حدث عالمى بدأ بفكرة نبيلة لـآل ساويرس أفسدها سوء التنظيمالسجادة الحمراء تحولت إلى عرض للأزياء بين صاحبات

حريق,كورونا,العالم,محمد فودة يكتب,المناطق العشوائية,الجونة,الحدود,مصر,فرنسا,العشوائيات,محمد فودة,فيلم,الظهور,فيروس كورونا,الأولى,حياة كريمة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
محمد فودة يكتب:  مهرجان "الجونة للأزياء".. المهرجان يرجع إلى الخلف

محمد فودة يكتب: مهرجان "الجونة للأزياء".. المهرجان يرجع إلى الخلف

◄حدث عالمى بدأ بفكرة نبيلة لـ"آل ساويرس" أفسدها سوء التنظيم

◄"السجادة الحمراء" تحولت إلى عرض للأزياء بين صاحبات الفساتين الأكثر إثارة

◄عرض فيلم "ريش" أثار ضجة كبيرة فى المجتمع.. والمهرجان يكرمه بجائزته الكبرى

◄النجوم اختفوا عن فعاليات المهرجان واكتفوا بالجرى وراء "الشو الإعلامى"

◄الدورة الخامسة تتحدى فيروس كورونا وتقام وسط إجراءات احترازية مشددة

النوايا الطيبة لا تستطيع بأى حال من الأحوال أن تصنع النجاح، هذه حقيقة تأكدت من صحتها تمامًا وأنا أتابع تلك الأحداث المؤسفة التى أحاطت بالدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائى الدولى، ولكن قبل الخوض فى هذا الموضوع وقبل كل شيء هناك مسألة أود التأكيد عليها هى أن فكرة إقامة مهرجان سينمائى دولى على هذا النحو من الروعة تعد فى حد ذاتها خطوة إيجابية يجب أن نعترف بأنها إنجاز غير مسبوق حققه آل ساويرس.. نجيب وسميح ساويرس فقد كانت النية حسنة وهى خلق حالة من التوهج والازدهار بل والرواج السياحى أيضًا لبقعة من أهم المقاصد السياحية بمصر وهو منتجع الجونة.

والحق يقال فإن آل ساويرس قدموا كافة أشكال الدعم حتى يظهر المهرجان ومنذ دورته الأولى عام 2017، وهو ما انعكس بشكل لافت للنظر فى الكم الكبير من النجوم الذين استضافهم المهرجان طوال الدورات الماضية.

ليس هذا فحسب بل إنه كان له صدى كبير جدًا لدى الأوساط الفنية فى الخارج وحقق رواجا سياحيا ملحوظا حتى فى أثناء تفاقم الأزمة التى ترتبت على ظهور فيروس كورونا الذى ضرب العالم شرقًا وغربًا لم يتوقف مهرجان الجونة وظل متوهجًا بفضل الدعم المادى الكبير الذى منحه إياه آل ساويرس.

وهنا فإننى أتساءل: إذا كان المهرجان ومنذ دورته الأولى كان على هذا النحو من القوة فمن المسئول إذن عن هذا الكم الهائل من الأخطاء الإدارية التى أحاطت الدورة الخامسة من المهرجان التى أساءت ليس لدورة العام الحالى فقط بل أساءت لسمعة المهرجان بالكامل؟

وهنا فإننى ومن منطلق حرصى على المهرحان وإحساسى بأهمية ما قام به نجيب وسميح ساويرس فإننى أرصد بعين ناقدة أهم وأبرز الأخطاء التى وقعت فيها إدارة المهرجان خلال الدورة الخامسة التى انتهت منذ عدة أيام.

وهنا أبدأ بحالة الارتباك وعدم القدرة على التنظيم وإحكام السيطرة على كافة التفاصيل فقد فوجئ ضيوف المهرجان وقبل بدء حفل الافتتاح بساعات باندلاع حريق كبير التهم قاعة الاحتفالات فى الجونة وهى القاعة التى كان مقررًا إقامة حفل الافتتاح بها مما تسبب فى حالة من الرعب بين الضيوف خوفًا من حدوث أية أشياء أخرى من هذا القبيل وكأن لسان حال الجميع يقول "أول القصيدة كفر"، فأين الإجراءات الاحترازية وأين التأمين وأين التأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام؟

ورغم كل شيء ورغم أن إدارة المهرجان تمكنت من السيطرة على الموقف فإن ما حدث فى حفل الافتتاح وعلى وجه الخصوص ما شهدته السجادة الحمراء من حالة انفلات بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث تحولت السجادة الحمراء إلى مكان مخصص لعرض أزياء تتبارى فيه الغالبية العظمى من الفنانات فى تقديم الفستان الأكثر عريًا فكانت السمة الغالبة على هذه السجادة الحمراء أنها سجادة الفساتين العارية وإبراز الكثير من الفنانات لمناطق من أجسامهن فى سباق محموم لخطف أنظار المشاهدين وتحقيق التريند من حيث عدد الفتحات فى الفستان وكمية الأجزاء المكشوفة فى أجسامهن مما ترك انطباعًا سلبيًا لدى كل من شاهد هذه التصرفات فصار اسم المهرجان فى نظر البعض وكأنه مهرجان الجونة للأزياء، بدلاً من اسمه الحقيقى وهو مهرجان الجونة السينمائى الدولى، فللأسف الشديد غاب النجوم عن الفعاليات المصاحبة للمهرجان واكتفوا فقط بالجرى وراء الظهور الإعلامى.

هذا من حيث الشكل وهو أمر مؤسف حقًا ويحتاج إلى وقفة ووضع ضوابط تحكم الظهور فوق السجادة الحمراء فى الأعوام المقبلة فحتى وإن كان ذلك يحدث فى كافة المهرجانات العالمية إلا أن الوضع بالنسبة لنا فى مصر يجب أن يكون مختلفًا وأن يتم ذلك فى أضيق الحدود وبالشكل الذى يتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا، أما الكارثة الكبرى فقد كانت من حيث المضمون فقد جاءت دورة العام الحالى باهتة وركيكة وضعيفة من حيث اختيار الأفلام المشاركة فى المهرجان والتى يبدو أنها تمت بشكل عشوائى ودون دراسة دقيقة وهو ما ترتب عليه عرض فيلم "ريش" وهو الفيلم الذى تسبب فى إحداث ضجة كبيرة فى المجتمع نتيجة محتوى الفيلم الذى رآه البعض يسيء لمصر ويقدم صورة قاتمة لبعض شرائح المجتمع.

أنا لا أميل إلى التفسيرات التآمرية ولا أحب أن ألقى الاتهامات جزافًا ولكن بعيدًا عن نية صناع الفيلم فإن توقيت تقديم فيلم على هذا النحو ما كان يجب أن يتم على هذا النحو من الفجاجة فنحن نعيش ومنذ عدة سنوات حالة من البناء والتنمية لم تشهدها البلاد من قبل وعلى وجه الخصوص فإن ما يتم حاليًا من تطوير شامل للعشوائيات فى كل مكان على أرض مصر يجب على صناع السينما وأهل الإبداع أن يقدموا أعمالاً تعكس ذلك بدلاً من تقديم صورة سلبية لمجتمع العشوائيات.

الدولة تحتاج لإبداع يساند خطواتها من أجل القضاء على السلبيات الموجودة فى المناطق العشوائية وليس إبداعًا يسيء إلى هؤلاء البشر الذين توليهم الدولة الآن اهتمامًا بالغًا وخير دليل على ذلك هو تلك النقلة النوعية التى أحدثتها المبادرة الرئاسية "حياة كريمة".   لذا فإننى أرى أن أهم وأبرز سمة وقعت فيها إدارة المهرجان فى الدورة الخامسة هى عرض مثل هذا الفيلم ليس هذا فحسب بل إنها كرمته بمنحه الجائزة الأولى وكأنها تتعمد السير عكس الاتجاه وكأنها تقول لجميع من اعترض على الفيلم إننا كمهرجان نؤيد هذا التوجه المسيء الذى انتهجه صناع الفيلم.

وهنا فإننى أحب أن أوضح مسألة مهمة هى أن هناك فارقا كبيرا بين حرية التعبير وحرية الإبداع وبين الانفلات وعدم الإحساس بالمسئولية ففى جميع أنحاء العالم بما فيها البلاد الأكثر ليبرالية هناك خطوط حمراء يتم وضعها أمام الإبداع طالما يتعلق الأمر بالأمن القومى للبلاد وهو ما يدفعنى للقول بأن ما حدث فى الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائى الدولة تخطى كافة الخطوط الحمراء ويعد تجاوزًا بمعنى الكلمة وإساءة بالغة لبلد كبير فى حجم ومكانة مصر وهو ما يجعلنى أطالب المهندس نجيب ساويرس والمهندس سميح ساويرس بضرورة التدخل وإعادة النظر فيما حدث والإسراع بوضع ضوابط وآليات أكثر احترافية لإدارة المهرجان حتى يتلافى تلك السقطات فى دوراته المقبلة وحتى يعود المهرجان إلى فكرته النبيلة التى تم تأسيسه من أجلها وهى الترويج السياحى وتحقيق إضافة حقيقية لصناعة السينما والتأكيد مجددًا على ريادة مصر فى الفن السابع خاصة أن مصر هى ثانى دولة فى العالم تدخل صناعة السينما بعد فرنسا وذلك على يد الأخوين لومير اللذين قدما أفلامًا تم عرضها فى نفس توقيت عرض أول أفلام السينما الفرنسية الرائدة فى العالم.

أعتقد أن المسألة ليست صعبة ولا مستحيلة ولكنها فقط تحتاج إرادة قوية وعزيمة صادقة لتعديل مسار المهرجان وإعادته إلى سيرته الأولى.