على الرغم من حالة الطوارئ التى فرضتها أزمة كورونا من حيث التنقل والسفر فإننى على تواصل مستمر مع الكثير من الأص

مصر,طلاب,محمد فودة,وزارة الصحة,الإعلام,الأولى,السيسى,فيروس كورونا,الوزراء,الموجة الثانية,الصحة العالمية,الصحة,كورونا,رئيس الوزراء,طالب,ضبط,العالم,التعليم,الامتحانات,هالة زايد

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب: أسئلة مهمة وإجابات أكثر أهمية.. كيف استطاعت مصر التعامل مع الوباء بهذه العبقرية؟

الشورى

تشكيل لجنة علمية لمواجهة "كورونا" يكشف اتجاه الدولة للشفافية الكاملة وينهى عصر "الجزر المنعزلة" فى الدولة 

 

مصر تمتلك الآن تجربة رائدة تنفرد بها عن كافة دول العالم فى التعامل مع الفيروس 

 

خطة الامتحانات وعودة الدراسة تعكس شجاعة فى القرار ودقة فى التخطيط واحترافية فى التنفيذ 

 

على الرغم من حالة الطوارئ التى فرضتها أزمة كورونا من حيث التنقل والسفر فإننى على تواصل مستمر مع الكثير من الأصدقاء فى عدد كبير من دول العالم، فهذا التباعد وإن كان قد أصبح ضروريا من أجل تنفيذ الإجراءات الاحترازية إلا أننا نحمد الله أن الفيروس لم يمنعنا أيضاً من أن نتواصل مع أصدقائنا تليفونيا، فحتى الآن لم تعلن منظمة الصحة العالمية أن العدوى يمكن أن تنتقل عبر أسلاك التليفون وإن كنا نتوقع أى شيء من هذا الفيروس. 

فى كل مرة أتحدث مع صديق لى فى أى دولة فى العالم يكون السؤال والمتوقع والمكرر هو: كيف تعاملتم فى مصر مع فيروس كورونا على هذا النحو المبهر؟ وكيف تدار الأزمة لديكم بهذه الطريقة؟ وكيف لم يتأثر اقتصادكم كما تأثرت اقتصادات دول كبرى فى مختلف أنحاء العالم؟ وكيف استطاعت مصر أن تحقق نمواً فى عالم الوباء ولم يحدث ذلك إلا فى عدد قليل جدا من الدول؟ وكيف أن الحياة فى مصر مفتوحة إلى درجة كبيرة تظل نسبة الإصابات والوفيات فى حدودها الدنيا؟ ما الذى يجرى عندكم، وكيف استطعتم السيطرة على الأمر ؟، ودون أدنى تفكير أجد نفسى مثل المصريين جميعا الذين يمكن أن يجدوا أنفسهم فى هذا الموقف أقول وبلا تردد : "اللهم لا حسد"، فنحن جميعا نعرف أن الله أكرمنا ومنحنا الكثير من فضله ونعمه فى هذه الأزمة، ولنا فى ذلك تفسيرات كثيرة، فالمصريون طيبون، والمصريون ناس تعرف ربنا، والله رفيق بمصر دائما، وهى كلها تفسيرات صحيحة جداً، لكن لابد أن نقول أيضا إن الله لا يساعد إلا الذين يساعدون أنفسهم. 

ما أريد أن أقوله تحديدا إن الدولة المصرية منذ اللحظة الأولى لأزمة كورونا قررت أن تتعامل بشكل علمى واحترافى ولا مكان فيه للعشوائية أو الصدفة، فقد عملت حسابا لكل شيء، وبدأت تعمل بدأب وحذر شديد ومراعاة لكل الجوانب الاجتماعية التى يمكن أن تطرأ على المجتمع الذى قررت حمايته من الدرجة الأولى، ولأن الدولة أخذت بالأسباب، فقد يسر الله لها سبلها ومنحها من التوفيق، ما جعل العالم كله يسأل عن التجربة المصرية فى مواجهة الأزمة، ما حدث على أرض الواقع بالفعل هو فن إدارة الأزمات، وهو التعبير الذى كنا نسمع عنه كثيرا دون أن نرى تطبيقا عمليا له فى مصر خلال العقود الماضية، لكن يشاء الله أن نرى الأمر الآن ونتابعه عبر وسائل الإعلام المختلفة، فالسمة الأساسية التى تميز إدارة الأزمة التى نعيشها هى الشفافية المطلقة، فلا شيء يتم فى الخفاء، ولا شيء يتم مفاجأة الناس به. 

لقد كان لافتا جدا ما أقدمت عليه الدولة من تشكيل لجنة علمية عليا مهمتها مواجهة فيروس كورونا، وهى اللجنة التى تعمل تحت إشراف مباشر من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، وتضم وزراء ومسئولين يمثلون الجهات المعنية بمواجهة الوباء والتعامل معه، وهى اللجنة التى ظلت منعقدة طوال الموجة الأولى، واستمرت فى العمل والانعقاد خلال الموجة الثانية. ولعبت دورا كبيرا فى ضبط إيقاع القرارات التى كانت تصدر من الدولة، حيث لابد من الوضع فى الاعتبار مناسبة أو عدم مناسبة القرار لظروف الوباء، لقد عكس تشكيل هذه اللجنة وآليات عملها بعضا من ملامح فن إدارة الأزمة على الطريقة المصرية، فقد كان هناك أكبر قدر من التنسيق بين الهيئات والوزارات والمسئولين فى الدولة، فقد انتهى عصر العمل على طريقة الجزر المنعزلة، كل وزارة تعمل بمفردها وكل هيئة تعمل وكأنه ليس معها أحد وكل مسئول يعمل وكأنه الحاكم بأمره ولن يلتفت له أحد، الآن الكل يعمل كفريق واحد، وهو ما وفر علينا كثيرا من الوقت والجهد والمال. 

لقد منح قرار الدولة لهذه اللجنة صلاحية وسلطة مراجعة القرارات جميعها الكثير من الاطمئنان للمواطنين، وربما هذا ما انعكس على أداء الناس خلال الأزمة أيضا، وقد رأينا الظهور الكبير والتأثير الملحوظ لهذه اللجنة فيما يخص عقد امتحانات الفصل الدراسى الأول ووضع خريطة للفصل الدراسى الثانى، لابد أن نعترف بأن منظومة التعليم بالكامل تأثرت بشدة بسبب أزمة كورونا، وربما يكون هذا الانقطاع الأكثر تأثرا، فالتفاصيل فيه كثيرة لا تعد ولا تحصى، ثم إننا أمام أطراف كثيرة متشابكة فى العملية التعليمية، كما أن أولياء الأمور يشكلون "لوبى" يضغط بقوة، وكان هناك شد وجذب بينهم وبين الوزارة. 

الوزارة ترغب فى أن يكون هناك تقييم واضح وامتحانات على أساسها ينتقل الطلاب من صف إلى صف، وأولياء الأمور فى حيرة بين حرصهم على مستقبل أولادهم وحرصهم الأكبر على صحتهم، وهو ما جعلهم مرتبكين ومضطربين تماما، من ناحية يريدون أن يحدث تقييم لأولادهم ليعرفوا على أى درجة يقفون فى تحصيلهم، ومن ناحية ثانية يخافون عليهم من الإصابة بالفيروس إذا ما نزلوا إلى المدارس، ووصل الأمر ببعض أولياء الأمور أن طالبوا بعدم عقد امتحانات، ووجهوا رسائل إلى المسئولين بذلك، بل وصل بهم الأمر أنهم خاطبوا الرئيس أن يتدخل لإنقاذ أبنائهم من الامتحانات. 

ولأن الأمور لا تدار هكذا، فقد سارت الدولة فى طريقها الاحترافى فى معالجة الأزمة، حيث أعدت وزارتا التعليم والتعليم العالى خطة لعقد الامتحانات واستئناف الفصل الدراسى الثانى، وتم عرضها على اللجنة العلمية لمواجهة كورونا ثم تم عرض الخطة على الرئيس فأقرها، وبحكمة شديدة جاءت توجيهات الرئيس، فقبل أن يعلن الدكتور طارق شوقى خطة وزارته فى مؤتمر صحفى عقد الرئيس عبد الفتاح السيسى اجتماعين. 

الاجتماع الأول كان  مع رئيس مجلس الوزراء، ووزير التربية والتعليم، وصرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بعده  بأن الاجتماع تناول عرض "الخطط والإجراءات لعقد امتحانات منتصف العام واستئناف العام الدراسى الحالى ٢٠٢٠ / ٢٠٢١ بالمدارس"، وخلال هذا الاجتماع وجه السيد الرئيس بالالتزام الدقيق بتطبيق الإجراءات الاحترازية عند استئناف الدراسة بالمدارس، مع منح أولياء أمور الطلاب حرية اختيار الطريقة الأنسب لاستكمال أبنائهم العام الدراسى الحالى أثناء جائحة كورونا، سواء من خلال الحضور الفعلى بعد فتح المدارس، أو من خلال التعلم عن بعد بتوفير منصات ومصادر التعليم الرقمى.

لقد أراح الرئيس أولياء الأمور تماما عندما منحهم فرصة الاختيار، فى الطريقة التى سيعود بها أبناؤهم إلى المدرسة، وهى صيغة يتم فيها إشراك الجميع فى المسئولية، وهو أمر جديد ومختلف علينا، فكل منا لابد أن تكون لديه القدرة على اتخاذ القرار وتحمل نتائجه، الاجتماع الثانى كان مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، والسيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، واللواء مصطفى أمين مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة"، وبعد الاجتماع صرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن الاجتماع تناول استعراض "جهود تطوير منظومة التغذية المدرسية".

وقد وجه السيد الرئيس باستكمال جوانب الدراسات الخاصة بتطوير منظومة التغذية المدرسية على مستوى الجمهورية، بهدف توفير وجبة مدرسية متكاملة العناصر الغذائية للنمو البدنى والذهنى للطلاب، مع المراعاة الكاملة للمواصفات والمعايير الخاصة بسلامة الغذاء، على أن يتم ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص من ذوى الخبرة العريقة فى مجال الوجبات الغذائية، وذلك لتحقيق جدارة الأداء والحفاظ على الاستدامة، وقد تم خلال الاجتماع عرض أبرز المحاور المطلوبة لمنظومة التغذية لكافة المراحل المدرسية التى تضم حوالى ٢٣ مليون طالب على مستوى الجمهورية، وذلك بالتعاون والتنسيق بين كافة الجهات الحكومية المعنية، لضمان نشر المنظومة وفقاً لأفضل النماذج المتبعة على المستوى الدولى، وتوفير الوجبات المدرسية للمراحل الدراسية المختلفة بجميع المحافظات، كما تم فى ذات السياق عرض أهم مبادرات وزارة الصحة للكشف عن الأمراض المرتبطة بسوء التغذية لدى طلاب المدارس، خاصةً السمنة والأنيميا والتقزم، وذلك بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، والتى تشمل تقديم خدمة التثقيف الصحى للطلبة، وكذا فحص وتسجيل الحالات، إلى جانب تحديد الخطط العلاجية والمتابعة وصرف الدواء مجاناً وفق البروتوكولات العلمية الحديثة.

أهمية هذا الاجتماع كما فهم الجميع أن الدولة تقف بقوة وراء عودة الدراسة بشكل طبيعى، فالاجتماع يناقش أمرًا بعد عودتها واستقرارها وهو موضوع التغذية المدرسية التى يستفيد منها ٢٣ مليون طالب، وعندما عرض الدكتور طارق شوقى خطة وزارته فى عقد الامتحانات وعودة الدراسة فى المدارس، وتحدث أيضا الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى عن آليات عقد الامتحانات فى الجامعات وعودة الدراسة بها تأكد الجميع أنهم أمام إدارة احترافية لأزمة عجزت دول كثيرة عن مواجهتها، وهو ما يطمئننا أيضا بأننا نسير على الطريق الصحيح.