"الشورى" تكشف طرق تأمين مفاعل الضبعة النووي وأهم مواصفاته الفنية

"المفاعل" يتحمل زلازلاً حتى 9 ريختر.. وتسونامي ضخم.. ويقاوم
القصف بالطيران والصواريخ
إنشاء مصانع روسية في مصر لتصنيع
مكونات المحطة النووية محليًا
مع
توقيع مصر وروسيا عقد تنفيذ بناء مفاعل الضبعة النووى للاستخدام السلمى أثارت
وسائل إعلام غربية وكذلك قنوات الإخوان المعادية ادعاءات بعدم قدرة مصر على إدارة
نظم الأمان فى المفاعل وإدارته بشكل عام ورغم إدراكنا للفزع الذى انتاب هذه
الوسائل المعادية وخوفها من امتلاك مصر قدرات نووية سلمية تساعد على نهوض اقتصادى
لمصر إلا أننا رأينا أن نرد بالتحقيق على هذه المزاعم ، رغم تأكيد الخبراء أن مفاعل
الضبعة النووى يتمتع بكل مواصفات الأمان المطلوبة، وأن هناك مجموعة من عوامل الأمان
التي من شأنها أن تحول دون وقوع خطأ أو كارثة، وذلك مع الحفاظ على المفاعل كأكثر أنواع
المفاعلات كفاءة وقوة، كما أن مكونات الأجزاء للمفاعل يمكن أن تعمل حتى 60 عاما
على أقل تقدير.
تأكيدات
الخبير الروسى سوسينن جريجوري ايفانوفيتش، نائب رئيس شركة "روس أتوم" المؤسسة الروسية للطاقة الذرية، قد أوضح أن محطة الضبعة النووية - التي تضم 4 مفاعلات - هي رقم واحد في الأمان علي مستوي العالم، وأنها مؤمنة بالكامل ضد أي زلزال أو أحداث أو حوادث، مشدداً على أن التكنولوجيا النووية هي الأسهل والأقل سعرًا لإنتاج الطاقة وتزيد إجمالي الناتج القومي ومعدلات التنمية.
وذكر "ايفانوفيتش" في تصريحات سابقة أنه سيتم طرح مناقصة عالمية العام المقبل لاختيار الشركات التي ستتولي عمليات الإنشاء، لافتاً إلى أن نحو 15 ألفا سيعملون في الإنشاء، 15% منهم خبراء روس، و85% مصريين، وأن المشروع سيتضمن نقل التكنولوجيا النووية وتوطينها بمصر.
وأضاف "ايفانوفيتش"، أنه سيتم تدريب 100% من المصريين الذين سيتولون تشغيل المشروع في روسيا، وباقي العاملين سيتم تدريبهم بين مصر وروسيا، وأن المشروع سينتج 4800 ميجاوات، وأنه ستبدأ الأعمال للمفاعلات الأربعة معًا والتي ستستغرق 54 شهرًا، وبعد 6 أشهر يتم تشغيل المفاعل الأول وخلال عامين يتم تشغيل المفاعلات الأربعة.
وأكد جريجوري أن خطط العمل والانتاج تم تجهيزها وأنه سيتم إرسال التصميمات الكاملة إلى مصر خلال أيام، موضحاً أن المرحلة الأولى تبدأ بين عامي 2022 و2023، وأن المشروع يتم تشغيله والاستفادة منه على مدار 90 عامًا، ووفقًا لطلب مصر في خطط التنفيذ والإنشاء هي الأسرع على مستوى العالم.
وأشار نائب رئيس شركة "روس أتوم"، إلى أن الباحثين موجودون في مصر منذ عام ويجرون الدراسات الجوية والبحرية والتربة، وقدموا خلال الشهر الجاري أول تقرير لهم حول نتائج الدراسات، مؤكداً أن العام المقبل سيشمل الأعمال الإنشائية ووضع البنية الأساسية لكافة المنشآت، وإنشاء طرق مؤقتة للمشروع إلي جانب المكاتب وأماكن الإعاشة للعاملين في المشروع.
ولفت إلى أن الأعمال الإنشائية ستحتاج إلي 54 شهرًا، وبعدها بـ6 أشهر سيتم تشغيل المفاعل الأول، على أن تمتد المرحلة بين الثاني والثالث إلى عام، وأن عملية الإطلاق تتبعها دائما عملية الوصول للحد الأدنى لقدرة المفاعل، ثم توليد الطاقة الاختبارية ثم التشغيل التصنيعي الفعلي للمفاعل.
واختتم
"إيفانوفيتش"، بأن المشروع الخاص بإنشاء الجزء النشط في مرحلة الدراسة حالياً،
وسيتم إرسال الخطط والرسومات للجانب المصري، خلال الأسبوعين المقبلين، مشيراً إلى أنه
بحلول فبراير المقبل ستتسلم مصر التصميمات كاملة للمشروع.
وفيما
يلى أبرز المعلومات عن اتفاقية إنشاء أول محطة مفاعلات نووية بالضبعة:
- وقعت القاهرة وموسكو في 10 فبراير 2015 مذكرة تفاهم تتضمن بناء محطة نووية بتكنولوجيا روسية تتكون من أربعة مفاعلات طاقة كل منها 1200 ميجاوات.
- تقع
منطقة الضبعة، التي تم اختيارها لبناء المفاعل النووي، على شواطئ البحر المتوسط في
محافظة مرسى مطروح، وتبعد عن الطريق الدولي مسافة 2 كيلو متر، وبناء المشروع في الكيلو
135، بطريق "مطروح الإسكندرية" الساحلي، وسيتم تنفيذ المشروع على مساحة
45 كيلومترًا مربعًا، بطول 15 كيلومترًا على ساحل البحر، وبعمق 5 كيلومترات.
- المحطة
ستضم 4 مفاعلات.
- ستحصل
مصر على قرض روسي بقيمة 25 مليار دولار من روسيا لإنشاء محطة الطاقة النووية بالضبعة،
حيث تم الإتفاق بين الطرفين على أن يتم سداداه على 35 سنة.
- أرض
الضبعة سوف تستوعب إنشاء 8 محطات نووية ستتم على 8 مراحل، المرحلة الأولى تستهدف إنشاء
محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميجا وات بإجمالى قدرات 4800
ميجا وات.
- تشمل
البنية التحتية للمشروع إنشاء برج الأرصاد لقياس درجات الحرارة والرطوبة واتجاهات الرياح،
إضافة إلى إنشاء مباني العاملين وأجهزة قياس المياه الجوفية والزلازل والتيارات البحرية
وإمداد خطوط الغاز والمياه والكهرباء والاتصالات.
- تستوعب
المحطة النووية ما يقرب من 1500 عامل مصرى ما بين مهندسين وفنين وإداريين.
- من
المقرر تشغيل أول محطة في 2019، والانتهاء بشكل كامل من إنشاء أول مفاعل نووي مصري،
ودخوله الخدمة في 2025.
- يتمثل
العائد الإقتصادى من إنشاء المحطة النووية هو إنشاء مصانع روسية فى مصر لتصنيع مكونات
المحطة النووية محليًا، عقد دورات تدريبية للكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا
النووية ونقل الخبرات الروسية فى هذا المجال للمصريين.
- تصل نسبة التصنيع المحلى إلى 25% لإدخال تكنولوجيا الطاقة النووية للبلاد، وبناء كوادر مصرية فى هذا المجال.
وقال
مصدر مصرى، عن كيفية التصرف في الوقود النووي المستهلك، "إن الوقود النووي ستحصل
مصر عليه على دفعات معينة من روسيا، وسيتم تخزينها بمصر، حيث سيتم تخزين دفعة أو دفعتين
على سبيل المثال، وفي حالة تأخر التوريد للوقود في أي وقت طوال فترة المشروع، فمصر
لها الحق في فرض غرامات، وفي حالة امتناع روسيا عن توريد الوقود النووي"، مؤكدا
أن لمصر حق اللجوء لطرف ثالث للحصول على الوقود النووي، لافتا إلى أن من مصلحة روسيا
إمداد مصر بالوقود طوال فترة المشروع.
وفيما
يخص التصرف في الوقود بعد استهلاكه، أفاد المصدر أننا سنخزنه مؤقتًا لمدة 60 سنة في
محيط المشروع، من خلال الاشتراطات التي يعمل بها العالم حاليا فيما يخص المحطات النووية،
حيث إن جميع بلدان العالم تسعى للاستفادة -خلال دراسات- من الوقود المستهلك بمعدل أمان
يقارب 100%، منوهًا بأن 20% من المحطات النووية حاليا تستخدم الوقود النووي بعد إعادة
تصنيعه، وهو ما يسمى الوقود المحترق، قائلا: "الوقود اللي دفعنا ثمنه ملكنا..
وليس ملك أحد آخر.. وسنعظم الاستفادة منه".
وأضاف
المصدر أنه سيتم تخزين الوقود النووي داخل جسم المفاعل لفترة، لحين أن "يهدأ ويبرد"
الوقود بعد استهلاكه، وعقب ذلك يتم نقله في "كونتينرات أسمنتية مسلحة" وتخزن
في مخازن مؤقتة على سطح الأرض لمدة 60 سنة، وخلال الـ60 سنة، إما أن نتخذ قرارا بإعادة
استخدامه كوقود مرة أخرى أو حرقه، على أن يتم عمل مدافن خاصة للوقود الأعلى من حيث
الإشعاع، وسيكون لدينا الوقت الكافي من الأبحاث العلمية والعالمية في الطاقة النووية،
لترى مصر ماذا يفعل العالم لتسير على خطاهم، "نحن نتحدث عن 60 سنة قادمة وليس
عاما أو اثنين" على حد قوله.
وفي حالة الاستقرار على التخلص من الوقود المستهلك وهي المرحلة النهائية للوقود، وفقًا للمصدر، يمكن دفن الوقود النووي والمواد التي بها مستوى "إشعاعي عالي الخطورة"، حيث سيتم إقامة مدافن خاصة لها وعلى أعماق كبيرة، من خلال عمل دراسات جيولوجية كاملة لها بمنتهى الدقة.
وأفاد
المصدر أن التأخير في تنفيذ مشاريع محطات إنتاج الكهرباء التقليدية التي تعمل بالغاز
يمكن تداركه، ولكن الأمر مختلف في عقود المشروع النووي، حيث إن "فوائد القرض"
سيتم دفعها من تاريخ توقيع العقود النهائية مع روساتوم، بينما البدء في سداد
"قيمة" القرض يكون بعد إنتاج الكهرباء من محطات المفاعلات النووية، لافتًا
إلى أن روسيا ستوفر 85% من قيمة المشروع كقرض من وزارة المالية الروسية لصالح الحكومة
المصرية لتمويل مشروع الضبعة النووي من مصادر التمويل الروسية، على أن توفر مصر
15% المتبقية من قيمة المشروع.
وحسب
وزير الكهرباء، فإن الحكومة لن تصرف أي مبلغ من قرض المحطة النووية البالغ ٢٥ مليار
دولار قبل توقيع جميع عقود محطة الضبعة النووية، معددًا المزايا التي حصلت عليها مصر
من روسيا، وهي التمتع بفترات سداد تصل إلى 35 عاما، منها 12 سنة فترة سماح، على أن
يتم دفع قيمة القرض على مدار 22 سنة.
وأوضح
المصدر أن إنشاء أول مفاعل نووي من المحطة منذ تاريخ توقيع العقود بشكل نهائي، سيحتاج
إلى 9 سنوات، موزعة على "عامين" لموافقة هيئة الرقابة النووية المصرية التابعة
لمجلس الوزراء، على تصميمات المفاعلات النووية الروسية من حيث التشغيل والأمان، وتعديل
أي ملاحظات على التصميمات من قبل الجانب الروسي، وفقًا لطلب هيئة الرقابة النووية المصرية،
مشددًا على أن هذا حق أصيل لهيئة الرقابة النووية، و"عامين" مدة طبيعية لمراجعة
التصميمات.
وعقب
مرور العامين، وحصول روساتوم على الموافقات النهائية من قبل هيئة الرقابة النووية،
ستقوم بتنفيذ خطوات أكثر تعمقًا في تنفيذ المفاعلات النووية، حسب المصدر، ليرى أول
مفاعل مصرى النور لإنتاج 1200 ميجاوات بعد 7 سنوات من حصول روساتوم على موافقة هيئة
الرقابة النووية على التصميمات.
وفيما يخص معدلات الأمان للمفاعلات الأربعة، أفاد المصدر أن الوعاء الخارجى للمفاعل قادر على احتمال اصطدام طائرة وزنها 400 طن، وليس هذا فقط وبسرعة 150 مترا فى الثانية وهى أعلى سرعة لأى من الطائرات على مستوى العالم، والمحطات القائمة حاليا غير مصممة على هذا الأمان فى التصميم.
وأشار
المصدر إلى أن المفاعل المصري، سيتحمل زلازل حتى 9 ريختر، ويتحمل تسونامي ضخم لمياه
البحر، ويقاوم القصف بالطيران والصواريخ، ولا يمكن اختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة به،
وفي حالة انقطاع الكهرباء عنه لأي سبب فكل ما سيحدث هو أنه سيتوقف عن التشغيل لحين
عودة الكهرباء، وحوائطه تمنع خروج الإشعاع إلى الخارج، ولو وصل الأمر إلى أن إرهابيا
فجر قنبلة داخل المفاعل فإن كل ما سيحدث هو حدوث خدش بسيط جدا فى "الكنترول روم".
وأكد
المصدر أن مصر اختارت أن تكون مفاعلاتها من مفاعلات الماء الخفيف المضغوط، وهي الأكثر
انتشارًا في العالم حاليا وتمثل 64% من المفاعلات في العالم، وهذه المفاعلات يوجد منها
4 أجيال تضم الجيل الأول الذي ظهر في الخمسينيات ثم الجيل الثاني الذي انتشر بشكل كبير
في السبعينيات والثمانينيات، وفي التسعينيات ظهر الجيل الثالث المطور، وأخيرا ظهر الجيل
الرابع الذي لن يدخل المجال التجاري قبل عام 2030، ومصر فضلت أن يكون مفاعل الضبعة
من الجيل الثالث المطور وهو أنسب الأنواع لمصر لأنه الأعلى أمانا.
وفي السياق ذاته، عقب الدكتور عزت عبد العزيز، رئيس
هيئة الطاقة الذرية الأسبق، والملقب بـ"أبو البرنامج النووى المصري"، بأن
أي محطة كهرباء يتم تشغيلها بالبترول، تكون المنطقة التى يتم بها الحرق وتوليد الطاقة
من ناحية، وتوجد منطقة أخرى تستخدم بها غلايات المياه وتحويلها إلى بخار، وهذا البخار
يقوم بتشغيل التوربينة، على أن تقوم التوربينة بتشغيل الموتور الذي يولد الكهرباء،
والمفاعل النووى كما هو الحال فى المحطات الغازية.
وأضاف "عبد العزيز" في تصريحات صحفية، أن المفاعل النووى ينقسم إلى قسمين، وهم قسم غير نووى، وهو الجزء المكون من التوربينات والغلايات ورفع وتخزين المياه، وهو الجزء الذى تم الاتفاق عليه مع الجانب الروسى لتدخل نسبة التصنيع المحلى به، بنسبة مشاركة محلية فى تشغيل المفاعل النووى الأول 20%، والمفاعل الثانى 35% والثالث 50%، والرابع 65%. المفاعلات تتوقف تلقائيا في حالة اندلاع شرارة.
وشدد رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، على أن احتراق
مفاعل نووي بمحطة كهرباء تيهانج ببلجيكا، على سبيل المثال، في ديسمبر من عام 2015 الماضي،
غير وارد حدوثه فى المفاعلات المصرية، منوها بأن المفاعلات النووية المصرية التى تم
التعاقد عليها من الجيل الثالث، والأكثر أمانا ومتأصلة الأمان، وفى حالة حدوث أى
"مشكلة" فى المفاعل النووى المصرى، سيفصل نفسه تلقائيا دون الانتظار إلى
تدخل المشغلين على الإطلاق.
وأوضح أن المفاعل النووى المصرى غير قابل للاحتراق، وغرفة الاحتراق النووى مصممة فى المفاعلات المصرية على أنه فى حالة اندلاع شرارة، يتوقف المفاعل النووى بالكامل.
تاريخيا، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية التي رصدت بدأ حلم إنشاء محطة نووية مصرية منذ خمسينيات القرن الماضي، إبان عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وظهر الروس حينها كداعم قوي لمصر، وتعاونت موسكو مع القاهرة لإنشاء أول مفاعل نووي للأبحاث والتدريب في أنشاص، شمال شرق القاهرة عام 1961.
وتوالى طرح المشاريع النووية المصرية في عهد عبد الناصر بالتعاون مع السوفييت ثم في عهد خلفه محمد أنور السادات بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى بداية ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنها كانت جميعها تجارب لم تكتمل.
وعام 1983 طرحت مصر مواصفات مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 900 ميغاواط، إلا أنها توقفت عام 1986 بعد حادث محطة تشيرنوبل، للتأكد من أمان المفاعلات النووية.
وفي
عام 2002، أعلنت مصر إبان عهد الرئيس السابق حسني مبارك عن نيتها في إحياء مشروع إنشاء
مفاعل نووي للأغراض السلمية بمنطقة الضبعة على الساحل الشمالي المصري، كمكان ملائم
لاستيعاب هذا المشروع القومي لكن المشروع لم ير النور كذلك، حيث لم تلق الدراسات التي
أجريت على المشروع ترحيبا من الدول العاملة في مجال التكنولوجيا النووية.