في يناير 2020 بينما كافح الأطباء لعلاج أول المصابين بفيروس كورونا اتجه علماء البيانات والكيمياء الحيوية في

وفاة,2020,كورونا,العالم,فايزر,الصحة العالمية,الصحة,الأطباء,فيروس كورونا,الصناعة,اكتشاف,لقاح,الأولى,هونج كونج,الأدوية

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
سامر رجب يكتب: الذكاء الاصطناعي وصناعة الأدوية

سامر رجب يكتب: الذكاء الاصطناعي وصناعة الأدوية

في يناير 2020، بينما كافح الأطباء لعلاج أول المصابين بفيروس كورونا، اتجه علماء البيانات والكيمياء الحيوية في "بينيفولنت أيه آي" إلى الذكاء الاصطناعي للبحث عن دواء لمساعدتهم.

 

لم يكن لدى الباحثين سوى القليل من الأدلة حول كيفية عمل الفيروس الجديد. قاموا بإدخالها إلى الخوارزميات الخاصة بهم وبدأوا البحث ووجدت الخوارزميات 50 مليون مقال في المجلات الطبية في غضون ساعات قليلة. قام العلماء والخوارزميات معا بتعميق فهمهم للمسارات البيولوجية التي ينبغي أن يستهدفها الدواء والبحث عن الأدوية المعتمدة لإعادة استخدامها.

 

 

خلال أربعة أيام فقط، ضيقوا نطاق بحثهم حتى توصلوا إلى دواء الباريسيتينيب. دواء من شركة إيلي ليلي يستخدم عادة لعلاج التهاب المفاصل الروماتيزمي ويتصدى للفيروس ورد فعل الجسم الالتهابي. كانت هذه هي المرة الأولى التي يكتشف فيها الذكاء الاصطناعي دواء لإعادة استخدامه، كان يستخدم على نطاق واسع.

 

يقول بيتر ريتشاردسون، نائب رئيس علم الصيدلة في الشركة الناشئة التي تتخذ من لندن مقرا لها، إن تنبؤ الذكاء الاصطناعي بكيفية عمل الدواء ضد كوفيد - من آليته البيولوجية إلى التأثير المضاد للفيروسات - قد تم التحقق منه الآن. توصي منظمة الصحة العالمية بشدة باستخدام الباريسيتينيب في علاج حالات الإصابة الحادة من كوفيد، ووجدت تجربة التعافي في المملكة المتحدة - الدراسة الوطنية لعلاجات الفيروس - أنها تقلل الوفيات بشكل كبير.

 

 

 

يقول ريتشاردسون، "كل ذلك في غضون عامين. إنه أمر مدهش".

 

يستغرق الأمر في المتوسط عقدا للانتقال من مرحلة الاكتشاف الأولية لدواء ما إلى الموافقة عليه، ومع وجود معدل فشل مرتفع، تقدر صناعة الأدوية أنه يكلف 2.7 مليار دولار لطرح كل دواء في السوق. تشكل التجارب السريرية الجزء الأكبر من هذا الوقت والتكلفة، لكن الاكتشاف والاختبارات قبل السريرية قد تستغرق ثلاثة أو أربعة أعوام.

 

أثناء الجائحة، تم استخدام الذكاء الاصطناعي في المقام الأول كأداة لتوفير وقت العلماء، وتسريع عملية الاكتشاف البطيئة، مع استخدام الأدوية واللقاحات المصممة لفيروسات مشابهة مثل ميرس كنقطة انطلاق.

 

 

لكن المدافعين عن الذكاء الاصطناعي يعتقدون أن استخدامه على نطاق واسع خلال الأزمة هو مجرد بداية لثورة في اكتشاف الأدوية من شأنها تسخير النمو في البيانات البيولوجية والكيميائية، وقوة الحوسبة والخوارزميات الأكثر ذكاء التي يمكن أن تقلل من فواتير الرعاية الصحية المرتفعة وتوجد أدوية للحالات التي لا علاج لها.

 

إنهم يجادلون بأن الذكاء الاصطناعي قد أثبت نفسه خلال الأزمة. قامت شركة "أبسيليرا" بفرز ستة ملايين خلية في ثلاثة أيام للعثور على جسم مضاد يمكن إنتاجه بكميات كبيرة - في هذه الحالة بوساطة إيلي ليلي – كما ساعد دواء يسمى "باملانيفيماب" أكثر من مليون مصاب بكوفيد. ساعد حاسوب خارق في سعي شركة فايزر للحصول على مضاد للفيروسات يمكن تناوله عن طريق الفم.

 

رغم أن الذكاء الاصطناعي لم يصمم لقاحات كوفيد، إلا أنه قام بتحسينها. فقد تعلمت منصة شركة موديرنا - التكنولوجيا التي تستخدمها لجميع لقاحاتها - من إنتاج 20 ألف تسلسل فريد من الرنا المرسال، ما ساعدها على تصميم وتصنيع الدفعة الأولى من لقاح كوفيد لاختباره خلال 42 يوما.

 

 

يراهن أصحاب رؤوس الأموال المغامرة على أن هذه مجرد البداية. إذ ارتفع تمويل الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية 3800 في المائة في الأعوام الخمسة الماضية إلى ملياري دولار، وفقا لبيانات شركة بيتشبوك، ووقعت الشركات الناشئة المدعومة من رأس المال المغامر عشرات الشراكات مع شركات الأدوية الكبرى.

 

يقول ناثان بينايش، الشريك العام في إير ستريت كابيتال، التي تستثمر في شركات الذكاء الاصطناعي في مجال علوم الحياة، إن الجائحة عززت فكرة أن شركات الأدوية بحاجة إلى تسريع عملية الاكتشاف. يقول، "إن الفائدة الواضحة من كل هذا هي أن شركات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال تدفع باتجاه باب مفتوح في مجال الأدوية مقارنة بالسابق بسبب الحاجة الواضحة للابتكار السريع".

 

لكن حتى بينايش يعتقد أنه لم يرق إلى مستوى الآمال المتضخمة في بداية الجائحة - وهو ليس وحيدا في ذلك.

 

 

يقول إريك توبول، مؤلف كتاب ديب ميديسين، وهو كتاب عن الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، "أعتقد أن إعادة استخدام الأدوية أمر لا يزال يستحق المتابعة. لكن ليس لدينا أدلة كثيرة لإثبات نجاحها. خلال الجائحة، كان لدينا دواء واحد مؤكد (...) لكن الفكرة الكاملة للذكاء الاصطناعي كانت البحث عن الأدوية والدخول في الاكتشاف بسرعات عالية لم نشهدها من قبل".

 

إلى أن توافق الجهة التنظيمية على دواء اكتشفه الذكاء الاصطناعي بالكامل، سيكون هناك متشككون. إذ يوجد الآن 15 دواء مرشحا صممه الذكاء الاصطناعي في التجارب السريرية - ولكن بسبب أن تطوير الأدوية قد يستغرق أكثر من عقد، فسنأخذ وقتا طويلا حتى نحكم.

 

يقول ريتشاردسون، "لا يزال هناك عدد هائل من الناس لا يصدقون أي كلمة من ذلك ويعتقدون أنه مجرد دعاية".

 

 

- صمامات الأمان : 

 

خلال مضي الجائحة، نظر الأطباء في جميع أنحاء العالم إلى التوصيات الصادرة عن تجربة التعافي في المملكة المتحدة لتوجيه وصفاتهم الطبية. ساعد مارتن لاندراي، أستاذ الطب وعلم الأوبئة في جامعة أكسفورد، في إجراء التجربة العشوائية المضبوطة لأدوية كوفيد. لكنه قال إنه عند اختيار ما يختبره على المرضى، وجد أن الذكاء الاصطناعي "مفيد إلى حد ما" فقط.

 

"المشكلة هي أن خوارزميات اكتشاف الدواء تأتي جميعها بقائمة أولويات للعلاجات بترتيب مختلف عما وضعته"، كما يقول، مضيفا "إن الأساس المنطقي الرياضي" في كثير من الأحيان يفشل في مراعاة الجوانب العملية.

 

اختار المحققون في تجربة التعافي الأدوية بناء على وجود بعض الأدلة على أنها قد تكون فاعلة - مثل معالجة فيروسات كورونا السابقة أو إثبات فاعليتها في الاختبارات ما قبل السريرية. لكنهم أخذوا في الحسبان أيضا ما إذا كان الدواء متوافرا بكثرة، ومقدار فهم الآثار الجانبية.

 

يقول لاندراي إن للسلامة "أبعادا لانهائية" تقريبا يكافح الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بها، وهي أكثر تعقيدا بكثير من بعض أكبر نجاحاتها، مثل تعلم التغلب على البشر في اللعبة الصينية القديمة جو. يقول، "بدلا من محاولة لعب جو، يشبه -الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية- يحاول لعب كل لعبة تم اختراعها على الإطلاق، وبعضها لا قواعد لها حتى".

 

 

إذا أطلقنا العنان للذكاء الاصطناعي في مجال علم الأحياء، فقد يكون خطيرا أيضا. أظهر الباحثون أخيرا كيف اكتشفت خوارزمياتهم 40 ألف مركب كيميائي سام، يمكن استخدام عديد منها كأسلحة بيولوجية، في أقل من ست ساعات.

 

أظهر كوفيد- 19 الحاجة إلى التطوير السريع للأدوية - لكن النقص الأولي في المعلومات حول المرض يعني أنه لم يكن الدليل المثالي للذكاء الاصطناعي. ففي البداية، كان هناك القليل من البيانات التي يمكن لخوارزمية التعلم منها، ما يعني أنه حتى علماء بينيفولنت اضطروا إلى اتباع نهج عملي أكثر - باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة تفاعلية - مما يفعلون مع الأمراض الأخرى.

 

تشيد دافني كولر، الرئيسة التنفيذية لشركة إنسترو الناشئة للذكاء الاصطناعي ومقرها وادي السليكون، التي تركز على اكتشاف الأدوية، في شركة بينيفولنت لإثباتها أنه بالإمكان العثور على دواء لإعادة استخدامه، لكنها تحذر من أنه يختلف عن اكتشاف مركب جديد تماما.

 

تقول كولر، "أنا لست من المعجبين بنشر الأخبار عن الوعود المبالغ فيها حول الطريقة التي سنغير فيها كل شيء في غضون ثلاثة أعوام". تابعت بالقول، "إن علم الأحياء البشري صعب: فالتدخل في شيء يمكن أن يتسبب في وفاة شخص ما هو أمر محفوف بالمخاطر".

 

صممت شركة "إنسيليكو"، وهي شركة ناشئة أخرى تحمل اسما مشابها، دواء كوفيد الخاص بها. حيث نشرت الشركة التي تتخذ من هونج كونج مقرا لها ورقة بحثية حول النتائج التي توصلت إليها في نيسان (أبريل) 2020 ليستخدمها أيا كان. لكن عندما لم يشأ أحد في تطوير الدواء، قامت الشركة بتصنيعه بنفسها في أيلول (سبتمبر) من العام نفسه. لكن لأنه لم تتوافر لديها المرافق التي تملكها شركات الأدوية الكبرى، كان عليها الانتظار تسعة أشهر لاختبار الدواء في معمل آمن لدرجة كافية للتعامل مع الفيروس. ما زال يتعين عليهم الوصول إلى مرحلة التجارب البشرية.

 

 

سلطت الجائحة الضوء على أكبر عقبتين تقفان أمام مستقبل الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية: فهم البيانات غير المكتملة ولكن الأكثر وفرة من أي وقت مضى، وتغيير استراتيجيات شركات الأدوية الكبرى التي تحذر من الموافقة على استخدام الذكاء الاصطناعي.

 

يتبنى فرانك نستله، كبير المسؤولين العلميين في شركة "سانوفي"، الذكاء الاصطناعي بقوة، بعد أن وقع في الآونة الأخيرة على صفقتين كبيرتين مع "إكساينتيا" ومقرها أكسفورد وشركة "أوكين" للذكاء الاصطناعي الطبي. قال إن الذكاء الاصطناعي يعتمد على ثلاث ركائز – وهي قوة الحوسبة، والخوارزميات والبيانات.

 

أضاف قائلا، "البيانات هي التي تتطلب الحاجة الأكبر إلى التحسين - ومنها سيأتي التغيير في المستقبل".

 

 

ويقول أندرو هوبكنز، الرئيس التنفيذي لشركة إكسيانتيا، إنه بدأ يرى "تغييرا جذريا" حيث بدأت شركات الأدوية الكبرى تولي اهتماما أكبر بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

 

يقول، "إن هناك نوعا من الإدراك لكيفية استخدام البيانات والخوارزميات. إن ما فعلته الصناعة تجاه مرضى فيروس كورونا هو في الواقع شيء يجب أن نطبقه على جميع المرضى. إنها ضرورة ملحة يجب أن نوفرها في جميع الأدوية ولجميع المرضى".