كشف مرصد الأزهر في تقرير له أن تنظيم داعش الإرهابي يصدر من حين لآخر فتاوى دموية همجية يدعي فيها اتباع الشريعة

الصحة,روسيا,حقوق الإنسان,رجال,الرجال,الحكومة,الأزهر,خروج,الشريعة الإسلامية,طالب,التجارة,قضية,الصحة العالمية,الإعدام,الأمم المتحدة,سوريا,الظهور,الأطباء,العراق,رويترز

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

مرصد الأزهر يكشف تفاصيل خطيرة في تجارة "داعش" في الأعضاء البشرية للأسرى

الشورى

كشف مرصد الأزهر في تقرير له، أن تنظيم داعش الإرهابي يصدر من حين لآخر فتاوى دموية همجية يدعي فيها اتباع الشريعة الإسلامية، إلا أنَّه في الحقيقة يرمي إلى مصلحة مادية للتنظيم، ومن بين تلك الفتاوى تلك الصادرة عام 2015م بحلِّ أخذ الأعضاء البشرية ممن أطلقوا عليهم "الأسرى"، مخالفين بذلك الشريعة الإسلامية التي يزعمون اتباعها.

فبعد خروج "داعش" من بعض مناطق العراقية، عُثر على مقابر جماعية تحتوي على عدد كبير من جثامين رجال ونساء وأطفال على حد سواء قام التنظيم الإرهابي بقتلهم وأخذ أعضائهم، واستكمالًا لهذا الجُرم لم يكتفوا بقتل الضحايا بل قتلوا العديد من الأطباء الذين لم ينفذوا أوامرهم في هذا الجرم. 

 

وندد عدد كبير من ذويهم بتلك الجرائم حتي إنها وصلت لمجلس الأمن الذي طالب مسئول عراقي فيه بفتح ذلك الملف الجلل الذي يحوي واحدة من أبشع جرائم تنظيم داعش الإرهابي. 

 

ونشرت صحيفة "الشرق الأوسط" في ديسمبر2015م، نقلًا عن وكالة "رويترز" في تقرير لها، أنَّها حصلت على وثيقة تتضمن فتوى لتنظيم داعش الإرهابي وتحمل تاريخ 31 يناير 2015م، وتجيز الحصول على أعضاء الأسير حيًّا لإنقاذ حياة مسلم، حتى إذا أدى ذلك لموت الأسير.

 

وصدرت ترجمة أميركية رسمية لوثيقة الفتوى التي تحمل شعار «(داعش) - نائب رئيس ديوان البحوث والإفتاء»، وصرح مسؤولون أميركيون بأنَّ الوثيقة كانت بين مجموعة من البيانات والمعلومات حصلت عليها القوات الأميركية الخاصة خلال غارة بشرق سوريا في مايو2015م. 

 

وجاء في تلك الوثيقة: "أنَّ حياة الكافر وأعضاءه ليست محل احترام ومن ثم يمكن سلبها منه، وعليه لا مانع من استئصال أعضاء يمكن أن تُنهي حياة الأسير".

 

ورد شهود عيان على تجارة نقل الأعضاء عند "داعش" في هذا السياق، وقال فاضل الغراوي، عضو مفوضية حقوق الإنسان للموقع الإخباري "الآن من بغداد": إنَّ تنظيم داعش مؤخرًا ارتكب جريمة ضد الإنسانية، وهي بيع الأعضاء البشرية لكثير من الرجال والنساء والأطفال، بعد أن تم قتلهم ودفنهم بمقابر جماعية والاتجار بهذه الأعضاء البشرية إلى خارج العراق من خلال عصابات إرهابية أخرى، بالتالي هذه الأدلة تمخضت عن وجود الكثير من المقابر الجماعية في الأماكن التي تم تحريرها من قبل داعش في محافظتي ديالى وصلاح الدين.

 

وأضاف الحقوقي العراقي أنَّه فضلًا عن شهادات الشهود الأحياء من قسم الأطباء، فقد تم إبادة بعض الأطباء على يد عصابات "داعش" الإرهابية لرفضهم استئصال الأعضاء البشرية، وبسبب هذه المعارضة تعرضوا جميعهم لعمليات قتل جماعية، في حين شهد على تلك الجرائم قسم آخر من الأطباء. 

 

 وأضاف إلى ذلك ما قامت به منظمات المجتمع المدني من جمع لتلك المعلومات التي وصلت إليها ووثقت الموضوع بشكل تقارير رسمية حقيقية وقدمتها إلى الجهات المعنية، حيث أكدت تلك التقارير والمعلومات أن "تجارة الأعضاء" كانت أحد مصادر تمويل داعش الإرهابي خلال فترة سيطرته بسوريا والعراق. 

 

جدير بالذكر أنَّ هناك تقارير وشهادات للأشخاص الذين خرجوا من المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، والذين أكدوا توجه أطباء متخصصين إلى أماكن عمليات الإعدام أو الاشتباكات التي ينفذها التنظيم الإرهابي؛ للإسراع في استئصال الأعضاء البشرية.

 

وسبق أن كشف السفير العراقي لدى الأمم المتحدة محمد علي الحكيم، خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي في فبراير 2015م ـ وفق ما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" ـ عن استخدام تنظيم داعش الإرهابي لتجارة الأعضاء البشرية كمصدر للدخل في العراق، وأن التنظيم أقدم على قتل الأطباء الذين رفضوا التعاون معه.

 

 كما قال "الحكيم" إنَّ الحكومة العراقية اكتشفت قبورًا جماعية تحتوي على العديد من الجثث التي بها شقوق على ظهورها وأعضاء مفقودة، موضحًا أنَّ الحكومة تنصتت على اتصالات للتنظيم الإرهابي كان يتم فيها تلقي طلبات للحصول على أعضاء بشرية. 

 

وأضاف السفير العراقي أنَّ بعض الجثث التي تم العثور عليها تباينت أحوالها، فهناك جثث مشوهة وأخرى بعض أعضائها مفقودة، مؤكدًا أنَّ هذا هو شكل من أشكال التمويل. وكانت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية قد كشفت في تقرير لها نشرته في ديسمبر عام 2014م عن تحوُّل تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق إلى الاتجار بالأعضاء البشرية لتمويل نشاطه في منطقة الشرق الأوسط.

 

 تجارة الأعضاء في القانون الدولي  تعتبر تجارة الأعضاء البشرية جريمة حديثة نسبيًّا بدأت في الظهور في القرن العشرين بعد نجاح الطب في زراعة الأعضاء البشرية وزاد من انتشارها كل من التقدم العلمي في مجال الطب والارتفاع في نسب الفقر والنزاعات المسلحة، مما أوجد سوقًا رائجة لهذه التجارة والتي تتعامل مع جسد الإنسان على أنه سلعة ومع أعضائه على أنها مجرد قطع غيار.

 

ولعلنا ندرك أنَّ القانون والشرع سمحا بالتبرع من الحي إلى الحي، وفق شروط معينة، وفي حالة استئصال الأعضاء من جثة المتوفى يجب أن يكون وفق شروط محددة، منها موافقة أقاربه الكتابية، وألا يكون المتوفى ترك وصية نص فيها بعدم المساس بالأعضاء الخاصة به.   

 

وقد ظهرت شركات الاتجار بالأعضاء البشرية الباحثة عن الأطفال وصغار السن للحصول على أعضائهم لبيعها بأسعار باهظة، نظرًا لحالتهم الصحية الجيدة، وهؤلاء هم الفئة الأكثر استهدافًا بشكل عام. ولهذا أصدرت لجنة الأمم المتحدة لمنع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية خلال جلستها الثالثة والعشرين التي انعقدت في مايو 2014م قرارًا قدمته روسيا بعنوان: "منع الاتجار بالأعضاء البشرية والاتجار بالبشر بغرض نزع الأعضاء ومكافحتهما"، بحسب ما نشرته مجلة "الهجرة القسرية بالعربية". 

 

كما خرج منهج الحظر من عباءة مبادئ منظمة الصحة العالمية التوجيهية بشأن زرع الخلايا والأعضاء البشرية لعام 1991م، إلا أنَّها ليست مبادئ ملزمة ولا تخضع لها جميع الدول. 

  وتحظر كذلك "اتفاقية حقوق الإنسان والطب الأحيائي" -وبروتوكولها الإضافي لعام 2002م التي وقع عليها مجلس أوروبا- شراء الأعضاء البشرية وبيعها. كما يعمل مجلس أوروبا على اعتماد "اتفاقية مناهضة الاتجار بالأعضاء البشرية" التي تؤكد على الحاجة لوجود وثيقة دولية ملزمة قانونيًّا تتناول حصريًّا جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية. 

رأي الأزهر في حكم الإتجار بالأعضاء البشرية  وقد اهتم الأزهر الشريف اهتمامًا كبيرًا بقضية الاتجار في الأعضاء البشرية، وحسم الجدل المثار حولها، حيث عقد مجمع البحوث الإسلامية مؤتمره الثالث عشر في ١٠-١١ مارس ٢٠٠٩م، تناول فيه بشكل خاص قضية نقل الأعضاء البشرية، وانتهت توصيات المؤتمر بعدم جواز بيع أي عضو من أعضاء الإنسان الذي كرمه الله، وحرََّم جعله محلًا للبيع أو الشراء أو التبادل التجاري، وعلى الإنسان أن يكون أمينا على جسده.  

ذلك أنَّ جسد الإنسان وأعضاءه إنَّما هي ملك لله تعالى، ولا يجوز للإنسان أن يتصرف في ملك الله إلا على مراده تعالى، ومن شروط البيع الصحيح أن يكون المبيع ملكًا للبائع، لما ورد عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تبع ما ليس عندك" أي ما لا تملك. [رواه أحمد وأبو داود]، والإجماع على أنَّ البيع باطل إذا باع الإنسان ما لا يملكه. 

نقطة أخرى غاية في الأهمية؛ وهي: أنَّ الله سبحانه وتعالى قد كرَّم الإنسان قال تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" [الإسراء: 70]، ولا يجوز للإنسان أن يهين نفسه، فإن بيع الإنسان لأعضائه أو لأعضاء غيره فيه امتهان له ولغيره، وفيه مخالفة لتكريم الله تعالى له. 

وبهذا الشأن، يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن تنظيم داعش الإرهابي إلى جانب اعتماده وقتها على تجارة النفط، إلا أن سعيه لتوسيع نفوذه جغرافيًّا جعلته يبحث عن مصادر تمويل إضافية حتى ولو لزم ذلك إصدار فتوى أبعد ما تكون عن الشريعة الإسلامية العادلة، وهذا الأمر ليس بجديد، لتطل علينا المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في سوريا والعراق لتكشف وجهًا آخر أكثر بشاعة وإرهابًا لـ "داعش" وهو "الإتجار في الأعضاء البشرية" المحرمة شرعًا ودوليًّا. 

فما جاء به "داعش" من التجارة بأعضاء الأسرى أمر مخالف للشرع الذي يقضي بعدم جواز أخذ أعضاء الأسير، سواء إذا كان أخذ العضو يعرضه للموت أم لا، أو يسبب له ألمًا أم لا، والدليل على ذلك أنَّ الاعتداء على أعضاء الآدمي بصفة عامة فيه امتهان له،  كما أنَّ هذا الفعل قد يؤدي إلى الموت وهو منافٍ للإحسان المأمور به في الشريعة للأسير، لقوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا [سورة الإنسان، آية: 8].