انصرفت بتفكيرها إلى ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض فأستحقت الخلودجمعت بين أهم شيئين علم ينتج وعمل يثمر فصارت

التعليم,وفاة,الأرض,العالم,خالد الطوخى,جامعة مصر,الاقتصاد,مصر,المرأة,الإعلام,الأولى,المواطنين

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

العباس السكرى يكتب: فى ذكرى رحيل قاهرة المستحيل.. د. سعاد كفافى.. رمز الثقافة ورائدة التعليم الخاص وأيقونة العمل العام

د. سعاد كفافى قاهرة المستحيل  الشورى
د. سعاد كفافى قاهرة المستحيل

◄انصرفت بتفكيرها إلى "ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض" فأستحقت الخلود

◄جمعت بين أهم شيئين علم ينتج وعمل يثمر فصارت "قاهرة المستحيل"

◄خالد الطوخى "الابن البار" يسير على خطى "الرائدة" بطموحات تصل عنان السماء غير هادفا للربح ويحقق قفزات نوعية هائلة فى الجامعة والمستشفى والأوبرا

 

مثلما تعبتر الحياة فى حد ذاتها معجزة، هناك أيضا بعض الشخصيات الذين هزموا الزمن وصار اسمهم مرادفا لكلمة معجزة، بتفوقهم على كثيرين من البشر، وباستطاعتهم المشاركة فى صنع مستقبل العالم الذى نعيش فيه، وواحدة من هؤلاء اللواتى حققن المعجزة الدكتورة سعاد كفافى رائدة التعليم الجامعى الخاص فى مصر، ومؤسس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، السيدة التى انصرفت بكل تفكيرها إلى ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض، فأسست جامعة حديثة ومكتبة مركزية زاخرة بأمهات الكتب، وأوبرا ومسرح لاكتشاف المواهب، ومستشفى تنطلق منها قوافل لعلاج غير القادرين.

واليوم تمر ذكرى السابعة عشر على رحيل السيدة الأسطورية سعاد كفافى، بعد رحلة عطاء ومسيرة خالدة كانت كافية أن ترسم خلالها د. سعاد كفافى ملامح ومستقبل أجيال وأجيال فى مجال التعليم، حتى باتت أيقونة العمل التربوى، فأفكار الدكتورة الراحلة كانت نقطة الانطلاق الحقيقية التى أمسك الجميع بخيوطها، فهى أول من أدخلت التعليم الخاص فى مصر ليتسلح المجتمع بالعلم والثقافة، وأول عين مصرية تأملت فى وعى عميق حضارة وثقافة الزمن القادم، فقررت أن تصنع لوطنها وللأجيال الشابة والجديدة جامعة حديثة تعتمد على التكنولوجيا والمعرفة، وتنقل واقع الغرب وثقافته التكنولوجية الى الشرق، وقد كان.

وبالطبع هناك وقائع وأحداث ومواقف وتطورات وانجازات تمثل المعالم البارزة فى حياة هذه الرائدة العظيمة، فقد جمعت بين أهم شيئين علم ينتج وعمل يثمر، حتى صار من المستحيل الفصل بين اسم سعاد كفافى ولقب "قاهرة المستحيل" وللحق فهى  تعد واحدة من الرواد فى تاريخ التعليم فى مصر، وحققت شهرة ليس لأنها رائدة التعليم الخاص فحسب، لكن لأن عملها حمل رسالة إنسانية ووطنية من الطراز الأول، فقد أسست نجاحها على الخبرة والمعرفة والالتزام، وتميزت بالحماسة والثقافة، وحرصت على الدقة المتناهية فيما يتعلق بأعمالها الأكاديمية والإدارية.

وإذا أردنا النظر أن نلقى بعضا من الضوء على مسيرتها فنجد أن هناك تواريخ مهمة فى مسيرة الدكتورة سعاد كفافى، لكن ربما يبقى تاريخ تأسيسها لجامعة مصر للعلوم التكنولوجيا سنة 1996 هو الأهم، وقد تحولت هذه الجامعة إلى صرح تعليمى متكامل، حيث ضمت عدداً من الكليات مثل كلية الطب ومستشفاها التعليمى، كلية الصيدلة والتصنيع الدوائى، كلية طب جراحة الفم والأسنان، كلية العلاج الطبيعى، كلية العلوم الطبية التطبيقية، كلية التكنولوجيا الحيوية، كلية الهندسة والتكنولوجيا، كلية تكنولوجيا المعلومات، كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال، كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال، كلية اللغات والترجمة، كلية الآثار والإرشاد السياحى، كما أسست بجانب جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا معهدين للتعليم العالى فى مدينة السادس من أكتوبر أيضا، هما المعهد العالى للسياحة والفنادق الذى تأسس عام 1990، والمعهد العالى للهندسة المعمارية وإدارة الأعمال الذى تأسس عام 1993، وحينذاك تغلبت الدكتورة سعاد كفافى على سلسلة من الصعوبات الحادة التى صاحبت البدايات الأولى لتحقيق الأهداف والأحلام، حيث كان شغلها الشاغل تعليم أجيال المستقبل من الأخصائيين والمعلمين والمدربين رفيعى المستوى، فى إطار رؤية على درجة فائقة من الحرص والوعى، وكانت تهدف إلى إثراء المجتمعات المحلية والدولية بالخبراء ورجال الأعمال ذوى الكفاءة فى ميادين عملهم، وكان للدكتورة سعاد كفافى نشاطها الملموس باعتبارها عضوة فى المجالس القومية المتخصصة فى مجال التعليم العالى وفى جمعية أصحاب المدارس الخاصة فى مصر، وحرصت كفافي على تطوير جميع المهارات والقدرات المطلوبة لتقديم نوعية من التعليم للطلاب ولراغبي العلم على أعلى مستوى من الجودة، فهى بحق كانت نموذجا للمرأة المصرية الطامحة لبناء مجتمع ناجح يكفل بعضه البعض إما بالاستثمار الوطنى الذى يستند للفكر المستنير كتأسيس نموذج تعليمى وتنويرى لتربية الأجيال الجديدة، ممثلا فى جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، أو باستغلال هذا النماذج التعليمى فى كفالة عقول مصرية بمثابة نواة البناء مستقبلا.

وعقب وفاة الدكتورة سعاد كفافى استلم الراية من بعدها نجلها الاستاذ خالد الطوخى ليكمل ويستكمل المسيرة الطويلة، الذى ما إن بدأ يشرف على مساحات الوعى ليستكشف الجديد فى قدرات الشباب حتى قام باضافة كليات أخرى وفتح آفاقا جديدة، ورفع مستوى الجامعة فى عهده وصارت تضاهى الجامعات الأوربية فى مستوى التعليم والأساليب الحديثة المتبعة للتعليم والتى تعد من أحدث الأساليب على مستوى العالم، واقتبس الطوخى من والدته نور العقل والمعرفة التى رفع بها أجيالا  الى القمة، واستمرت الانجازات على يديه وأحدث طفرة غير مسبوقة فى التعليم العالى، حيث أصبحت جامعة مصر فى عهده تضاهى أكبر جامعات العالم، ليضمن مستقبل مشرق لشبابنا ووطننا بإنجازاته التى نفخر بها أمام الدول، ليكون خير خلف لخير سلف بتجسيده نموذجاً مضيئاً للمبادئ النبيلة التى وضعت لبنتها الأساسية قاهرة المستحيل سعاد كفافى، وفى عهد خالد الطوخى تحولت الجامعة إلى جامعة ذكية وبها بنية تكنولوجية قوية جدا معلوماتيا، وتعزز الجامعة من موقفها التكنولوجى، بحيث تكون سرعة الإنترنت عالية تساعد على التواصل داخل الجامعة وخارجها مع المجتمع، ولم يكتف خالد الطوخى بالتوسع فى الكليات العلمية والمعملية، بل جعل من أوبرا جامعة مصر منارة ثقافية لفنانى مصر والعالم العربى، حيث عمل على إثراء القيمة الفنية والتثقيفية لوجود أوبرا جامعة مصر، والتى تتبنى المواهب وتثقلها وتساعد على وجود حالة من الإبداع للاستفادة من مهارات الصغار والكبار، وفى كافة المجالات من الرسم والنحت وغير ذلك، فوجود الأوبرا يدعم العملية التعليمية ويدعم الأنشطة الفنية، حيث تهتم إدارة الجامعة أن يكون خريج الجامعة مثقفًا وليس متعلمًا فقط، وهنا يظهر أهميتها فى دعم الإبداع، إضافة إلى وجود مدارس داخل الجامعة للموهوبين للموسيقى والباليه، كما أن هناك العديد من مدارس المهارات داخل جامعة مصر، وقسم لصحة المرأة فى المستشفى والذى يهدف لخدمة كافة المواطنين فى شتى المحافظات، وهو خدمي وليس للربح، ويهدف إلى نشر الوعى بالإضافة إلى العلاج، وتعد جامعة مصر أول جامعة مصرية خاصة تشارك مع الاتحاد الأوروبى فى تبادل طلابى كامل، ولها السَّبق الكامل في التعاون والتدريب مع الاتحاد الأوروبي، وشملت الاتفاقيات العديد من الجامعات العريقة بلندن وفرنسا ورومانيا، وتم سفر العديد من الطلاب فى دورات للتطبيق العلمى والتثقيفي واكتشاف الخبرات والتعاون المشترك.

ويبقى أن نقول إن قاهرة المستحيل سعاد كفافى كانت سليلا شرعيا للعلامة رفاعة رافع الطهطاوى وعميد الأدب العربى طه حسين، فى الفكر والتنوير والحداثة، وفتحت أمام العقل الانسانى المغامرة والبحث والاكتشاف، ولذا تبوأت مكانة بارزة ومتميزة  فى حركة التعليم لعطائها الكبير وثقافتها الموسوعية والحرص على سلامة النفس البشرية بالتعليم والصحة، إذ كان تنوير الأمة هدفا أساسيا من أهدافها، ومحورًا لكل ما صنعته وأبدعته هذه الرائدة الفذة التى قادت أجيال وأجيال الى التنوير والمعرفة.