تقوية الروابط الاجتماعية وتجديد قيمة التواصى بالحق والتواصى بالمرحمة ضرورةشرعت الأعياد فى الإسلام لحكم سامية

يوم,لحوم,اليوم,الأرض,العالم,المساجد

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
السيد خيرالله يكتب:  عيد الأضحى.. فرصة لإصلاح ما أفسدته القلوب

السيد خيرالله يكتب: عيد الأضحى.. فرصة لإصلاح ما أفسدته القلوب

تقوية الروابط الاجتماعية وتجديد قيمة التواصى بالحق والتواصى بالمرحمة ضرورة

شُرعت الأعياد فى الإسلام لحكم سامية ولمقاصد عالية، فالعيد فرصة للفرح ولتقوية الروابط الاجتماعية، ولتجديد قيمة التواصى بالحق والتواصى بالمرحمة، يصادف عيد الأضحى المبارك فى يوم العاشر من ذى الحجة، حيث يحتفل العالم الإسلامى بهذه المناسبة فى كلّ أنحاء الأرض.

 

ويأتى هذا العيد بعد انتهاء وقفة يوم عرفة، الذى يكون فيه الحجاج واقفين على جبل عرفة لأداء أهم مناسك الحج، ويعتبر هذا اليوم أيضًا ذكرى قصة سيدنا إبراهيم (عليه السلام)، عندما أراد التضحية بابنه إسماعيل لتلبية أمر الله تعالى، وفى هذا اليوم يقوم المسلمون بالتقرب إلى الله بالتضحية، يطلق على عيد الأضحى عدة أسماء، وهى يوم النحر، والعيد الكبير، وعيد الحجاج، وعيد القربان، ومهما اختلف اسمه من بلد إلى آخر فإنه يتسم بالصلوات وذكر الله والعطاء والفرح والعطف على الفقراء وزيارة الأرحام والأقارب، وربط العيد بأداء الواجب ـ وهو معنى سامٍ ـ يختلف عن المناسبات الدنيوية، فالإسلام سما بمعنى العيد، وربط فرحة العيد بالتوفيق فى أداء الفرائض ولذلك فإن العيد يُعدُّ من شعائر العبادة فى الإسلام.

إن العيد هو يوم للطاعة والعبادة والتقرب إلى الله تعالى، وهو اليوم الذى يسأل العبد فيه ربه قبول أعماله وعباداته وما مظاهر الفرح والبهجة والسرور التى جعلها الله مستحبة فى هذا اليوم، إلا انعكاس لفرحه الحقيقى بقربه من الله، وتوفيقه لأداء الفرائض وشموله بالعناية والرحمة الإلهية، يأتى العيد كل عام ليرسخ روابط الأخوة والمحبة بين الجيران والأقارب، فيتبادلون التهنئة والزيارة فيما بينهم. وفى يوم العيد تتحقق معانى الطاعة والامتثال لأمر الله، كما تحظى النفوس بوسائل الاستمتاع بما أباحه الله، فيتحقق للمسلم بذلك نعيم القلب ونعيم البدن.

وإن من المعانى العظيمة للعيد التى ينبغى ألا تغيب عن ذهن المسلم أن يعلم أن فى ديننا فسحة ومجالًا رحبًا للترفيه عن النفس فيما أحل الله، ففى يوم العيد، ينبغى إصلاح حالات الخصام والشقاق والنزاعات والخلافات والمخاصمات والعمل على تصفية القلوب وتعميم التسامح وتنقية النفوس وتوحيد الصف والكلمة وشد أواصر المسلمين وتوطيد اللُّحمة الاجتماعية، لاسيما العائلية.

ولا ننسى فى هذا اليوم الرأفة بالفقراء والمحتاجين وقضاء حوائج المؤمنين ومؤانسة الأهل والاهتمام بالزوجة والأولاد، وزيارة الأخوة والأقارب وعيادة المرضى وزيارة قبور الموتى المؤمنين لاسيما الشهداء، فلقد شرع الإسلام الأعياد والمناسبات، ومنها عيد الأضحى على أمة الإسلام ليفرح الناس وتسعد المجتمعات، وجعله نقطة انطلاق لإصلاح العلاقات بينهم بالتسامح والتصافح والعفو ولين الجانب والتزاور وصلة الأرحام، وهو فرصة للتبسم وطلاقة الوجه رغم أن هذه الدنيا لا تنتهى مشاكلها ولا تتوقف ابتلاءاتها، ومع ذلك يأمرنا الإسلام أن نفرح وندخل على الفقراء السرور.

عيد الأضحى المبارك هو العيد الأكبر عند المسلمين، وهو عيد تُقام فيه أَعظم وأكبر فريضة عندهم وهى فريضةُ الحج، والحج ركن أساسى من أركان الإسلام، وهو الركن الخامس، ويأتى عيد الأضحى المبارك فى يوم العاشر من ذى الحجة من كل عام يأتى قبله يوم عرفة، حيث يقف فيه المسلمون على جبل عرفات ليؤدوا بذلك الركن الأساسى فى الحج، ويحتفلوا فى اليوم الذى يليه بعيد الأضحى المبارك، حيث تستمر مناسك الحج حتى يوم الثانى عشر من ذى الحجة، وهو اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك.

تجتمع فى عيد الأضحى المبارك عدد من الأعمال الدينية غير مناسك الحج، حيث يقدم المسلمون الأضحيات من الأنعام، ويوزعون لحومها على الفقراء والمحتاجين، ولهذا سمى هذا العيد بعيد الأضحى، ويسمى أيضًا بيوم النحر، وفيه إحياء لسنة إبراهيم عليه السلام، بعد أنْ ذبح الكبش الذى افتدى الله سبحانه وتعالى به سيدنا إسماعيل، ليصبح ذبح الأضحيات فيما بعد من أساسيات عيد الأضحى المبارك، التى يقوم بها المسلمون فى شتى بقاع الأرض لينالوا الأجر العظيم.

فى عيد الأضحى المبارك يقوم الحجاج برجم الشيطان لِيصبح مذمومًا مدحورًا ومطرودًا من رحمة الله تعالى، فليس هناك حزن أكبر من حزن الشيطان فى عيد الأضحى المبارك، حين يرى عباد الله وهم يؤدون فريضةَ الحج ويذبحون الأضحيات ويطلبون رضى الله تعالى، ليعودوا كما ولدتهم أمهاتهم بريئين من كل ذنب وخطيئة، بعد أن طافوا بالبيت العتيق وهللوا وكبروا ولبوا نداء الله تعالى.

من أجمل طقوس عيد الأضحى المبارك وأروعها هى تكبيرات المساجد فى صبيحة العيد، وصلاة عيد الأضحى المبارك، التى يجتمع فيها الكبار والصغار يعلوهم الفرح، وتكتسى قلوبهم البهجة ويرتدون أجمل ما لديهم من ثياب، ليكبروا تكبيرات العيد، ويبادروا بتهنئة بعضهم البعض فتذهب كل الخصومات وكأنها لم تكن.

تبدأ الزيارات بين الأقارب والأرحام والأصدقاء ويفرح الصغار بعيدياتهم، ويكثر العطاء والتوزيع على الفقراء والمحتاجين، ليعطوهم الحلوى واللحوم والحلويات وكعك العيد.

مهما كانت النفس حزينة سيظل العيد فرصة لسمو النفس والروح، وفسحة طيبة يفرح بها القلب لأن عيد الأضحى المبارك هو عيد غفران الذنوب، والعودة إلى الله تعالى، وكأن الأرواح تفتتح فى هذا اليوم صفحةً جديدة، لتبدأ مع خالقها بروح وعزيمة أقوى، فيها من الخير الكثير، فليس من شيء أعظم من فرحة من أدى فرائضه جميعها، ليأتى يوم الجائزة وهو يوم العيد، ليفرح فيه ويجدد فيه العزم والإرادة لتحقيق الأفضل.

دعونا نسرد كيف يتم تقسيم الأضحية؟ فيستحب تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أقسام، حيث يأخذ أهل البيت ثلثًا واحدًا، ويهدى للأحبة بثلث آخر، أما الثلث المتبقى، فيتم التصدق به على الفقراء والمساكين والمحتاجين، وهذا بناءً على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «قالوا: يا رسول الله.. إن الناس يتخذون الأسقيةَ من ضحاياهم ويجملون منها الودك، فقال رسول الله، صلَّى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قالوا: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، فقال: إنما نهيتكم من أجل الدافة التى دَفَّتْ؛ فكلوا وادِّخِروا وتصدَّقوا».

ويقول ابن قدامة فيما روى عن ابن عباس فيما يخص أضحية النبى، صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: «يُطعِمُ أهلَ بيتِه الثُّلثَ، ويُطعِمُ فقراءَ جيرانِه الثُّلُثَ، ويَتصدَّقُ على السؤَّالِ بالثُّلثِ»، ويقول بعض الفقهاء: «يجوز تقسيم الأضحية إلى نصفين، فيترك نصفًا للأكل، ويتمّ التصدق بالنصف الآخر».

اتفق الفقهاء على مشروعية الأضحية، إلا أنهم اختلفوا فى حكم الأُضحية، فيرى فريق استحبابها، بينما ذهب فريق من الفقهاء إلى أنها مفروضةٌ واجبة، وفيما يلى بيان ما ذهب إليه الفقهاء فى حكم الأضحية: يرى جمهور الشافعية والحنابلة والمالكية فى الراجح عندهم، أن الأُضحية تعتبر سنة مؤكدة ينبغى القيام بها للقادر عليها، إلا أنها غير واجبة، ودليلهم فيما ذهبوا إليه هو ما روى عن النبى - عليه الصّلاة والسّلام- حيث قال: «إذا دخلتِ العشر وأراد أحدكم أن يضحى فلا يَمَسَّ من شعرِه وبشرِه شيئًا»، فهم يرون أنّ الإرادة التى جاء ذكرها فى الحديث إنما تدلُّ على تخيير المسلم بين فعل الأضحية أو تركها، فلو كانت الأضحية واجبةً لما ورد التخيير فيها بين الفعل والترك، بل لجاء الأمر جازماً بالفعل، وحيث لم يرد ذلك تكون مسنونةً لا واجبة.

يرى الإمام «أبو حنيفة» أن الأضحية واجبةٌ على كل قادرٍ عليها، وقد رُوى عن الإمام «أحمد بن حنبل» الأخذ بذلك الرأى، كما يرى «ابن تيمية» ما يراه أصحاب هذا الفريق من وجوب الأضحية، وقد استدلَّ «أبو حنيفة» ومن وافقه على رأيه بقول الله سبحانه وتعالى: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر".. وكل عام وسائر عباد المسلمين بخير وسعادة.