وزارة الثقافة تتبنى المبادرة وتسعى لخلق جيل جديد من الحرفيين المهرةالهوية المصرية تمثل أبرز محاور إستراتيجية

العالم,2020,حماية,التنمية,اليوم,المرحلة الثانية,مصر,مبادرة,رجال,الأولى,السيسى,المواطنين,الوزراء,الصناعة

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 15:49
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. ياسمين الكاشف تكتب:  المبادرة الرئاسية "صنايعية مصر" تعيد الروح للحرف التقليدية والتراثية

د. ياسمين الكاشف تكتب: المبادرة الرئاسية "صنايعية مصر" تعيد الروح للحرف التقليدية والتراثية

◄وزارة الثقافة تتبنى المبادرة وتسعى لخلق جيل جديد من الحرفيين المهرة

◄الهوية المصرية تمثل أبرز محاور إستراتيجية مصر 2030 للتنمية المستدامة

◄دورة متخصصة فى مجال التسويق وريادة الأعمال بالتعاون مع جهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة

 

لم يتوقف اهتمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى عند قضايا التنمية والبناء وحسب بل إن اهتماماته تتنوع لتشمل كافة نواحى الحياة، ولعل تلك المبادرة الرئاسية "صنايعية مصر"، التى أعلنت الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، مؤخراً عن فتح باب التقديم للدفعة الثالثة منها، خير مثال على تنوع اهتمامات السيد الرئيس من أجل بناء مجتمع متكامل فى جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة، فهذه المبادرة، التى يتم تنفيذها بمركز الحرف التراثية بالفسطاط التابع لصندوق التنمية الثقافية، وحسب تصريحات صحفية لوزيرة الثقافة - ساهمت فى إعادة الحرف التقليدية والتراثية إلى مكانتها إلى جانب خلق جيل جديد من الحرفيين المهرة المدربين على أيدى مجموعة من الخبرات العلمية والعملية، مشيرة إلى أنها تهدف إلى صون الهوية المصرية باعتبارها أحد محاور إستراتيجية مصر 2030 للتنمية المستدامة.

وأوضحت الوزيرة أن خريجى المبادرة شاركوا بأعمالهم المتميزة فى العديد من المعارض المتخصصة التى أقيمت خلال الفترة الماضية منها معرض تراثنا الذى نظمته وزارة الصناعة والتجارة ومعرض ديارنا الذى نظمته وزارة التضامن الاجتماعى.

والحق يقال فإننى وانطلاقاً من اهتمامى بكل ما هو جديد ويصب فى الصالح العام، فقد استوقفنى فى شروط الالتحاق بالمبادرة أنها تشترط أن يكون عمر المتقدم من 18 إلى 45 عاما، للتدريب على إحدى الحرف التراثية "الخزف، الخيامية، أشغال نحاس( نقش ــ أركيت)، الحلى، التطعيم بالصدف وقشرة الخشب.

وتستمر مدة الدورة 10 أشهر من بينها 8 أشهر تدريب مقسمة على مرحلتين كل مرحلة 4 أشهر إلى جانب شهرين يتم تخصيصهما لمشروع التخرج على أن يتم التقديم من خلال ملء الاستمارة الخاصة بالمبادرة على الموقع الإلكترونى الخاص بصندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة.

وتحقيقاً لمبدأ الشفافية فإنه لا يتم قبول المتدربين ضمن المسابقة دون أن يتم إجراء مقابلات شخصية معهم لاختيار من تنطبق عليه الشروط وذلك من خلال لجنة تضم كبار الأساتذة والفنانين، وهذا فى تقديرى الشخصى يعطى أهمية وقيمة مضافة للمبادرة التى أعتقد أنها غير مسبوقة فى هذا المجال على وجه الخصوص.  

وتكمن أهمية وقيمة المبادرة أيضاً فى كونها تعتمد فى التدريب على نخبة من الأساتذة والمتخصصين من كليات الفنون المختلفة بالإضافة إلى الحرفيين ذوى الكفاءة العالية العاملين بمركز الفسطاط للحرف التراثية، كما يتضمن التدريب أيضاً دورة متخصصة فى مجال التسويق وريادة الأعمال بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التابع لمجلس الوزراء.

وتعمل المبادرة على إحياء جانب من التراث الفنى الذى يميز الحضارة المصرية، وتأتى متماشية مع توجه الدولة الخاص بإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر تسهم فى خلق المزيد من فرص العمل لتنمية الدخل القومى، حيث إنَّ تطوير مجالات الحرف اليدوية التراثية والتقليدية يعد أحد المسارات الهامة لخطط عمل الثقافة المصرية بشأن صون الهوية الوطنية المتفردة.

وقد شهد عام 2020 وبالتحديد شهر أكتوبر، تسليم شهادات تخرج الدفعة الأولى للدارسين فى مبادرة "صنايعية مصر"، وذلك بمركز الحرف التقليدية بالفسطاط، إيذانًا بانتهاء تدريب وتأهيل كوادر فنية جديدة فى مجال الحرف التراثية والتقليدية من خلال برامج دراسية متخصصة.

واللافت أنه تقدم للمشاركة فى المبادرة 430 شخصًا، تمّ اختيار 43 فنانًا وحرفيًا منهم تراوحت أعمارهم بين 18 و40 سنة، وتمّ تدريبهم على مجالات "الخزف – النحاس – التطعيم بالصدف– الخيامية - قشرة الخشب وفنون الحلى"، بعد المقابلة الشخصية اللازمة وأشرف على تأهيلهم نخبة من كبار المتخصصين بكليات الفنون المختلفة، والحرفيين المتميزين بمركز الحرف التقليدية بالفسطاط.

وانقسمت التدريبات إلى مرحلتين بدأت الأولى منهما خلال أكتوبر 2019 ولمدة 4 أشهر، واشتملت على إعداد المتدربين للتعرف على الحرف وتعلمها، أما المرحلة الثانية فتمحورت حول رفع كفاءة العاملين فى مجال الحرف التراثية، المتميزين من متدربى المرحلة الأولى، وقد تضمنت برامج التدريب جانبين "النظرى والعملى" فى مجالات الدراسات المتحفية.

واستهدفت إدماج عمليات التدريب مع الرؤية البصرية للتراث الموجود بالمتاحف، حيث تم تنظيم زيارات ميدانية لمتاحف "الإسلامى والقبطى والمصرى" للتعرف على فنون التصميم المرتبطة بكل حرفة على حدة، ولم تتوقف عملية التدريب المباشر خلال جائحة كورونا، حيث تم تنفيذ برامج التدريب عن بعد باستخدام تكنولوجيا التواصل على الإنترنت.

وتلى ذلك تدريب الدفعة الثانية من مبادرة "صنايعية مصر" بما أكد اعتزام وزارة الثقافة مواصلة جهودها لتكرار نجاح الدفعة الأولى من المبادرة التى تهدف إلى إعادة إحياء الحرف التقليدية والتراثية والحفاظ على مكانتها سعيا لصون مفردات الشخصية المصرية.

وقد يتساءل البعض عن أهمية ظهور مبادرة رئاسية تحمل اسم "صنايعية مصر" وما الفائدة التى يمكن أن تعود من ورائها، وهنا أود أن أوضح مسألة فى منتهى الأهمية هى أن الحفاظ على الحرف اليدوية يحتاج إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات منها ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية التى توضح أهمية هذه الحرف ويمكن استغلالها بشكل أمثل محليا‏، أما بالنسبة للمجتمع الخارجى فتنشيط هذه الحرفة يكون عن طريق الوسائل الحديثة وهى الإنترنت وإنشاء مواقع إلكترونية تدعم الحرفة عالميا‏، ويجب على رجال الأعمال رعاية مراكز وجمعيات ومشروعات لتنمية الحرف التقليدية والتى يمكن أن تعود عليهم بعائد اقتصادى كبير مثلما حدث لكثير من دول العالم ومنها تلك التى تغزونا بمنتجاتها اليوم. 

فقد كانت الحرف التقليدية بمثابة الصناعة الوطنية الثقيلة فى مصر، حيث كانت تشكل القوة الإنتاجية الثانية بعد الزراعة، وكان إنتاجها يلبى احتياجات المواطنين من فنون الزخارف الحجرية والخشبية والخزفية والزجاجية، ومن أعمال التطعيم بالعظام والمشغولات النحاسية والفضية والمنسوجات الحريرية والصوفية وأشغال التطريز والخيامية ، وعشرات الحرف الأخرى، هذا إلى جانب المنتجات التى يتم تصديرها إلى الخارج من كافة الحرف المتوارثة.

وكان لتلك القاعدة الصناعية أحياء بكاملها يعيش فيها الحرفيون تحت نظام دقيق هو نظام الطوائف الحرفية، له قواعده وأصوله وأربابه وشيوخه، غير أن متغيرات الحياة وعوامل التقدم المادى أدت إلى ضعف أغلب الحرف اليدوية التقليدية فى المدينة والقرية، بل وإلى تعرض بعضها للاندثار، فلم تعد الأوانى الفخارية والنحاسية والفضية المزينة بأدق الوحدات الزخرفية هى ما يحتاجه الإنسان فى عصر الثلاجة والبلاستيك والألومنيوم و"الاستانلس" ولم تعد السجادة الصوفية التى تنسج على مدى أسابيع متصلة فوق النول اليدوى تناسب عصر النسيج الميكانيكى السريع والمبهر بتقنياته وتصميماته.

وبلا شك فإن المبادرة تُعد إحدى الضمانات الفاعلة لديمومة الاهتمام والتعريف بالصناعات التقليدية التراثية والترويج لما تمتلكه حضارتنا من عناصر متفردة، كما تهدف إلى خلق بيئة مواتية ومحفزة للإبداع والابتكار بما يحقق حماية هويتنا التراثية على صعيديها المادى والمعنوى، إلى جانب تحقيق أحد المحاور الهامة للتنمية المستدامة، فضلاً عن قدرة هذا المجال على جذب واستقطاب المزيد من الحرفيين التقليديين، وإتاحة موارد اقتصادية لهم، وفتح مجالات عمل جديدة تشكل مصدراً للدخل القومى  بالإضافة إلى إضفاء المزيد من التطوير والاستفادة البناءة من الصناعات الثقافية التى يمتلكها الوطن.