انتقلت وسائل التواصل الاجتماعي من كونها بنية تحتية طبيعية لمشاركة الأحزان الجماعية وتنسيق الأنشطة المدنية إلى

شبكة,تويتر,يوتيوب,قانون,مخالفات,واشنطن,تيك توك,سوشيال ميديا,إزالة,2020,روسية,البرازيل,المهاجرين,العالم,حماية,الديمقراطية,الداخلية

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
سامر رجب يكتب: السوشيال ميديا و الانتخابات الرئاسية

سامر رجب يكتب: السوشيال ميديا و الانتخابات الرئاسية

انتقلت وسائل التواصل الاجتماعي من كونها بنية تحتية طبيعية لمشاركة الأحزان الجماعية وتنسيق الأنشطة المدنية إلى كونها أداة حسابية لتحقيق سيطرة اجتماعية، يتلاعب بها مستشارون سياسيون يتسمون بالدهاء، يستعين بهم الساسة في الأنظمة الديمقراطية والديكتاتورية على حد سواء". هذا ما جاء في تقرير أعدّه مشروع الدعاية الحاسوبية التابع لجامعة أوكسفورد وشركة "غرافيكا" لتحليل شبكات التواصل الاجتماعي حول توظيف جهات روسية شبه حكومية لجميع منصات التواصل الاجتماعي الكبرى بهدف التدخل في مسار الانتخابات الأمريكية الرئاسية .

وتعد وسائل التواصل الاجتماعي مصادر مهمة للأخبار بالنسبة إلى معظم الأميركيين، وتتمتع شركات هذه الوسائل مثل "تويتر" و"فيسبوك" و"تيك توك" و"يوتيوب" بالخبرة في تحديد المعلومات المضللة ومكافحتها، ومع ذلك قد تكون أرضاً خصبة لنشر المعلومات المضللة ليستمر معها التهديد الذي تشكله على المجتمع.

منصات وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسة أعلنت بدورها خططاً للتعامل مع المعلومات الخاطئة خلال انتخابات التجديد النصفي الأميركية، لكن كيف يقيم الخبراء خطط هذه الشركات في هذا الشأن؟

- تغير في الشكل والأهداف :

كانت الانتخابات الأميركية عام 2016 بمثابة جرس إنذار حول أخطار المعلومات السياسية الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بعد دورتين انتخابيتين أخريين مليئتين بالمعلومات الخاطئة خلال عامي 2018 و2020، أصبحت شركات الـ "سوشيال ميديا" تتمتع بالخبرة اللازمة التي تؤهلها لتحديد المعلومات المضللة ومكافحتها، ومع ذلك استمر الخطر الذي تحمله على المجتمع في التحول من حيث الشكل والأهداف، إلى ما أصبح يسمى "الكذبة الكبرى" حول تزوير الانتخابات الرئاسية الماضية موضوعاً رئيساً.

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" نهاية الشهر الماضي نتائج دراسة أجراها فريق من خبراء المعلومات المضللة في مشروع التكنولوجيا والتغيير الاجتماعي شملت 77 مجموعة من المؤثرين في الإنترنت عبر المنصات الأربع المختلفة، وكانت من أكبر ناشري المعلومات المضللة حول انتخابات 2020، وكشفت النتيجة أن معظم هذه المجموعات لا تزال نشطة على جميع منصات التواصل الاجتماعي الأربع.

ومع استمرار وهج الانقسامات الداخلية التي تغذيها اللامساواة والظلم والعنصرية في المجتمع الأميركي، وانخراط بعض الدول الأجنبية في جهود عمليات التضليل المعلوماتي لتعميق هذه الانقسامات، أصبحت مجتمعات المهاجرين في الولايات المتحدة هدفاً لحملات التضليل وسط جهود متعمدة لنشر المعلومات الخاطئة.

وعلى رغم إعلان شركات وسائل التواصل الاجتماعي خططها للتعامل مع المعلومات المضللة خلال انتخابات التجديد النصفي المقررة في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن أبرز هذه الشركات وهي "تويتر" و"فيسبوك" و"تيك توك" و"يوتيوب" تختلف في مدى استعدادها ومناهجها وفعاليتها في التعامل مع هذه المهمة، بل إن بعض الخبراء يعتقدون أن أياً من هذه المنصات لم تتعاط مع إشكالات المعلومات المضللة بفعالية مما يؤشر إلى أن التغيير المتوقع لن يكون كبيراً مقارنة بانتخابات عام 2020.

- "تيك توك" الأسوأ : 

وفقاً لتقييم عدد من الأكاديميين المتخصصين في دراسة الـ "سوشيال ميديا"، جاءت منصة "تيك توك" في المرتبة الرابعة والأخيرة بين وسائل التواصل الاجتماعي الأربع التي خضعت للتقييم، نظراً إلى لحاجتها إلى تحسينات كبيرة، وعلى رغم أنها المنصة الأسرع نمواً في العالم فإن البحث عن مواضيع إخبارية بارزة في سبتمبر (أيلول) الماضي كشف عن ظهور مقاطع فيديو من إنشاء المستخدمين، تضمنت 20 في المئة منها معلومات مضللة، أي واحد من بين كل خمسة مقاطع، وفقاً للأستاذ المساعد للإعلام والاتصال في "جامعة أريزونا" دام كيم التي أشارت أيضاً إلى أنه عندما تم تحديد عبارات محايدة كمصطلحات للبحث عنها مثل "تغير المناخ"، اقترح شريط البحث في "تيك توك" مزيداً من العبارات المثيرة للجدل، مثل "تغير المناخ لا وجود له"، والأهم أن "تيك توك" يقدم مصادر موثوقة جنباً إلى جنب مع الحسابات التي تنشر معلومات مضللة.

وفي حين يتمتع "تيك توك" بخصائص تميزه مثل استهلاك الشباب للأخبار بانتظام على المنصة، وأن معظم مقاطع الفيديو القصيرة تتميز بصور وأصوات لافتة للانتباه، فإن مراجعة مقاطع الفيديو هذه تعد أكثر صعوبة من المحتوى المستند إلى نص، وقد يكون تعديل محتوى الفيديو والصوت أصعب من تعديل المحتوى النصي.

وبينما لا يسمح "تيك توك" بالإعلان السياسي مما يجعل انتشار المعلومات الخاطئة المتعلقة بالانتخابات أقل مشكلة، إلا أن العديد من الباحثين سلطوا الضوء على افتقاره إلى الشفافية، فقد كان من الواضح أن قدرته محدودة للغاية من الناحية العملية على القيام بذلك، إذ تعتبر عمليات التزييف العميقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص مشكلة متنامية على "تيك توك"، وهو أمر تمكنت شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى من مراقبته وتحجيمه كما يقول أستاذ قانون الأعمال والأخلاق في "جامعة إنديانا" سكوت شاكلفورد.

ويكمن الخطر على "تيك توك" في أنه بمجرد إزالة مقطع فيديو مضلل من قبل النظام الأساس يمكن أن تنتشر نسخة تم التلاعب بها وإعادة نشرها بسهولة على المنصة، وهو أمر يستخدم "فيسبوك" على سبيل المثال طرقاً مدعومة بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف ما يسميه "شبه الازدواجية للمعلومات الخاطئة المعروفة على نطاق واسع"، لكن "تيك توك" لم ينشر أية تفاصيل حول كيفية معالجة شبه الازدواج في المعلومات المضللة المتعلقة بالانتخابات.

وبعد أن أصبحت شبكة "تيك توك" النطاق الثاني الأكثر شهرة في العالم، بعد "غوغل" فقط، فإن مدى وصولها وتأثيرها المتزايد يؤكد الحاجة إلى عمل جاد بشكل استباقي لتحسين سلامة المحتوى، بخاصة بعدما واجهت انتقادات هائلة على الصعيد الدولي لعدم قدرتها على إخماد المعلومات المضللة المتعلقة بالانتخابات في ألمانيا حينما تم تزييف حسابات "تيك توك" لشخصيات سياسية بارزة خلال الانتخابات الوطنية الأخيرة هناك.

"فيسبوك" لم يتعلم الدرس

وعلى رغم التحركات للحد من انتشار الدعاية الصينية على "فيسبوك"، يبدو أن هناك إجماعاً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على أن "فيسبوك" لم يتعلم دروسه من انتخابات 2016، إذ لا تزال المنصة تسمح بالإعلانات السياسية بما في ذلك إعلان من المرشح الجمهوري للكونغرس جو كينت يزعم فيه "تزوير الناخبين المتفشي" في انتخابات 2020.

وتشير أستاذة نظم المعلومات في "جامعة ميتشغان" إنجانا سوسارلا إلى أن "فيسبوك" يستثني السياسيين من قواعد التحقق من الحقائق ولا يحظر الإعلانات السياسية، على عكس "تويتر" أو "تيك توك"، ولم تنشر "ميتا" أية سياسات علنية حول كيفية حماية المستخدمين من المعلومات المضللة مما ترك المراقبين يتساءلون عن مدى استعدادها للتعامل مع المعلومات المضللة خلال الانتخابات النصفية.

وما يثير القلق بشكل خاص السياسيون الذين يستفيدون من استهداف التركيبة السكانية للأقليات، بخاصة المجتمعات اللاتينية، كما أن تطبيقات المراسلة مثل "واتساب" تحد رئيس آخر لتطبيق "ميتا" لأنها خصصت موارد مالية لمراقبة المحتوى بشكل أساس باللغة الإنجليزية من دون نظيرتها الإسبانية التي تتحدث بها المجتمعات اللاتينية المنحدرة من أميركا اللاتينية.

وبينما تدل الأرقام على أن الإعجابات والمشاركات والتعليقات التي نشرت على "فيسبوك" وتضمنت معلومات مضللة، سجلت 160 مليوناً بمعدل شهري خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016، فقد ظل المستوى مرتفعاً خلال يوليو (تموز) 2018، ووصل إلى 60 مليوناً شهرياً، لكنه ظل عند مستويات عالية في حين تظهر الأدلة الحديثة أن نهج "فيسبوك" لا يزال بحاجة إلى العمل عندما يتعلق الأمر بإدارة حسابات المستخدمين التي تنشر معلومات مضللة، والإبلاغ عن منشورات المعلومات الخاطئة وتقليل إمكان الوصول إلى تلك الحسابات والمنشورات.

"يوتيوب" والانتقادات المستمرة

تقضي سياسة "يوتيوب" بإلغاء القصص المخالفة وإزالة القنوات التي تتلقى ثلاث مخالفات خلال 90 يوماً، لكن على رغم أن هذا قد يكون فعالًا في السيطرة على بعض أنواع المعلومات المضللة، فإن موقع "يوتيوب" كان عرضة لمحتوى خبيث مرتبط بالانتخابات، بما في ذلك المعلومات المضللة حول الاتجار بالبطاقات الانتخابية.

وانتقد المراقبون "يوتيوب" لعدم قيامه بما يكفي على المستوى الدولي لمعالجة المعلومات المضللة المتعلقة بالانتخابات، ففي البرازيل على سبيل المثال، أصبحت مشاركة مقاطع فيديو "يوتيوب" على تطبيق المراسلة "تيليغرام" طريقة شائعة لنشر المعلومات الخاطئة المتعلقة بالانتخابات، مما يشير إلى أن موقع "يوتيوب" قد يكون عرضة للمعلومات المضللة المنظمة المتعلقة بالانتخابات في الولايات المتحدة أيضاً.

وبين أبريل (نيسان) 2019 وفبراير (شباط) 2021، تم الإبلاغ عن 170 مقطع فيديو مزيفاً على "يوتيوب" من قبل منظمة لتقصي الحقائق، ولم يضع "يوتيوب" عليها علامات بأنها كذلك بل اكتفى بوضع إشارات على نصفها فقط من طريق الكشف التلقائي عن بعض الكلمات الرئيسة من دون التحقق من محتوى الفيديو بحثاً عن معلومات مضللة.

وفيما أعلنت "غوغل" خطوات جديدة للقضاء على المعلومات المضللة عبر منصاتها بما في ذلك "يوتيوب"، مثل تسليط الضوء على الصحافة المحلية والإقليمية، إلا أن شاكلفورد يحذر من أن انتشار شعار "أوقفوا السرقة" في الانتخابات البرازيلية على "يوتيوب" يعني أن المعلومات المضللة لا تزال مستمرة حتى الآن وتتدفق بحرية، وهو ما ينذر بالخطر أيضاً في الولايات المتحدة.

"تويتر" بأقصى جهد

وفي حين لم يتم التعامل مع "تويتر" بشكل عام باعتباره السبب الأكبر في المعلومات المضللة منذ عام 2016، فمن غير الواضح ما إذا كانت إجراءات مكافحة التضليل التي يقوم بها كافية بعدما زادت نسبة نشر المعلومات المضللة عبره من حوالى 3 ملايين تغريدة شهرياً خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016 إلى 5 ملايين شهرياً في يوليو 2018، وهو نمط استمر حتى العام الماضي حيث تضمنت أكثر من 300 ألف تغريدة روابط تم وضع علامة مزيفة عليها بعد التحقق منها بين أبريل 2019 وفبراير 2021، وتمت إضافة علامات تحذير على نحو ثلاثة في المئة من هذه التغريدات.

ومن بين التغريدات التي شاركت الرابط نفس مع المعلومات المضللة، ظهرت على أقلية منها فقط هذه التحذيرات، مما يشير إلى أن عملية وضع التحذيرات على المعلومات المضللة ليست تلقائية أو موحدة أو فعالة."

ولا يسمح تويتر" بالإعلانات السياسية وبذل أقصى جهد لخفض المعلومات المضللة المتعلقة بالانتخابات، كما سلط الضوء على استخدامه لأساليب التحصين ضد الروايات الكاذبة المتوقعة والمعلومات المضللة بشكل استباقي من خلال تثقيف الناس حول تكتيكات المعلومات المضللة، كطريقة فعالة للحد من انتشار المعلومات المضللة، ومع ذلك لم يكن "تويتر" متسقاً في تطبيق سياساته.

ولأن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لا يقتصرون على استخدام نظام أساس واحد فقط، فقد تحتاج هذه المنصات الاجتماعية الرئيسة إلى تنسيق الجهود لمكافحة المعلومات المضللة.