علي الفور بعزل نفسه بنفسه ومن تلقاء نفسه انطلاقاً من إحساسه بالمسئولية ومراعاة الله فى الناس المحيطين به لأنه لا ذنب لهؤلاء الأبرياء حتى يتحملوا خطر الإصابة منه وهنا كما ذكرت من قبل فإن المسألة يجب أن يحكمها الضمير الإنساني والشعور بالمسئولية تجاه الأخرين.

وبعيداً عن هذا الأمر فهناك مسألة أخرى يجب مراعاتها وهي ضرورة التشديد على تنفيذ الإجراءات الإحترازية والخطوات الوقائية فى الأماكن العامة والمغلقة على حد سواء، الي جانب الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعى وارتداء "الكمامة" بشكل دائم وتحويل استخدام المنظفات والمطهرات إلي أسلوب حياة وليست مجرد إجراءات لحظية، بل إنها يجب أن تكون بمثابة التزام دائم على مدار اليوم وأن يتم الالتزام بذلك داخل أو خارج المنزل على حد سواء نظراً لأن المطهرات والمنظفات تعد آبرز الأسلحة الفتاكة التى تقضي على كورونا وتمنع انتشاره بشكل مؤكد.

ولن أكون مبالغا حينما أقول إن تلك الموجة الثانية والتى بدأت بالفعل لن تغادر بلادنا دون أن تترك تأثيراتها على كل شيء وهو ما يجعلنى أدعو المولى عز وجل أن نخرج من تلك الموجة بأقل خسائر ممكنة فى الأرواح، فما يحدث فى الكثير من دول العالم التى ضربتها الموجة الثانية قبلنا بعدة أسابيع تأثرت كثيراً وبشكل يدعو للدهشة فعلي الرغم من التطور الهائل فى هذه الدول من حيث الرعاية الصحية المتقدمة ،إلا أن الفيروس يحصد يومياً أعداداً كبيرة بالألاف من المواطنين الذين لا ذنب لهم  إلا أنهم لا يرون هذا العدو الغامض بالعين المجردة فتمكن منهم ونغص عليهم حياتهم وأفقدهم الكثير من أحبائهم وهم مكتوفو الأيدي دون أن يكون فى إمكانهم فعل أي شيء.

وفي هذا السياق استوقفتنى طويلاً مسألة غاية فى الأهمية بينما كنت أتابع عن قرب ما يجرى في جميع أنحاء العالم منذ بدء الموجة الثانية من كورونا فقد لاحظت تغييراً كثيراً فى آليات مواجهة هذا الفيروس وهو ما يدفعنى للمطالبة بأن نغير نحن أيضاً من سلوكياتنا وألا ننتظر حتى تصدر الدولة قرارات أكثر صرامة قد تكون لها أثار سلبية علينا، بل إنها سوف تؤثر على الاقتصاد القومي بشكل سلبي ولكننا لو بادر كل شخص باتخاذ ما في استطاعته من إجراءات والالتزام بما حددته وزارة الصحة وفق التعليمات التى أقرتها منظمة الصحة العالمية  فإننا سوف نوفر علي أنفسنا الكثير من الوقت والجهد ونتمكن بالفعل من مواجهة فيروس كورونا في موجته الثانية بشكل أسرع بكثير مما حدث مع الموجة الأولى التى لانزال نعانى من تأثيراتها السلبية على مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة.

 

وحينما أقول إنه ينبغى أن نطور من أساليب المواجهة فهذا ليس جديداً فهناك دول كثيرة استحدثت أساليب لم تكن واردة على الإطلاق ، فبعد تزايد أعداد الإصابات فوجئنا بإجراءات صارمة تم الإعلان عنها فى عواصم عدة لمواجهة موجة كورونا الثانية حيث تظل الإجراءات الوقائية هى السلاح الأول فى مواجهة هذا الفيروس الذي لا يزال غامضاً حتى الأن، علي الرغم من ظهور بعض اللقاحات ولكن ما يؤكده العلماء أنه لم يحن الوقت بعد لأن نقول إننا تعرفنا علي خصائص هذا الفيروس بالكامل وإن هناك مصلا قادرا على مواجهته بنسبة ١٠٠٪، فها هي الدول الكبرى فى أوروبا وأمريكا اللاتينية التى عاود فيها ارتفاع أعداد المصابين، ورغم ظهور لقاحات كورونا إلا أن إجراءات التباعد الاجتماعى وارتداء الكمامات هى الشعار الأول الذى تتخذه الحكومات بها وأيضا المواطنون فى الشوارع ، فعلى سبيل المثال ومن أجل تطبيق الإجراءات الوقائية فى الفلبين نجد الشرطة الفلبينية تقوم بتهديد غير الملتزمين بقواعد التباعد الاجتماعى بالضرب بالعصى خلال موسم الأعياد، خاصة أن الفلبين تحتفل بأحد أطول مواسم عيد الميلاد فى العالم، الأمر الذي دفع قائد الفريق المكلف بمكافحة فيروس كورونا اللجوء لقوات الشرطة والجيش لتنظيم دوريات فى الأماكن العامة بالعاصمة مانيلا وأيضاً فى الأماكن التي تمثل «بؤر» تفشى فيروس كورونا وهم يحملون عصيا من الخيزران بطول متر لقياس التباعد، وذلك بحسب ما بثته مؤخراً وكالة "رويترز" في تقرير مطول لها تضمن رصداً لما يشهده العالم من مواجهات حاسمة لمنع انتشار فيروس كورونا فى موجته الثانية.. أما في هونج كونج فإن الأمر يختلف تماماً ،حيث وفرت السلطات فى هونج كونج، آلية جديدة للسكان تمكنهم من إجراءات اختبارات فيروس كورونا بشكل ذاتى دون التدخل من الأطباء، حيث أتاحت آلات بيع فى الشوارع تحتوى على الأجهزة اللازمة لإجراء الفحوصات ذاتيا، على أن يتم إرسال الفحوصات إلى المراكز للتأكد من عدم تعرض صاحبها للعدوى، وقد تم وضع أجهزة الفحص الذاتى والتعليمات الخاصة بالاستعمال فى العديد من المنافذ ومنها محطات القطارات، كما تم فرض مجموعة من القيود الصحية الجديدة، ومنع التجمعات فى المطاعم والملاهى والمعارض ودور السينما والمدارس والجامعات.

نحن إذن أمام ظهور أفكار وأساليب جديدة ومبتكرة لمواجهة فيروس كورونا حتى وإن كان بعض هذه الأساليب غير منطقى وغير مقبول، إلا أنه يشير إلي أن كل دولة يجب عليها اتخاذ ما تراه مناسبا لها بما يضمن محاصرة الفيروس ومنع انتشاره، فما يمكن تطبيقه في دولة من الصعب تطبيقة فى دول أخرى .. وعلي الرغم من ذلك فإنه ستظل مواجهة كورونا مسئولية جماعية تقع علي المواطنين وعلي الحكومات على حد سواء، فالاستهار وعدم الإلتزام قد يؤدى إلى كوارث ويتسبب فى كوارث أيضاً.