القرآن والسنة لم ينصا على نظرية أو تطبيق اقتصادي معين وإنما تضمنا أصولا ومبادئ اقتصادية صالحة لكل زمان ومكان

الأولى,الاقتصاد,الأرض

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 22:08
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. يمنى أباظة تكتب: الإسلام والتنمية الاقتصادية الشاملة

د. يمنى أباظة تكتب: الإسلام والتنمية الاقتصادية الشاملة

القرآن والسنة لم ينصا على نظرية أو تطبيق اقتصادي معين، وإنما تضمنا أصولا ومبادئ اقتصادية صالحة لكل زمان ومكان وغير قابلة للتغيير أو التبديل، وبناء على هذه الأصول والمبادئ الاقتصادية يمكن أن نجتهد فنستخلص منها على المستوى الفكري نظرية أو نظريات اقتصادية معينة ونستخلص منها على المستوى العملي أو التطبيقي نظما أو نظما اقتصادية معينة.  وهذه النظريات أو النظم الاقتصادية اجتهادية وهي بالتالي متعددة وتختلف باختلاف الزمان والمكان ولا تعتبر إسلامية إلا بقدر تعبيرها عن الأصول والمبادئ الاقتصادي التي وردت بنصوص القرآن والسنة ولا تتجاوزها.  ويترتب على ذلك قاعدتان، الأولى هي ضرورة التمييز وأهمية التفرقة بين "الأصول الاقتصادية" في الإسلام، والتي وردت في نصوص القرآن والسنة والتي يمكن التعبير عنها باصطلاح المذهب، وبين الاجتهاد في إعمال هذه الأصول وكيفية تطبيقها وهو ما يمكن التعبير عنه على المستوى النظري أو الفكري باصطلاح "نظرية" وعلى المستوى العملي أو التطبيقى باصطلاح "النظام".  أما القاعدة الأخرى فهي أنه لا يجوز الاختلاف حول الأصول الاقتصادية في الإسلام وذلك باعتبار أنها إلهية من عند الله سبحانه وتعالى، ومن ثم فهي غير قابلة للتغيير أو التبديل، أي أنها صالحة لكل زمان ومكان.  هذا قطعا يختلف عن الاجتهاد في إعمال أو تطبيق هذه الأصول وهو كثير يمثل ل الفقه الإسلامي، فإنه يجوز الاختلاف حوله، أو الخلاف فيه في إطار هذه المقولة الأساسية والقاعدتين اللتين تتبعاها.  يمكننا القول بأنه من المنطقي في أي حديث عن الاقتصاد في الإسلام، أن يبدأ بمحاولة معرفة ما هي الأصول أو المبادئ الاقتصادية في الإسلام، أو ما هو المذهب الاقتصادي في الإسلام وذلك قبل الاندفاع في اتجاه محاولة الاجتهاد في تبيان ما هي النظرية الاقتصادية في الإسلام أو النظام الاقتصادي في الإسلام.  وسأحاول معكم هنا في هذا المقال، الإشارة إلى هذه الأصول على هيئة رؤوس أقلام.  في الأصل المال هو مال الله والبشر مستخلفون فيه، وذلك بقوله تعالى: "ولله ما في السموات والأرض"، وقوله سبحانه: "وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه"، وقوله تعالى: "وآتوهم من مال الذي آتاكم".  هناك أيضا أصل في احترام الملكية الخاصة، وذلك بقوله تعالى: "السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبنا نكالا من الله"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"، رواه البخاري ومسلم، كما جاء في حديث آخر: "من قتل دون ماله فهو شهيد".  أما أصل "ترشيد الاستهلاك والإنفاق"، فقد حرم الله تعالى التبذير كما في قوله: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين"، كما نادى الإسلام بالحجر على السفهاء الذين يصرفون أموالهم على غير مقتضي العقل كما في قوله تعالى: "ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما".  وكذا النهي الشديد عن الترف والبذخ باعتباره جريمة في حق المجتمع كما في قوله تعالى: "واتبع الذين ظلموا مما أترفوا فيه وكانوا مجرمين".  أما بالنسبة لأصل تحقيق العدالة الاجتماعية وحفظ التوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع الإسلامي، وذلك كما في قول تعالى: "كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"، يعني أنه لا يجوز أن يكون المال متداولا بين فئة قليلة من أفراد المجتمع، أو أن يستأثر بخيرات المجتمع فئة من دون أخرى.  كما جاء في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم".  أما بالنسبة للتنمية الاقتصادية الشاملة، فقد جاء في قوله تعالي: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"، فهل عرفنا كيف كان الإسلام شاملا في كل شيء؟