لا بد من تكاتف جميع مؤسسات الدولة لتحصين الشباب ضد محاولات نشر الأفكار المتطرفةالاستخدامات السلبية لمواقع ال

ياسمين الكاشف,ياسمين الكاشف تكتب,مصر,مواقع التواصل,الصحة,الحكومة,قانون,التعليم,الوزراء,مجلس الوزراء,الأولى,الأرض,الخارجية,مترو الأنفاق,قضية,الاقتصاد,العالم,التموين,النقل,السيسى

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. ياسمين الكاشف تكتب:  "صناعة الوعى".. سلاح الدولة لمواجهة مخاطر السوشيال ميديا 

د. ياسمين الكاشف تكتب: "صناعة الوعى".. سلاح الدولة لمواجهة مخاطر السوشيال ميديا 

◄لا بد من تكاتف جميع مؤسسات الدولة لتحصين الشباب ضد محاولات نشر الأفكار المتطرفة

◄الاستخدامات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعى تبلغ 60% وتتسبب فى تشويه فكر الرأى العام

◄حروب الجيل الرابع تعتمد على التكنولوجيا الحديثة من أجل تدمير الدول بدلا من فكرة الحروب التقليدية

كانت ولا تزال بل وستظل قضية الوعى واحدة من أخطر القضايا الشائكة التى تواجه المجتمعات فى كل مكان فى العالم، ونظراً لأن مصر تمثل محوراً مهماً على مستوى العالم نتيجة موقعها الإستراتيجى ومكانتها المحلية والإقليمية والعالمية فإنها مستهدفة دائماً بأشكال وبأساليب متنوعة، الأمر الذى يجعل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى يجدد الحديث من آن لآخر عن قضية "صناعة الوعى".

ليس هذا فحسب بل إنه لم يدع مناسبة عامة يخاطب فيها الشعب دون أن يوضح ويؤكد للجميع تحذيراته من المخاطر التى تحاك ضد المجتمع المصرى، مشيراً فى نفس الوقت إلى مسألة فى منتهى الأهمية هى أن مصر تمتلك عقولا وإرادة تريد التغيير من الواقع إلى مستقبل أفضل، الأمر الذى يتطلب ضرورة أن يكون لدينا وعى تام بخطورة الحرب التى يواجهها المجتمع المصرى فهى حرب من أشد حروب العصر وهى التى تعرف بحروب الجيل الرابع، والتى يتم فيها الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة من أجل تدمير الدول بدلا من فكرة الحروب التقليدية المعروفة للجميع منذ قديم الأزل التى تتم على الأرض وتستهدف احتلال الدول بعضها البعض.

وتكمن خطورة هذا الأمر فى أن مصطلح حروب الجيلين الرابع والخامس من المصطلحات الحديثة التى ربما تكون غائبة عن أذهان الكثيرين ولم يقتصر عدم معرفتها على العامة والبسطاء بل إنها ربما تكون غامضة بالنسبة لفئات كثيرة فى المجتمع وحتى نضع أيدينا على خطورة هذا النوع من الحروب, فهى الحروب اللا متماثلة، ويتم استخدام المواطنين أنفسهم فيها وذلك من أجل القيام بمهمة تدمير أوطانهم لحساب جهات خارجية ربما تكون هذه الجهات دولا معينة أو منظمات تعمل بالوكالة لحساب أجهزة مخابراتية حيث يتم التركيز فى تلك الحروب على استخدام "السوشيال ميديا" حيث تستخدم وسائل تمثل الرصاصة التى قد تحيى وتميت شعوبا بأكملها، وذلك بالطبع لأن الهدف منها فى الأساس هو اغتيال العقول.

لذا فإننا حينما نكون مستهدفين من هذه الحروب فإن الخطر الحقيقى يتمثل فى استهداف العقول المصرية الشابة والأجيال الجديدة التى ربما لأسباب كثيرة لم يتم تنشئتها على قيم الانتماء نتيجة تغيرات عديدة تعرض لها المجتمع المصرى خلال العقد الأخير وما قبله بسنوات، وبالتالى فإن مهمة هذه الحروب التى يتعرض لها جيل الشباب نجدها تستهدف فى المقام الأول محو تاريخهم والسيطرة عليهم، وهو فى تقديرى ما يجعل مهمة قضية الوعى التى يطالب بها السيد الرئيس مهمة ليست سهلة وتتطلب تكاتف كافة مؤسسات الدولة من أجل خلق جيل من الشباب يمتلك القدرة على كشف تلك المخططات والمؤامرات الخارجية التى تحاك ضد الوطن, فقضية الوعى لابد وأن تستمر وتتطور لتكون مواجهة لأى محاولة خبيثة تسعى للنيل من وطن يشهد الآن حالة من البناء والتحديث والتطوير فى جميع مجالات الحياة وعلى كافة الأصعدة بشكل غير مسبوق وبشكل لم يكن يتخيله أحد .

وكما قلت من قبل فإن المخاطر المترتبة على مؤامرات السوشيال ميديا لا يمكن التغافل عنها كما لا يجب التهوين من تأثيرها فى تغيير واقع الشعوب خاصة أنه من الثابت والمؤكد أنه سيكون هناك سلبيات أكثر مع التطور التكنولوجى الموجود فلا زالت طبقا لدراسات رسمية الاستخدامات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعى هى الأكثر بين المواطنين وعلى وجه الخصوص تلك الفيديوهات السلبية التى تعكس جوانب محبطة, فقد سجلت نسبة مشاهدات تصل لـ 60% بينما الآثار الإيجابية للفيديوهات المنتشرة على السوشيال ميديا لم تتجاوز 40 %، ليس هذا فحسب بل إن هناك ما يقرب من 10 ملايين حساب وهمى تعمل وتدار من أجل بث الشائعات ونشر الأكاذيب والتشكيك فى كل ما يتم على أرض مصر من إنجازات ومشروعات قومية.

ولكى نعرف خطورة حروب الجيل الرابع والخامس فإننا نتوقف أمام إحصائية أصدرها المركز الإعلامى لمجلس الوزراء حول حصاد الشائعات وتوضيح الحقائق على مدار عام 2019، كشف خلالها أن أبرز قطاعات الدولة التى تم استهدافها بالشائعات كان قطاع الاقتصاد الذى جاء فى المقدمة بنسبة 27.1%، تلاه قطاع الصحة بنسبة 18.5%، ثم قطاع التعليم بنسبة 17.6%، واحتل قطاع التموين المرتبة الرابعة بنسبة 8.9 %، وفى المرتبة الخامسة جاء قطاع السياحة والآثار بنسبة 6.5%، ثم قطاع الإصلاح الإدارى بنسبة 5.8%، وقطاع الإسكان بنسبة 4.8 %، فى حين تم استهداف قطاعى الوقود والكهرباء والتضامن الاجتماعى بنسبة 3.3% لكل منهما.

أما أخطر الشائعات التى تم تداولها خلال عام 2019 فتمثلت فى: الاستقطاع من أرصدة المواطنين بالبنوك لسد عجز الموازنة، وتنازل مصر عن حصتها فى حقل "ظهر" للغاز، والاستغناء عن عدد كبير من موظفى الجهاز الإدارى عقب ميكنة الخدمات الحكومية، وإلغاء الدعم التموينى نهائياً، ودخول وحدات دم ملوثة بالفيروسات للبلاد.

كما راجت شائعات عن تصدُّر مصر المركز الأول عالمياً فى معدلات الإصابة بالسرطان، وإلغاء نظام التعليم الجديد فى عام 2020، وفقدان بعض القطع الأثرية أثناء نقل الآثار إلى المتحف المصرى الكبير، وتفشى وباء الكوليرا، ووقف صرف المساعدات المادية لذوى الإعاقة بموجب قانون التأمينات والمعاشات الجديد.

وشهد قطاع الإصلاح الإدارى تكرار عدد من الشائعات أبرزها تسريح عدد كبير من موظفى الدولة بعد الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، وإجبار الحكومة العاملين بالجهاز الإدارى على الخروج للمعاش المبكر، كما تم تكرار شائعتى زيادة أسعار تذاكر القطارات بدايةً من يناير 2020، وزيادة قريبة فى أسعار تذاكر مترو الأنفاق بقطاع النقل والمواصلات، بالإضافة إلى تكرار شائعتى بيع الحكومة للمبانى التاريخية، وتهريب الآثار وبيعها بالخارج، بقطاع السياحة والآثار، وأخيراً تكررت شائعتا سحب الحكومة وحدات الإسكان الاجتماعى من ساكنيها، وإلغاء طرح المرحلة الأولى من أراضى العاصمة الإدارية الجديدة بقطاع الإسكان.

ومن هنا فإننى أعتقد أن الأمر يتطلب الآن وبشكل عاجل القيام بتوعية المواطنين بالقوانين الأخيرة التى أقرها البرلمان بشأن التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى، وإلقاء الضوء على الضوابط والمعايير التى تتضمنها، وعلى وجه الخصوص ما يعرف باسم "الجريمة الإلكترونية"، فهذا القانون ومنذ إقراره نجح وبشكل لافت للنظر فى تقليل حدة الفيديوهات المسيئة وما تتضمنه من محتوى غير لائق يتنافى تماماً مع قيم ومبادئ المجتمع.

وفى تقديرى الشخصى أن كل ما تم وما زال يجرى الإعداد له من وسائل وأدوات حديثة لمواجهة هذا الخطر لا يمكن أن يأتى بالنتائج الكاملة بدون أن يكون لدينا بالفعل "صناعة الوعى" التى أشار إليها السيد الرئيس عدة مرات، وبالطبع فإنه من أجل تعميق أثر صناعة الوعى لابد من مشاركة كافة المؤسسات فيه من خلال الحوار المباشر من جانب الوزارات المختصة على مواقع التواصل الاجتماعى والقيام بالرد أولاً بأول عن أى معلومات يتم تداولها بشكل خاطئ حتى لا يترك مجال لأى محاولة للتشويه أو التسويق المضاد وهو ما يقوم به مركز معلومات مجلس الوزراء بالفعل ولكن نظراً لخطورة ما تتعرض له الدولة المصرية فى هذا الجانب فإنه لابد من التحرك السريع من جانب كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات حتى لا تكون هناك أى ثغرة يتم من خلالها اختراق المواطن المصرى بمعلومات غير صحيحة, فالسوشيال ميديا لها دور مؤثر وكبير فى صناعة الرأى العام داخل المجتمعات، ومن الممكن أن تتحول هذه المواقع إلى سلاح يستخدم ضد الدول بنشر الشائعات.