الاحتفال المهيب بافتتاح طريق الكباش بالأقصر رسالة للعالم بأن مصر تنعم بالأمن والأمان والاستقراراهتمام غير

الغربية,الأرض,العالم,الفراعنة,المشروعات القومية,السيسى,مياه,شبكة,تنقل,الكرنك,السياحة,الخارجية,مصر,الأقصر

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
خالد الطوخى يكتب: الأقصر تتحول إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم 

خالد الطوخى يكتب: الأقصر تتحول إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم 

◄الاحتفال المهيب بافتتاح "طريق الكباش" بالأقصر رسالة للعالم بأن مصر تنعم بالأمن والأمان والاستقرار

◄اهتمام غير مسبوق بالحضارة القديمة والمعالم السياحية والتاريخية فى ظل "الجمهورية الجديدة" 

◄القيادة السياسية نجحت فى تعزيز ريادة مصر كوجهة سياحية كبرى حديثة ومستدامة 

◄طريق الكباش يعيد الجذب السياحى لمدينة طيبة القديمة ويربط بين معابد الكرنك والأقصر

 

يوماً بعد الآخر تثبت القيادة السياسية للجميع وبما لا يدع مجالاً للشك أن "الجمهورية الجديدة" التى تتشكل ملامحها الآن ليست مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامى وإنما هى إرادة حقيقية وواقع ملموس على الأرض من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى والإنجازات التنموية غير المسبوقة.

فها هى الاحتفالية المهيبة التى شهدتها الأقصر بتشريف السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بمثابة قيمة مضافة لما تحقق ومازال يتحقق على أرض الواقع فقد تحولت الأقصر إلى متحف مفتوح بالفعل فى أعقاب هذه الاحتفالية العالمية التى أقيمت بمناسبة إحياء "طريق الكباش"، هذا المسار التاريخى الذى يعيد الجذب السياحى لمدينة طيبة القديمة ويربط بين معابد الكرنك والأقصر.

إن ما شهده العالم فى هذه الاحتفالية ليس جديداً على مصر التى تمتلك قدرات هائلة فمنذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم البلاد تشهد الدولة اهتماما ملحوظا بآثارها ومعالمها السياحية والتاريخية فى جميع أنحاء الجمهورية ما أعاد للحضارة المصرية أمجادها وتحولت المحروسة بالفعل إلى منطقة جذب سياحى.. فقد شهدنا على مدار السبع سنوات الماضية اهتماما غير مسبوق بالمشاريع الأثرية، فلا تتوانى الدولة - فى إطار رؤية ورسالة الدولة للنهوض بقطاعى السياحة والآثار - عن تعزيز ريادة مصر كوجهة سياحية كبرى حديثة ومستدامة، من خلال ما تملكه من موارد ومقومات سياحية وطبيعية وبشرية وأثرية غنية ومتنوعة وعلى وجه الخصوص السعى الدءوب من أجل الحفاظ على الإرث الحضارى المصرى الفريد للأجيال القادمة فخلال السنوات الماضية أصبحت مصر محط اهتمام العالم، وشاهدنا موكب المومياوات الملكية، ونجاح معارض الآثار الخارجية وقرب انتهاء المتحف المصرى الكبير، وغيرها من المشاريع التى تنطلق تحت مظلة «الجمهورية الجديدة».

 

لقد اتجهت أنظار العالم أجمع إلى الاحتفالية الترويجية والحضارية لمدينة الأقصر، بمناسبة الانتهاء من مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى «طريق الكباش»، وهو من أهم الطرق والعناصر الأثرية الخاصة بمدينة طيبة القديمة، التى توليها الدولة اهتماما كبيرا فى الكشف عنها، فقد تم الكشف عن الطريق التاريخى لملوك الفراعنة منذ أكثر من 72 سنة، واستمرت أعمال الحفائر خلال الفترة الماضية بعد فترة توقف فى عام 2011 وعادت أعمال الحفائر والتطوير الخاصة بالطريق فى عام 2017، باعتباره أحد العناصر المهمة لموقع طيبة على قائمة التراث العالمى التابعة لمنظمة اليونسكو، ما سيجعل من مدينة الأقصر متحفا مفتوحا

وحسب ما أدلى به علماء الآثار والمتخصصون فى هذا المجال فإن طريق الكباش عبارة عن طريق مواكب كبرى لملوك الفراعنة وكانت تحيى داخله أعياد مختلفة، منها عيد «الأوبت»، وعيد تتويج الملك، ومختلف الأعياد القومية تخرج منه، وكان يوجد به قديما سد حجرى ضخم تم تخصيصه لحماية الطريق من الجهة الغربية من مدينة الأقصر العاصمة السياسية فى الدولة الحديثة «الأسرة 18» والعاصمة الدينية حتى العصور الرومانية ، ويعود طريق الاحتفالات إلى قبل أكثر من 5 آلاف عام، عندما شق ملوك مصر الفرعونية فى طيبة «الأقصر حاليا» طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات أعياد الأوبت كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب ويتبعه علية القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحملة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبى الطريق، يرقصون ويهللون فى بهجة وسعادة، وبادر إلى شق هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، تزامنا مع انطلاق تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر فى إنجاز «طريق الكباش» يعود إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية «آخر أسر عصر الفراعنة»

 

وحتى نضع أيدينا على أهمية وقيمة هذا المشروع الكبير يجب أن نتعرف أولا على تفاصيل هذا المشروع العملاق  فقد بدأت أعمال الحفائر بالطريق فى نهاية الأربعينيات من القرن العشرين بواسطة الأثرى زكريا غنيم، حيث قام عام 1949 بالكشف عن 8 تماثيل لأبى الهول، كما قام الدكتور محمد عبدالقادر 1958م- 1960 م، بالكشف عن 14 تمثالا لأبى الهول، وقام الدكتور محمد عبدالرازق 1961م - 1964 بالكشف عن 64 تمثالا لأبى الهول، وقام الدكتور محمد الصغير منتصف السبعينيات حتى 2002 م بالكشف عن الطريق الممتد من الصرح العاشر حتى معبد موت، والطريق المحاذى باتجاه النيل، كما قام منصور بريك عام 2006م بإعادة أعمال الحفر للكشف عن بقية الطريق بمناطق خالد بن الوليد وطريق المطار وشارع المطحن، بالإضافة إلى قيامه بصيانة الشواهد الأثرية المكتشفة، ورفعها معماريا وتسجيل طبقات التربة لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور ، ولقد أدرك المصريون القدماء الصفات الفائقة للكباش، واتخذ بعض المعبودات المصرية القديمة شكل الكباش مثل كبش مدينة «منديس»، عاصمة الأسرة التاسعة والعشرين فى دلتا النيل، وهو الكبش المعروف باسم «با نب جدت»، وكبش «جدو»، أو «أبوصير» فى الدلتا، الذى كان إلها للعالم الآخر حين تم ارتباطه برب الموتى والعالم الآخر الإله الشهير «أوزيريس» الذى عرف بلقبه «سيد جدو»، ومن المعروف أن الرب أوزيريس قد جاء أصلا من مدينة «جدو»، عاصمة الإقليم التاسع فى الدلتا المصرية، وكان لقبه «سيد جدو» من أقدم وأعظم الألقاب التى كان يحملها، وقد سميت تلك المدينة فى وقت لاحق باسم «بر - أوزير»، بمعنى «بيت الإله أوزير»، وأطلق عليها الإغريق اسم «بوزيريس»، أى «مكان أوزيريس»، وكانت «جدو» الموطن الأصلى لمعبود آخر أقدم، كان يحمل صولجانا معوج الطرف وفى يده الأخرى كان يحمل سوط الراعى، بينما كانت تعلو رأسه ريشتان، وهو المعبود «عَنَجِتِيِ»، كما أنه من المعروف أن أوزير قد امتص ذلك الإله تماما، ولم يبق منه بعد ذلك سوى لقبه الذى اتخذه الإله أوزير بعد ذلك، ويؤكد ذلك أيضا الهيئة البشرية التامة التى كان يصور بها الإله «أوزير»، وهو يحمل على رأسه تاج الصعيد الأبيض، وكان يُلحِق به ريشتان على الجانبين، وكان يستقر على زوجين من قرون الكباش، ، واتخذ رب الدولة الحديثة الرئيس، الإله آمون، أو الإله آمون رع، شكل الكبش أيضا، ونسبوا إليه «طريق الكباش» أو طريق «أبوالهول» أو «طريق الأسود»، الذى كان يربط معبد الأقصر فى الجنوب بمعابد الكرنك فى الشمال، وكان يضم نحو 1200 تمثال بجسم أسد، وأطلق المصريون القدماء على الطريق اسم «وات نثر» بمعنى «طريق الإله»، وترمز الحيوانات المجسدة فى تماثيل طريق الكباش إلى الإله «آمون رع»، وتم تشييد الطريق خلال عصر الأسرة الثامنة عشرة، وأكمله الملك «نختنبو الأول» من ملوك الأسرة الثلاثين.

 

وهذا المشروع العملاق الذى تم الانتهاء منه سيجعل من الأقصر متحفا مفتوحا، نظرا لأن الطريق يربط معابد الكرنك شمالا بمعبد الأقصر جنوبا، ليصل إجمالى أطوال الطريق إلى 2700 متر، بعدد ما يقرب من 1200 تمثال، ويتراوح وزن الواحد منها ما بين 5 و7 أطنان، وطوله يصل إلى 3 أمتار و70 سم، وعرضه متر وربع، والتماثيل جميعها عبارة عن جسم أسد برأس كبش، وتحتضن تمثال رمسيس الثانى «رمز الحماية»، والكبش نفسه يعبر عن المعبود آمون، والذى تم الانتهاء من أعمال ترميمها بأيادٍ مصرية خالصة، وتمت إعادة الألوان الأصلية لتماثيل الكباش ورؤية الخراطيش المنقوشة عليها بشكل واضح، كما أن الطريق ثرى فهو لا يحتوى على مجموعة من التماثيل فقط، بل إن المصرى القديم قام بعمل أشياء كثيرة بالطريق، منها أنه توجد بين كل قاعدة تمثال وأخرى أحواض من الزهور بشكل دائرى، ويتم توصيل مياه الرى الخاصة بمثل هذه الأحواض من خلال قنوات صغيرة من الطوب الأحمر، والتى تنقل المياه إلى هذه الأحواض، ونستطيع أن نقول إن لدينا شبكة رى متكاملة على طول الطريق لرى الأشجار والزهور الموجودة على طول الطريق، ويستطيع الزائر خلال جولته السياحية للطريق الذى جعل من الأقصر متحفا مفتوحا، مشاهدة اثنين من معاصر للنبيذ، وهى المعاصر الكاملة على الإطلاق فى صعيد مصر، والتى يتم وضع العنب بها وعصرها ثم حفظها وتخزينها، كما سيرى الزائر مناطق صناعية كثيرة بها أماكن لتصنيع الأنابيب والأوانى المخصصة لحفظ النبيذ، ولدينا المخازن التى يتم تخزين تلك الأوانى بها، بالإضافة إلى وجود أحواض لغسل العنب مزودة بقنوات صرف بحالة جيدة، إلى جانب مناطق صناعية لصناعة التمائم والتماثيل الصغيرة من الفخار، والكثير أيضا من المبانى الأخرى مثل مقياس النيل، فى شكل دائرى مزود بقياس داخلى لقياس منسوب مياه نهر النيل، وعناصر معمارية مهمة للغاية، تم اكتشافها خلال أعمال الحفائر والتى تثرى العمل فى الطريق، التى تحكى عن الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية الخاصة بأهالى طيبة عبر العصور.