بأضدادها تعرف الأشياء.. تذكرت هذه الحكمة الشهيرة حينما كنت أتابع باهتمام بالغ قصة كفاح الكاتبة

ياسمين الكاشف,اللبنانية,أحداث,انتحار,النمسا,د ياسمين الكاشف,الصحة

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 20:12
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. ياسمين الكاشف تكتب:  علموا أولادكم الطموح وممارسة فن إدارة الأزمات

د. ياسمين الكاشف تكتب: علموا أولادكم الطموح وممارسة فن إدارة الأزمات

خلق جيل جديد من الموهوبين مسئولية جماعية.. ونستطيع تحويل المحنة إلى منحة بقوة الإرادة والعزيمة والإصرار 

 

"بِأَضْدَادِهَا تُعْرَفُ الأشياء".. تذكرت هذه الحكمة الشهيرة حينما كنت أتابع باهتمام بالغ قصة كفاح الكاتبة اللبنانية سونيا بوماد وكيف استطاعت أن تتخذ من محنتها نقطة انطلاق نحو النجاح والتألق والنجومية، تلك الكاتبة التى ربما لا يعرفها الكثيرون ممن تشغلهم الحياة ولا يعيرون أى انتباه إلى ما يجرى حولهم من أحداث قد تكون بالنسبة لهم فرصة قوية ليتعلموا منها شيئاً مفيداً ونافعاً .

بداية أود أن أوضح مسألة فى غاية الأهمية وهى أننى أردت من خلال الكتابة عن قصه كفاح هذه الكاتبة أن أقدم نموذجاً ناجحاً للشباب لعل هذا النموذج الناجح يكون دافعاً قوياً لتحويل مسار حياتهم نحو الأفضل وذلك انطلاقاً من قناعتى الشخصية  بأن تمييز الخير يتم دائماً عن طريق تذوق الشر، ولولا المرض ما عرفنا قيمة الصحة ولولا الفقر ما عرفنا قيمة الغنى ولولا الظلام ما عرفنا قيمة النور، لذا فإنه من المنطقى أن نعيش الأزمات حتى نتخذ منها نقطة انطلاق من أجل الوصول إلى حياة أفضل وإلى مكانة أعلى، وهنا تبرز ضرورة بل وأهمية أن نعتاد فى حياتنا اليومية على ممارسة فن إدارة الأزمات، وهو ما يدعونى لأن أوجه نصيحة للشباب بأن يتعلموا إدارة الأزمات ويتأملوا القصة الملهمة التى تكمن وراء الكاتبة اللبنانية سونيا بوماد.

بدأت سونيا بوماد الكاتبة والروائية حياتها كمدرسة بيانو ثم أصيبت ابنتها برصاصة فى رأسها جراء اعتداء إسرائيلى عام 2006 على لبنان فقررت أن تهاجر على إثره إلى النمسا لعلاج ابنتها ومعها ابنها أيضًا فى حادثة قلبت حياتها رأسًا على عقب لكنها كانت مليئة بالكفاح والإيمان مع حسن إدارة للأزمات والتركيز على الإيجابيات لمدة تزيد عن 15 عامًا، حينما سافرت سونيا إلى أوروبا لعلاج ابنتها أقامت لمدة ليست بالقليلة فى أحد مخيمات اللجوء، وكانت الحادثة بالنسبة لها مواجهة مع الذات دفعتها إلى كتابة يومياتها، وشجعها على ذلك حبها الشديد للقراءة، ثم طلب منها عدد من أصدقائها كتابة قصة ابنتها، وبالفعل كتبت سيرتها الذاتية فى كتاب حمل عنوان: «الرصاصة الصديقة» بين طياته تجربة الحرب والإعاقة ونوتات الموسيقى.

وبالفعل هذه الأزمة هى من صنعتها خاصة بعد عملها كمساعدة اجتماعية فى مخيمات اللجوء تقدم العون لكل محتاج بعد أن كانت هى وأولادها يتلقون المساعدة والعون فى تلك المخيمات بين محاولات انتحار فاشلة وتلقى للعلاج النفسى فى صراع بين الموت والإعاقة أصبح مشروع كتاب عام 2007، ثم أرسلته لدار النشر عام 2010، وبعد أن عادت سونيا بوماد إلى لبنان بعد 11 سنة من الغربة تغيرت خلالها كثيرًا للأفضل حيث علمت فيها اللغة العربية للأجانب وشاركت فى أنشطة عديدة لحقوق الإنسان، كما ألفت العديدة من الروايات، أبرزها: «كايا» وهى فانتازيا وواقع يعتمد على شخصية أميرة أسطورية من العام 1500 ق.م بهدف إظهار صراع الإنسان مع الماضى من مبادئ وتقاليد إلى الأمر الواقع حديثًا، وهكذا بقوة الإرادة والعزيمة والإصرار استطاعت أن تحول المحنة إلى منحة لأنها آمنت بموهبتها ولم تتوقف عاجزة أمام أزمتها .

لا تلعنوا الأزمات، وإنما تعلموا فن إدارتها والتعامل معها ففى هذه الحالة ستكون النتائج مذهلة.