الجمهورية الجديدة تمنح مؤسسات المجتمع المدنى مكانة متميزةالإدارة المصرية تأمل وجود مجتمع مدنى قوى يعمل على ح

100 مليون صحة,حماية,فيروس,المالية,الحبس,الاتصال,2020,2021,حقوق الإنسان,العالم,أحداث,مصر,الحكومة,التنمية المستدامة,الأولى,خروج,السيسى,قانون,المواطنة,مجلس النواب

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. ياسمين الكاشف تكتب:  المجتمع المدنى يلعب دورًا أساسيًا فى دعم جهود التنمية

د. ياسمين الكاشف تكتب: المجتمع المدنى يلعب دورًا أساسيًا فى دعم جهود التنمية

◄الجمهورية الجديدة تمنح مؤسسات المجتمع المدنى مكانة متميزة

◄الإدارة المصرية تأمل وجود مجتمع مدنى قوى يعمل على حماية الحقوق والحريات

◄تنسيق جاد بين أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لتنظيم العمل الخيرى فى مصر

◄24 مؤسسة وجمعية أهلية وقعت على ميثاق التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى

لا شك فى أن مؤسسات المجتمع المدنى تعيش الآن أزهى عصورها فى ظل الجمهورية الجديدة خاصة أن القيادة السياسية قد انتبهت لأهمية منظمات المجتمع المدنى فى صنع السياسات العامة المستنيرة إذ أنها تلعب دورًا رئيسًيا كوسيط مع المواطنين من جهة، من خلال الاتصال المستمر مع المواطنين بما فى ذلك الفئات المهمشة أو الضعيفة، ومنحهم دورًا رئيسيًا فى الحوار المدنى وتمكين المواطنين البعيدين عن المشاركة من التعبير عن احتياجاتهم ومخاوفهم - والحكومة من جهة أخرى من خلال الحوار المنظم ذى المغزى فى صنع القرار.

وحيث إن هذا الموضوع من الموضوعات التى أضعها فى أولوية اهتماماتى فقد توقفت طويلاً أمام دراسة مهمة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية بعنوان: "المجتمع المدنى: نحو حوكمة جهود التنمية"، فقد جاء فى هذه الدراسة أن القيادة السياسية تثمن الدور الحيوى للمجتمع المدنى فى تعزيز الحقوق والحريات، وتحث على تكوين الجمعيات من أجل مجتمع مدنى قوى نابض بالحياة، مما أسفر عن قيام الدولة المصرية بإعلان عام 2022 عامًا للمجتمع المدنى.

ليس هذا فحسب بل إنها تعكف أيضًا على خلق ظروف مواتية لتعزيز المجتمع المدنى فى ظل ظروف عالمية أثرت بشكل سلبى على مساحات المجتمع المدنى فى معظم أنحاء العالم، إذ نجد البرلمان الأوروبى يعلن فى مارس 2022 تقلص مساحة المجتمع المدنى فى أوروبا بشكل متزايد، ويقدم ملاحظات حول الانكماش العام لمجال المجتمع المدنى فى بعض دول الاتحاد الأوروبى، وهو ما يمثل تهديدًا خطيرًا لسيادة القانون والديمقراطية والحقوق الأساسية.

وأشارت الدراسة إلى أن وكالة الاتحاد الأوروبى للحقوق الأساسية قد وجدت فى عام 2020 أن 57٪ من منظمات المجتمع المدنى الوطنية والمحلية فى الاتحاد الأوروبى قد تدهور وضعها بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، لاسيما فى سياق جائحة فيروس كورونا؛ وعلى جانب معاكس نجد الدولة المصرية تسعى لتعزيز مساحات المجتمع المدنى فى مصر؛ حيث تأمل الإدارة المصرية وجود مجتمع مدنى قوى يعمل على حماية الحقوق والحريات وتوفير الخدمات الأساسية للأغلبية، ويكون حاضنًا للمشكلات التى لم تتمكن الدولة من الوصول إليها، حيث يمتاز المجتمع المدنى باللامركزية، مما يساعد الدولة على تحقيق رفع جودة الحياة للمواطنين فى كافة أرجاء الجمهورية.

ولفتت الدراسة إلى أنه لا يمكن أن ينشط المجتمع المدنى إلا فى دولة مستقلة ومستقرة وآمنة فجدير بالذكر انتماء وتورط عدد من مؤسسات المجتمع المدنى الخيرية والدينية عقب 2011 فى دعم الإرهاب الذى استهدف البلاد إبان أحداث 2011 وما بعدها بالإضافة لكون بعضهم أداة للتدخل الأجنبى لتحقيق مكاسب سياسية غير وطنية، كما أن توصيف واقع المجتمع المدنى طيلة سنوات مضت هو العمل بمعزل عن خطط التنمية بالدولة، وارتكاز الكثير من مؤسسات المجتمع المدنى فى المدن وغيابها عن القرى والمناطق الأكثر احتياجًا إلى أن جاءت الجمهورية الجديدة برؤى استباقية وتخطيط إستراتيجى بعيد المدى، فوجدنا تنسيقا جادا بين أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدنى لتنظيم العمل الخيرى فى مصر، وتثمين القيادة السياسية لدور المجتمع المدنى، حيث ترى "المجتمع المدنى كشريك أساسى مهم فى عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونشر الوعى بحقوق الإنسان فى المجتمع ونشر ثقافة العمل التطوعى، والإسهام فى جهود مكافحة التطرف والتوجهات المناهضة لقيم مجتمعنا المصرى".

وألقت الدراسة الضوء على مسألة فى منتهى الأهمية وهى أن الدولة المصرية عملت على خروج الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى شارك فى إعدادها كافة منظمات المجتمع المدنى والتى تضمنت زيادة التنسيق والتكامل بين ثالوث التنمية "الحكومة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص" بالإضافة للجهات المانحة وتوعية الجمعيات الأهلية بالأبعاد التنموية وفقًا لرؤية مصر 2030، وتعزيز التواصل بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال حقوق الإنسان.

إلى جانب تعزيز ثقافة العمل التطوعى والمشاركة المجتمعية، وتنمية القدرات الموسمية للجمعيات الأهلية وعقد برامج تدريبية لتعزيز الثقافة المجتمعية بمبادئ وقيم حقوق الإنسان والتوعية بقضايا أخرى تهم الوطن والمواطن وإعلان القيادة السياسية عام 2022 عام المجتمع المدنى، ثم بعد ذلك أعلن عن التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى.

وجاء فى هذه الدراسة أيضًا أنه سعيًا لدعم مبادئ الديمقراطية بالتنمية عن طريق توحيد الجهود والتنسيق والتعاون المستمر بين المؤسسات والجمعيات الأهلية، بعد معاناة المجتمع المدنى من العشوائية وغياب الرؤية والتخطيط الإستراتيجى، تم توقيع ميثاق التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى فى 13 مارس 2022، من خلال التعاون بين مؤسسات المجتمع المدنى ومؤسسة حياة كريمة، وانضم إلى التحالف حتى الآن 24 مؤسسة وجمعية أهلية تختص بالعمل المدنى حيث وضعت المؤسسات والجمعيات الأهلية مجتمعة اللبنة الأولى للتحالف ومازالت ترحب بانضمام العديد من المؤسسات والهيئات بعد توفيق أوضاعها لتوحيد الجهود بحيث يتم تكوين قاعدة بيانات موحدة تعمل عليها جميع المؤسسات فى التحالف لضمان عدم تكرار المساعدات ووصولها لمستحقيها فى ظل وجود مشروعات قومية فى الدولة وعلى رأسها المشروع القومى التنموى "حياة كريمة" الذى وحد جهود التنمية تحت مظلته.

وأشارت إلى أنه نتيجة دمج الجهود بين الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدنى تراجعت معدلات الفقر فى مصر من 32.5% فى عام 2017/2018 إلى 29.7% فى العام 2019/2020، وهى المرة الأولى التى تنخفض فيها معدلات الفقر منذ 20 عامًا، وفقًا لتقرير التنمية البشرية 2021، والذى يعد أحد أهم التقارير الدولية التى ترصد وضع التنمية البشرية على مستوى العالم.

وأوضحت الدراسة أنه إلى جانب الجهود الحكومية شاركت الجمعيات الأهلية فى المبادرات الرئاسية مثل 100 مليون صحة وفى التوعية والمساعدات والتجهيزات وفتح مقار للمبادرات وضخ بعض التمويلات، وتمت المشاركة فى مبادرة سكن كريم، كما أسهمت بـ200 مليون جنيه لتوفير السكن فى أكثر من 5 محافظات بالصعيد كما أن نسبة مساهمة المجتمع المدنى فى القضاء على الفقر تخطت 5 مليارات جنيه سنويًا أثناء جائحة كورونا، علاوة على استجابة منظمات المجتمع المدنى بسرعة بالدعم المادى والعينى فى الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا جراء تأثر الوضع الاقتصادى نتيجة تداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية.

ونوهت الدراسة إلى أن الهدف السادس من أهداف أجندة التنمية المستدامة 2030؛ هو حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع، حيث تحقق حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع الكفاءة والفاعلية لأجهزة الدولة الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدنى، لذا فرؤية مصر للمستقبل تضع الحوكمة والالتزام بالقوانين والقواعد والإجراءات فى ظل سيادة القانون وإطار مؤسسى ضرورة لتحقيق الشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد، مضيفة أنه فى عام 2017 تم إقرار القانون رقم (70) لسنة 2017؛ وأدى إلى حالة من التخبط نتيجة بعض المواد التى يتضمنها وطالبت منظمات المجتمع المدنى بعدم تفعيله وإعادة النظر فيه.

وكان القانون محور نقاش فى منتدى شباب العالم عام 2018، حيث استجاب الرئيس عبدالفتاح السيسى لمطالب المجتمع المدنى وأعلن عدم تفعيل هذا القانون وفتح حوار مجتمعى لإعداد قانون يشارك فيه الجمعيات والمؤسسات الأهلية والشباب وتم الانتهاء من قانون (149) لسنة 2019 الذى جاءت بنوده متوافقة مع نص دستور 2014 فى المادة (75) والتى تقر على أن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية ويكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار.

وقالت الدراسة: "وبهذا فقد جاءت التشريعات داعمة لمنظمات المجتمع المدنى والعمل الأهلى، حيث يحقق قانون 149 لسنة 2019 بشأن تنظيم العمل الأهلى عددًا من المكاسب الهامة تتمثل بالأساس فى معالجة الإشكاليات القانونية والدستورية التى صاحبت عملية تشريع وإصدار قانون 70 لسنة 2017، ومنها السماح بتأسيس الجمعيات الأهلية بمجرد الإخطار والسماح للأجانب بعضوية الجمعيات الأهلية المصرية بنسبة 25% من مجموع أعضائها، وإيجاد إطار أفضل لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية فى مصر، فضلًا عن إجازته للجاليات الأجنبية إنشاء جمعية تعنى بشئون أعضائها، وإعادة الاختصاص بالرقابة على الجمعيات لأجهزة الوزارة والسماح بالحصول على التمويل الأجنبى بشرط إخطار السلطات وعدم انتهاك المنظمة أيًا من القوانين القائمة وإلغاء عقوبة الحبس والعقوبات السالبة للحريات عند مخالفة أحكامه والاكتفاء بالغرامات المالية".

جدير بالذكر أن الأمر لم يقف عند صدور قانون 149 لسنة 2019، ولكن فى خطة تعد نقلة نوعية لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدنى على أساس من الثقة المتبادلة بين الطرفين، ودعم خطط التنمية المستقبلية، تم خلال الأسابيع الماضية موافقة مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم (149) لسنة 2019، موضحة أن مشروع القانون يهدف إلى تعديل بعض أحكام القانون رقم (149) لسنة 2019 بإصدار قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى إلى منح جميع الجمعيات والمؤسسات الأهلية وغيرها من المنظمات والكيانات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى المشار إليه "مهلة مؤقتة إضافية لتوفيق الأوضاع"، لمنح الفرصة كاملة لمؤسسات المجتمع الأهلى للتمتع بكافة ما تضمنه القانون من مزايا وتسهيلات، وعدم حرمانها من تلك المزايا والتسهيلات، حيث إن اللائحة التنفيذية كانت قد صدرت بتاريخ 11 من يناير 2021.

وبدأ العمل بها فى اليوم التالى للنشر مما يستتبع أن تنتهى مهلة توفيق أوضاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية الخاضعة لأحكام القانون رقم (149) لسنة 2019 فى تاريخ 11 يناير 2022.

ومن خلال تلك القراءة المستفيضة لما جاء فى هذه الدراسة المهمة فإننى أرى أن المجتمع المدنى فى مصر الآن قادر على العمل فى وجود بيئة قانونية وسياسية تمكينية وأن الدور الذى يجب أن تلعبه منظمات المجتمع المدنى هو دور هام فى توضيح التطلعات الموجودة فى المجتمع وإعطاء صوت للضعفاء والمهمشين وضمان الوصول إلى الخدمات الهامة وتوفير الخبرة فى صنع السياسات وتعزيز المواطنة النشطة.

لذلك فإن القضاء المدنى هو عنصر لا يتجزأ من الديمقراطية وسيادة القانون والحقوق الأساسية.