استكمل فضيلة الإمام الأكبر حديثه عن وسطية الإسلام ومظاهرها في تشـريعات القرآن الكريم والسنة ال

شيخ الأزهر,الأرض

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

شيخ الأزهر: نبوَّةَ محمد خاتمة وعامةٌ للخلق جميعًا

أرشيفية  الشورى
أرشيفية

استكمل فضيلة الإمام الأكبر حديثه عن «وسطيَّةِ الإسلامِ»، ومظاهرِها في تشـريعاتِ القرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ المطهَّرةِ، وذلك بعد أن استعرض فضيلته مظهرَيْنِ لهذه التشريعاتِ؛ هما: «اليُسـرُ ورفعُ الحرج»، و«قِلَّةُ التكاليفِ»، مع تركِ مساحاتٍ شاسعةٍ بلا أحكامٍ ولا تشريعاتٍ؛ توسعةً وتيسيرًا على الناسِ في أمورِ دِينِهم ودُنياهم.

وخلال الحلقة الحادية عشر من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب" تحدَّث شيخ الأزهر عن أساسٍ آخرَ من أُسُسِ التشريع، هو: «مرونةُ النُّصوصِ» التي تستندُ إليها تشريعاتُ المسلمين، موضحا أنَّها ضَمِنَت لهذه التشريعاتِ سهولة الحركةِ، ومواكبة التغيُّر، وإثراء حياةِ الناسِ؛ ما جعَلَ منها «شريعةً إلهيةً»، صالحةً لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، وهو النعتُ الذي عُرفت به في أُمَّهاتِ كُتُبِ التراثِ في الأصولِ والفروعِ.

وأضاف فضيلته أن هذه الخاصَّةُ التي تفرَّدَت بها شريعةُ الإسلام عن سائرِ الشرائعِ والأنظمةِ -إنما هي انعكاسٌ لرسالةِ الإسلامِ وطبيعتِها؛ كبيانٍ أخير نهائي من اللهِ تعالى للناسِ، يتخطَّى حدودَ الزمانِ والمكانِ، مبينا أن هذه المسألةَ يتوقف ثبوتها على ثبوتِ محورَيْن تعتمد عليهما اعتمادَ النتيجةِ على مقدماتِها.. هذان المحوران هما: إثبات ختمِ النبوَّة المحمدية لما قبلها من النبوَّات والرسالات، والمحور الثاني هو: إثباتُ عالميةِ الرسالةِ المحمدية"، وعمومها لكلِّ الناس في كل زمانٍ ومكان، بغضِّ النظرِ عن إيمانهم – أو عدم إيمانهم بهذه الرسالة.

وأوضح الإمام الأكبر أن ختمُ النبوة المحمدية يَعني انقطاع النبوَّات والرسالات الإلهية من جانب، مع بقاء هذه النبوةِ مُمثَّلةً في شريعةٍ موجودةٍ باقيةٍ بينَ الناس كمصدرٍ إشعاعٍ دائم، يُميزون -على ضوئه- الحقَّ من الباطل، والخيرَ من الشر، والحُسنَ من القُبح، في العقيدة والسلوك والعمل، وبحيث يُشكِّلُ ختمُ النبوة المحمدية واستمرارُها أمرين مُتلازمين، أو وجهَيْن لعملةٍ واحدة، لا يتحقق أحدُهما إلَّا ويتحققُ معه الآخر.

وأوضح فضيلته أن المقصود باللزوم هنا اللزومَ الشرعي، بمعنى: أنك لو افترضت أن نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم – نبوةٌ خاتمة بمعنى أنها آخرُ النبوات ظهورًا، لكنَّها قد طُويت صفحتُها، وانتهت مهمتُها، ورُفعت أحكامُها وتشريعاتُها بانتقاله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى؛ فإنَّه يَلزَمُ على هذا الفرضِ أن تُصبح الإنسانيةُ بأسرِها عشراتِ الآلاف من السنين في ظلامٍ دامسٍ، وفي فوضى ضاربةٍ، وضلال مبين؛ بسبب غياب هدي السماء، وانقطاعِ اللُّطْف الإلهي، واستبداد قُوى الشَّر والظلام، وسوف يبطل – مع هذا الفرض أيضًا - معنى الحسابِ والثوابِ والعقابِ يومَ القيامة، كما سيبطلُ معنى الإيمان بالبعثِ والجنة والنار والصِّراط.. بل ويُصبح الإيمانُ بالله تعالى وملائكته وكُتُبِه ورُسُلِه لا طائلَ من ورائه، وكلُّ ذلك لسببٍ بسيطٍ هو: «التعلُّل بأن الله تعالى» لم يُرسِل إليهم رسولًا يُنذرهم ويُبشِّرهم، وهذا عبثٌ لا يَليقُ بالحكيم العليم الذي لا يتوقَّف لطفه أو كرمه أو رحمته بالخلق طرفةَ عين إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومَن عليها.