الأزمة تجبر الإنسان على الحفاظ أكثر على البيئة وتعظيم الإحساس بالمسئولية نحو الأرض فلسفة إعادة التدو

الأرض,العالم,البيئة,الأمم المتحدة,الاستثمار,حماية,الهند,النوم,ياسمين الكاشف,ياسمين الكاشف تكتب,استيراد,الزراعة,اكتشاف,مياه,مصر,جليد

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. ياسمين الكاشف تكتب:  "التغيرات المناخية" تعيد ترتيب سلوكيات البشر

د. ياسمين الكاشف تكتب: "التغيرات المناخية" تعيد ترتيب سلوكيات البشر

 ◄   الأزمة  تجبر الإنسان على الحفاظ أكثر على البيئة وتعظيم الإحساس بالمسئولية نحو الأرض

◄   فلسفة "إعادة التدوير" تتصدر المشهد وتتحول إلى ثقافة ضرورية من أجل البقاء

   ◄  أمام العالم مهلة قصيرة لا تتجاوز 12 عاماً من أجل خفض انبعاثاته الكربونية

◄    مواجهة التغيرات المناخية تتطلب التكاتف والجهود مشتركة وليست فردية

 

 

شهدت الآونة الأخيرة تفاوتًا ملحوظًا فى الحديث عن تأثير التغيرات المناخية على الكرة الأرضية، ولم يقتصر هذا التفاوت على الأشخاص وحسب بل إنه من دولة لأخرى، حتى بات ظاهرًا بشكل لافت للنظر خاصة فيما يتعلق بتأثير التغيرات المناخية على الحياة بكافة عناصرها البيئية فى الأرض والهواء والمياه.

وعلى الرغم  من أن الجميع يتفقون على أن تأثير التغيرات المناخية على الحياة فى مجملها آثار سيئة وضارة فإنه فى المقابل من ذلك ظهرت بعض الآثار الإيجابية لها وخاصة تزامنًا مع سرعة وتيرة الاتفاقيات الدولية والعالمية والعربية والمحلية التى تستهدف فى المقام الأول التأكيد على أن هناك خطرا لا محالة منه يطارد الدول النامية.

لقد استوقفنى تقرير صحفى مهم يرصد وبشكل غير مسبوق الأثر الإيجابى لقضية التغيرات المناخية، وهو أمر لم يكن مطروحًا من قبل إلا أنه أشار وبشكل احترافى إلى أن أهم وأبرز تلك الآثار الإيجابية للأزمة يتمثل فى القيام بتعديل سلوكيات البشر وتعظيم الإحساس بالمسئولية نحو الأرض إلى جانب الحرص على المشاركة فى حماية الأرض وتقليل حجم الانبعاثات للتخفيف وذلك فى محاولة جادة لتخفيف وطأة التأثر السلبى من التغيرات المناخية.

فعلى سبيل المثال نجد أن هناك مبادرات عديدة تم إطلاقها من قبل أشخاص عاديين استشعروا أهمية تحفيز الناس على المشاركة فى حماية الأرض، كما أن الحديث عن حماية الكوكب لم يعد كما كان من قبل مجرد حديث يدور بين المتخصصين البيئيين أو الجيولوجيين فقط.

وتطرق هذا التقرير إلى مسألة فى غاية الأهمية هى أن الإنسان العادى أصبح الآن حريصا كل الحرص على أن يسمع ويعرف ماذا تعنى التغيرات المناخية ويهتم بمتابعة كافة الأنشطة المتعلقة بالاقتصاد الأخضر الصديق للبيئة وذلك لتوفير منتجات خضراء من شأنها تقليل الغازات الدفينة.

ليس هذا فحسب بل إن الإنسان العادى أصبح يسعى نحو خلق "صناعة خضراء" إن لم تكن ذلك بدافع الالتزام الدولى فإنه بدافع الرغبة الحقيقية والصادقة فى "الاستثمار المستقبلى".

واللافت للنظر أن ثقافة إعادة التدوير أصبحت تأخذ حيزًا أكثر انتشارًا على مستوى الأفراد والمؤسسات والمجتمع المدنى لدرجة أنها بدأت تتصدر المشهد فى صناعة الملابس وعلى وجه الدقة ظهور موضة الملابس المعاد تدويرها والملابس التى تقوم على المواد البيئية الصديقة للبيئة.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، حيث تحولت ثقافة إعادة التدوير لجزء من سلوكيات الإنسان وخاصة فى الدول النامية، التى تنتشر فيها عملية استيراد الملابس الاستوكات والمخلفات.

والحق يقال فإن سلوكيات الإنسان لم تعد فقط مجرد سلوكيات فردية وإنما أصبحت أيضًا عملا جماعيا مشتركا دون اتفاق ملموس من منطلق الشعور بالمسئولية والفاعلية فى الحفاظ على الأرض.

ومن ناحية أخرى نجد أن التغيرات المناخية من آثارها أيضًا تغيير الحالة البيولوجية داخل جسم الإنسان فطبقًا لدراسة عالمية تم نشرها مؤخرًا تم اكتشاف أن عدد ساعات النوم عند الإنسان سيقل بسبب ارتفاع درجات الحرارة وخاصة فى الدول النامية وهو فى المقابل الجانب الذى يعكس أن الدول النامية بعضها لا يملك الطاقة لإنتاج تكييفات ومعدات شديدة الاستهلاك للطاقة، وبالتالى فإن المواطن فى هذه المناطق سيلجأ إلى المبانى الخضراء الصديقة للبيئة، وفى نفس الوقت نجد أن "قلة ساعات النوم" له جوانب إيجابية فى حياة البشر فربما يكون ذاك مقدمة للعودة إلى الاستيقاظ مبكرًا والنشاط والتفاعل مع من حولنا بشكل مختلف.

يذكر أن مصر تستضيف هذا العام مؤتمر المناخ COP27 الذى يأتى فى وقت هام للغاية ليس فقط لأن تغير المناخ يؤثر بشكل كبير على كل دول العالم إنما لأنه يأتى فى وقت يتعافى العالم  فيه من الوباء العالمى "كوفيد ١٩"، وهذا ما يزيد من التحديات القادمة، وبالطبع فإن مصر فى ظل رئاستها لمؤتمر

COP27 ستسعى لدمج جميع الأطراف فى هذا المؤتمر، وخاصة منظمات الأمم المتحدة، وسيكون شعار المؤتمر معًا نحو التنفيذ، لأن مواجهة التغيرات المناخية تتطلب التكاتف والجهود مشتركة وليست فردية، لذلك سيكون هذا المؤتمر جامعا لكل الأطراف المعنية والقطاعات من قطاع حكومي وخاص، مجتمع مدنى، الشباب والمرأة على وجه الخصوص.

وتكمن أهمية مؤتمر الـ COP27 كونه مؤتمرا للتنفيذ وكلمة تنفيذ تعنى أن جميع القرارات والتعهدات والمخرجات من مؤتمر جلاسجو COP26 سيتم تنفيذها.

وقد خلص تقرير المناخ الدولى الذى صدر فى أكتوبر 2018 إلى أن أمام العالم مهلة قصيرة لا تتجاوز 12 عاماً من أجل خفض انبعاثاته الكربونية بنسب محددة تلزم جميع الدول لكيلا ترتفع درجة حرارة الكون أكثر من 5ر1 درجة، إذ أن تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكون 1٫5 درجة سوف يؤدى إلى أضرار جسيمة لكوكبنا الأرضى, تخلص فى زيادة ظواهر الجفاف والفيضانات وغرق مساحات شاسعة من سواحل دول عديدة، وتنامى ظاهرة الجوع وانخفاض إنتاج الزراعة .

كما خلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة والهند والسعودية سوف تكون الأكثر تضرراً من تغيرات المناخ، وأن مصر سوف تكون من الدول المتضررة، حيث تواجه العديد من المخاطر فى ثلاث جهات أساسية، أولاها : زيادة حدة الجفاف خاصة أن 86 فى المائة من مساحتها تدخل فى نطاق المناطق الأشد جفافاً فى العالم، بما يعنى تزايد أخطار التصحر والجفاف ونقص الموارد المائية إلى حدود الفقر المائى، وتأثير جميع ذلك على خفض إنتاجية الأرض الزراعية، ونقص الغذاء لأن ارتفاع درجة حرارة الكون أكثر من 1٫5 درجة سوف يمنع إنبات محاصيل أساسية فى مقدمتها القمح .

ثانيتها : ارتفاع مياه البحر المتوسط بسبب ذوبان جليد القطبين بما يهدد بغرق مساحات شاسعة مأهولة من الساحل الشمالى، تشمل 5 محافظات هى بورسعيد وكفر الشيخ ودمياط والبحيرة والدقهلية خاصة إذا ارتفع منسوب مياه البحر بأكثر من مائة سنتيمتر وترتب دخول مياه البحر المالحة تحت سطح أجزاء واسعة من أرض شمال الدلتا بما يؤدى إلى تملح التربة وتدهور جودة المحاصيل الزراعية وفقدان الإنتاجية وقلة الغذاء. فضلاً عن أن مصر سوف تكون أكثر عرضة لانتشار أمراض النوافل الحشرية مثل الملاريا والغدد الليمفاوية وحمى الضنك وحمى الوادى المتصدع ، ورغم أن إسهام مصر فى ظاهرة الاحتباس الحرارى يكاد يكون جد محدودا لأن حجم الانبعاثات الكربونية التى تصدر عنها لا يمكن مقارنته بدول مثل الهند والصين والولايات المتحدة أو أى من الدول الأوروبية التى تستهلك كميات ضخمة من الطاقة الحرارية، إلا أن مصر أكثر تأثراً بظواهر تغيير المناخ من غيرها قياساً على حجم انبعاثاتها الكربونية المحدود .

ثالثا: إسهام المجتمع الدولى فى معاونة مصر على القيام بمسئولياتها فى مواجهة آثار التغيرات المناخية محدود جدا ، لا يتجاوز 31 مليونا ونصف المليون دولار وفقا لما أعلنه وزير الرى، للحد من الفيضانات الساحلية التى تهدد بغرق 70 كيلو متراً من سواحل مصر الشمالية، أو وقف زحف المياه المالحة تحت أراضى شمال الدلتا بما يهدد خصوبتها وإنتاجيتها الزراعية .

ومع ذلك ليس أمام مصر رغم كثرة تحدياتها الاقتصادية سوى أن تخوض معركة تغيرات المناخ على جهاتها الثلاث، وأن تنسق جهودها مع الأمم المتحدة فى إطار خطة متكاملة تقوم على ربط تغيرات المناخ بمشكلات نقص الموارد المائية والجفاف والتصحر، ودمج جهود القطاع الخاص والمجتمع المدنى مع جهود الدولة فى التصدى لهذه المشكلات الجديدة.